شارك حوالي 500 مسؤول وخبير من 52 بلدا عربيا وأجنبيا في المؤتمر السنوي الثالث للمنتدى العربي للبيئة والتنمية، الذي نظم ببيروت، الخميس الماضي، تحت رعاية رئيس الحكومة اللبناني، سعد الحريري، ممثلين لشركات ومنظمات غير حكومية، ومؤسسات بحوث، وأكاديميين، ووسائل الإعلام، كما شارك وزراء وممثلو منظمات حكومية ودولية كمراقبين في أشغال المؤتمر. سعد الحريري خلال اختتام المنتدى العربي للبيئة (خاص) وتداول المندوبون خلال المؤتمر النتائج، التي توصل إليها تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، حول قطاع المياه في الدول العربية، وإمكانات إنجاز إصلاحات للسياسة المائية. واعتبرالمؤتمر أن حالة المياه في البلدان العربية حرجة، وتتطلب عملا فوريا، أمام احتمال حدوث نقص مائي حاد، ما يساهم في تخفيض الإنتاج الزراعي، وزيادة الفقر، وتدني الأوضاع الصحية العامة، وتزايد التدهور البيئي، بما سيقوض، على نحو خطير، أجندة التنمية البشرية، التي هي الأولوية المعلنة لكل حكومة في المنطقة. كما اعتبر المؤتمر أنه، دون تغيير أساسي في السياسات المائية والأنماط الاستهلاكية، سيستمر حرمان المنطقة العربية من فوائد الاستخدام المستدام والتقسيم العادل للمياه. وجاء في مقررات المؤتمر أنه، رغم الاستثمارات الضخمة في البنى التحتية العربية خلال العقود القليلة الماضية، تستمر معاناة قطاع المياه في الدول العربية بأشكال متعددة في الخدمات الصحية المأمونة والإمدادات المائية الموثوقة، التي مازالت غير متوفرة للملايين، والاستخراج المفرط للمياه الجوفية، الذي استنزف الطبقات المائية وجعلها عرضة للتلوث، والإمدادات المائية والبنى التحتية للري في المناطق الحضرية تعمل بشكل سيء وغير كفء، إذ يتوقع أن يواصل معدل توافر المياه انخفاضه تحت خط الندرة المائية الحادة البالغ 500 متر مكعب للفرد في السنة بحلول سنة 2015، وإلى ما دون 100 مكعب في بعض البلدان، مقارنة مع معدل عالمي يفوق 6 آلاف متر مكعب. واتفق المؤتمرون مع ما خلص إليه تقرير "أفد" من أن صلب الأزمة المائية العربية يتمثل في مجموعة من العيوب السياسية والإدارية، من قبيل أن المؤسسات المائية مجزأة، والنظم القانونية ضعيفة، والموازنات المائية الحكومية مقيدة، والسياسات المائية منفصلة عن البحوث العلمية، والاستثمارات المائية موجهة بشكل سيء، والأموال والأنظمة الخاصة بمكافحة التلوث غير كافية، وضوابط الاستخدام الصحيح للطبقات المائية الجوفية مفقودة، وأسعار المياه منخفضة بشكل مصطنع. وطالب المؤتمرون ببذل جهد حثيث لاعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية وقانونية، تتيح تحولا من ثقافة تنحصر في تأمين مزيد من الإمدادات المائية، من خلال مشاريع باهظة الكلفة، إلى ثقافة تدبر الطلب، عبر تحسين الكفاءة، وتخفيض الهدر، وحماية المياه من الاستخدام المفرط والتلوث، مع دعم سياسات زراعية جديدة، من خلال تقديم حوافز اقتصادية، ومساعدات بحثية، ودورات تدريبية، وحملات توعية جماهيرية، لإقناع المزارعين بتحسين كفاءة الري، وتغيير أنماط المحاصيل، وتحسين مواعد الري، والتحول في المحاصيل والأنشطة الزراعية ذات القيمة المضافة. ودعا المؤتمرون المؤسسات الصناعية الخاصة إلى تطبيق إجراءات مكثفة، تتعلق بكفاءة استخدام المياه، لتخفيض الكمية المستعملة في كل وحدة إنتاج تخفيضا جوهريا، ومنع التلوث في المصدر، وإدخال تغييرات في العمليات كلما أمكن، للتقليل من حجم المياه المبتذلة المولدة وضمان معالجتها. كما دعوا مطوري العقارات ومستخدميها إلى إعطاء كفاءة استخدام المياه أولوية قصوى في تصميم الأبنية وتشغيلها، والاستفادة من التجهيزات المائية الاقتصادية لتحويل الأبنية القائمة حاليا إلى أبنية أكثر كفاءة في الاستخدام. وطالب المؤتمرون بسن تشريعات مائية وطنية شاملة، تعالج الفجوات الحالية في القوانين السارية، وإنشاء آليات لضبط وتنظيم الوصول إلى المياه، وتعزيز كفاءة استخدام المياه، وتمكين أنظمة مكافحة التلوث، وإقامة مناطق حيوية للموارد المائية والنهوض بتخطيط استخدامات الأراضي، وفرض عقوبات قابلة للتنفيذ على المخالفين، الذين يلحقون أضرارا بالموارد المائية.