"ألوان القدس" تشع في معرض الكتاب    المغاربة يتصدرون قائمة العمال الأجانب المساهمين في الضمان الاجتماعي    أكادير.. افتتاح الدورة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني    إسبانيا تمنع السفن المحملة بالسلاح لإسرائيل من الرسو بموانئها    الحسيمة .. الاحتفاء بالذكرى الثامنة والستين لتأسيس الأمن الوطني    لجنة النزاعات تصدم المغرب التطواني بحكم جديد    موعد مباراة نهضة بركان ضد الزمالك المصري في إياب نهائي كأس الكاف    بعد مقال "العمق".. إرسال كميات مهمة من أمصال "داء الكلب" لمراكز الصحة بجهة كلميم    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (12)    احذر وضعيات النوم الأكثر ضررا على صحة الجسم    طقس الجمعة.. نزول أمطار متفرقة بهذه المناطق من المملكة    جهة الشمال سجلت 182 حريق للغابات خلال سنة 2023    قمة العرب تختتم أعمال دورتها ال33 بتبني "إعلان البحرين"    تلاميذ القدس في ضيافة المجلس الأعلى للتربية والتكوين    أُسر "ضحايا ميانمار" تكشف تفاصيل "جحيم الاحتجاز".. أمل في تحرير الأبناء    إحداث أزيد من 42 ألف مقاولة ذات شخصية معنوية بجهة طنجة    تزنيت.. الاحتفاء بالذكرى ال 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    ميناء طنجة : تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    الأمثال العامية بتطوان... (600)    القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية في فلسطين وعقد "مؤتمر دولي للسلام"    الملك محمد السادس: نتأسف على عدم قيام اتحاد المغرب العربي بدوره الطبيعي    كاتب كاميروني يبحث "خلود" الأدب الإفريقي ويدعو إلى تكريم الإبداع في القارة    الملك محمد السادس يرفض محاولات تهجير الفلسطينيين ويدين "الأعمال الانتقامية" بغزة    تسرب للغاز يخنق عشرات التلاميذ بمؤسسة تعليمية بالبيضاء    سعر الذهب يتراجع بعد مكاسب الدولار    موظفو الجماعات الترابية ينسحبون من الحوار مع وزارة الداخلية    مقترح "إلغاء الفار" ينتظر تصويت الأندية الانجليزية    بسبب عدم الامتثال.. شرطي مرور يشهر سلاحه والسلطات تحقق    المغرب يثير من جديد موضوع استقلال الشعب القبايلي في الامم المتحدة    على هامش تكريمه.. البكوري: مهرجان الريف يسعى لتقريب الإبداعات الناطقة بالأمازيغية إلى الجمهور التطواني    ما دخل الأزهر في نقاشات المثقفين؟    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    توحيد الجهود الدولية الهادفة إلى محاكمة الاحتلال    حرب تبحث عن مشروع سياسي    الجزائر.. داؤها في قيادتها    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    الصين وروسيا توقعان إعلانا مشتركا لتعميق الشراكة الاستراتيجية    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبكة بليرج .. القصة الكاملة
نشر في المساء يوم 03 - 08 - 2008

ينتظر أن يجد المتتبع لفصول محاكمة « شبكة بليرج « بعد انطلاقها يوم 16 أكتوبر المقبل أن الارتباطات المحتملة لبليرج ببعض قياديي تنظيم» الاختيار الاسلامي» الذي اندثر بعد خروج أصحابه إلى العلنية في منتصف التسعينات, لن تكون سوى الشجرة التي تخفي غابة الخلايا السرية ومشاريع زعزعة استقرار أمن المملكة, سواء من خلايا توجد بين ظهرانينا أو أخرى قادمة من الضفة الشمالية للبحر المتوسط .
فمعطيات التحقيق القضائي تفيد أن أعضاء تنظيم عبد العزيز النعماني « منظمة المجاهدين بالمغرب « التي كان ينتمي إليها بليرج قد تمكنوا من إدخال كميات متفرقة من الأسلحة خلال فترة التسعينات عندما كانوا ينشطون في إطار شبكات دعم الجماعات الإسلامية الجزائرية .
كما أن فصول محاكمة أكتوبر المقبل ستكشف عن خبايا جديدة مرتبطة بنشاط الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة. ففي سنة 2001 يقول بليرج إنه التقى بمحمد الكربوزي , الذي تتهمه المخابرات المغربية بتزعم الجماعة المغربية المقاتلة , وتبادل الحديث عن مشروع قلب نظام الحكم القائم بالمملكة والقيام» بأعمال جهادية» داخل التراب المغربي.
لا ينكر عبد القادر بليرج أنه قد التقى شخصيا بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بجبال أفغانستان قبيل أحداث 11 شتنبر 2001، ولا أنه عقد جلسات حوار مطولة مع محمد الكربوزي- المتهم بكونه زعيم الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة- أو غيره من قيادات هذا التنظيم.
