مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يعيد تنظيم إدارات الدولة ويحدد اختصاصاتها    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    بايتاس: الاتفاق مع النقابات غير مسبوق سيستفيد منه 4,2 مليون شخص والحكومة قادرة على تدبير الإمكانيات المالية    ندوة بطنجة تناقش مكافحة غسل الأموال    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    إسبانيا تطلق إنذارا بخصوص شحنة فلفل مغربي بدعوى تضمنها بقايا مبيد حشري خطير    الأمطار تغلق مدارس وشركات مجددا في الإمارات وتتسبب باضطراب حركة مطار دبي    "الأمم المتحدة" تقدر كلفة إعادة إعمار غزة بما بين 30 إلى 40 مليار دولار    الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم تؤكد تأهل نهضة بركان إلى نهائي كأس "الكاف"    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    مقعد الفايق منوّض جدل كبير.. السلاوني المرشح الرابع فلائحة "الأحرار" حط طعن فالمحكمة الدستورية ضد قنديل وصرّح ل"كود": قدمناه فالأجل القانوني    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    المكتب الوطني للمطارات كيوجد لتصميم بناء مقر اجتماعي.. وها شنو لونصات لقلالش    مدير ثانوية التقدم اللي حصل كيتحرش بتلميذة بغا يدافع على راسو: قال للجدارمية أنه ماشي هو اللي باين فداك الفيديو    الإضراب مستمر في كليات الطب ومصدر رسمي يؤكد أن باب الحوار أغلق مع تنسيقية الطلبة    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة        جامعة في نيويورك تهدد بفصل طلاب تظاهروا تأييداً للفلسطينيين    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    حزب الاستقلال يراهن على "الكوطا الشبابية" للخروج من أزمة اللجنة التنفيذية    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    عاجل: إحالة مسؤول بالاتحاد الاشتراكي على "جرائم الأموال" بالرباط في فضيحة "الوظيفة مقابل المال" بوزارة العدل    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    توقيف الدعم المباشر عن بعض الأسر يستدعي لقجع لاجتماع عاجل بالبرلمان    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر انهيار المنازل العتيقة بمراكش مستمر

عادت موجة الانهيارات لتخيم بظلالها على النسيج المعماري للمدينة العتيقة بمراكش، بانهيار منزل بدرب سبعة رجال بحي الموقف، الذي لم يصمد كثيرا أمام الاختلالات، التي يعرفها مجال التعمير وطبيعة البناء، وفي غياب الإصلاح والترميم المطلوب.
السادسة والنصف من مساء يوم الاتنين الماضي، أمطار رعدية قوية حولت بعض شوارع مراكش، في ظرف ساعة واحدة، إلى وديان جارية وبرك عائمة، بسبب اختناق مجاري مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى شل حركة السير، قبل أن تتدخل عناصر الوقاية المدنية، التي عملت على تصريف المياه، في حين غمرت هذه الأخيرة عددا من المنازل، وأتلفت الأفرشة والأمتعة، مخلفة خسائر مادية جسيمة، تمثلت في انهيار ثلاثة منازل بدوار اللبار، التابع لمقاطعة النخيل، ومنزل بحي الموقف بالمدينة العتيقة، بعد أن عجزت شبكة الصرف الصحي على استيعاب كميات المياه المتهاطلة بالعديد من الأحياء، خصوصا تلك الموجودة ببلبكار والداوديات والنخيل وأمر شيش، ولم تسلم قنطرة تاركة من الكارثة بعدما غمرتها مياه الأمطار المتهاطلة، بسبب غياب قنوات لاستيعاب الكم الهائل من المياه، التي تجمعت أسفل القنطرة.
قنابل من طين
رغم تكرار مثل هذه الحوادث، التي غالبا ما تخلف ضحايا من أسر بسيطة، أرغمتها الحاجة وقلة ذات اليد على العيش تحت رحمة منازل منهارة، حولتها تقلبات الزمن إلى قنابل موقوتة قابلة للانهيار على رؤوس قاطنيها في أية لحظة، خصوصا بعد أن صدرت في حق العديد منها قرارات إدارية تقضي بالهدم والإخلاء، إلا أن الظروف الاجتماعية للأسر القاطنة بهده المنازل تحول دون تفعيل قرارات الهدم، لتبقى العديد من الأرواح في كف عفريت في انتظار ما يأتي من أخطار وكوارث، خصوصا أن أغلب البنايات المذكورة تأوي العديد من الأسر بين جدرانها المتهالكة، بعد فشل خطط الإنقاذ، التي لم تأخذ بالاعتبار الظروف الاجتماعية لقاطني هده المنازل.
