كشف تقرير المجلس الجهوي للحسابات عن جملة من الخروقات المالية والإدارية عرفتها عمالة بنسليمان خلال الفترة ما بين 2004 و2010، متمثلة في صفقات وهمية وتوظيفات مشبوهة ومنح وتعويضات خيالية ولائحة بأسماء موظفين أشباح ومشاريع ورقية وأخرى أنجزت فوق أراضي الغير.. وأزيد من 100 مليون من ميزانية المجلس الإقليمي رصدت لتسييج وشراء «الحجل» لمحمية قنص تابعة لجمعية في الدارالبيضاء. توظيفات مشبوهة تم توظيف ثلاثة أشخاص في منصب متصرف مساعد بشكل مباشر. كما تم توظيف تسعة أعوان وكتاب إداريين وتقنية من الدرجة الثانية، ضمنهم موظفة عُيِّنت في عهد العامل السابق وتحمل نفس لقبه. كما كشف التقرير عن لائحة لخمسة موظفين أشباح، يتقاضون رواتبهم الشهرية من الميزانية الإقليمية منذ أزيد من 13 سنة، بعد أن تم تعيينهم بتاريخ 10 يوليوز من سنة 1988. كما أن 75 موظفا وعونا يتقاضون أجورهم من الميزانية الإقليمية، وُضِعوا بطرق غير قانونية رهن إشارة مصالح غير تابعة لها. ويجمع عون في مصلحة اللوجستيك بين مهمتين متنافيين، حيث يتولى في نفس الوقت مهمتي تسيير المخزن وتسلم المواد والمعدات وكذا تخزينها وتوزيعها على المصالح والجهات المُستعمَلة تلبية لاحتياجاتها. مرافق العمالة فوق أراضٍ محتلة لجأ الإقليم إلى إنجاز مشاريع فوق عقارات مملوكة للغير، في غياب أي سند قانوني. وبرأ التقرير الوكالة الحضرية والجماعات المحلية التي أنجزت فوق ترابها تلك المشاريع، مؤكدا أنها تمت دون استشارة وموافقة أو ترخيص من هذه الأطراف. ولخص التقرير المشاريع غير القانونية في (مقر عمالة بنسليمان الحالي، قيادة أحلاف، مركز للطب الشرعي في مدينة بنسليمان، قاعة مدرسية في جماعة بئر النصر، ورش في المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية في المدينة نفسها). تلاعبات في منح دعم الجمعيات انتقلت مِنَح الجمعيات السنوية من 243 ألف درهم إلى مليون و175 ألف درهم، مع تسجيل ارتفاع مهول لها سنة 2009، حيث بلغت مليونا و743 ألف درهم، استفادت منها 38 جمعية. وسجل التقرير الغموض الذي لف عملية توزيع المِنَح وغياب التتبع والمراقبة. فقد ظلت جمعيتان محل غموض وانتقاد الجمعويين في الإقليم، وهما «جمعية أصدقاء بنسليمان»، التي أحدثت سنة 2009، وتوصلت بمنحة سنوية بلغت 255 مليون سنتيم، و»اختفت» لتتحول إلى مؤسسة «التزام».. و»جمعية أصدقاء بوزنيقة»، التي أحدثت في نفس الفترة وصرفت لها ميزانية 150 مليون سنتيم، إضافة إلى جمعية بنسليمان -الزيايدة، التي تلقت في نفس السنة 210 ملايين سنتيم، علما أن هذه الأخيرة هي حاملة مشروع مركب ترفيهي سياحي في إطار مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ما يزال عالقا وأعضاؤها منشغلون في بناء مقر للجمعية فوق عقار يلف الغموض طريقة انتقائه.. عشوائية النقل الحضري
وقف التقرير على عشوائية تدبير النقل الحضري منذ انطلاق العمل به في شهر أكتوبر من سنة 1999، حيث عملت في القطاع شركتان. ويشغل القطاع حاليا 43 حافلة تستغل خمسة خطوط تربط مدن المحمدية، بوزنيقة وبنسليمان. وأكد القاضيان أن أسطول الشركة يعمل اعتمادا على تراخيص مؤقتة من العمالة، تتراوح مدتها ما بين شهر وثلاثة أشهر. ولم يعمل المسؤولون على بلورة اتفاقية للتدبير المفوض لهذا القطاع، رغم مرور أزيد من 12 سنة، مبرزين أن تدبير قطاع النقل يعود إلى رئيس المجلس الإقليمي وليس إلى العامل وأن عدم شرعنة القطاع ضيّعت مداخيل هامة لفائدة ميزانية الإقليم، قدرها التقرير ب30 مليونا.
