سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أبو العزم : الإخوان لن يعودوا إلى الحكم وعليهم الخضوع لسلطةالجيش قال إن الانتفاضات العربية أحدثت رجة وخلخلت المسلمات التي استقرت في الواقع السياسي منذ زمن بعيد
أجرينا هذا الحوار مع السياسي والأستاذ الجامعي عبد الغني أبو العزم والأحداث في مصر تتفاعل يوما بعد يوم دون أن يستطيع أحد أن يتنبأ بنتائجها في ظل وقائع جديدة خلطت الكثير من الأوراق، ولعل أبرزها الطريقة التي تمت بها تنحية رئيس دولة منتخب ديموقراطيا، مما دفع أهل القانون والعلوم السياسة إلى البحث عن مجموعة من التأويلات لما حدث. في ظل هذه الأجواء كان حوارنا مع عبد الغني أبو العزم في مكتبه بالرباط، وكان لابد من مقاربة ما يحدث في مصر من وجهة نظر مغربية، خاصة أن المحاور عاش في مصر ما يفوق العشر سنوات، ويدرك أن ما ينضح به أي قِدْر في «بلدان الربيع العربي» سيكون له تأثير بالغ على باقي الأقطار الأخرى، التي عرفت الربيع أو لم تعرفه. - كيف تنظر إلى النتائج السياسية التي تولدت عن الربيع العربي بعد مرور أزيد من سنتين؟ هل يمكن الحديث عن حصيلة أو حصاد ما بعد الربيع أو مكاسب سياسية؟ تعيش شعوب أقطار العالم العربي منذ سنتين حالات متعددة من القلق والتوتر والاضطراب والإخفاق بعد عاصفة من الانتفاضات الشعبية غير المسبوقة في تاريخ الممارسات والتجارب السياسية. ولم يكن الانفجار الذي حدث في تونس، ثم انتقل إلى مصر وليبيا والبحرين وسورية مخططاً له في البداية، بل حتى في تصور أشكال النضال عند مختلف القوى السياسية, يسارها أو يمينها. إذ شكلت العفوية والتلقائية منطلقين لحراك الشارع الشعبي، مما أدى إلى تأسيس مناخ ثوري فجر الكبت المدفون في الخبايا منذ عقود، ولم تكن الشعارات الصادرة من الحناجر إلا تعبيراً عن الوقائع الملموسة التي تعاني منها الشعوب: الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي، إلى جانب البذخ والفساد والاستبداد، وانعدام أي ممارسة ديمقراطية، وغياب الحريات بكل مضامينها. بالإضافة إلى ممارسة القمع والعسف وانتهاك أبسط حقوق الإنسان. لقد شكلت كل هذه الوقائع أرضية ثورية، يصعب إنكار طبيعتها، إذ تكونت قاعدتها من الشباب، سواء المنتمي لتيار سياسي أو غير المنتمي، وهذا يعود إلى التطورات الديموغرافية التي ازدادت كثافتها خلال النصف الأخير من القرن الماضي، كثافة سكانية لم يكن مخططا لها، مما عمق التفاوت المثير بين عدد السكان المهيئين للعمل وموارد أي قُطر من الأقطار العربية، بما في ذلك المشاريع الاقتصادية والمقاولات المحتكرة بين أيدي عدد محدود من العائلات. - هل هذه العوامل هي أكبر العوامل للثورة؟ وهل حققت مكاسب ما؟ طبعا كل هذه العوامل ساهمت في انفجار ثورة الشباب، الذي لم يعد لديه ما يخسره، وحطمت جدار الصمت والخوف، وفتحت الأبواب على مصاريعها، فتحققت بذلك جملة من المكاسب يستحيل الرجوع عنها أو الاستخفاف بها. - حرية الرأي والتعبير، والتنديد بالاستبداد وأنواع الفساد- الحق في التظاهر السلمي- إعادة الروح إلى الديمقراطية كأرضية لانتخابات نزيهة.. هذه أهم المكاسب السياسية، أو ما يمكن تسميته بالحصيلة أو حصاد ما بعد الربيع. أمام ذلك جاءت ممارسات الأحزاب مخيبة للآمال، إذ لم تلتقط روح الشعلة التي أشعلها الشباب العربي في أغلب الأقطار العربية، ومن هنا بدأ الحديث عن الخريف العربي بكل ثقله. - ما عبرت عنه يقودنا إلى الحديث عن التجربة السياسية التي مارسها التيار الإسلامي بعد حصوله على الأغلبية عبر صناديق الاقتراع. كيف تنظر إلى هذه التجربة؟ وما هي آفاقها الممكنة؟ أود في البداية أن أوضح أن هناك تيارات سياسية إسلامية متعددة المناحي والتوجهات المذهبية، جهادية وسلفية وتكفيرية، إذ أن قواعدها تختلف حسب مواقعها الاجتماعية وتكوينها الفكري وثقافتها الدينية وتاريخها السياسي، ومن المفيد أن يطرح هذا السؤال في ضوء الأحداث الجارية حالياً على الساحة المصرية بعد مظاهرات 30 يونيو والاعتصام بالميادين، والمظاهرات المليونية المعادية لرئيس الجمهورية محمد مرسي، وتحت شعار مصري بامتياز: يا مرسي اترك الكرسي، ارحل انزل يا سيسي، هنا بالذات يمكن الاستفاضة في الحديث ولو بإيجاز. لقد شكلت ثورة 25 يناير ثورة شبابية نموذجية غير مسبوقة في تاريخ الثورات العالمية وبكل مواصفاتها، ولكنها لم تكن وليدة تصور مذهبي أو إيديولوجي لحزب ما، إذ خضعت لإرهاصات الشارع تحت ضغط المعاناة والقهر والاستبداد، وهذا ما استغلته مجمل قوى المعارضة المصرية، ومن بينها حركة الإخوان المسلمين، التي لم تكن، لا من قريب ولا من بعيد، وراء اندلاع مظاهرات الشارع، وقد عبرت عن ذلك بدون مواربة، بل أكثر من هذا أكدت خلال مسلسل الحوارات الأولى بين قيادة الجيش أن ليس لها أي طموح لتشكيل أغلبية ما، أو الوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية، إلا أنها لم تلتزم بمواقفها المعلنة، وقد خضعت في نهاية المطاف لتأثير أجواء تنظيماتها الداخلية، ولحماس الفئات الاجتماعية غير المنظمة، وقد تمكنت من تكييف خطابها في هذا السياق، بأداة تنظيمية محكمة، فضلا عن ظروف ما بعد سقوط حسني مبارك، وما كان مطروحاً من اختيارات بين ما هو سيء وما هو أسوأ. لكن ما هو مهم في هذا الصدد تجلى في انعدام وجود برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي لدى أغلب الأحزاب السياسية المصرية لمواجهة مرحلة ما بعد الثورة التي قادها الشباب. هذا المعطي المتجلي في غياب برنامج سياسي واضح المعالم سيؤدي إلى تحويل الصراع إلى ما هو مذهبي ودستوري، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير، وحصر النقاش في سلوكيات الناس واختياراتهم الفردية، مما من شأنه أن يشعل أوار الفتنة، وإحياء الصراعات الطائفية والدينية، بدلا من التركيز على ما هو جوهري: الأمن الغذائي والأمن القومي، أي ترك المجال للتدخلات الأجنبية وتقديم التنازلات المبدئية للولايات المتحدةالأمريكية ولإسرائيل، مما يعد انتكاسة لروح الثورة. - اسمح لي أن أعود بك إلى الانتفاضات العربية التي أدت إلى ما صار يعرف بالربيع العربي. أين تضعها الآن بعد كل ما حدث: زمانها، انتقالاتها، مدى استثمارها شعبياً وسياسياً؟ وما هي حدود التفكير السياسي العربي في التعامل معها؟ ألا ترى أنها تحولت عن مسارها؟ يبدو لي أن ما حدث ويحدث في مصر حالياً يدعو إلى إعادة النظر في الكثير من المقولات والآراء وحتى الانطباعات التي يمليها التفكير الذاتي البعيد عن الممارسة الفعلية للسياسة. لا شك أن الانتفاضات العربية، وإن اختلفت مساراتها، أحدثت رجَّة وخلخلت المسلمات أو البديهيات التي استقرت في الواقع السياسي منذ زمن بعيد، إذ أصبح القرار السياسي يأخذ بالاعتبار رأي الشارع، ولم يعد بالإمكان تجاوزه أو إهماله، وهذا المعطى وحده يعد إنجازاً ثورياً في تاريخ الشعوب العربية. لم يكن بالإمكان التحكم في مسارات إفرازات مجمل الانتفاضات العربية، فكل منها خضع لتفاعلات قواها الداخلية، وتحت تأثيرات وتدخلات القوى الخارجية، كما حدث في ليبيا ويحدث حالياً في سورية. لذا سأحصر جوابي في الحالة المصرية من منطلق الوقائع الحية التي نعيش أحداثها منذ 30 يونيو، لأقول إن فترة ما بعد ثورة 25 يناير كانت بآلياتها وما تحكم فيها من معطيات آنية مرحلة انتقالية بامتياز، والانتقال تم يوم الأربعاء 3 يوليوز، وسيكون من العبث حصر النقاش في موضوع الشرعية الدستورية، أو أن ما حدث مجرد انقلاب عسكري، يعيد الجيش إلى الواجهة، لأن ما حدث في الميادين المصرية يعد استمراراً لثورة 25 يناير. إنها صعقة كهربائية، أكانت منتظرة أم غير منتظرة، حركت كل الأسلاك الكهربائية التي خمدت حرارتها خلال سنتين، وعادت لتشتغل بحرارة 25 يناير. من هذه الوجهة، فإن الحديث عن أن ما جاء بعدها كان خريفاً عربياً يحتاج للمزيد من التأمل والتفكير في ضوء وقائع الأحداث الجارية. - هل يعني هذا أن الإخوان المسلمين لم يقرؤوا الأحداث جيدا؟ في اعتقادي أن الإخوان المسلمين لم يستوعبوا إطلاقاً مجريات الأحداث، لا داخلياً ولا خارجياً، وتوهموا أن مهادنة إسرائيل والسير في ركاب الإملاءات الأمريكية وصندوق النقد الدولي كاف لجعلهم في منأى عن أي خطر خارجي. كما أن الاستهانة بمواقف المعارضة، والاستحواذ على كل السلط التشريعية والدستورية، والدخول في صراع مع السلطة القضائية، وإلغاء المكون المسيحي من حسابهم في كل الخطوات، كان من أهم الأسباب التي أدت إلى فشلهم مع أن قوتهم التنظيمية وتجربتهم السياسية الطويلة كأقدم تنظيم سياسي، كانت ستؤهلهم لتجاوز كل المطبات، إلا أن رؤيتهم السياسية تغلبت على ما عداها، وبذلك يمكن القول إن استثمار أي فعل ثوري يحتاج إلى التأني في انتظار تفاعل الأحداث، التي قد تطول أكثر من اللازم، وقد تكون قصيرة، والتجارب الثورية في العالم تؤكد هذا المعطى، ومن أخطاء التفكير السياسي إصدار الأحكام في غير أوانها، لذا فإن ما اعتبر خريفاً ها هو الآن يتجدد من خلال الوقائع. - في رأيك، ما هي الدوافع التي قادت الجيش إلى عزل رئيس الجمهورية في نهاية المطاف؟ وهل أخطاء مرسي كانت كافية لتبرير تدخل الجيش لحسم الصراع الدائر؟ يمكن النظر إلى سؤالك في ضوء الأحداث والوقائع على الأرض، بعيداً عن أي موقف مسبق، ومن خلال معطيين اثنين. المعطى الأول تجلى في نزول كثافة بشرية إلى الشوارع والميادين، من منطلق أن ثورة 25 يناير تمت سرقتها ولم يتم إنجاز أهدافها المعلنة في شعاراتها الأولى، إذ لم يتمكن الإخوان المسلمون من تفعيلها، حيث تم استثمارها لصالح رؤيتهم السياسية والتنظيمية، ولم يعيروا اهتماماً لمهام الدولة المدنية الوطنية وإنجازاتها المرحلية ومكوناتها الأساسية، وهذا ما برز بوضوح في المعطى الثاني، أي الأخطاء القاتلة التي يمكن حصرها فيما يلي: - الإعلان الدستوري من منطلق أن الشرعية تعطي الحق في التصرف على هواها دون الأخذ بعين الاعتبار حدود هذه الشرعية وانعكاسها على السير الطبيعي للدولة المدنية. - عدم التنازل عن القضايا الدستورية المعلقة. - الدخول في صراع مع السلطة القضائية. - الاستعلاء في اتخاذ المواقف المبدئية، وإلقاء مبدأ التوافق. - الموقف من سورية والتماهي مع الموقف التركي بالدعوة إلى الجهاد في الأرض السورية. صحيح أن الرئيس المعزول اعترف بأخطائه علنا، ولكن بعد فوات الأوان. ويمكن أن أضيف إلى هذا الاحتراق الذاتي الخطابين الأخيرين لمحمد مرسي المشحون بالدعوة المباشرة إلى إهراق الدم والدعوة إلى الاصطدام، ويمكن في هذا الصدد المقارنة بين خطابيه وخطابات حسني مبارك قبل خلعه، فبقدر ما كان هذا الأخير استعطافياً يجنح إلى السلم والتهدئة، بقدر ما كان الأول هجومياً وصدامياً. كل هذه العوامل كان لها ما يبررها لتدخل الجيش والحيلولة دون الاصطدام وسفك الدماء، ومن أجل إرجاع الأمور إلى نصابها. - لكن مع كل هذه الحيثيات والمعطيات، فإن موضوع الشرعية يظل ملحاً. كيف يمكن القفز عليها بالشكل الذي تمت به ؟ الشرعية لها حدودها، إذ أن الالتزام بها قائم على التعاقد والتوافق، بعيداً عن مقولة الديمقراطية الانتخابية التي لا تشكل كل أوجه الديمقراطية في الحياة السياسية. كما أن حقوق المواطنة لها شرعيتها بمراعاة مكونات الشعب بكل فئاته القائمة على الاختلاف والتباين والتعدد ثقافيا ودينياً وإثنياً. لا يمكن لأحد مهما كان موقعه في هرم المسؤولية أن يصدر الأحكام والقوانين على هواه وكما يريد، لابد أن يكون مقياسه مقياساً عادلا ومراعياً لشروط كل مرحلة ومتطلباتها. إن من الخطإ اعتبار أن من يملك سلطة سياسية تعطيه كامل الشرعية في أي قرار سياسي يتخذه. - إذا لم يكن ما حدث في مصر انقلابا فماذا يمكن أن نسميه؟ إن الإشكال هنا مجرد إشكال مصطلحي لا غير، فما حدث قد حدث بكل معطياته، ولست هنا بصدد تبرير ما قام به الجيش ضد سلطة منتخبة في ظروف ملتبسة يمكن إعادة تشريحها، لمعرفة العوامل الفاعلة فيها. