تنشغل النساء وخاصة الفتيات في مقتبل العمر بإيجاد الأجوبة للعديد من المشاكل الصحية التي تواجههن في حياتهن اليومية. البروفيسور خالد فتحي المختص في أمراض النساء والتوليد يجيب عن هذه الأسئلة المحيرة. عمري 34 سنة، حامل للمرة الثالثة. لدي مشكلة، فأحيانا لا أشعر بحركات الجنين، حدث هذا في الشهر الثامن. عندما هرعت إلى الطبيب رجاني ألا أبالغ في قلقي، حيث أجرى لي فحصا بالصدى وطمأنني، لكني مع ذلك أريد منكم أن تتطرقوا لهذا الموضوع.. تحس كل النساء تقريبا بحركات وركلات الجنين، بل إن أغلبهن تألفن هذه الحركات إلى درجة أنها تشكل جزءا من مشاعرها وكيانها خلال الحمل. وبمرور الحمل، تأنس النساء بهذه الحركة ويتناغمن معها بشكل كبير، حيث يقيمن شدتها أو خفتها، تكرارها أو ندرة تواترها، وأحيانا اختفاءها وزوالها. إن هذه الحركة ليست سوى دليلا على صحة الجنين وحيويته وعافيته. إلا أن أغلب النساء لا يعرفن بالضرورة أنه يسجل تناقص طفيف جدا في نشاط هذا الجنين في الهزيع الأخير من الحمل، وهذا أمر طبيعي قبل الولادة، إذ أنه في هذه المراحل الأخيرة تتناقص تدريجيا عدد الحركات التي تحسها الأم. ويرجع ذلك إلى ضيق المجال أمام حركة الجنين بسبب كبر حجمه، وخصوصا عندما ينزل رأسه إلى الحوض استعدادا للخروج.. إن الطفل غير النشيط قد يكون أيضا بصحة جيدة. إلا أن تناقص الحركات أو اختفاءها قد يكون نذيرا بأن هناك مشكلة ما.. فقد يدل تناقص الحركة هذا على سوء أحوال الطفل، خصوصا في الثلاثة أشهر الأخيرة، بسبب سوء التغذية ونقص الأوكسجين المتدفق إليه عبر الحبل السري. ويعزى هذا إلى عدة أسباب تهمّ المشيمة، التي قد تعاني من شيخوخة مبكرة أو من تواجد تكلسات تقلّص مجال ومساحة التبادل بين الجنين وأمه.. أو بسبب انعقاد الحبل السري أو ارتفاع ضغط الدم عند الحامل، أو سبب معاناة مزمنة للجنين جراء أمراض وراثية أو فيرورسية بلغت منتهي تأثيرها بتسببها في نقصان الحركة لديه أو في اختفائها تماما، عندما يموت داخل الرحم.. إن لائحة هذه الأسباب طويلة، وما ذكرت هو مجرد عينة منها للتدليل على أنه لا ينبغي للحامل أن تستهين بنقصان حركات جنينها، لذلك يتعين على المرأة في هذه الحالة أن تتوقف عن أي نشاط آخر عندما يساورها هذا الهاجس، ثم تركز كل حواسها على رصد حركة الطفل، إذ غالبا ما ستكتشف أنها أخطأت التقدير وأنّ جنينها نشيط جدا وأنه يتحرك 4 مرات على الأقل كل ساعة.. أما عندما يترسخ لديها هذا الشعور، فإنه ينبغي لها أن تستشير طبيب أمراض النساء على وجه السرعة، هذا الطبيب الذي يعيد تقييم حالتها وحالة الجنين فيجري لها فحصا بالصدى، يطمئن من خلاله على أن نمو الجنين يوافق مرحلة الحمل من خلال قياس قطر الرأس وطول عظم الفخذ ومحيط البطن، وتقدير وزنه على وجه التقريب. يُُمكّن الفحص بالصدى أيضا من قياس حجم سائل النخط المحيط بالجنين وفحص المشيمة ومشاهدة حركات الطفل وتقييم جودتها.. ويمكن للطبيبَ أن ينجز تخطيطا لضربات القلب لدى الجنين، يطمئن من خلاله على سلامته اطمئنانا موثقا وشاملا، لكنْ في بعض الحالات قد يكتشف موت الجنين، مما يعني مساعدة الأم على اجتياز هذه المرحلة الحرجة نفسيا