فالمثير في ملفه القضائي أنه لا يرتبط فقط بتوريطه لزعماء أحزاب سياسية مغربية في قضية مرتبطة بالإرهاب تم بموجبها حل حزب البديل الحضاري وإبطال تأسيس حزب الأمة، وإنما بملفات قادمة عنوانها العريض: مخابئ الأسلحة المهربة من أوربا ومخططات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحلفائها من بقايا التنظيمات المغربية المسلحة التي ظلت خلاياها النائمة تشتغل في أوربا وفي بعض القرى النائية بالمملكة.
فإنهاء عبد القادر الشنتوف، قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب باستئنافية سلا، للتحقيق في الملف الذي عرف بملف شبكة بليرج وإحالته على غرفة الجنايات بنفس المحكمة لم يضع حدا للمفاجآت التي سيتواصل ظهورها بعد أول جلسة ستعقد يوم 16 أكتوبر القادم.
إن اعتراف بليرج بأن المخابرات البلجيكية قد اتصلت به سنة 2000 وطلبت منه مساعدتها في مراقبة النشطاء السلفيين الجهاديين يكشف الوجه الآخر الذي قد ينظر به إلى هذا المغربي الذي بدأ مساره الحركي من زيارة لإيران قبل أن يضع خدماته رهن إشارة تنظيم أبي نضال الفلسطيني المنشق عن حركة فتح، ويزور معسكرات لبنان ثم جبال أفغانستان وبعدها معسكرات الجزائر. فرغم كونه قد انتمى في البداية إلى تنظيم الثورة الإسلامية المغربية وغادره ليلتحق بصفوف منظمة المجاهدين في المغرب لمؤسسها النعماني، فإن تحركاته في عالم السلاح والخلايا السرية ظل مرتبطا بمختلف التنظيمات الدولية والأجنبية.
وإذا كان هذا «الكهربائي» يقر بأنه قد سعى إلى تشكيل تنظيم خاص ببروكسيل، فإن معظم اتصالاته بباقي التنظيمات تثير أكثر من علامة استفهام حول دوافعه إلى تسجيل رقم قياسي من العلاقات مع الخلايا المسلحة بكل من بلجيكا وهولندا وألمانيا وتركيا وأفغانستان والعراق ولبنان وسوريا والسعودية ثم الجزائر.
لهذا، فإن المتتبع لفصول المحاكمة بعد انطلاقها سيجد أن الارتباطات المحتملة لبليرج ببعض قياديي تنظيم الاختيار الإسلامي، الذي اندثر بعد خروج أصحابه إلى العلنية في منتصف التسعينيات، لن تكون سوى الشجرة التي تخفي غابة الخلايا السرية ومشاريع زعزعة استقرار أمن المملكة، سواء من خلايا توجد بين ظهرانينا أو أخرى قادمة من الضفة الشمالية للبحر المتوسط.
أسلحة بلجيكا وهلندا
فمن بين أهم المعطيات التي كشفها بليرج، أثناء التحقيق معه من طرف الشنتوف، وجود كمية كبيرة من الأسلحة بكل من بلجيكا وهولندا وألمانيا يستعد أصحابها لإدخالها إلى المغرب، وصرح أن مغربيا يقطن ببروكسيل عرف بجمعه للتبرعات المالية لفائدة معتقلي السلفية الجهادية وعائلاتهم هو من أخبره بالأمر. وتقدر قيمة هذه الأسلحة ب500 ألف أورو... أما الأشخاص المعنيون بتسلمها فهم من أتباع التيار السلفي الجهادي من «الجيل الجديد»، من حليقي اللحي ومرتدي اللباس العصري، الذين سيعهد إليهم باستخدامها في إطار أعمال تخريبية داخل المملكة بشراكة مع أفارقة من مالي والنيجر يرتبطون بدورهم بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
ويكشف بليرج أن المغربي المقيم ببلجيكا الذي أمده بهذه المعطيات ينتمي إلى الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة وتربطه علاقة وطيدة بمحمد الكربوزي المقيم بلندن.
كما يكشف بليرج أن عبد القادر حكيمي، الذي اعتقلته السلطات البلجيكية سنة 2004 وأدانته في الملف الذي عرف بالمجموعة المغربية، قد كشف له قبل اعتقاله عن وجود أسلحة مخبأة بعدة منازل بمدينة الدار البيضاء، يوجد أخطرها بحي المعاريف، إلى جانب أسلحة أخرى مخفاة بالمنطقة الشرقية ما بين الناظور ومليلية ووجدة.
منظمة المجاهدين في المغرب
وهنا، يطرح نفسه بقوة ملف منظمة المجاهدين بالمغرب التي كان ينتمي إليها بليرج في أواسط الثمانينيات وظلت تربطه ببعض عناصرها علاقات رغم ابتعاده تنظيميا عن الجماعة. وحسب ما توصل إليه التحقيق القضائي، فإن أعضاء تنظيم عبد العزيز النعماني قد تمكنوا من إدخال كميات متفرقة من الأسلحة خلال فترة التسعينيات عندما كانوا ينشطون في إطار شبكات دعم الجماعات الإسلامية الجزائرية. وقد اتهم بليرج علي العراس، الذي اعتقلته السلطات الإسبانية بمليلية قبل أن تسلمه إلى نظيرتها المغربية، بكونه على علم بمكان إخفاء جزء من هذه الأسلحة.
