يعيش عمدة مدينة طنجة فؤاد العماري وضعية حرجة، وبات يحصي أيامه الأخيرة كمسؤول عن هذه المدينة، بسبب إلحاح الأصوات المعارضة التي تشكل الأغلبية داخل المجلس على رحيله، من بينها مستشارون كانوا إلى وقت قريب من أنصار التحالف الذي وقع على «ميثاق الحكامة الجيدة». وأجمع زعماء المعارضة بمجلس مدينة طنجة لدى استقبالهم من لدن الوالي حصاد، أول أمس، على ضرورة رحيل العمدة فؤاد العماري، الذي قالوا إنه «فرض على المدينة بالقوة»، وبالتالي فإن رحيله بات حلا وحيدا، في نظرهم، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها داخل المجلس. واختار الوالي حصاد أن يلعب دور الطبيب النفساني الذي يستمع إلى مرضاه دون أن يدخل معهم في أي نقاش أو جدل، عندما استقبل زعماء المعارضة بشكل انفرادي، وقد بدت مطالبهم موحدة، تتخلص في نقطة رئيسية، هي ضرورة تقديم العمدة استقالته وإعادة تشكيل مكتب جديد. وقالت مصادر حضرت اللقاء إن الوالي كان يهدف من خلال هذه المبادرة إلى تكوين صورة عامة عن رأي المعارضة فيما يحصل داخل المجلس، قبل أن ينتقل إلى تحالف الأغلبية. وكان رئيس مقاطعة طنجة المدينة، يوسف بنجلون، المحسوب على المعارضة، أول معارض استقبله الوالي، وقدم أمامه تشخيصا للوضع الحالي داخل المجلس، وقال بنجلون إن المجلس لا يمكن أن يستمر في غياب كفاءات مهمة داخل المدينة، في إشارة إلى العدالة والتنمية الذي قال بنجلون «إنها تشكل نسبة 25 بالمائة من أصوات الناخبين». وأشار رئيس المقاطعة، الذي طرد مؤخرا من حزب «التجمع الوطني الأحرار» بسبب معارضته للسياسة التي ينهجها منسق الحزب في طنجة محمد بوهريز، إلى أن الظروف التي جاء فيها فؤاد العماري يشوبها عدم إحكام المنطق والحكمة، «ذلك أن عملية الانتخاب تمت تحت الضغط والانفراد بالاختيار بعيدا عن منطق احترام اللعبة الديمقراطية»، يضيف بنجلون. من جانبه، قال رئيس مقاطعة الشرف السواني، والمنسق الجهوي لحزب «الحركة الشعبية»، خلال استقباله من لدن الوالي، إن فريقه داخل المجلس بعيد عن التسيير، مؤكدا أن أحزاب التحالف هي التي اختارت هذا الوضع من خلال إقصائه من المشاركة. وقال رئيس مقاطعة السواني ل«المساء» إنه قدم للوالي توضيحات بشأن التهديدات، التي قال إنه تعرض لها من قبل رئيس المجلس فؤاد العماري من قبيل «تهديده بإدخاله إلى السجن» في حالة عدم تصويته لفائدة الحساب الإداري. وقال المسؤول عن «الحركة الشعبية» بطنجة إن فريقه تعزز بمنتخبين مسؤولين، على رأسهم حميد أبرشان رئيس المجلس الإقليمي. كما أن فريقه أصبح يشكل قوة لا يمكن الاستهان بها. من جهته، قال الكاتب الإقليمي لحزب «العدالة والتنمية»، محمد خيي، إنه قدم للوالي مقترحات من أجل حل مشكلة مجلس المدينة. وتتمثل أساسا في تفكيك المكتب المسير الحالي، وإعادة تركيب أغلبية حقيقية تنسجم مع المعطيات السياسية التي أفرزتها الانتخابات الجماعية سنة 2009. وقال خيي إن المكتب المسير الحالي لا يتوفر على أغلبية، وإن أي حل توافقي مؤقت لن تكون له نتائج إيجابية، بينما يبقى الحل الأنسب، في نظره، هو رحيل العمدة وإسقاط المكتب وإعادة تشكيل مكتب جديد يضم الأطراف السياسية القادرة على إخراج المدينة من المأزق التي تعيش فيه. ولم يكن رأي كل من رئيس المجلس الإقليمي حميد أبرشان ورئيس مقاطعة بني مكادة محمد الحمامي يختلف كثيرا عن الآراء السابقة لدى استقبالهما من طرف الوالي، حيث أكدا على ضرورة إيجاد مخرج حقيقي وديمقراطي لهذا المجلس، معتبرين أن المشاكل التي يتخبط فيها لا تخدم مصالح المدينة التي أصبحت مهددة بالتوقف مرة أخرى. ومن المرتقب أن يكون الوالي قد اجتمع مع المسؤولين عن تحالف الأغلبية داخل المجلس من أجل الاطلاع على وجهة نظرهم حول الأحداث التي يشهدها مجلس المدينة.