أجمع منظمو "فورو كازابلانكا2012"، الذي احتضنته مدينة الدارالبيضاء يوم 22 نونبر المنصرم، تحت شعار "المرأة في الصناعات الثقافية والإبداعية في المنطقة الإفريقية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط"، على نجاح الدورة الثانية في ترسيخ مبدأ التواصل والتلاقي بين الجهات الفاعلة في ثقافة البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا. مكنت الدورة، على مدى يوم كامل، من تسليط الضوء على المرأة ودورها في عالم الهندسة المعمارية والفن والثقافة، من خلال مشاركة العشرات من المهنيين، غالبيتهم نساء من بلدان جنوب الصحراء وأوروبا. وتميزت فعاليات المنتدى، بالإعلان عن موعد "الدارالبيضاء آرت ويك" في مارس 2013، وتكريم الفنانة التشكيلية المغربية مليكة أغوزناي اعترافا بأهمية دورها في حفظ وتنشيط الفنون والعمارة والثقافة، ومنحها جائزة تقديرية لدورها في الفن المغربي المعاصر ونشاطها من أجل المساواة بين الجنسين. وثمن أعضاء المنتدى، دور المرأة في عالم الهندسة المعمارية والفن والثقافة، واعتبروا أن مليكة أغوزناي مرآة لهذه الفنون، كما اعترف فيكتور ديل كامبو، مدير المنتدى بالجهود المبذولة في صون وتعزيز الثقافة في الفنون البصرية والهندسة المعمارية، مشددا على أن "الفنانات يستحقن تسليط الضوء عليهن بالكامل". وتشكلت لجنة المنتدى، من فيكتور ديل كامبو، القيم على الفنون ورئيس الدارالبيضاء "آرت ويك"، عبد الكريم الوزاني، فنان تشكيلي ومدير معهد الفنون الجميلة في تطوان، وميشيل ديسمونت، ناقدة فنية ورئيسة تحرير فنون المغرب، وويلفريد لاندري ميمبيكا، مفوض فني، ولطيفة بنعلي، مديرة وكالة "سالكة كوم". وشهد المنتدى تنظيم خمس موائد مستديرة، تمحورت جلها حول دور النساء في الثقافة والهندسة المعمارية والفن، وسلطت المائدة المستديرة الأولى "المرأة والهندسة المعمارية المعاصرة من إفريقيا إلى أوروبا" الضوء على إنجازات المرأة الإفريقية المستقرة بأوروبا، وتميزت بمداخلات لاندري ويلفريد ميمبيكا، المشرف والقائم على المعرض، وتانيا كنوك، مهندسة معمارية من الكونغو/ فرنسا، وفرانسواز نثيب، مهندسة معمارية من الكاميرون / هولندا. وفي مداخلتها، اعتبرت المهندسة المعمارية المتخصصة في تخطيط المدن تانيا كنوك، مواضيع (الهوية والتاريخ والجسد والروح المدينة والأراضي) كلها عوامل أثرت في إنجازاتها المعمارية بكل من فرنساوهولندا، حيث أشرفت على إنجاز حي كامل بأمستردام. من جهتها، قدمت فرانسواز نثيب المهندسة ذات الأصول الكاميرونية تجربتها في إنجاز المكتبة الجامعية ب"شامب سير مارن". وركزت المائدة المستديرة الثانية "الهندسة المعمارية في بلاد المغرب، بين التقليدي والحداثة"، التي تميزت بمشاركة نوريا ميدينا منسقة "كازا آربيا"، وسلمى زرهوني، مديرة فن العمارة بالمغرب، وحورية سرحان، مهندسة معمارية، على ضرورة المحافظة على الذاكرة الجماعية. واستعرضت حورية سرحان البنية التاريخية لمدينة الدارالبيضاء التي بدأت ك "مدينة بلا تاريخ" إلى مدينة ذات عمارة فنية. من جهتها، أبرزت سلمى زرهوني، دور المرأة في إنجاز أعمال ضخمة وضربت المثل بفاطمة الفهرية، التي بنت جامع القرويين بفاس ومريم سوسان والسكن المستقل. أما المائدة المستديرة الثالثة "المرأة وفرص التعهد" فشهدت عرض الفيلم الوثائقي على عتبة الصحراء بحضور مخرجه الإسباني رامون فيلا ألبيريش، وبطلته المغربية نجاة العزيز، والرئيسة العامة ل "كازا ديل ميديتيرانيو" إسبانيا وألموندينا مينوز كواخاردو، ورامون فيلا ألبيريش مخرج سينمائي. ويتناول الفيلم طريقة التمويل الجماعي للمشاريع الصغيرة في المناطق القروية، مع شهادة لبطلته نجاة العزيز، من خلال تجربتها كمديرة لدار حضانة بتنجديد بالراشيدية، ودورها في التنمية بوسائل متواضعة لدعم الأطفال والنساء في مجال الخياطة. وسمحت المائدة المستديرة الرابعة "المساواة بين الجنسين في مجال الثقافة بالبحر الأبيض المتوسط وجنوب الصحراء"، بمشاركة فدوى بوزوبع، وغوادالوبي دياز، وبيغونيا مارتينيز، وسمية جلال ميكو، بتبادل الخبرات بين إسبانيا والمغرب. وأكدت غوادالوبي دياز، أنه عكس ما يمكن للمرء أن يتصور، فالمرأة ليست ممثلة جيدا في الصناعة الثقافية في إسبانيا، ويتجلى ذلك في قلة مساهمتها في الفنون وإدارة المتاحف والأروقة. وفي كلمتها، دعت بيغونيا مارتينيز إلى ملكية المرأة في الصناعة الثقافية، من خلال الإبداع والكفاءة. من جانبها، أكدت فدوى بوزوبع، أن دستور 2011 نص بالنسبة إلى المغرب على المساواة بين الرجل والمرأة وتكريسها بناء على الاتفاقيات الدولية، مشيرة إلى أن هناك إرادة قوية من المغرب في تكريس دور المرأة في الثقافة. وفي مداخلتها، حذرت المهندسة المعمارية، وأستاذة الثقافة والفنون الحرفية، سمية جلال ميكو، من اختفاء بعض مظاهر الثقافة المغربية، مشيرة إلى أن المغرب بدأ يفقد الحرفيات التقليديات مع نزوح المرأة القروية التي كانت تتقن فن النسيج إلى المدن. وتميزت المائدة المستديرة الخامسة، بجمع عدد من المبدعين في مختلف الفنون البصرية، وأصحاب المعارض والأروقة على طاولة النقاش، للدعوة للمشاركة في معرض "الدارالبيضاء آرت ويك" المزمع تنظيمه في مارس 2013. وتعد مليكة أغوزناي، التي ولدت عام 1938 بمراكش، وتابعت دراستها بمدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء من 1966 إلى 1970، فنانة تشكيلية ونحاتة متخصصة في فن الحفر، تفردت في استخدام الطحالب على القماش والخشب، وهي تقنية تجد فيها مليكة سعادتها الكبرى. في مطلع الثمانينيات اطلعت مليكة على عالم النقش بمدينة أصيلة على يد كبار الفنانين أمثال (رومان أرتيموسكي، ومحمد عمر خليل، وكريتشنا ريدي، وروبرت بلاكبوم)، وظلت وفية لرواق النقش إلى اليوم لموسم أصيلة الدولي.