كأس العرش... المغرب الفاسي إلى نصف النهائي بانتصاره على المغرب التطواني    دائرة التأييد الأوربي تتسع للحكم الذاتي بالصحراء المغربية    المصادقة على لائحة المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة.. وغياب ملحوظ لأبرز قيادات جهة الشمال    الليغا.. يوسف النصيري يوقع الهدف ال 15 له هذا الموسم    الشعباني يأمل فوز بركان بنتيجة مريحة    العوني تتأهل إلى نهائي أنطاليا للتنس    طوابير تنتظر المسلم في معرض الكتاب    عودة للبؤات الأطلس اللواتي التهمن المنتخب الجزائري    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    صورة مذهلة.. "ناسا" ترصد أكبر عاصفة شمسية تعرض لها كوكب الأرض    مشروع خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال    الأصالة والمعاصرة يشيد بحصيلة الحكومة وينتقد قساوة الأحكام السطحية الشعبوية    الرجاء يهزم الحسنية ويبلغ نصف نهائي كأس العرش    حزب الأصالة والمعاصرة يعلن بدء التحضير مبكرا لانتخابات 2026 بهدف "الحصول على المرتبة الأولى"    تحذير وزاري لمستعملي الطرق السيارة    حماس تعلن وفاة أحد الرهائن الإسرائيليين متأثرا بإصابته في غارة جوية    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    انطلاق المهرجان الدولي للفروسية "ماطا" بمنطقة "بن مشيش"    الأزمي ينتقد تضارب المصالح في الصفقات العمومية الكبرى واستخدام قوانين المالية لذلك    القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية تكشف تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي"    مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان    شبكات المخدرات تواصل عملياتها بسواحل الجديدة.. الدرك أوقف 6 متهمين والمهربون نجحوا في تمرير 95 رزمة حشيش    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    الكراوي يتناول "معطيات مرجعية" لتجربة تدريس العلوم الاقتصادية في المغرب    فاطمة سعدي ضمن لائحة أعضاء المكتب السياسي للبام    نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن البنا يؤسس جماعة الإخوان المسلمين تيمنا بانتشار الوهابية
قادت حملة اغتيالات ضد زعماء وطنيين وشيوعيين وفجرت عددا من المحلات اليهودية
نشر في المساء يوم 12 - 01 - 2011

كتاب «صدام الأصوليات» للمفكر البريطاني المعاصر ذي الأصل الباكستاني طارق علي، هو عبارة عن رحلة تاريخية تحليلية مادية تنقلنا إلى أعماق العلاقة بين الشرق والغرب،
وتتوقف عند أسباب نشأة الإمبراطوريات الحديثة واستراتيجياتها الإيديولوجية والاقتصادية. ينظر صاحبه في وجود الديانات السماوية ودورها في تعبئة الناس، وفي ظهور الطوائف والأصوليات والجهاد والحملات الصليبية، ينظر في الوهابية والأندلس والاستشراق والإمبراطوريات الغربية قبل أن يتطرق للإمبراطورية الأمريكية والثورة الشيوعية و«الحرب الباردة» والحداثة والكيان الصهيوني ونكبة الفلسطينيين و«العدوان الثلاثي» والثورة الإيرانية وحروب الخليج وأحداث 11 شتنبر 2001.
كان من بين هؤلاء حسن البنّا (1906-1949م)، المعلم المصري المنحدر من الإسماعيلية المستاء من الوضع. لقد انزعج كثيراً من الدستور العلماني الذي تبنته مصر عام 1923، ثم من إلغاء الخلافة بعد سنة من ذلك، حيث كان له أثر الخاتمة المرفوضة، ممّا ولد لديه موقفاً معادياً للحداثة وأشرارها. ولما نظر إلى حالة العالم الإسلامي أعجب بغزو الوهابيين لشبه الجزيرة العربية ولم ير مانعاً من تكرار ذلك الانتصار في مكان آخر. وفي 1928م، أسس «جماعة الإخوان المسلمين» لنشر الإصلاحات الأخلاقية والسياسية من خلال التربية والدعاية. ورغم أنها كانت تتصرف أكثر فأكثر كحزب سياسي غير مشروع، له جناح عسكري سري، كانت «جماعة الإخوان المسلمين» تصر على تقديم نفسها كحركة اجتماعية. وقد كانت ترى في الحزب الشيوعي المصري عدوَها الرئيس، وساهمت، بعد الحرب، مع البريطانيين في إضعاف الائتلاف النافذ المعادي للإمبريالية الذي يتزعمه وطنيون يساريون والشيوعيون.
شنت «جماعة الإخوان المسلمين» بين عامي 1945م و1948م حملة ترهيبية خُطِط لها بدقة، حيث شملت اغتيال زعماء وطنيين وشيوعيين وتفجير المسارح، ثم استهداف المتاجر اليهودية بالديناميت بعد نشأة دولة إسرائيل. في شتنبر 1948م، ضربوا حارة اليهود، مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين شخصاً وجرح أكثر من ستين. كان الهدف هو إجبار الحكومة على إعلان حالة الطوارئ وإلغاء الدستور، مما سيُضعف حسب ظنهم قوات العلمانية الراديكالية في المجتمع.