في إطار خطة إنقاذ المدينة العتيقة، جرى وضع برنامج خلال يناير سنة 2006 بشراكة بين وزارة الإسكان والتنمية المجالية، وولاية مراكش، والمجلس الجماعي، وبلدية المشور القصبة، ومجالس المقاطعات المعنية، والمفتشية الجهوية للإسكان والتنمية، ومؤسسة العمران، تلاها برنامج استعجالي بداية سنة 2010 إثر انهيار مسجد بالمدينة العتيقة لمكناس، وسبق تكليف أحد مكاتب الدراسات في إطار البرنامج الأول بإنجاز دراسة لتحديد طبيعة الخطورة، وعلى ضوء هذه الدراسة، جرى برمجة مقاطعة المدينة وبلدية المشور القصبة كمرحلة أولى، علما أن بلدية القصبة خصصت في إطار البرنامج المذكور أزيد من 30 مليون درهم، قبل أن تجري برمجة مقاطعة سيدي يوسف بنعلي، التي خصص لها غلاف مالي قدر بأزيد من 11 مليون درهم، وجرى تصنيف المنازل الآيلة للسقوط حسب درجة الخطورة من فئة (أ) إلى فئة (ب) و(س)، وأعطيت الأسبقية للفئة الأولى، وجرى تخصيص بعض الأغلفة المالية حددت في مبلغ 20 ألف درهم بالنسبة للأسر المكترية، التي يجري إرغامها على مغادرة منازلها، بينما يتلقى صاحب الملك تعويضا محددا في مبلغ 40 ألف درهم على أساس أن يجري إفراغ المنازل المعنية، وهدمها وإنجاز الإصلاحات والترميمات المطلوبة، بناء على رخص إصلاح يجري إصدارها في هذا الصدد، قبل العودة إلى الاستقرار بعد التأكد من إزالة مكامن الخطر.
ما يوازي 64 منزلا "خطرا"
حسب الإحصائيات الرسمية، فإن 205 منازل جرت معاينتهم ببلدية المشور القصبة خلال المدة الممتدة ما بين يناير2010 إلى حدود يناير المنصرم من السنة الحالية موزعة مابين الملحقة الإدارية المشور ب77 منزلا والملحقة الإدارية القصبة ب128 منزلا، وجرى تصنيف 64 منزلا اعتبرت أكثر خطورة 15 منها بالملحقة الإدارية المشور، و46 بالملحقة الإدارية القصبة، كما جرى تحديد 62 منزلا بالمشور في حاجة إلى دعم في إطار البرنامج العادي لسنة 2006 و79 بالقصبة .
وبلغ عدد المنازل، التي جرى هدمها في إطار البرنامج العادي، 11 منزلا منها 10 بالقصبة وواحد بالمشور، و28 منزلا في إطار البرنامج الاستعجالي لسنة 2010، منها منزل واحد بالمشور و27 بالقصبة، وبلغ عدد المنازل، التي جرى دعمها في إطار البرنامج العادي 63 منزلا، منها 18 بالمشور و45 بالقصبة، في حين بلغ عدد الأسر، التي جرى تعويضها في إطار البرنامج العادي 102 أسرة، منها 29 بالمشور و73 بالقصبة، بينما بلغ مجموع الأسر في إطار البرنامج الإستعجالي 21 أسرة.
وعلى مستوى المدينة العتيقة لمراكش، مازالت مئات الأسر تعاني من هذه الوضعية وإن اختلفت طبيعة الخطورة، إذ سبق للجهات المختصة أن اطلعت على 456 منزلا بمقاطعة قشيش، وبلغ عدد المنازل التي جرت معاينتها بالملحقة الإدارية جامع الفناء 330 منزلا، منها 106 بجامع الفنا، و123 بباب دكالة، و101 بالباهية، وبعد عملية الإطلاع والمعاينة تبين أن عدد المنازل التي تستوجب التدخل العاجل بالملحقة الإدارية قشيش هو 177 منزلا، في حين بلغ مجموع هذا الصنف من المنازل بالملحقة الإدارية جامع الفناء 106 منزلا، أما العدد الإجمالي للمنازل التي تحتاج إلى دعم بملحقة قشيش بلغ 289 منزلا، في حين بلغ مجموع هدا النوع من المنازل بجامع الفنا 224 منزلا.