وينتظر أن تكشف محاكمة العراس ومحمد الباي، الذي اعتقل بدورة بمليلية، عن خبايا ملف الخلايا النائمة لتنظيم المجاهدين بالمغرب.
فعناصر هذا التنظيم الذين واصلوا نشاطهم بعد اختفاء النعماني- الذي يرجح أن يكون قد اغتيل بفرنسا- استطاعوا أن ينسجوا علاقات قوية مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحولت إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وركزوا نشاطهم بالمغرب الشرقي حيث كانوا يهربون الأسلحة القادمة من أوربا إلى داخل التراب الجزائري.
الجماعة المغربية المقاتلة
وإلى جانب ملف تنظيم النعماني، فإن فصول محاكمة أكتوبر المقبل ستكشف عن خبايا جديدة مرتبطة بنشاط الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة.
ففي سنة 2001 التقى بليرج بمحمد الكربوزي، حيث حدثه -كما يقول- عن مشروعه لقلب النظام القائم بالمملكة والقيام ب«بأعمال جهادية» داخل التراب المغربي. ويعترف بأنه التقى كذلك بنور الدين نفيعة قبل هذه السنة بإسطنبول وكيف أن هذا الأخير اختلف معه ب«خصوص التغلغل وسط فعاليات المجتمع المدني»، حيث كان يعتبرهم جزءا من الفساد الذي ينبغي الابتعاد عنه.
ولا ينكر بليرج أنه حل بسوريا من أجل التنسيق مع المشرفين على استقطاب متطوعين إلى العراق، حيث قدم نفسه كزعيم لشبكة ببلجيكا يمكنها أن تلعب دورا في مواجهة الطيران الأمريكي على مستوى مواقعه الإلكترونية، كما لا ينكر أنه سعى إلى ربط علاقات بالمملكة العربية السعودية مع نشطاء تنظيم القاعدة، غير أنه أخفق في تحقيق هذا المسعى. أما توجهه إلى معسكرات هذا التنظيم بالجزائر فقد جاء في إطار البحث عن إمكانية لإرسال مغاربة للتدرب داخل معسكراتهم.
فمال الذي أوقع بليرج في قبضة الأمن المغربي؟ هل هو ارتباطه بقدماء منظمة المجاهدين بالمغرب أم هو اللقاءات التي جمعته بالكربوزي أو نشطاء الجماعة المغربية المقاتلة أم إن للأمر علاقة بتنسيقه مع المرواني والمعتصم والركالة الذين كانوا يقودون تنظيم الاختيار الإسلامي قبل أن يتم تأسيس كل من حركة البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة؟
لم تكن التقارير الامنية لوزارة الداخلية تثير أي شكوك حول حقيقة تخلي هؤلاء القياديين عن قناعاتهم السابقة بخصوص العمل السري، وبالتالي فإن الأجهزة لم تكن بصدد البحث عن وقائع تعود إلى بداية التسعينيات وتهم نشاط «الاختيار الإسلامي»، لذلك فإن اعتقال بليرج لم يكن مندرجا في إطار التحقيق حول ماضي حزب الأمة الذي اعترضت وزارة الداخلية على تأسيسه أو حزب البديل الحضاري الذي شارك في الانتخابات التشريعية السابقة، وإنما في إطار آخر يرتبط بقضايا مكافحة الإرهاب بشكل عام.
وحسب مصدر قضائي، فإن المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد باشر التحقيق في الملف واعتقل بليرج بعد توصله بمعلومات تفيد بأن مواطنا مغربيا يقيم ببلجيكا كان ينتمي سابقا إلى الشبيبة الإسلامية وحركة المجاهدين بالمغرب له عدة علاقات بتنظيمات أجنبية تعمل من أجل التخطيط والإعداد لتنفيذ مشاريع تخريبية داخل التراب المغربي بهدف زعزعة استقرار وأمن الدولة. وكانت المعطيات الأولية التي توصلت بها أجهزة الاستخبارات المغربية تفيد بأن هذا المواطن المغربي كان بصدد تكوين تنظيم إرهابي داخل المغرب بتنسيق مع تنظيم القاعدة بأفغنستان وحزب الله بلبنان والجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجزائر والجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة وخلايا السلفية الجهادية بالمغرب. وفي هذا الإطار، كشف التحقيق أن بليرج، الذي كان يسعى تارة إلى تشكيل تنظيم خاص به وتارة إلى التنسيق مع تنظيمات قائمة، قد عقد لقاء بمدينة طنجة صيف 1992 مع المعتصم والمرواني والعبادلة والركالة، وأن هذا اللقاء انصب الحديث خلاله حول ممارسة العمل السياسي لجماعة الاختيار الإسلامي التي كانوا ينتمون إليها آنذاك. وبالموازاة، تم الاتفاق على وضع هيكلة جديدة للتنظيم تضم جناحا مسلحا أطلق عليه «مجموعة العمل الخاص». أنيطت ببليرج وأعضاء خليته ببلجيكا مهمة مده بالأسلحة النارية وكل متعلقات الدعم اللوجستيكي. وفي هذا الإطار، عقدت لقاءات أخرى بكل من الرباط والدار البيضاء من أجل التخطيط للقيام بعمليات سطو لتأمين مبالغ مالية تكون بمثابة تمويل للعمليات التي يودون القيام بها.