نفقات غير مبررة بلغت أكرية بعض البنايات، حتى متم نونبر 2011، ما مجموعه 4.751.680 درهما، اعتبرها التقرير نفقات خارج تحملات المجلس الإقليمي، ضمنها شقتان مكتراتان لرئيس قسم الميزانية وسائق العامل ونفقات أخرى غير مبررة، كمصاريف الاستقبال والإقامة والإطعام، والتي بلغ مجموع مصاريفها 3.127.005.20 درهما، وفواتر لم تتم تسويتها بعد، تعود لمموني الحفلات بمبلغ إجمالي حدد في 874.250 درهما. وطالب القاضيان بتبرير الاختلاف الموجود خلال سنوات (2004، 2006، 2009 و2010) بين مصاريف الاستقبال المدلى بها لمجموع الالتزامات والإصدارات المتعلقة بالميزانية العامة والمجموع المحصل على الأوراق المثبتة المدلى بها، والتي تتراوح ما بين 91.500 درهم في سنة 2004، و351.450 درهما في 2010. كما سجل التقرير اللجوء في آن واحد إلى إبرام الصفقات وإصدار سندات الطلب من أجل اقتناء «توريدات» من نفس النوع وفي نفس الفترة من نفس المورد أو من مورد آخر. كما أن نفقات تمت تأديتها في غياب الخدمة المنجزة، حيث تم صُرِف مبلغ 150.024 درهما لحفر وتوسيع بئر في جماعة «بئر النصر»، ولم تنجز البئر. كما كشف أنه لا أثر لوثائق تثبت أن المجلس الإقليمي اقتنى، خلال فترة الفحص القضائية، مواد البناء (الترصيص والكرافيت والخشب والصباغة).. من خلال إبرام الصفقات وسندات الطلب في 25 عملية غير مبررة. كما لم يعثر على الأغراس والآليات وعلى مواد مقتناة موضوع ثلاث سندات طلب، كلفت غلافا إجماليا بلغ 151.316 درهما. وثبت وجود خلل في النفقات المتعلقة بثلاثة أشغال للصيانة والبناء، كلفت مبلغ 128.937.03 دراهم، والنفقات المتعلقة بشراء الموارد المطهرة، والتي تأكد القاضيان من أنها لم تكن يوما موضع تخزين، ولم تستعمل وفق شهادات موظفين. كما كشفا أنه تم اقتناء كراس وآليات للرياضة وأغطية بواسطة سندات طلب بقيمة إجمالية بلغت 189.056 درهما، لكنهما لم يعثرا عليها في مقر العمالة. كما اعتبر القاضيان أن الوثائق الخاصة بالنفقات المتعلقة بشراء المواد الغذائية التي توزع عادة على المحتاجين غير مبررة، وتمت الإشارة إلى صفقة مشبوهة تمت بتاريخ 25 - 11 -2 010، شملت شراء 800 كيلوغرام من اللحوم و550 دجاجة و425 كيلوغرام من «الكفتة» و150 كيلوغراما من الفواكه و2500 قطعة خبز من إحدى محطات الوقود، إضافة إلى صفقات أخرى استفاد منها الممون الوحيد للعمالة. كما ثبت عدم وجود تبريرات لعدة نفقات مختلفة. وكشف القاضيان خللا في صفقة اقتناء الستائر، حيث وجدا صعوبة في تصنيف الستائر المقتناة من الميزانية الإقليمية ومن الميزانية العامة. كما أثبتت معاينتهما أن قياسات الستائر المسجلة تختلف عن تلك الموجودة في مقر العمالة. وخلص القاضيان إلى إجراء مقارنة بين ما يوجد في الوثائق وما يوجد على أرض الواقع، وانتهيا إلى أن هناك مبلغ 123.406.63 