احتضنت مدينة مكناس، أمس الثلاثاء، أشغال المناظرة الوطنية الرابعة للفلاحة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار تسويق المنتوجات الفلاحية: في خدمة الفلاح وخدمة المستهلك". وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة بالرسالة السامية، التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في هذه التظاهرة، والتي تلاها وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش. وأبرز جلالة الملك، في هذه الرسالة الأهمية، التي يوليها جلالته للقطاع الفلاحي، باعتباره قطبا استراتيجيا لما يتوخاه المغرب، من تنمية اقتصادية وبشرية قوية ومستدامة. وقال جلالته "من ثمة، لم نفتأ نولي التنمية الفلاحية موصول رعايتنا، باعتبارها رهانا مجتمعيا متعدد الأبعاد، مرتبطا بالمعيش اليومي لكل الفئات والجهات، فهي قوام ما ننشده لمواطنينا من عدالة اجتماعية، وكرامة مصونة، تتبوأ فيها تنمية العالم القروي، والنهوض بأوضاع الفلاحين، سيما الصغار منهم، وتوفير فرص الشغل المنتج للشباب، مكانة الصدارة في النموذج التنموي المغربي، الذي نحرص على تكامل نجاعته الاقتصادية مع تضامنه الاجتماعي". وحرصا من جلالة الملك على إعطاء دفعة قوية لمواصلة المخطط الأخضر، وتفعيل دوره في تحسين الأوضاع الاجتماعية للفلاحين الصغار، وبالتالي محاربة الفقر والتهميش بالمجال القروي، دعا جلالته الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تعتبر بمثابة خارطة طريق جديدة للمخطط الأخضر، وترتبط هذه الإجراءات بتخفيف عبء ديون الفلاحين الصغار، المترتبة عنهم لدى القرض الفلاحي للمغرب، وإعادة جدولتها، وفق معايير موضوعية ومنصفة، تراعي، على الخصوص، الأضرار التي لحقت بهم، بسبب الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية. كما تهم هذه الإجراءات ترك المجال مفتوحا أمام هؤلاء الفلاحين الصغار لإمكانية الاستفادة من سلفات جديدة، هذا إلى جانب توجيهات ملكية همت إعفاء صغار الفلاحين من تكاليف مياه السقي برسم سنة 2008، في حدود عشرة آلاف درهم، مع إعفائهم من الفوائد الناجمة عنها، وإعادة جدولة القسط المتبقى الذي يفوق هذا المبلغ، لمدة قد تصل إلى سبع سنوات. وستشمل هذه التدابير حوالي 200 ألف من صغار الفلاحين المعوزين، وتنعكس إيجابيا على أفراد أسرهم. كما تضمنت هذه الإجراءات خمس نقط أخرى، جاءت كلها لصالح صغار الفلاحين، والعمال الفلاحيين، والتمدرس في العالم القروي، ومواصلة فك العزلة عن المناطق النائية أو الصعبة، هذا إلى جانب تقوية التمويل العمومي المرصود لدعم الفلاحة التضامنية، إضافة إلى اتخاذ التدابير الناجعة للإعانات المخصصة للفلاحين الصغار. وتضمنت الرسالة الملكية توجيها للحكومة لتركز جهودها على ستة محاور، تهم مواكبة البرنامج الوطني للاقتصاد في مياه السقي، الهادف إلى الرفع من مساحات الأراضي الفلاحية، التي تعتمد تقنيات السقي الموضعي، إلى 550 ألف هكتار، والعمل على حسن استثمار ما تزخر به بلادنا من تعدد وتنوع أصناف المنتجات المحلية، وتأطير وتشجيع الفلاحة البيولوجية، وتأهيل الموارد البشرية وضمان تكوينها المستمر، هذا إلى جانب تعميق البعد الجهوي لمخطط المغرب الأخضر. وقال جلالته في هذا الإطار "من هذا المنطلق، ندعو السلطات الحكومية والعمومية المعنية، وكافة المتدخلين، إلى اعتماد رؤية متجددة للتكوين والبحث في المجال الفلاحي، ودعم الدور المنوط بالغرف الفلاحية، من خلال التفعيل الأمثل لإصلاح نظامها الأساسي، وتمكين الفلاحين من الاستفادة من خدمات الإرشاد الفلاحي، وجعله حلقة وصل حاسمة في نشر مخطط المغرب الأخضر".