تبييض الأموال
وفي ما يتعلق بتبيض الأموال، الذي تتهم الشبكة باللجوء إليه من أجل تمويل أنشطتها، فإن مسار التحقيق يكشف أن عبد اللطيف البختي سلم مبالغ مالية لعبد القادر بليرج قصد تمويل الأهداف الجهادية التي كان التنظيم يخطط للقيام بها في المغرب.
وكان عبد اللطيف البختي قد قام بمعية مجرمين أروبيين بعملية سطو على مقر شركة.
فحوالي الساعة الثالثة صباحا من يوم 17/04/2000 بدؤوا العملية حيث تحوز كل واحد منهم جهاز اتصال إضافة إلى مسدسين واحد نصف آلي والآخر رشاش، مرتدين أقنعة لإخفاء وجوههم، واتجهوا إلى مقر الشركة المذكورة على متن سيارتين قام بسرقتهما عبد اللطيف البختي من مدينة بروكسيل.
وحوالي الساعة الخامسة صباحا شرعوا في عملية السطو، ففي بادئ الأمر قاموا بشل حركة ثلاثة عاملين بالشركة من خلال تصفيدهم ثم سلبهم المفاتيح الخاصة بفتح مقر الشركة، وتسللوا بعد ذلك إلى الداخل حيث انحصرت مهمة عبد اللطيف البختي في المراقبة وتغطية العملية في حين قام شركاؤه بإجبار العاملين المتوفرين على القن السري على فتح الخزنة المخصصة لجمع الأموال وذلك بعد تهديدهم بواسطة الأسلحة النارية، وبعد الانتهاء من العملية حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحا خبؤوا الأموال داخل سيارة «البارتنر» التي كان يقودها عبد اللطيف البختي، واتجهوا بعدها على متن السيارتين المستعملتين في العملية إلى الشقة الموجودة بقرية توجد على الحدود الفرنسية الليكسومبورية.
وفي شهر يناير من سنة 2001 تم إلقاء القبض على المعني بالأمر من طرف السلطات البلجيكية ليتم تسليمه بعد ذلك إلى السلطات اللكسمبورغية في شهر غشت من نفس السنة، حيث تم الحكم عليه بعقوبة سجنية مدتها 20 عاما.
وخلال فترة قضائه للعقوبة تسلم عبد القادر بليرج عن طريق أخيه عبد الرحيم البختي مبالغ مالية تقدر بحوالي مليارين من السنتيمات، وتمكن عبد القادر بليرج رفقة أخيه صلاح بليرج من تهريب تلك الأموال في صيف نفس السنة إلى المغرب، وذلك من أجل تبييضها عن طريق بناء فندق وعمارات ومساكن فيلا بمدن مراكش، الدار البيضاء وأكادير، تم تسجيلها في إسم صلاح بليرج وعبد العظيم التاقي العمراني.
وبسجنه باللكسمبورغ خطط بختي برفقة صديقه الذي شاركه السرقة لعملية الفرار من السجن بمساعدة معارفه خارج السجن، وتمت عملية الفرار في يوم 16 من شهر مارس 2001.
وفي شهر أبريل من سنة 2003 تمكن عبد اللطيف البختي من الدخول إلى المغرب بواسطة جواز سفر بلجيكي مزور في اسم صديقه عمر رمحاني، هذا الأخير أمده ببطاقة تعريفه الوطنية ليعمل على تزويرها باستعمال صورته الشمسية، بالإضافة كذلك إلى وثائق أخرى، والمتمثلة في جواز سفر بلجيكي، رخصة سياقة بلجيكية، بطاقة تعريف بلجيكية، التي اقتناها من أحد محترفي التزوير ببلجيكا مقابل مبلغ 1000 أورو، حيث عمد عبد اللطيف البختي إلى تزويرها في إسم عمر رمحاني ليستعملها في تنقلاته واقتناء عقارات بالمغرب. وثائق أخرى قام بتزويرها لتسهيل تنقلات أفراد عائلته، والتي اقتناها سواء ببلجيكا أو لدى عودته إلى المغرب حيث ساعد أعضاء التنظيم الخاص بليرج في الحصول على وثائق تعريف مغربية، منها بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر.