وعضويا. وفي حالات أخرى تسفر هذه الفحوصات عن تشخيص وضع محرج للطفل الذي يكون في وضع مُزرٍ ومقلق داخل رحم أمه. آنذاك يوازن الطبيب بين عمر الجنين وبين مدى الاستفادة التي يجنيها من البقاء داخل رحم الأم وبين الأخطار المحدقة بالأم. وقد يقرر إخراج الطفل من خلال عملية قيصرية طارئة لإنقاد الجنين وإسعافه بمجرد الولادة من خلال رعاية مكثفة. هناك إذن سيناريوهات كثيرة مُحتمَلة لتناقص الحركة عند الطفل، ألطفها أن يكون هذا التناقص مجرَد هاجس فقط، وأقساها موت الجنين.. وبينهما مراتب متفاوتة الخطورة، يدبرها الطبيب بحكمته أولا وبدرايته ثانيا وبالإمكانيات المتوفرة لديه ثالثا. - عمري 30 سنة، حامل في الشهر التاسع، مشكلتي أنني أعاني كثيرا مع أوجاع الظهر في هذه الفترة من الحمل. هل لديك تفسير لهذا؟ وما هي التدابير التي يتعين علي اتباعها؟ صحيح أن الحوامل يشتكين كثيرا من أوجاع الظهر خلال الحمل، فهذا أمر مألوف يعرفه الجميع إلى درجة أن البعض صاروا يحسبونه على دلال الحامل على محيطها، من زوج وعائلة. لكن هذه الآلام هي فعلا حقيقية ولها جذور عضوية، ذلك أن المفاصل والأحزمة التي توجد في منطقة الحوض تشرع في الارتخاء والليونة خلال الحمل، وكأنها تستعد بذلك لتسهيل مهمة الجنين في الخروج متى أينع ونما ونضج.. يضاف إلى كل هذا أن كبر حجم الجنين بمرور الحمل يدفع أعضاء الأم وأحشاءها إلى التزحزح بعض الشيء عن أماكنها الطبيعية. كما أنه يعيد توزيع وزن الجسم لدى المرأة.. وتؤدي هذه التغيرات الفيزيائية إلى تغيّر مركز ثقل أو جاذبية جسم الحامل. لكن الحامل تتكيف مع كل هذه التغيرات التي تفرضها استضافة الجنين، عن طريق تعديل وضعيتها وطريقة حركتها. ويكون «ثمن» كل هذا التكيف الشعور بآلام الظهر وأوجاعه.. إن هذا الوضع يقتضي من المرأة التزام بعض القواعد ضمن نمط حياتها، كأن تتمرن على الوضعية المناسبة وأن تنهض دائما من فراشها بشكل مستقيم. وتنتبه كثيرا إلى طريقة وقوفها وجلستها وحركتها.. كما يتعين عليها تفادي حمل الأغراض أو الأطفال وأن تتجنب الوقوف لمدة طويلة. كما يجب عليها أن تضع إحدى قدميها على مستوى منخفض إذا كان لا بد من وقوفها.. وألا تنسى المداومة على انتعال حذاء داعم ذي كعب منخفض.. وعليها كذلك أن تمارس واحدة من هاتين الرياضتين: السباحة أو المشي، مرتين في الأسبوع على الأقل.. أما عند النوم فإننا ننصحها بأن تثني إحدى ركبتيها أو كلتيهما، ويمكنها أن تضع وسادة بين ركبتيها وأخرى تحت البطن. يمكن للمرأة، أيضا، مداواة هذه الأوجاع من خلال حمّام دافئ أو وضع ضمادات ساخنة بالتناوب على مكان الألم، دون أن ننسى تدليك ظهرها برفق أو ارتداء السراويل الخاصة بالحمل. كما لا ينبغي للمرأة أن تبادر إلى تناول أدوية من تلقاء نفسها، لأن أغلبها قد يسبب مشاكل لدى الجنين. لذلك لا بد من استشارة الطبيب، لكنْ في الحالات التالية يكون الذهاب إلى المستشفى ضروريا، كأن تجاوز مدة الألم 4 ساعات أو يترافق مع أعراض أخرى، كارتفاع درجة الحرارة والنزيف أو سيلان ماء أبيض عبر المهبل.. آنذاك نكون خارج دائرة الآلام المألوفة ونكون قد ولجنا دائرة مشاكل الحمل الجدية، التي تستدعي مقاربة أخرى.