ولي العهد يترأس حفل تخرج بالقنيطرة    تأجيل "الكان" بالمغرب إلى مطلع 2026    جريمة "الماحيا" تطيح ب7 أشخاص    دراسة…إرتفاع حرارة الأرض الناجمة عن النشاط البشري إلى "مستوى غير مسبوق"    بورصة البيضاء تنهي التداولات على وقع الأحمر    ماذا قال مدرب منتخب زامبيا عن مواجهة المغرب؟    49 في المائة من المواطنين يقتنون الأضحية قبل عيد الأضحى خلال فترة من 3 إلى 7 أيام    ولاية أمن تطوان تتفاعل بجدية مع مقطع فيديو يوثق لتبادل الضرب والجرح    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    الاضراب يشل المؤسسات الصحية بإقليم الحسيمة للأسبوع الثاني    الاتحاد السعودي يوافق على رحيل لاعبه المغربي حمد الله    نصف نهائي كأس العرش يومي 21 و23 يونيو بأكادير    يونس البحاري كاتبا إقليميا بتازة    ترقب في القدس لمسيرة الأعلام الإسرائيلية وبن غفير يهدد بدخول باحات المسجد الأقصى    التكنولوجيا تُعزّز مصداقية امتحانات الباك    دفاع "مومو" يطالب بالكشف عن الخبرة التقنية على هاتف موكله    سائقو سيارات الأجرة يحاصرون حافلات المطار ويمنعونها من نقل المسافرين    مطالب بإنصاف حراس الأمن المدرسي    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    أنتونيو كونتي مدربا جديدا لنابولي الإيطالي    مناهضو التطبيع يواصلون الاحتجاج ضد المجازر في غزة ويستنكرون التضييق وقمع المسيرات    إطلاق نار يستهدف سفارة أمريكا في بيروت    صديقي يكشف عدد الأغنام المستوردة الموجهة لأداء شعيرة عيد الأضحى    "اتفاق الرباط" يوصي بالاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي    دراسة…حرارة المياه الجوفية ستجعلها غير قابلة للاستهلاك بحلول نهاية القرن    تعزية في وفاة زوجة محمد الحمامي رئيس مقاطعة بني مكادة بطنجة    ماركا تُرشح دياز للفوز بالكرة الذهبية الإفريقية    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    إقليم برشيد…أونسا تكشف سبب نفوق رؤوس الأغنام    الأكاديمية فاتحة الطايب تُشرّح واقع الأدب المقارن بجامعة محمد الخامس    "سفر في الوجوه، رواق" للكاتب عزيز الشدادي    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    تقصي الحقائق: ماذا يحدث على حدود رفح بين مصر وغزة؟    مراكش.. شاب يقتل والده بطريقة بشعة ويلوذ بالفرار    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الأربعاء    ارتفاع أسعار الذهب بدعم من ضعف الدولار    مجلس المستشارين يصادق على مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    23 قتيلا و2726 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    قصف مستمر على غزة والجيش الإسرائيلي مستعد "لتحرك قوي" على حدود لبنان    تقرير: 70 في المائة من الأطباء يتمركزون في أربع جهات فقط وطنجة ليست ضمنها    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    سلوفينيا تعترف بدولة فلسطين    بطولة رولان غاروس: الايطالي سينر يبلغ نصف النهائي ويضمن صدارة التصنيف العالمي بانسحاب ديوكوفيتش    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    الرجاء يتلقى ضربة موجعة قبل موقعة مولودية وجدة    حكم يدين إدريس لشكر بسب صحافيين    كيف ذاب جليد التطبيع بين إسرائيل والمغرب؟    "أونسا" يكشف نتائج التحقيق في أسباب نفوق أغنام ببرشيد    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    الأمثال العامية بتطوان... (615)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة السينما وانهيار الأخلاق
نشر في المساء يوم 04 - 01 - 2011

من بين الأفلام التي شاركت في المسابقة الرسمية بمهرجان مراكش فيلم المخرج كارلوس أوغيستو دي أولفيرا Carlos Augusto de Oliveira «روزا مورينا» Rosa Morena. قصة الفيلم تروي، بطريقة بسيطة وفي نفس الوقت معقدة وبلا عمق وبلا صدق، قضية تبني الأطفال من دولة أجنبية. إنها قصة الشاذ الجنسي «توماس» ورحلته الطويلة المحفوفة بالمشاكل والمخاطر من الدانمارك إلى البرازيل في محاولة لتحقيق حلمه بتبني طفلة من شابة برازيلية فقيرة. وواحد من أكثر الأشياء إثارة للاهتمام هو الطريقة التي يقر بها الفيلم كل الحقائق السياسية وصرامة المساطر التي تحاول منع ذلك في كل من الدانمارك والبرازيل. فبطل الفيلم لا يحق له التبني في بلده، ويجيء ذلك من باب الإشارة فقط دون أن يشرحها الفيلم حتى نتعاطف مع البطل. والبطل قبل كل شيء، كما يقدمه الفيلم، رجل شاذ لكن حياته «طبيعية» مثل جميع بشر هذه الأرض، والأهم هو أنه طيب وحنون وعطوف وسخي، فأين المشكلة إذن؟ المشكلة تكمن في عدم شرح الفيلم لماذا تمنعه دولته الدانمارك من التبني داخل بلده! الدانمارك، مثلها مثل الدول الأوربية وباقي دول العالم، تعتبر التبني من طرف الشواذ مدمرا للمجتمعات ومهددا لها بالزوال والفناء. كما أثبتت دراسات علم النفس وعلم النفس الاجتماعي أن الأسرة التقليدية القائمة على الزواج الطبيعي، المكون من رجل وامرأة، هو الوحيد القادر على تربية وتنشئة وتقويم الأطفال في مناخ سليم وطبيعي كما عرفته نواميس الكون. لكن الجانب السيئ في الفيلم هو التركيز على الوضع القاسي واللاذع للأحياء الفقيرة في ساو باولو والاحتفاء بالمسوخية والدعاية لموضوع البغاء والشذوذ الجنسي في قالب «إنساني» ننسى معه كل شيء إلا إحسان وشفقة البطل ورغبته في «إنقاذ» حياة بشرية من الفقر! لهذا السبب نعتبر الفيلم مادة نتنة معلبة بإتقان لاحتواء رائحتها العفنة.