سرقة المجوهرات
بالإضافة إلى هذا، فقد سبق لعبد اللطيف البختي أن نجح سنة 1992 في سرقة مجموعة من الحلي والمجوهرات يقدر وزنها بحوالي 3.5 كيلو غرام، هذه المجوهرات تم تهريبها إلى المغرب بأمر من عبد القادر بليرج عن طريق نقطة الحدود مليلية بواسطة (ح.م) و(ح.و) (أعضاء ضمن خلية بلجيكا) وسلماها إلى (ج.ب) و(ح.ب). هذا الأخير سلمها بدوره ل(ع.ر)، الذي قام بتذويبها وبيعها على شكل صفائح تم بيعها بمبلغ 20 مليون سنتيم، هذا المبلغ تم تسليمه إلى (ح.ب) بمدينة الناظور من طرف (ر.خ)، (ع.ب) و(م.ي)، حيث قام (ح.ب) بإيداعها بوكالة بنكية تابعة للشركة العامة للأبناك بالمغرب SGMB بالناظور، وخلال عملية إيداعه لهذا المبلغ المالي كان برفقته عبد الله الرماش الذي لاحظ تقصيرا على مستوى أمن الوكالة، وتم التخطيط لمهاجمة هذه الوكالة البنكية من طرف أعضاء الجناح العسكري المذكورين. لكن ما هي علاقة المسؤولين الحزبيين بهذا الملف؟
الذكرى الأولى لحزب الأمة
تم إلقاء القبض على محمد المرواني يوما واحدا قبل حلول الذكرى الأولى لتأسيس حزب الأمة، الذي يشغل منصب أمينه العام ، وساعات قليلة قبل انطلاق حزبه في إخبار وسائل الإعلام بالندوة الصحفية التي كان ينوي تنظيمها لشرح ملابسات تعاطي المحكمة الإدارية بالرباط مع ملف الإعتراف القانوني بحزب الأمة الذي قدم في شأنه وزير الداخلية شكيب بنموسى مقالا يطعن في مشروعية تأسيسه..
وعوض أن يدافع المرواني عن حزبه وجد نفسه ضيفا على مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ووزير الداخلية يتهمه أمام الرأي العام بكونه أميرا لشبكة إرهابية يقود تحركاتها الميدانية مواطن مغربي حاصل على الجنسية البلجيكية إسمه عبد القادر بلعيرج..
هذه الشبكة/التنظيم لا تحمل أي إسم حسب إفادات المصادر الأمنية، لكن مخططها الذي ولد بعد تأسيسها عقب لقاءين تم عقدهما بكل من طنجة والدارالبيضاء اقتضى العمل في السر على بناء تنظيم مسلح يشرف على خلايا متفرقة أطلق على الأولى التي أسست بالعاصمة الإقتصادية إسم «مجموعة العمل الخاص».. والعمل بشكل موازي على تأسيس جمعيات وأحزاب سياسية يتم من خلالهما اختراق المجتمع المدني والمؤسسات الحزبية والنيابية، ستكون أول هذه الهيآت هي «حركة البديل الحضاري» التي أسسها المصطفى المعتصم ومحمد الأمين الركالة سنة 1995 وثانيها هي «الحركة من أجل الأمة» التي أسسها المرواني سنة 1998 ، قبل أن تتحول الحركة الأولى إلى حزب سياسي منذ 2002 لكنها لم تحصل على الإعتراف القانوني إلا بعد مرور 3 سنوات على وضعها لملف التأسيس ، لتحل نفسها مباشرة بعد موافقة وزارة الداخلية على الإعتراف بحزب البديل الحضاري. وتؤسس الثانية قبل سنة من الآن حزب الأمة.
وبطبيعة الحال لم تكن أنشطة الجمعيتين محصورة في لقاءاتها الداخلية، بل إن جمعية الديل الحضاري مثلا كانت من الموقعين يوم 11 يناير 2001 على «نداء الديمقراطية» إلى جانب هيآت ونشطاء يساريين بهدف فتح حوار بين جميع المكونات المؤمنة بالعمل الديمقراطي ..، ليتوج التواصل بين الموقعين بتأسيس «القطب الديمقراطي» يوم 24 مارس 2002 ضم إسلاميين - من ضمنهم المرواني - و يساريين وأمازغيين..
كما أن المعتصم والركالة والمرواني كانوا يزاولون عدة أنشطة سياسية وفكرية وثقافية من مثل انخراطهم في المؤتمر القومي الإسلامي، ومشاركتهم في العديد من التظاهرات الدولية المرتبطة بالنضال ضد العولمة التي تحاول فرضها الإدارة الأمريكية والأنظمة الموالية لها.. إضافة إلى المقالات والحوارات الصحفية العديدة التي أفصحوا من خلالها على مواقفهم السياسية سواء بالجريدة التي كانوا يصدرونها منذ سنة 1990 «الجسر» أو بغيرها من الجرائد.
فهل سعى المرواني وأصدقاؤه فعلا إلى تأسيس شبكة تحمل قناعين لنشاطها الذي يهدف في نهاية المطاف إلى زعزعة الأمن الداخلي للمملكة وقلب نظامها القائم سنة يكون عبد القادر بلعيرج هو رئيسها الذي يباشر المهام التنظيمية المرتبطة بالجانب السري المرتبط بالعمل المسلح كما تتهمهم بذالك الأجهزة الإستخباراتية التي عبر عن موقفها وزير الداخلية في ندوته الصحفية؟ أم أن نشاطهم السياسي والجمعوي ليس له أدنى صلة بأجندة بليرج ومن اشتغل بجانبه في موضوع تهريب الأسلحة إلى داخل التراب المغربي وحاول ربط الاتصال بصيغة أو أخرى بتنظيم القاعدة و«الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية و«الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية» وحزب الله اللبناني..؟
الجواب بالإيجاب الذي تقدمه وزارة الداخلية يقتضي التسليم بعدد من المعطيات سيتبين عدم صحتها.
