في خطوة قانونية غريبة من نوعها، قررت إسبانيا تغريم المغاربة المهاجرين العاطلين عن العمل الذين غادروا ترابها، دون إشعار مسبق، في اتجاه بلدهم الأصلي، وإن تعلق الأمر بظرف طارئ، كوفاة قريب مثلا. وهي الخطوة التي تعتبِر خروج المهاجر من إسبانيا، بشكل مؤقت، ولو لمدة قصيرة، خطأ إداريا فادحا يعاقَب مرتكِبوه من المغاربة بإعادة المساعدات الاجتماعية التي تلقوها من وزارة الشغل الإسبانية وتوقيف منح الإعانات الأسرية لهم. يأتي هذا القانون في وقت الأزمة التي تُفقد بعض الحكومات شيئا من حكمتها وتُعمِّق إحساس الغربة لدى المغاربة، حتى أولئك الذين أفنوا شبابهم في خدمة إسبانيا. «سلاَّم»، نموذج لهؤلاء، يحكي بمرارة كيف قضى 30 سنة في إسبانيا يعمل بكَد، من أجل عيش كريم، في إطار يحترم بلده المشغل ويخدمه دون ملل. يتساءل المغربي «سلاَّم»، اليوم، بعد أن غرمته إسبانيا عن أيام قضاها في المغرب، سعيا إلى الحصول على بعض الوثائق الخاصة التي تساعده على ضمان الإعانة العائلية، بحرمانه منها: كيف يمكنه أن يعيل أطفاله في إسبانيا؟ وكيف سيتمكن من دفع أجرة اكتراء السكن، وهو العاطل عن العمل؟ ويتساءل أيضا: أيعقل أن يعود إلى المغرب للبحث عن عمل، وهو الذي «ضاعت صحته في خدمة إسبانيا، على حد تعبيره. نموذجان آخران للمعاناة التي تعقد الحياة اليومية للمهاجرين المغاربة، إنهما «علي إيدير» و«مفتاح»، الأول عبر عن خوفه من أن يُسلَب أوراقَ إقامته في إسبانيا التي لم يتسلمها بعد منذ ما يزيد عن أربعة أشهر، وهو العاطل الذي يحتاج إلى زيارة عائلته وزوجته المريضة، المتواجدة في المغرب. أما الثاني، وهو «مفتاح» فإن اضطراره إلى مغادرة إسبانيا لتشييع جنازة والده في موطنه المغرب تسبب في أدائه غرامة مادية، مع وقف الإعانة الأسرية التي تعتبر مدخوله الوحيد. وفي سياق متصل، قال إستيفان إبرا، رئيس منظمة لمناهضة العنصرية في إسبانيا، في حديثه عن تقرير المنظمة لهذه السنة، والذي حذر من تنامي التمييز في معاملة الموظفين الإسبان لبعض المهاجرين، والذي حمل شكاوى عديدة في الموضوع ذاته: «إن هذا التمييز قد عجل بتنامي الأفكار المسبَقة عن المهاجرين»، وأضاف، في الإطار نفسه، أن الأحزاب السياسية وقعت في فخ الخطاب الشعبوي الذي ما فتئ يكرر، في رأيه، «إسبانيا للإسبان أولا».