وبلغ عدد المنازل التي جرى إفراغها بالملحقة الإدارية قشيش في إطار البرنامج العادي 101منزل و16 منزلا في البرنامج الاستعجالي، وبلغ مجموع هدا الصنف من المنازل بالملحقة الإدارية جامع الفناء 19 في إطار البرنامج العادي، و33 منزلا في البرنامج الإستعجالي، وبعد عمليات التدخل جرى صرف حوالي أزيد من 584 شيكا بنكيا ما بين البرنامج العادي والاستعجالي.
بنية متهالكة
يتضح انطلاقا من المعطيات المقدمة، أن الوضع الذي تعيشه المدينة العتيقة وطبيعة بنيتها التحتية المتهالكة بفعل مرور قرون من الزمن على تشييدها والضغط السكاني على المنازل، تؤشر على أن عدد المنازل، التي يمكن اعتبارها في عداد المرشحة لتصبح آيلة للسقوط تعد بالآلاف، الأمر الذي يكشف عن حجم التحدي الذي مازال يواجه الجهات المسؤولة محليا لتحديد هذا الخطر، وإيجاد الحلول المعقولة والممكنة، خصوصا أن أغلب المنازل المذكورة صدرت في حقها قرارات بالهدم منذ سنوات دون أن تجد طريقها للتفعيل، إذ غالبا ما تصطدم هذه القرارات بالواقع المعيش، بالنظر إلى أن أغلب المنازل المعنية تقطنها العديد من الأسر، وبعضها يضم أزيد من 10 أسر دفعة واحدة تستأجر بيوتا داخل هذه الفضاءات بمبالغ هزيلة، ما يجعل الملاكين الأصليين غير راغبين في إنجاز أية عمليات إصلاح أو ترميم، في انتظار انهيار بعض أجزائها، لإرغام المكترين على الإفراغ.
وحسب مصادر مطلعة، فإن من بين معيقات البرنامجين المذكورين يتجلى في كون العديد من الأسر، التي جرى ترحيلها من منازلها، اضطرت إلى التجمع في غرف بمنازل أخرى تدفع ثمن كرائه دون أن تعلم كم عدد الشهور، التي يمكن أن تنتظر إلى أن يجري هدم المنزل وإزالة الأتربة من أجل إعادة بنائه، الأمر الذي عانته العديد من الأسر، ما جعل عائلات أخرى ترفض مغادرة منازلها، رغم الأخطار المحدقة، وتفضل البقاء تحت سقف الأخطار على أن تجد نفسها مجبرة على دفع سومة كرائية شهرية لا تستطيع أن تتدبرها.
يقول محمد البنا، في عقده السادس، أحد السكان المتضررين، إن عملية إحصاء المنازل الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لاتخلو من تدخلات بعض الأطراف، التي تبتز بعض الأسر من أجل تسجيلها للحصول على التعويض، كما أن المؤسسة المعنية بالتعويضات تتماطل في صرف شيكات التعويض ما يجعل الأسر المتضررة تنتظر تحت رحمة سقف الأخطار.
وتبقى ظاهرة تهافت الأجانب على اقتناء الرياضات ودور الضيافة بالمدينة العتيقة، تستدعي التدخل العاجل من الجهات المختصة، بالنظر لطبيعة التواطؤات خصوصا وأن عملية إعادة البناء والترميم التي تخضع لها هذه الرياضات ومجاورتها لبعض المنازل العتيقة، يستعمل فيها مادة الإسمنت المسلح والحديد، الذي غالبا ما يؤدي إلى إحداث تداعيات على مستوى المنازل المجاورة بفعل الاهتزازات وعمليات حفر الأساسات، غير أن شكايات السكان غالبا ما تذهب أدراج الرياح.
وتكتسي المنازل المهددة بخطر الانهيار بالمدينة العتيقة طابعا معماريا تراثيا، وهو ما يستدعي في أية عملية إصلاح أو ترميم أخذ هذا الجانب بالاعتبار والمحافظة عليه، بالنظر لوجودها بمواقع تاريخية، وبالتالي فإن الوضعية المقلقة لمجموع المنازل المهددة بالانهيار تطرح أكثر من علامة استفهام عند محاولة معالجتها، حفاظا على الإرث التراتي والمعماري للمدينة الحمراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.