يتحدد المعطى الأول في كون المعتصم والمرواني ومن معهما ، يجب أن يكونوا غير مرتبطين بأي تنظيم سياسي أو جمعوي حتى يبايعوا أميرا جديدا عليهم يقود مخططا يتم بمقتضاه تأسيس هيآت وأحزاب جديدة .
أما المعطى الثاني ، فيحدد أن يكون بلعيرج شخص لا تجمعه وقتها أي علاقة تنظيمية بالمرواني وأصدقائه ، ليكون منطقيا أنهم أسسوا الشبكة المفترضة سنة 1992.في حين يقتضي المعطى الثالث أن يكون الزعيم المفترض مستقلا بقراره لا تجمعه أي علاقة تنظيمية بأي جهة أخرى حتى يتمكن من تأسيس تجربة تنظيمية جديدة.
إلا أن المؤكد تاريخيا هو أن المعتصم والمرواني قد أسسا بمجرد انسحابهما من تنظيم مطيع (الشبيبة الإسلامية) سنة 1980 بصحبة طلبة آخرين تنظيما أطلقوا عليه إسم «جند الإسلام» واشتهر في أوساط النشطاء الإسلاميين بإسم «الجند» أو «جند الله» بعدما تسرب خبر تأسيسه إلى مجلة «الوطن العربي» بشكل لم يكن دقيقا.
عرف هذا التنظيم ذو الطبيعة السرية في البدايات عدة مخاضات، بسبب خلاف مؤسسيه مع توجهات مطيع وظلالها على علاقتهم بطلبة الشبيبة الإسلامية الذين كانوا داخل دائرة الإستقطاب التي يبحث عنها التنظيم الوليد من جهة. وبحكم طبيعة حداثة التجربة الثورية الإيرانية التي أعجبوا بها وحاولوا الإرتباط بها قبل أن ينفتحوا على تجارب أخرى من مثل التجربة الفلسطينية وغيرها..
الابتعاد عن مطيع
ظل المؤسسون الشباب لجند الإسلام يترقبون مصير أصدقائهم الذين تم اعتقالهم ضمن «مجموعة71» سنة 1984، والتي ضمت خليطا من عناصر «فصيلة الجهاد»، التي أسسها مطيع من منفاه لتشكل غطاءا سياسيا ل«كتيبة بدر» التي كانت تتدرب بمعسكرات جبهة البوليساريو تحت إشراف المخابرات الجزائرية، ويقال إنها ستنفذ عمليات مسلحة بالمغرب من أجل زعزعة استقراره وتهييج الشارع لدفعه إلى قلب نظام الحسن الثاني..، وعناصر خلية مدينة المحمدية الذين كانوا ينسقون مع الخلية الأولى لكنهم كانوا على اتصال مع تنظيم جند الإسلام للإلتحاق بصفوفه، وشباب مستقلين تورطوا في الترويج لمناشير الشبيبة الإسلامية دون أن يرتبطوا بها تنظيميا، وآخرين كانوا أعضاءا بتنظيم عبد الإله بنكيران «الجماعة الإسلامية» ، و عضوين ارتبطا بإسم «الحركة الثورية الإسلامية المغربية»..
وعند قراءتهم لتجربة هؤلاء الشباب الذين أدينوا بسبب توزيع مناشير أو كتابات حائطية وتعليق لافتات بأماكن عامة، وقيامهم بنقد ذاتي بدأ ابتعادهم عن تنظيم مطيع يتعمق أكثر.. وشكوكهم في كل المرتبطين به تنظيميا تتنامى بشكل أكبر.
كل ما كانوا يستطيعون القيام به داخل المغرب هو الحضور إلى مكان انعقاد ندوة فكرية بالرباط ليرددوا شعارات سياسية من بين مطالبها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين .. أو رفع شعارات مماثلة في مهرجان تضامني مع الجهاد الأفغاني ..
لكن هذا النشاط بدوره تم اتخاذ قرار بالتخلي عنه حتى لا ينكشف أمر التنظيم .. فبالنسبة إليهم رغم وجود مقربين منهم داخل السجون، فإنه بإمكانهم عدم مخالفة وعدهم لمجموعة المحمدية قبيل اعتقالهم بالدفاع عن قضيتهم من خلال تركيز نشاطهم بأروبا بعيدا عن عيون الأجهزة الأمنية المغربية ..