جمهورية «لوط»
خرج مؤخرا عن صمته بطل سلسلة أفلام هاري بوتر، دانييل رادكليف، وفجر قنبلة بين محبيه باعترافه بكونه شاذا جنسيا. وهذا النموذج يعتبر مثالا واحدا في حلقة محكمة تحاول تعميق اتجاه معين وفق خطط ودراسات للوصول إلى المقاصد والتطلعات بالعمل على التهوين والتشكيك في القيم اللاغربية. والفيلم المشار إليه أعلاه هو واحد من هذه الحلقة، لهذا نعتبره دعاية سخيفة للشواذ الذين أصبح لهم الدور الكبير والمؤثر في مؤسسة صناعة السينما. وتحاول السينما الدفاع عن كل شاذ ونشر الظاهرة باستهداف الشرائع الدينية والأخلاقية ومهاجمة الزواج الرسمي، بل انساقت الكثير من الدول الغربية وراء الاعتراف بزواج الشواذ وطرح السؤال التالي: ولم لا، بما أن الأمر قرار شخصي يتعلق فقط برجلين يحبان بعضيهما ولا يتسببان في أذى لأحد؟ ليست المسألة بهذه السهولة لأن الشذوذ تتحكم فيه مؤسسات وحكومات وعوامل ومؤثرات خفية يصعب إدراكها.
تتبنى إيديولوجية العولمة فلسفة رافضة تقوم على تغيير طابع العلاقات الاجتماعية من خلال نشر أوجه الفساد والانحلال والآثام والشرور بكل الوسائل، بما فيها السينما. ولحركة الشواذ نفوذ قوي في السياسة والمجتمع الغربيين وتتطلع إلى إحداث «ثورة الشذوذ» لإسقاط «الرجعية الجنسية». ودعاة الشذوذ الجنسي يتخذون من هذه الأفكار منطلقا، وتساعدهم على ذلك الماكينة الإعلامية السينمائية الخطيرة لنشر ثقافة بديلة ومضادة للثقافات المحلية الأخرى، بما فيها العربية والإسلامية التي تشكلت فيها مفاهيم وقيم ومبادئ مغايرة للغرب. فسينما هوليود تحولت إلى ناطق رسمي ومرتع للرذيلة، تُخرج أفلاما بقيم ضارة بالمجتمع ومهددة لكيانه. وهدف هذه الأفلام، في جهودها المتواصلة، إضعاف دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والدعاية لثقافة متردية لجذب جمهور عريض ينساق وراء الهلس والكلام الفارغ. وخصائص هذه السينما قائمة على تغيير المجتمع بإحداث «زلزال» يطال قضايا عموم الشواذ! ومن أهم مبادئ هذه السينما التخلي عن الأسرة المبنية على فكرة الرجل والمرأة. بمعنى آخر، يجب القضاء على الزواج المقيد بالرجل والمرأة حتى يتمكن الشواذ من تحقيق طموحاتهم في جميع حقول الحياة والبناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومن ثم القضاء على «هيمنة» الأسرة. وللوصول إلى هذه النتائج، كان لزاما على هوليود رسم خارطة الطريق للتأثير في كل سينمات العالم بتقديم كل أسباب الانتكاسة الأخلاقية في أوساط المشاهدين لحثهم على «النهوض» ضد عقلية المجتمع «القديم المتخلف» لبناء مستقبل «جديد» تتحقق فيه جمهورية «لوط». وتناسلت أفلام موكب الفضائح السينمائية، والتي لا يمكن أن نحصيها هنا، والتي تريد أن تقنع بأن الطبيعة لم تخلق فقط الرجل والمرأة بل خلقت الرجل والمرأة وشيئا ثالثا: الشاذ جنسيا! وتوالت الضربات التي تبعث على الاشمئزاز، حيث ناقشت بعض الأفلام فكرة الحمل الاصطناعي للرجال الشواذ!
