أكد محمد المدناوي الفيلالي، القنصل الشرفي لجمهورية الغابون بمدينة الدارالبيضاء، أن العلاقات المغربية الغابونية أخوية وعائلية وتاريخية في الآن نفسه، واعتبر أنها تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس علي بانغو امتداد لما كانت عليه في عهد المغفور له الحسن الثاني. وأضاف المدناوي، في حديث خص به "المغربية"، أن العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين تنعكس بشكل إيجابي على العلاقات الاقتصادية التي تسير بوتيرة سريعة، معبرا عن أمله في أن يساير الكل التوجهات الملكية ويسهم في تطوير العلاقات المغربية الإفريقية، وفي ما يلي نص الحوار: تحدثم إلينا قبل الزيارة الملكية إلى الغابون في العام الماضي، لكن بين ذلك التاريخ واليوم حدثت عدة تطورات لأن الزيارة الملكية الناجحة أعقبتها زيارتان للرئيس الغابوني علي بانغو، ففي أي سياق تضعون الزيارة المقبلة لصاحب الجلالة؟ أنتم على اطلاع بطبيعة العلاقات المغربية الغابونية، التي أجدد التأكيد أنها علاقات أخوية وعائلية وتاريخية في الآن نفسه، فهي تعود إلى عهد المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، وتتواصل في عهد سيدنا محمد السادس. إن العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية الغابون قوية، وتسير في الاتجاه نفسه لأنها مبنية على أسس متينة، وسوف ترون خلال الزيارة الملكية رغم قصرها أنها ستكون مثمرة، لأن البلدين تجاوزا ما يمكن اعتباره علاقة بين بلدين، وأصبحا كأنهما دولة واحدة، وهذا أسمى ما يمكن أن تبلغه العلاقة بين دولتين، فما يضر بمصالحنا يضر بمصالحهم والعكس صحيح. كونوا على يقين أن العلاقات أكبر مما يمكن تصوره، وهي تشمل جميع المجالات، وعلى رأسها المجال الاقتصادي. إن الغابون صديق قديم للمغرب، والأخوة والمحبة صادقتان بين الراحلين جلالة الملك الحسن الثاني، والرئيس الحاج عمر بانغو، رحمهما الله. وبالتالي فإن العلاقات بين بلديهما وتحت قيادة نجليهما لا يمكن إلا أن تستثمر ما تحقق لبلوغ مرحلة أكثر تقدما وهذا ما نعيشه في الحاضر وكونوا على يقين أنه سيكون أفضل في المستقبل. يبقى عصرنا وإن كان لابد فيه من العلاقات السياسية فهو عصر الاقتصاد، فماذا يمكن أن تقولوا عن العلاقات الاقتصادية بين المغرب والغابون؟ أنتم على علم أن الغابون في حاجة في الوقت الراهن إلى الكثير من الأمور، وليس فقط في المجال الفلاحي، بل أيضا في المجالين الصناعي والتجاري، نحن بصدد الحديث عن بلد له إمكانيات مهمة بالنظر إلى ما حباه الله به من معادن وطبيعة سخية. والمغرب له ولله الحمد من المؤهلات البشرية والكفاءات ما من شأنه أن يغني هذا البلد الشقيق عن الاعتماد على بلد آخر. العلاقات السياسة بين المغرب والغابون مثالية، وتسير اقتصاديا بوتيرة سريعة للغاية، قبل عشر سنوات لم تكن الدينامية نفسها، أما اليوم فرجال الأعمال المغاربة نقلوا استثماراتهم إلى هذا البلد، كما للدولة المغربية استثمارات هناك، ورقم المعاملات لا بأس به، صحيح أنه لم يصل إلى ما نتطلع إليه، لكنه أفضل مما كان عليه في السابق، وستلاحظون في الشهور والسنوات المقبلة أنه سيتصاعد بوتيرة أسرع مما يمكن تصوره لأن الطموحات بحجم الجبال والرغبة في الصعود إلى الأعلى فوق الوصف. ما هي التطورات التي حصلت في المجال الفلاحي، خصوصا بعد حضور الرئيس علي بانغو أشغال المناظرة الوطنية للفلاحة، حيث كانت له مداخلة؟ حبا الله الغابون أرضا خصبة صالحة لكل شيء، فهي صالحة لزراعة القطن، لكن مع الأسف لم يتوجه البلد الشقيق نحو هذا النوع من الزراعة، بل إن جميع المواد الفلاحية التي أخضعت للتجربة هناك أعطت نتائج واعدة جدا، بل إن بعض المنتجات يمكن أن تحقق محصولين أو ثلاثة في العام الواحد، بفضل سخاء الطبيعة، وهذا ما سيتم تحقيقه بحول الله بدعم من المغرب. بالفعل حضر فخامة الرئيس علي بانغو المناظرة الوطنية للفلاحة، وأكيد أنكم تتبعتم خطابه، ولمستم لديه اهتماما كبيرا بالنشاط الفلاحي، وعزما أكيدا لتطوير الفلاحة في بلده، وأنا على يقين أن الغابون ستصبح قريبا بلدا يصدر بعض المنتجات الفلاحية اعتمادا على الكفاءات والخبرات المغربية. ماذا يمكن أن تقولوا عن دور قطاع البنوك في تنمية التعاون بين البلدين؟ أظن أنكم على علم دون شك بوجود فرع للتجاري وفابنك في العاصمة الغابونية ليبروفيل، وستحذو بنوك أخرى حذوه قريبا، ولله الحمد تسير أمور فرع التجاري وفابنك في الاتجاه الصحيح إذ يحقق نتائج مشجعة جدا، وهو مؤشر إيجابي على متانة العلاقات التجارية كما أن رغبة بنوك أخرى في فتح فروع لها في هذا البلد دليل على نجاح التجربة الأولى، واتساع أفق المعاملات. إن المغرب يحب جميع الدول الإفريقية دون استثناء، أقول ذلك لأن الدول التي غرر بها وسارت في اتجاه يضر بمصالحه لم يحرمها من حبه، إنه لا يغير مواقفه تجاهها لأنه مؤمن أشد الإيمان بكونها مغرر بها، وهذه الطريقة في التعامل أدهشت الكثيرين وستكون لها انعكاسات إيجابية على بلادنا، وسترون في القريب العاجل تراجع دول إفريقية عن معاداة الوحدة الترابية للمملكة عبر سحب اعترافها بالبوليساريو. من بين القطاعات التي تسجل حضورا مغربيا في الغابون قطاع الاتصالات، فماذا يمكن أن تقولوا عنه؟ إن اتصالات المغرب شريك لاتصالات الغابون، وتحقق هناك نتائج جيدة، وهذا ليس حكرا على هذا البلد الذي نحن بصدد الحديث عنه، بل تسجل حضورها في عدة بلدان إفريقية. ولا تقتصر الاستثمارات على هذا المجال، بل إن حضور المغرب يشمل عدة مجالات، ويعود ذلك إلى وجود نظام ملكي قوي يعد مفخرة لكل مغربي، فملكنا ملك إفريقيا، التي يوليها أهمية بالغة، وملك الفقراء أينما وجدوا. إن المغرب يحقق نموا ملحوظا منذ اعتلاء مولانا المنصور بالله جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، فرغم الأزمة الاقتصادية التي زعزعت الاقتصاد في دول كبرى، ظل المغرب ثابتا يواصل مساره بنجاح ويواصل الانفتاح الإفريقي الذي أسس له جلالة الملك. تحدثنا عن استثمارات المؤسسات الكبرى، فماذا يمكن أن تقولوا عن استثمارات المؤسسات الصغرى، والأفراد؟ إن المغرب والمغاربة على وعي تام بأهمية الاستثمار في الغابون، واللافت هو أن هذا الوعي تنامى بشكل ملموس في السنوات الأخيرة، فالكل يؤمن أن الأمور تطورت في العالم بأسره لكن مستقبلنا في إفريقيا، لا يقتصر على الحضور الفاعل للمؤسسات الكبرى، بل إن المؤسسات الصغرى توجد بدورها منذ سنوات في إفريقيا، وقد بعثنا عددا كبيرا من التقنيين الذين يساهمون في تنمية اقتصاد العديد من البلدان، ما جعل المغرب يحتل مكانة متميزة في قلوب الأفارقة، وقد تقوت بفضل حكمة صاحب الجلالة، ومبادرته لسياسة الهجرة، التي أفادت الجالية الإفريقية بالمملكة بشكل ملحوظ، ولا ينبغي ونحن نتحدث عن الاستثمار أن نغفل مشاريع الأفراد التي تتطور باستمرار. ما هي المواد التي يمكن أن تستوردها المملكة من الغابون؟ من الممكن أن نستورد القطن من الغابون إذا حرصنا على وضع الخبراء في المجال الفلاحي رهن إشارة هذا البلد الشقيق، وشجعناه على التوجه نحو زراعته لما سيكون لها من انعكاس إيجابي، نحن نستورد القطن حاليا من عدد كبير من الدول فلم لا من الغابون الشقيق، ويمكن أيضا أن تستورد بلادنا أنواعا كثيرة من الفواكه، والأخشاب لأنها من الدول الرائدة في إنتاج الخشب ذي الجودة العالية التي تتميز بجودتها. نحن بصدد الحديث عن بلد غني بموارده المعدنية، وهو في حاجة إلى ذوي الخبرة، وهذا متوفر في المغرب، وهذا الأمر يحقق التكامل المطلوب. وماذا عن تكوين الكفاءات المقبلة من هذا البلد في المغرب؟ تطور المغرب ولله الحمد بشكل ملحوظ، وهذا جعله قبلة لأبناء الكثير من الدول بما فيها المتقدمة، إذ يخضعون هنا للتكوين والتدريب، من عام إلى آخر يرتفع عدد المتدربين المقبلين من السينغال وتونس وغيرها من الدول الإفريقية، وأيضا من البلدان المتقدمة كما أسلفت، ولا يشد الغابون الشقيق عن هذه القاعدة. خضع عدد كبير من العسكريين الغابونيين للتكوين في المغرب، وأيضا أساتذة جامعيون، وحققوا ولله الحمد نتائج باهرة في سوق الشغل لأن الكثير منهم تحملوا مسؤوليات كبرى في بلدانهم، ما ساهم في ارتفاع الإقبال على المغرب، لأنهم يشعرون بكونهم في بلدهم، بفضل ما حكاه من سبقوهم عن العناية التي حظوا بها في بلدنا، إنهم باختيار التكوين في المغرب يؤمنون مستقبلهم وخدمة بلدهم. وماذا يمكن أن تقولوا عن حضور الجالية الغابونية في بلدنا، ومجالات اشتغالها؟ فضل العديد ممن تكونوا في المغرب الإقامة فيه وممارسة أنشطة تجارية أو العمل في مجالات تقنية ويشعرون بالكثير من الارتياح في بلدهم الثاني، وهناك من اختاروا الزواج من مغربيات كما أن غابونيات تزوجن مغاربة ومنهم من انتقل مع زوجته إلى ليبروفيل، هناك انسجام تام بين الجالية المغربية في الغابون مع محيطها الجديد وبين الجالية الغابونية ومحيطها هنا. اللافت في الجالية الغابونية في المغرب أن أفرادها لا يطرحون أية مشاكل، فبصفتي قنصلا شرفيا في الدار البيضاء حيث يفوق عددهم 480 لا تطرح أمامي مشاكل كثيرة، بل أتدخل لحل مشاكل بسيطة جدا. ماذا يتوقع المسؤولون الغابونيون من الزيارة الملكية؟ يترقب الأفارقة والمسلمون والعرب من السلالة العلوية أن تحمل معها كل الخير لأنهم عهدوا ذلك في الملوك المغاربة. وفي الغابون، الكل ينتظر هذه الزيارة الميمونة بفارغ الصبر خصوصا أن وتيرة التعاون تسير بسرعة فائقة، وهذا يفتح أفاقا واسعة للتعاون ولم لا يربط خط بحري بين طنجة وليبروفيل لأن من شأنه أن يعزز التعاون الاقتصادي أكثر فأكثر، ويشجع على دخول تجربة توقيع اتفاقية التبادل الحر. كيف تنظرون إلى الجولة الإفريقية لصاحب الجلالة، التي تؤكد أن جلالة الملك يحمل هموم قارة؟ أنا أقول إن جلالة الملك يحمل هموم العالم والعصر الذي يعيش فيه، فبالأمس احتضنت بلادنا أشغال لجنة القدس التي يكرس لها جلالته كل الجهد، وكذلك يحمل جلالته هم الشعب السوري ومصر وغيرها. إننا بصدد الحديث عن ملك السلام والتعايش بين الأديان. ولا أدل على ذلك من موافقة أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس على طلبات تعاون في الشأن الديني، تقدمت بها جمهوريات تونس وليبيا وغينيا كوناكري. وهذا يأتي بعد مبادرة تكوين أئمة ماليين في المغرب التي اتخذها جلالة الملك. ماهي الرسالة التي ترغبون في أن نختم بها هذا الحوار؟ علينا جميعا أن نتحلى بروح المسؤولية خدمة لمصلحة وطننا، وعلينا أن نلتف حول ملكنا لما فيه مصلحة وطننا، والعمل على تمتين العلاقات المغربية الإفريقية، في هذه المرحلة التي بدأت الدول الإفريقية تتفهم خلالها مواقف المغرب الداعمة لها، وتعي أن ما يتخذه من قرارات ومواقف يروم مصلحة قارتنا، والله الموفق.