درهما غير مبررة من مصاريف الستائر. صفقات لفائدة الغير أشار التقرير إلى الصفقة (2009 /05) المتعلقة بتسييج محمية العمالة (ظْهر عْمرو) بمبلغ 402 ألف درهم والصفقة (2010 /03) المتعلقة بشراء الطرائد (الحجل) بمبلغ 592.284 درهما لفائدة نفس المحمية. وأوضح أن المحمية المستفيدة لم تعد تحت تصرف العمالة منذ 26 شتنبر 2009 وأنها آلت إلى جمعية عين تيزغة، التي يوجد مقرها بالدارالبيضاء، وفق قرار رقم 84 للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر. كما أن الصفقة الثانية، التي أكدت الوثائق أنه تم شراء 7692 وحدة «حجل»، هي صفقة «مشبوهة» لكون المكلف بحراسة المحمية أكد أنه توصل فقط ب1150 وحدة «حجل» في ظرف سنتين. كما تمت تأدية نفقات صفقة قبل إتمام الأشغال الخاصة بها، ويتعلق الأمر بمشروع بناء معبرين في دوار «أولاد وهاب» -جماعة «الزيايدة»، الذي يدخل في إطار الميزانية الإقليمية لسنة 2006، حيث إن الصفقة عادت، بتاريخ 11 شتنبر 2006، لإحدى الشركات بمبلغ قدره 494.997.12 درهما، وتمت المصادقة على الصفقة من طرف والي جهة الشاوية -ورديغة بتاريخ 14 دجنبر 2006. لكن ما إن انطلقت الأشغال حتى عرف «وادي النفيفيخ» حمولة تهدّم إثرها جزء من المعبر الأول، فعمد المقاول إلى إيقاف الأشغال دون أخذ احتياطات لحماية المعبر، مما أدى إلى انهياره كليا. وبعد مرور أزيد من أربع سنوات من تاريخ قرار اللجنة المكلفة بتتبع الأشغال بالتوقيف النهائي للأشغال، لم يتم اتخاذ أي إجراءات، سواء في حق المقاول أو في حق الشركة للمؤمنة له. مجلس إقليمي صوري كشف التقرير أن رئيس المجلس الإقليمي لا يتم إشراكه في تدبير شؤون الإقليم. كما سجل التقرير غياب مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغياب محضر تسليم السلط بين الرئيس الحالي والرئيس السابق للمجلس الإقليمي وغياب سجل المداولات الخاص بمحاضر الجلسات التي يعقدها المجلس الإقليمي. كما أن المجلس الإقليمي لم يُفعّل لجانه، باستثناء لجنة الميزانية والمالية، التي تكتفي بإعداد تقرير مالي بمناسبة دراسة الحساب الإداري. وأكد التقرير أن «هناك تداخلات على مستوى تنفيذ الميزانية الإقليمية والميزانية العامة التي يتولى تدبيرَهما العامل، وأن نفقات على مستوى الميزانية العامة ألغيت وتم أداؤها عن طريق الميزانية الإقليمية. كما أن الميزانية الإقليمية سطرت عنوانا باسم «التعويضات عن الأشغال الشاقة» في الحسابات الإدارية لسنوات ما بين 2007 و2010، إلا أنه لم يتم صرف هذه الاعتمادات، التي انتقلت من 15 ألف درهم سنة 2007 إلى 64 ألف درهم سنة 2010. وأخطأ التقرير في عدد الجماعات المحلية (كتب 16 عوض 15) وفي عدد البلديات (كتب 2 بدل 3). ولم يتطرق التقرير للمشاريع التي أنجزت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال نفس الفترة.