إنها سينما تعد مصدرا للأمراض والبلاء والانهيار الأخلاقي، تحاول فرض انحرافها ومرضها على سلوك الجميع وعلى سلوكيات المجتمعات الأخرى تحت ستار سينما العولمة العالمية التي تريد إضفاء الشرعية على علاقات الشواذ.
صندوق «باندورا»
تبنى مخرجونا المغاربة سينما العولمة وانجرفوا وراء موجه شرسة من أفلام الشذوذ واللواط وقصفونا بإباحيتها وسطحيتها وتكرارها وأسلوبها المترهل (نبيل عيوش) أو أفلام الدعارة أو السحاق (حسن بنجلون وفيلمه الأخير المنسيون، ليلى المراكشي، نرجس النجار، عزير السالمي، نور الدين لخماري، فوزي بنسعيدي، وغيرهم)، دون أن يفهموا مهمة توظيف الفن الراقي للجنس في السينما الذي يقدم رسالة إنسانية، ومع ذلك يحاولون تقديم مبررات عن شللهم الفكري بمزاجية وغرور وزغاريد رنانة من صنف ضرورة كسر «الطابوهات» وإيقاظ «الجمهور النائم على أذنيه» تفوق حجم بالونهم الهوائي الفارغ. إنهم يعتقدون أنهم سيتحولون في يوم ما إلى رموز أو مخرجين يحملون شعلة «الحرية،» لكن أعمالهم في الواقع تعزز الخراب الفكري وتدني معنويات المشاهد، إنها شكل من أشكال البورنو تهدف إلى استغلال الإنسان وتحقيق الربح وإثارة الجدل على طريقة «خالف تعرف»، لكنها تنحدر بسرعة البرق إلى مقالب الزبالة. وإذا استمروا في طرح موضوع الجنس بالشكل غير الصحيح الذي يغيب العقل ويتبنى القيم الفاسدة ويتجاهل رسالة السينما الهادفة، فليدركوا أنهم فتحوا صندوق «باندورا» ليضعوا السينما المغربية على كف عفريت، وقد يسيرون في نعشها. أما إذا وظفوا مسألة الجنس بالطريقة الصحيحة، فمن شأن ذلك أن يثير مجموعة من الأسئلة حول علاقة الصورة بالقيمة والمضمون، ويشكل مدخلا مهما لفهم أحد أهم العناصر تعقيدا في مسيرتنا الحياتية.
نحن هنا لا نعترض على حق أي مخرج في أن يصور ما يحلو له، شرط ألا يسقط ضحية السعار الجنسي الذي يقود حتما إلى الكبت والانحراف ويؤثر بطرق سلبية على نسيج المجتمع، لكننا مع الفن الهادف الذي يسعى إلى ضبط سلوكنا وتعميق فهمنا للنفس البشرية. خذ، على سبيل المثال، الفيلم المكسيكي «غيوم» الذي شارك في المسابقة الرسمية في مهرجان مراكش السينمائي الأخير، وهو فيلم مليء بالمشاهد الجنسية، لكن توظيفها كان بالطريقة الصحيحة لرصد المرحلة الحياتية الخطيرة التي يمر بها المراهق أو الضياع والفقر والتهميش الذي تعيشه المرأة ويتسبب لها في عرض جسدها للمساومة. ويعرض الفيلم هذه المشاهد بلمسات فلسفية تنبش في الروح الإنسانية لفهم التغيرات في مظاهر النمو المختلفة التي يتعرض لها الإنسان في فترة معينة من حياته والصراعات المتعددة التي يعانيها، داخلية كانت أو خارجية كالأنانية والصدمة واستحضار الماضي الذي يوحد ويمنع الشمل في نفس الوقت. فجاء الفيلم ببعض من الجمال نفسه والصور السحرية التي تحويها قصة غابرييل غارسيا ماركيز «مائة عام من العزلة» الحبلى بالاضطرابات الاجتماعية والنفسية والسياسية. إنه فيلم بمشاهد جنسية مزعجة، لكن دون التفريط في المعايير الأخلاقية، والأهم أنه يفتح زاوية للتفكير تفهم معها أن غرض الفيلم هو الغوص عميقا في نفوس شخصياته مستعينا بعلم النفس لتعميق إدراك الناس لما حولهم من مخاوف وآمال وألم وموت وحب وضياع وجنس بالطبع، وإمكانية التجديد والتطلع إلى عالم أفضل.
يجب أن يوظف الجنس في السينما عن كفاءة وجرأة، وليس وفق المخطط الذي يعمل على قتل القيم في المجتمع المغربي ودون تجاوز ما يمس حرمة المشاهد والحذر من الدعاية للشذوذ الجنسي والسحاق والدعارة ومحاولة تقديم السند لهذه العلاقات والانحدار بالفن السابع إلى مرتع الرذيلة. إن تبني سينما جنسية صارخة ومقصودة ومهينة، هدفها إشاعة ثقافة متردية وإباحتها، سيؤثر حتما على مقومات الأنماط الاجتماعية والثقافية وحتى سلوك الرجل والمرأة من الأساس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.