في هذه السنة (1984) سيجدون أنفسهم مؤهلين لصياغة أول ورقة داخلية « الأرضية التوجيهية «التي ضمت 3 أرضيات: مفهوم الحركة الإسلامية، قراءة في تاريخ الحركة الإسلامية، الإستراتيجية والتكتيك.. بعدما كانت مرجعيتهم الفكرية والتنظيمية متوزعة بين كتابات الخميني والثورة الإسلامية الإيرانية، الفكر السياسي الشيعي.. وكتابات سيد قطب والإخوان المسلمين وحركة فتح ( خاصة كتاب صخر حول الجانب التنظيمي والأمني، ومؤلفات منير شفيق)، وبين أدبيات الماركسية اللينينية ..
بدأ أعضاء التنظيم - خاصة المتواجدون داخل المغرب - يميلون إلى التأثر أكثر في السنوات اللاحقة بطروحات الشيخ حسين فضل الله ، الذي كان يوصف بالأب الروحي لحزب الله قبل أن ينحاز قادته الجدد إلى المرجعيات الإيرانية لاحقا - خاصة فكرة «دولة الإنسان قبل دولة الإسلام». فبعد أن كانت مقولات «جند الإسلام» ترتكز في البداية على خطاب ثوري يرفض تزكية النظام القائم وينفي عنه صفته الإسلامية ، ويدعو إلى العمل من داخل المؤسسات الجماهيرية (أنموذج الإتحاد الوطني لطلبة المغرب) رافضا منطق الإنقلاب الفوقي باعتبار أن التغيير يجب أن يكون نتيجة لمطلب وتحرك شعبي، وعلى العمل السري بسبب اعتقادهم أن العمل القانوني سيجعلهم يزكون النظام ويقبلون بمؤسساته.. أصبحت الطروحات الجديدة التي آمن بها تقتضي منه البحث عن العمل في إطار المشروعية والدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية من داخل المؤسسات القائمة ما دام أن المطلب المركزي الجديد للتنظيم أصبح هو مطلب الدولة المدنية.
وهنا سيقرر التنظيم تغيير إسمه مع نهاية عقد الثمانينات إلى « الإختيار الإسلامي « ويعقد مؤتمره الأول بمدينة طنجة سنة 1990 الذي اتخذ قرار ما أسماه بالهجوم السياسي وحدد عددا من الشعارات التي أطرت أشغاله (التوحيد أساس التدافع..، العدل قضية مركزية..، حضارية المعركة.. حضارية الأساليب..، العمل الجماهيري قناعتنا أساسية في خطنا العام..، دولة حقوق الإنسان طريقنا نحو دولة الإسلام ..)
وبالفعل سينطلق في نفس السنة (1990) حوار بين «الإختيار الإسلامي» وأربع جمعيات إسلامية (هي التي ستأسس فيما بعد رابطة المستقبل الإسلامي) من أجل البحث عن إمكانية وحدة إندماجية تتماشى مع الشعارات التي اعتمدت في مؤتمر طنجة.. ستتوج هذه الإتصالات بمحاولة تأسيس حزب سياسي سنة 1992 (الوحدة والتنمية) يضم جميع هذه الهيآت، كان نائب رئيسه في الملف التأسيسي الذي رفضت السلطات تسلمه هو الركالة - الناطق الرسمي بإسم حزب البديل الحضاري المنحل - وهي نفس السنة التي تقول الرواية الأمنية الرسمية إن المرواني والمعتصم والركالة أسسوا فيها شبكة «بلعيرج».
وبالتالي فإن المعطى الأول الذي يجب أن يكون حاضرا لقبول رواية شكيب بنموسى غير متوفر لأن هذه المجموعة كانت منخرطة في تجربة تنظيمية انطلقت منذ بداية الثمانينات وعرفت مجموعة من التطورات والمسارات انتهت سنة 1992 إلى تقديم ملف حزب سياسي رفضت وزارة الداخلية السماح بتأسيسه مثل ما رفضت تأسيس حزب «التجديد الوطني» لعبد الإله بنكيران .
لكن أهم معطى خلط فعلا أوراق الملف كما قدمتها رواية وزارة الداخلية هو أن عبد القادر بلعيرج كان عضوا في تنظيم «جند الإسلام» لسنوات طوال قبل أن يفترق مساره مع مسار أغلبية أعضاء التنظيم حين غيروا من قناعاتهم واختاروا العمل من داخل المشروعية القانونية . بمعنى أن بلعيرج لم يكن أول لقاء قد جمعه بالمرواني ومن معه هو لقاء سنة 1992، إذا ثبتت صحة هذا التاريخ ، وإنما هناك مسار تنظيمي مشترك جمع بينهم .
وحسب قيادي سابق بتنظيم الشبيبة الإسلامية فإن «حركة الثورة الإسلامية المغربية»، التي توضح وزارة الداخلية أن بلعيرج قد انخرط فيها بداية الثمانينات لم تكن سوى الإمتداد التنظيمي ل«جند الإسلام» بالخارج في الدول الأروبية. إلا أن أعضاء مقربين من «جند الإسلام» الذي تحول فيما بعد إلى «الإختيار الإسلامي» يؤكدون أن التنظيمين لم يكونا في أي مرحلة مرتبطين بشكل عضوي، وأن الذي حدث في مرحلة معينة هو أن عناصر من حركة الثورة اندسوا في صفوف الجند من جهة، وأن تنسيقا بين بعض عناصر التنظيم كان حاصلا بخصوص دعم ملف معتقلي «مجموعة 71». والذي يرجح أنهما كانا تنظيمين منفصلين هو كون عبد الكريم مطيع قد أصدر بيانا ضد «حركة الثورة الإسلامية المغربية» وذكر أسماء مسؤوليها دون أن يشير إلى إسم المرواني أو المعتصم.
