الركراكي يبرر الأداء الباهت للأسود أمام زامبيا ويرد على غضب زياش والنصيري    تصفيات كأس العالم 2026: المغرب يتجاوز عقبة زامبيا بصعوبة ويواجه الكونغو الثلاثاء المقبل بكينشاسا    تصفيات كأس العالم 2026: المنتخب المغربي يحقق فوزاً صعباً على ضيفه الزامبي    عيد الأضحى في المغرب يوم الإثنين 17 يونيو 2024    طقس السبت.. أجواء حارة مع قطرات مطرية بهذه المناطق    توقيف عميد شرطة متورط في قضية ابتزاز وطلب مبالغ مالية كرشوة        مصنع السيارات المغربي الأول يفتتح صالته للعرض بالرباط    الركراكي أمامه الكثير … وينجو من فخ زامبيا … !    جدل مناقشة حصيلة الوزراء .. بروحو يحذر من انحراف الوظيفة الرقابية للبرلمان    66 شخصاً يقعون في قبضة الأمن بتهمة الغش في امتحانات الأولى بكالوريا    تفاصيل مباحثات بين ميارة ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية    الأوقاف تعلن عيد الأضحى يوم الاثنين 17 يونيو    مظاهرات تتذكّر هدم "حارة المغاربة"    المغرب والبرازيل يقرران إرساء حوار استراتيجي يروم ترسيخ شراكتهما المتينة وطويلة الأمد    بحضور سايس ودياز .. الركراكي يعلن تشكيلة الأسود أمام زامبيا    استطلاع: 87 بالمائة من المغاربة يرفضون التطبيع مع إسرائيل    تسليم دفعة جديدة من "نيو المغربية" .. وبلخياط يخطط لسيارة كهربائية    التوقيع بطنجة على اتفاقية شراكة بين المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ومجلس أوروبا    الأمثال العامية بتطوان... (619)    وزير الفلاحة يفتتح الدورة الثالثة لمعرض معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    السيد بوريطة : المملكة المغربية تدين بشدة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى التي "تقوض جهود التهدئة" في غزة    لأول مرة.. جيش إسرائيل في "قائمة العار"    "ريدوان" يكشف حقيقة إنتاجه أغنية جديدة لريال مدريد    البرازيل تشيد بجهود المغرب للمضي قدما نحو تسوية الخلاف في إطار مبادرة الحكم الذاتي    السماح للسجناء بتلقي قفة المؤونة ابتداء من ثاني أيام عيد الأضحى لمرة واحدة    التجارة تحافظ على صدارة الأنشطة الاقتصادية الأكثر استيعابا للنسيج المقاولاتي بجهة طنجة    تظاهرة "نتلاقاو في وزان" تعود بنسختها الثالثة لتعريف بالتراث المحلي    "الأمم المتحدة": 32.8 مليون شخص بالساحل الإفريقي بحاجة لمساعدات    لارام تعيد تشغيل الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وساو باولو    مدرب زامبيا: المنتخب المغربي عالمي وعلينا بذل أقصى ما نستطيع للفوز    الآن وقد فاتت الوصلة الإشهارية الحكومية، ها هي الحصيلة التي لم يقلها رئيس الحكومة: شهور من الانقطاع عن الدراسة. والإضرابات، فشل ذريع في النمو وأرقام رهيبة في البطالة..!    نورا فتحي تمزج بين الثقافتين الهندية والمغربية في عمل فني جديد    السعودية تطلق حملة دولية للتوعية بخطورة حملات الحج الوهمية    وفاة أول مصاب بشري بفيروس "اتش 5 ان 2"    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    افتتاح فعاليات الدورة المائوية لمهرجان حب الملوك    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان «فيدادوك» بأكادير    جلسة عمومية بمجلس النواب الاثنين    بداية تداولات بورصة البيضاء بارتفاع    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    تنسيق أمني بين المغرب وإسبانيا يطيح بموال ل"داعش"        المغرب يدعو لدعم الاقتصاد الفلسطيني حتى يتجاوز تداعيات الحرب    الكوسموبوليتانية وقابلية الثقافة العالمية    بعد تهديدات بايدن للمحكمة الجنائية.. كلوني يتصل بالبيت الأبيض خوفا على زوجته    السنتيسي يقاضي مجموعة من المنابر الإعلامية    الحرب في غزة تكمل شهرها الثامن وغوتيريس يحذر من اتساع رقعة النزاع    نادي الفنانين يكرم مبدعين في الرباط    اختتام معرض "حلي القصر" بدولة قطر    السعودية تعلن الجمعة غرة شهر دي الحجة والأحد أول أيام عيد الأضحى    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى السفير الإسباني في المغرب
نشر في المساء يوم 05 - 06 - 2008

استقيظت يوم الاثنين الماضي بمزاج رائق، فقد حصلت للتو على رخصة من الحكومة الإسبانية لكي أشغل لدي امرأة مغربية لترعى أطفالي في إسبانيا وتربيهم وتتحدث إليهم بلهجتنا المغربية، حتى لا ينسوا لغة أجدادهم.
