في ساعة متأخرة من مساء أول أمس، استمع رئيس الهيئة القضائية بقاعة الجلسات رقم 4، المستشار لحميدي، إلى الكلمة الأخيرة للمتهمين، وشكر الزاز، رجل المال والأعمال، والمدير السابق ل"وانا"، الذي كان في كامل أناقته، ومتحدثا بالفرنسية، الهيئة القضائية على "سعة صدرها واستماعها إلى تصريحاته وإلى جميع أطراف الملف"، مؤكدا براءته من التهم الموجهة إليه. كما نفى أي علاقة له بشركة "ايناكونكط"، المتهمة بتحويل المكالمات الدولية، مطالبا بإحقاق العدالة في الملف، في إشارة إلى تأكيد ما جاء على لسان دفاعه، المحامي كريم لحلو، من هيئة البيضاء، إذ حمل مسؤولية توريطه في الملف للضابطة القضائية. أما المتهم الثاني في الملف، نورالدين الزعيم الساسي، الذي بدا مهموما وأطلق لحيته، بعد وفاة والدته، ورفض طلبه لحضور جنازتها، فقال للهيئة القضائية "ألتمس ألا تحرموني من مواطنتي، والبراءة ظاهرة، ولو أنها لم تعد مهمة مع كل ما عشته وعانيته". كما سأل الساسي رئيس الهيئة القضائية إن كانت هناك "براءة بامتياز؟" حتى يستفيد منها، لأجل عائلته، نافيا التهمة الموجهة إليه. وبدا التناقض ظاهرا على تصريحات المتهم الثالث الملقب ب"أبو بدر"، في كلمته الأخيرة، إذ اتهم الشرطة بعدم ذكر تصريحاته في محاضرها، وبرأ ساحة المتهم الساسي. أما المتهم المدعو متوكل، فقال إنه "لن يسامح كل الذين شهدوا ضده"، معقبا على تصريحات إدارة الجمارك بأنها "حاسبته على جميع تعاملاته"، متسائلا إن كانت (إدارة الجمارك) حاسبت باقي الشركات التي كان يتعامل معها في هذا المجال؟ وصرح باقي المتهمين بأنهم لم يعودوا يكترثون للحكم بالبراءة، بعدما أمضوا سنة وشهرين داخل السجن، "دون أن يجدوا آذانا صاغية"، ومنهم من أكد أن اسمه أقحم في هذا الملف، وأنه لا يعرف سبب متابعته، واعترف أحدهم أن متابعته في القضية جاءت بناء على صداقة قديمة تربطه بالزاز، ملتمسين الأخذ بعين الاعتبار الظرفية التي فجر فيها الملف، مؤكدين براءتهم من التهم المنسوبة إليهم. وانطلقت الجلسة بعد ظهر أول أمس الأربعاء، واستمرت إلى حدود العاشرة ليلا، استكملت فيها الهيئة القضائية الاستماع إلى مرافعات دفاع المتهمين، وكانت آخر مرافعة للمحامي لحلو، دفاع المتهم الرئيسي كريم الزاز. واعتبر الدفاع أن جميع الدفوعات الشكلية التي أدلى بها في السابق أساسية، خاصة ما بني عليه هذا الملف وكيف انتهى، مشيرا إلى أن المتابعة جاءت بناء على قرائن أهمها افتراض "سوء النية" في المتهمين، دون وجود أدلة. واتهم الدفاع ضباط الشرطة القضائية ب"سوء النية، التي كانت المنطلق الوحيد في التحقيق في هذه القضية، وإقحام اسم موكله، الذي اعتبره بريئا من تهمة تهريب المكالمات الدولية، إذ أشار إلى تاريخ وضع الشكاية في 28/06/2012 من طرف شركة "كوربورايت"، موضحا أنها لم تتقدم بهذه الشكاية، كما وجد من خلال بحث الشرطة أن "الشركة هي التي تقوم بتهريب المكالمات الدولية، لكن، حسب المحامي، وأن موكله، لا علاقة له بها، مضيفا أن "الضابطة القضائية دخلت في عملية البحث ومناقشة الوقائع والمعاملات بقرائن عارية من الصحة، مبتعدة عن وسائل الإثبات المباشر. وكشف الدفاع ان هناك "معطيات اتفقت عليها جميع الأطراف المتهمة والنيابة العامة وقاضي التحقيق، أولها أن تهريب المكالمات جرى في مارس 2011 وانتهى في شتنبر 2012، عبر شبكات الإنترنت، وهو ما أفادته شركات الاتصالات الثلاث، اتصالات المغرب، ووانا، ومديتيل"، موضحا أن الشركات المتهمة بالقرصنة لم يجر إنشاؤها إلا ما بعد شتنبر 2012، وحتى إن وجدت قبل هذا التاريخ، فهي لم تكن متصلة بشبكات الإنترنت.