فهل تعمد المسؤولون عن تقديم الرواية الرسمية التغاضي عن هذا المعطى، وتجنب الحديث عن كون بليرج عضوا في نفس التنظيم الذي كان ينشط داخله المرواني والمعتصم والركالة ؟ أم أن مصالح الوزارة كانت تجهل هذا المعطى ؟
فأول مرة برز فيها إسم حركة الثورة عند الأجهزة الأمنية المغربية كان في سنة 1983 في إطار التحقيق مع عناصر «مجموعة71» بسبب تورط بعض عناصرها في توزيع مناشير مسيئة للملك الحسن الثاني، وقد بدا الملك الراحل غاضبا في إحدى خطبه وقتها وهو يحمل بين يديه نسخة من هذه المنشورات.. وتحدث خلالها عن تحالف الخمينيين والشيوعيين !
وبالفعل كان الناطق بإسم الحركة بفرنسا خالد الشرقاوي الرباطي ينسق مع نشطاء الحركة الماركسية اللينينية المغربية في أروبا من أجل فضح ممارسات النظام المغربي في معتقلاته وسجونه ضد معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين ، وسبق له أن تحدث في مرات عديد لإذاعات ووسائل إعلام فرنسية في الموضوع ، وهو ما جعله يتعرض بصحبة رفيقه في التنظيم رشيد شرايبي في أكثر من مرة لتهديد المخابرات بتصفيتهما حسب ما يحكيه معارفهما.. قبل أن تنفجر سيارة الرباطي وهو بداخلها بصحبة والدته وشخص ثالث بباريس أسفرت عن مقتله هو وأمه التي كانت تلعب دورا أساسيا في إيصال بيانات ورسائل معتقلي «مجموعة 71» إلى الرأي العام الدولي .
حركة الثورة الإسلامية المغربية
والمعروف عن «حركة الثورة الإسلامية المغربية» أنها كانت مرتبطة بإيران ولا تخفي تشيعها، بخلاف تنظيم جند الإسلام الذي لم يكن شيعيا على المستوى العقدي، إذ كان فقط بعض أعضائه هم الذين تشيعوا قبل أن يتحول التنظيم بعد 1994 إلى تنظيم سني مائة بالمائة ، إثر مغادرة المتشيعيين الحركة إلى جانب باقي أصحاب مبادرة التصحيح التي فشلت.
والذي يبرر الموقف المتشنج للجهات الأمنية مع عناصر «البديل الحضاري» و«الحركة من الأمة» حاليا و «الإختيار الإسلامي» سابقا قبل أن يحدث انشقاق في صفهما سنة 1995 هو رفض قيادييه المساهمة في تقرير عن الحركات الإسلامية المغربية كان قد طلب إدريس البصري - وزير الداخلية الأسبق - في أواسط التسعينات من أحد القياديين الإسلاميين إعداده حتى تتمكن الدولة من معرفة حقيقة التنظيمات الإسلامية المغربية بالشكل الذي تقدم بها نفسها ما دامت أنها تشتكي من أخطاء وعدم دقة تقارير المخابرات حولها.
ففي إطار انفتاح النظام المغربي على إسلامييه وقبوله بإدماجهم في الحياة السياسية وإن بشكل تدريجي، قبل القيادي الإسلامي الذي تحاور مع إدريس البصري القيام بدور الوساطة وطلب من جميع الحركات الإسلامية المغربية الإدلاء بمعطيات حولها لتضمينها التقرير ، فاستجابت جميعها باستثناء مجموعة المعتصم والمرواني ، التي رفضت أن يتحدث التقرير عنها. وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تفتقد إلى المعطيات الدقيقة حولها، وبالتالي تعاملت معها دائما بتوجس وشك كبيرين في مواقفها المعلنة إلى درجة أنه في سنة 2005 حين قررت وزارة الداخلية منح حزب البديل الحضاري وصله القانوني رفض تقرير الإدارة العمة لمراقبة التراب الوطني «الديستي» هذه الخطوة-، لكن المسؤولين بالوزارة طلبوا من جهاز مخابراتها بمدهم بالأدلة التي جعلت تقريره سلبيا ، فكان جواب الديستي أنها لا تملك أدلة مادية ، فقرر المسؤولون بالوزارة - وعلى رأسهم وقتها فؤاد عالي الهمة - منح الوصل للمعتصم بسبب تقييمهم الإيجابي للقاءات التي جمعتهم به في عدة لقاءات . وهذا ما قد يفسر السرعة التي تم بها حل الحزب فيما بعد ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.