اختارت هذه الندوة كموضوع لها "الملحون، بين الجانب الروحي وفن العيش". وأفاد بلاغ للمؤسسة أن هذا اللقاء نظم على شكل فطور مناقشة، ومكن أزيد من 250 مدعوا من رجال الأعمال والثقافة والمجتمع المدني من الاستمتاع بهذا الموروث العريق، الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة الشعبية المغربية. وأوضح البلاغ، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، أن مؤسسة التجاري وفابنك أهدت لضيوفها خلال هذه الليلة الرمضانية لحظة مميزة لتذوق واكتشاف بعض أشهر قصائد الملحون، مع التركيز على سياق تنظيمها، والحمولة الفكرية التي تختزلها. وبهذه المناسبة، قال عمر بونجو، المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك، في كلمة ترحيب، إن "اختيار هذا الموضوع يكتسي أهمية خاصة، لأنه سيسمح لنا باكتشاف (بالنسبة للشباب) وإعادة اكتشاف (بالنسبة للكبار) الجمال وقوة النصوص، التي تميز القصائد المنظومة بكل دقة وبلغة دارجة غنية وحبلى بالمجازات. وهي مناسبة كذلك بالدور المهم الذي لعبه الملحون في التماسك الاجتماعي". وبالنظر لمساهمته التي انطلقت منذ 5 قرون وتأثيره السوسيوثقافي، تحيط بهذا التراث اللامادي، الذي يعد ثمرة للثقافة الشعبية كل الصفات التي تجعل منه تراثا عالميا مصنفا من لدن منظمة اليونيسكو. وأضاف بونجو أن "كل مبادرة ترمي لحصول الملحون على اعتراف دولي يجب أن تحظى بدعمنا، اعتبارا للصورة التي يسوقها عن المجتمع المغربي المتمسك بعاداته العريقة، ومضرب مثل للانفتاح والإبداع والتسامح، وكل ذلك مع مراعاة حرية التعبير والنقد الذاتي وتبنيها كقيم ومبادئ أساسية. واليوم، أضحى من الضروري التذكير بذلك". كما قدم عبد المجيد فنيش، كاتب مسرحي وخبير في الفنون التقليدية، تذكيرا تاريخيا مقتضبا عن فن الملحون ونشأته في منطقة تافيلالت في عهد الموحدين، قبل أن يمتد لأهم مدن المغرب، في صفوف الحرفيين والطبقة الشعبية، وكذا النخب الفكرية داخل المدن. وتطرق فنيش لمسار الشعراء الكبار، الذين أبدعوا في نظم قصائد أنشدت في هذه الليلة. وزود الحضور بمفاتيح تساعدهم على فهم معاني القصائد، مع التمييز بين المعنى الظاهر والمعني الرمزي الذي تختزله هذه الأبيات. وقال فنيش "من الضروري إدراك أهمية الإبداع الشعبي، ما مكن الملحون من التكيف بشكل دائم مع التحولات الاجتماعية بالمغرب، سواء على مستوى اللغة الدارجة أو البنيات الاجتماعية أو نمط عيش السكان". وتطرق فؤاد جسوس، صاحب مؤلفات خصصها لهذا التراث وإطار سابق في مجموعة التجاري وفابنك، لتطور فن الملحون عبر الزمان والمكان، قائلا "كان هذا الفن الرائع يحظى بإقبال كبير لدى أجدادنا، وفي فترة الحماية الفرنسية، عادة ما كان ينسب إليه ترويجه لخطابات التمرد والثورة". وأهدت مؤسسة التجاري وفابنك لجميع المدعوين إصدار فؤاد جسوس تحت عنوان "أروع قصائد الملحون: سي التهامي المدغري".