انتقلت إلى مقر القنصلية، مثلما يفعل جميع المغاربة، والتزمت بالصف مثل الباقين وانتظرت دوري، وعندما وصلت إلى الشباك، أرسلني موظف الشباك، مثلما يفعل مع جميع المغاربة، بطريقة غير مهذبة لأعود من حيث أتيت، خالي الوفاض.
ما حدث بعد ذلك كان نتيجة تتابع عدد من السلوكات والألفاظ غير اللائقة بشكل فاق كل الحدود الصادرة عن عدد من موظفي القنصلية، المغاربة منهم والإسبان، من قبيل " فين غادي نتا؟"، "آش بغينتي أ محمد"، أجي نتا لهنا"، و" لماذا يريد هذا الرجل الذهاب إلى إسبانيا وهو لا يتحدث اللغة الإسبانية؟" إلى غير ذلك من العبارات التي هي أبعد ما تكون عن اللياقة والأدب واحترام كرامة الآخر والتي أفضت إلى رد فعل لم يكن موظفو القنصليات الإسبانية بالمغرب متعودين عليه، ألا وهو أن يرفض مغربي القبول بهذه المعاملة وأن يثور ويحتج ويطالب بأن تتم معاملته بشكل يحفظ كرامته.
لهذا، قام مستشار القنصلية، وهو رجل يدعى خيسوس كوارتيرو، معتاد على إهانة محاوريه من المغاربة باحتقار، بطردي من مكتبه واستدعى الشرطة لكي تخرجني من مقر القنصلية.
تلقيت اعتذارا شفويا من أحد مسؤولي الشرطة بسبب تدخلهم غير القانوني داخل القنصلية، قبلت الاعتذار وقررت أن أطوي الصفحة عند هذا الحد، أما في ما يخص القنصلية فإنه ليست لدي أية نية لكي أتنازل ولو قيد أنملة، لأن المسألة مسألة مبدأ، ولأنني أعرف جيدا إسبانيا وأعرف مع من حصل لي هذا المشكل.
كانت للمسؤولين في قنصلية إسبانيا بتطوان دائما مشاكل مع العدالة في بلادهم. من القناصل الذين عملوا بالمغرب مؤخرا رجل صدر في حقه حكم في قضية استغلال جنسي للأطفال، والقنصل الحالي خافيير خيمينيس أوكارتي يوجد حاليا تحت البحث القضائي في شأن اتهامه في سقوط طائرة يوكوفليف 42، وهي طائرة عسكرية سبب سقوطها، إثر سوء تشغيل وصف بالمسؤول عن وفاة 65 عسكريا إسبانيا. هذا الشخص ذاته كان كاتبا عاما في وزارة الدفاع الإسبانية خلال أزمة جزيرة ليلى، وكان متعاونا مقربا من الوزير الإسباني فيديريكو تريو الذي قال في حديث عمومي إنه نادم لأنه لم يغز المغرب عسكريا. ومع وصول الاشتراكيين إلى السلطة عام 2004، تم خفض مرتبته إلى سفير ثم إلى مجرد قنصل في مدينة تطوان، وكأن بلادنا هي المكان الذي يرسل إليه المسؤولون المغضوب عليهم في الدبلوماسية الإسبانية لمعاقبتهم على أخطائهم.
مع ذلك، فإن يوم الإثنين لم يذهب سدى، لقد كان يوما تعلمت فيه الكثير، رأيت بعيني كيف تتم معاملة أبناء بلدي من المغاربة أمام قضبان القنصلية الإسبانية، وكيف تتم إساءة معاملتهم لفظيا من قبل مواطنيهم المغاربة العاملين في القنصلية والذين يكلفون بالقيام بالمهام القذرة التي يترفع الإسبان عن القيام بها. تذكرت حينها كيف بقي الصحفي جمال وهبي محروما من الحصول على تأشيرة لإسبانيا من القنصلية الإسبانية بتطوان لأنه فضح قنصلا إسبانيا سابقا كان يمارس الجنس مع قاصرين مغاربة، وتذكرت أيضا كيف أن الفنان أحمد السنوسي "بزيز" ظل محجوزا لساعات في مطار باراخاس في مدريد من قبل رجال شرطة إسبان لأن مشاحنة وقعت بينه وبين أحد زملائهم الذي يعمل أمام مبنى القنصلية الإسبانية في الدار البيضاء.
