يستعد دومينيك بوديس لمغادرة رئاسة معهد العالم العربي في باريس، مخلفا عجزا مزمنا في ميزانية المعهد لم يعرفه منذ تأسيسه تقريبا، فالأرقام الواردة في الصحافة الفرنسية تشير إلى أن الديون المتراكمة على المعهد تبلغ حوالي 15 مليون أورو على ميزانية سنوية تقدر ب23 مليون أورو، أي أن نسبة المديونية تقدر ب68 %. ويُفسَّر هذا الوضع بعاملين رئيسيين، يتمثل الأول في عدم زيادة قيمة المساهمة الرسمية الفرنسية منذ سنة 1990 (8.5 ملايين أورو). لكن العامل الأبرز يبقى مرتبطا بعدم انتظام نسق المساهمات العربية في هذا المشروع. وعلى سبيل المثال تبلغ الديون الليبية تجاه المعهد قرابة 14 مليون دولار، أي أكثر من نصف الميزانية السنوية للمؤسسة. غير أن المثال الليبي يُفهَم ضمن الوضع الذي ساد العلاقات مع فرنسا والحصار الذي فرض على الجماهيرية بسبب قضيتي الطائرتين اللتين تم تفجيرهما في إسكتلندا وفي النيجر وبسبب تطورات الأحداث بعد ذلك. وإضافة إلى العامل المادي، يشطكو طاقم الموارد البشرية في المعهد من سوء التدبير ومن إبعاد خيرة الأطر، خاصة المغربية منها، التي تشتغل في المعهد، كإبراهيم العلوي، مدير المتاحف في العالم العربي والمكلف بالمعارض، الذي فُصِل بطريقة تعسفية سنة 2007، بعد اتهامه زورا بالسرقة في قضية أدين فيها بوديس بتهمة القذف. وسجلت «صحيفة الفنون الباريسية»، في أحد أعدادها الأخيرة، أن مستوى المعارض تراجع بعد مغادرة العلوي، مبرزة الخلط الذي أصبح طاغيا على الأنشطة الثقافية، كما هو الحال بالنسبة إلى المعرض الكبير حول «بونابارت ومصر»، وهو الموضوع الذي نشر حوله دومينيك بوديس كتابا بتزامن مع المعرض، كما أن زوجته كانت هي مندوبة المعرض في المعهد، إضافة إلى سوء التسيير. كما تشكو الموارد البشرية من زيادة مديرين عامين ومدير ديوان مستشار دبلوماسي، في الوقت الذي يشتغل الرئيس، المنتهية صلاحيته، دواما جزئيا مقابل 10 آلاف أورو في الشهر وتعويضات نشرت في أسبوعية «بقشيش»، أنجز إثرها المجلس الأعلى للحسابات تقريرا رفعه إلى وزارة الخارجية الفرنسية. ويسجل المتتبعون أن المعهد لم يُبْدِ أي رد فعل تجاه ما يقع في العالم العربي، ففي سنة 2010، منع بدر الدين أردوداكي، المدير التجاري السابق، مدير المتحف والمدير العام المساعد، سياسيين شاركوا في ندوة حول مصر من الحديث في السياسة. وتعيش العناصر المغربية الجيدة، كالمعطي قبال، المكلف بالكتاب والنشاط الأدبي، ومحمد المطالسي، المكلف بالموسيقى، نوعا من التضييق على مبادراتهم الهادفة إلى خدمة الثقافة العربية، بعيدا عن أي أجندة.