السبب وراء جهاد الإسلاميين ضد الوطنيين العلمانيين والماركسيين واضح للعيان. فحضور تلك المجموعات في بلد إسلامي، ناهيك عن قدرتها على كسب دعم الشعب، كان يعتبر بمثابة خنجر مصوَب إلى قلب «جماعة الإخوان المسلمين». لماذا؟ لأن الأعداء كانوا ماديين. ما لا يستطيع حسن البنّا و«الإخوان المسلمون» وأتباعهم الكثيرون اليوم أن يقبلوه أبداً هو المادية، لا بوصفها مدرسة فكرية أو عقيدة بالمعنى الضيق للكلمة، ولا حتى بوصفها واقعة عرَضية، بل لكونها واقعاً لا يُمكن نفيه. إنه شيء يتعذر تغييره بغض النظر عمّن يَحكم البلد. فمادية سائر الكائنات الحية، من حيوانات وصيارفة وول ستريت ورجال سياسة وكهنة وراهبات وملالي وحاخامات، توقدها نفس الغرائز اللاشعورية. الأشخاص المتفكرون يبحثون عن الحقيقة في المادة لأنهم على وعْي أن ليس هناك مكان للبحث غيرَه.
جرت آخِر انتخابات عامة حرة في مصر في يونيو 1950م ومنحت الفوز لأغلبية ليبرالية وطنية يترأسها حزب «الوفد»، غير أن الاحتلال العسكري البريطاني خلق انقساماً حاداً في صفوف الوطنيين. وحين أخبر الوزير الأول الجديد بأنه على وشك إعادة فتح المفاوضات مع بريطانيا وتوقيع «اتفاقية صداقة وتجارة وملاحة» مع الولايات المتحدة الأمريكية، ثارت البلاد. كان الجو السائد واضحاً: على البريطانيين أن يذهبوا لحالهم.
تصرفت حكومة حزب «العمل» الأكثر راديكالية في تاريخ بريطانيا بعجرفة إمبريالية جلبت لها همهمات الإعجاب من طرف المحافظين أسلافِهم في الحُكم. رفضت الانسحاب من مصر ما لم توافق الحكومة المنتخَبة على الانضمام إلى تحالف ترعاه واشنطن. وخوفاً من وقوع انفجار ثوري، رفضت الحكومة المقترَح الأمريكي بالمشاركة في التوسع العربي ل«الحلف الأطلسي» (ليكون الأعضاء الآخرون هم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا وتركيا). هذا الإعلان في مجلس النواب أدى إلى خروج الناس إلى الشوارع في كل المدن تعبيراً عن فرْحتهم. وفي الإسماعيلية، أطلق الجنود البريطانيون النار على المتظاهرين.
ولم تمض على هذا الحدث سوى أسابيع حتى كانت لجان الطلبة والعمال والفلاحين قد أنشأت عصابات مُسلحة وتوجهت إلى منطقة قناة السويس. لم يكن هؤلاء ينتمون حصراً إما إلى التيار الوطني وإما إلى اليسار. وباتت الحكومة البريطانية، التي شكلها حزب «العمل»، تواجه عصياناً في صفوفها العسكرية. الجنود الذين نُقلوا جواً من جزيرة موريشيوس عبّروا بوضوح عن أنهم سيرفضون الامتثال لأي أوامر بإطلاق النار على الأهالي المصريين. وقد تعرض المئات منهم للاعتقال. أما الجنود الذي شاركوا في المعركة بالفعل فإنهم أصيبوا بالإحباط.
مات ستمائة متطوع مصري من كل مدينة خلال هذا الصراع. وأدركت حكومة حزب «الوفد» بأن عليها أن تتحرك وإلا جرفها الثوران الشعبي من السلطة. هكذا، استدعت سفيرها في لندن، وأعلنت بأن كل مواطن يتعاون مع الجنود الأجانب سوف يعاقب عقاباً شديداً. كما رضخت للطلب بحق كل مواطن في حمل السلاح، وهددت بقطع كل الروابط مع بريطانيا، وأرسلت مستطلعين إلى موسكو، وناقشت علناً فكرة إنشاء جبهة مناهِضة للإمبريالية في العالم العربي. حتى الصحافة اليمينية طالبت بانسحاب البريطانيين. إلا أن حكومة حزب «العمل» في لندن أبتْ أن تتزحزح.
في 25 يناير 1952م، دخل رجال الشرطة المصريون في الإسماعيلية في معركة ضد الدبابات والمدفعية البريطانية، فظن الجميع أن الجيش المصري سوف يدخل في وطيس المعركة قريباً. في اليوم الموالي، شلَّ إضراب عامّ الحركة في كل أرجاء البلاد. سار الطلاب والعمال نحو المدينة واستمعوا إلى كلمة وجهها لهم الوزير الأول، الذي تعهّد بقطع العلاقات فوراً مع بريطانيا تحت قيادة الوزير الأول كليمنت آتلي وإبرام اتفاقية مع الاتحاد السوفياتي. وصلت برقيات تضامن من موسكو وبيكين، ولكن أيضاً من بلغراد وجاكارتا ونيودلهي.
بالغ المَلكيون ومستشاروهم في الاستخبارات البريطانية في تقدير التهديد القادم من اليسار فقرروا التسبب في حرب أهلية. كان الإسلاميون مَطلوقين من عِقالهم. أبرم «الإخوان المسلمون» وحلفاء جماعتهم النار في الحي التجاري بالقاهرة. وبدؤوا لاحقاً بإطلاق الرصاص على العشاق في الأزقة المظلمة وعلى الأشخاص الخارجين من حانات القاهرة الكثيرة. أصيبت الحكومة



د. إسماعيل العثماني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.