ما هو غير منطقي هو أن السلطات الدبلوماسية الإسبانية تعتبر أنها تمارس مهامها كما يجب وأن الآخرين، أي نحن المغاربة، هم المخطئون. ولكن ألم يسألوا أنفسهم لماذا لا تحدث مثل هذه المشاكل أمام قنصليات دول أخرى، الأمريكية أو الفرنسية مثلا؟ ولماذا يفضل أغلب الصحفيين ورجال وسيدات الأعمال المغاربة أن يحولوا وجهتهم نحو قنصليات دول أخرى، فرنسا مثلا لطلب التأشيرة عوض الذهاب إلى القنصليات الإسبانية؟ لأنه، وببساطة، تتم معاملتهم في القنصليات الإسبانية وكأنهم خارجون عن القانون أو مهاجرون غير شرعيين. اسألوا أي مغربي عن رأيه في معاملة القنصليات الإسبانية بالمغرب وسيرد عليك بشكل تلقائي: إنهم عنصريون.
لقد قال القنصل الإسباني في تطوان للصحفي جمال وهبي: "لا أقبل أن يأتي مغربي إلى قنصليتي...". هذا الخارج عن القانون، الذي يحمل صفة قنصل، لم يفكر أبدا في أن "المغربي" كان في الواقع مواطنا مثل الباقين يدفع الضرائب في إسبانيا وله حقوق مثل حقه في أن يحتج وأن يرفض طرده كما المجرمين من داخل إدارة. نعم "يحتج" وهو حق يبدو أنه يوجد في إسبانيا لكن لا يوجد في الإدارات الإسبانية بالمغرب.
لقد حكى لي صديق أن هناك تلاميذ في المدارس الخاصة المغربية يدفعون شهريا ألفي درهم، أي أكثر بثلاثمائة درهم من دخل متوسط، لكي يتعلموا اللغة الإسبانية. يمضون سنوات وسنوات في الدراسة، ويثقلون كاهل آبائهم بالمصاريف. وعندما يحصلون في النهاية، وبعد سنوات من العمل، على الشهادة ويوفقون في إيجاد جامعة تقبل تسجيلهم في إسبانيا، ترفض القنصلية الإسبانية إعطاءهم تأشيرة لأن هذه الوثيقة غير مطابقة أو هذا التوقيع غير مطابق أو أن إمكانياتهم المادية غير كافية... لقد أصدرت المنظمة الخيرية الكاثوليكية الإسبانية للعموم الأسبوع الماضي تقريرا مخزيا يدين، بالأدلة والوثائق الدامغة، تصرفات موظفي القنصليات الإسبانية في العالم أجمع. وبالصدفة يعطي التقرير كمثال اثنين من أسوأ الأمثلة، حيث تتم ممارسة "سلوكات إدارية تمييزية ومشكوك فيها"، القنصلية الإسبانية في الناظور وطبعا قنصلية إسبانيا في تطوان. الغريب في الأمر أن أيا من هذه التجاوزات لم تتم الإشارة إليه في الصحافة المحلية. ذات يوم، قال لي خافيير خيمينيز أوكارتي، الذي تريد العديد من الجمعيات الإسبانية إرساله إلى السجن، "أنا أسدي إليك معروفا عندما أمنح تأشيرة لوالدك". صدمت لقوله. والدي الكابورال السابق محمد لمرابط، عنصر سابق في الفرقة رقم واحد من مغاربة تطوان "لوس ريكولاريس" الذين شاركوا في الحرب الأهلية الإسبانية ما بين 1936 و1939، في حوزته أربع من "ميداليات المعاناة من أجل الوطن"؟ و ثلاث "نجمات حرب" و"ميدالية عسكرية جماعية وعدد لا حصر له من أوسمة الحرب التي شارك فيها في ساحات الحرب في شبه الجزيرة الإيبيرية، إنه غني عن "معروف" دبلوماسي خارج عن القانون وعن تدخلي (أنا الذي لا أطلب أبدا معروفا من أحد) من أجل حقه في الحصول على تأشيرة لإسبانيا. والدي، ذو الجسد المثخن بجراح الحرب والذي فقد عشرين فردا من عائلته في تلك الحرب التي لم تكن حربه، وإنما حرب كان المستفيدون منها هم الآباء الإيديولوجيون للسيد خيمينيس أوكارتي، من المفروض أن إسبانيا ملزمة أخلاقيا بأن تمنحه هذه التأشيرة لأنه هو من قدم إليها "معروفا" من دمائه، غير أن والدي قرر أن يتنازل عن هذه التأشيرة الإسبانية، كما أنه قرر أن يرفض، من الآن فصاعدا، تسلم التعويض الذي تصرفه له الدولة الإسبانية مقابل كل الميداليات العسكرية التي حصل عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.