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الكتلة الانتخابية التي أسهمت في انتخاب محمد مرسي كانت مكونة من اليساريين والليبراليين والقوميين والديمقراطيين، بالإضافة إلى جزء هام من المسيحيين المصريين، لقطع الطريق على محمد شفيق باعتباره جزءاً من النظام القديم. إن ما يهم الآن هو موقف الشعب في الميادين وفي المحافظات، باعتباره السلطة العليا، كما هو منصوص عليه في دستور البلاد، وقد أتجنب القول في هذا المضمار بأن الانقلاب الحقيقي هو الذي قام به الإخوان المسلمون، حسب ما عبرت عنه حركة «تمرد». - ألا ترى أن هناك تدخلا أجنبياً كان له دور فاعل في الأحداث الجارية حاليا في مصر؟ من السابق لأوانه الحديث عن تدخل خارجي، لذلك فأي تحليل يجب أن يستند إلى الوقائع الحية، وحتى المواقف الدولية المعبر عنها يصعب الحكم من خلالها على وجود تدخل أجنبي، وموقف الولاياتالمتحدةالأمريكية الرافض من حيث الشكل لاتخاذ موقف صريح يعد مثالا، أقل ما يمكن قوله، إنه موقف ملتبس وغامض وحربائي، مما جعل كل طرف على حدة مستهدفا ولا يتردد في الإدانة. أكيد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يمكن أن تقف في منأى عن الأحداث الجارية، وأن المعاهد الاستراتيجية الأمريكية تشتغل ليل نهار، ولا شك أن تقاريرها يمكن أن تشكل منطلقاً لمعرفة التوجهات القادمة للسياسة الأمريكية. وأشير في هذا الصدد إلى مواقف كل من مجلس العلاقات الخارجية ومعهد واشنطن والمجلس الأمريكي للسياسة الخارجية ومؤسسة هاريتاج وغيرها، وكلها تصب في إبعاد القوى الإسلامية عن السلطة والتعامل مع القوة العلمانية والليبرالية والحكم على سياسة الإخوان المسلمين بالإفلاس، مما أدى إلى إقصائهم. وأعتقد أن هذه التقارير هي التي تتحكم في سياسة الولاياتالأمريكية، وإذا كانت مواقفها المعلنة تتسم بالغموض والتناقض إلى حد الالتباس، فإن مرد ذلك يعود إلى ما يستوجبه السلوك الديبلوماسي لا أقل ولا أكثر، وهذا ما يفرض عدم الاستعجال في إصدار الأحكام المسبقة. - هل يعني هذا نهاية حكم الإخوان المسلمين في مصر وفي باقي الدول العربية؟ بالتأكيد. لقد انتهت مرحلة سلطة الإخوان، بسبب أخطائهم المتراكمة، ولن يجديهم نفعاً الاعتراف بها. لقد دمروا تجربتهم، ولن يعودوا إلى الحكم في الأفق القريب، وإشعالهم النار يبعدهم أكثر عن الجماهير الشعبية. هناك شعور شعبي عام متذمر من مواقفهم، لكونهم اهتموا بما هو مذهبي وإيديولوجي على حساب التنمية الاقتصادية والكهرباء والماء والخبز. وعلى المدى القصير لا أرى أي تأثير مباشر على دول الجوار لاختلاف أوضاع أنظمتها، لكن هذا لا يلغي الاستفادة من التجربة المصرية على الرغم من تميزها. - هل تعتقد أن الإخوان المسلمين سيبقون مكتوفي الأيدي ولن يقوموا بمواجهة الجيش بشتى الأساليب، بما فيها الالتجاء إلى العنف والقيام بأعمال إرهابية؟ لا أستبعد ذلك إطلاقاً، من منطلق مفهومهم للشرعية، وأن الجيش قد سرق سلطتهم التي حصلوا عليها بواسطة صناديق الاقتراع، وهذا ما أكده مرسي في خطابيه الأخيرين قبل عزله، وألح عليه المرشد العام علانية في تجمع جماهيري في ساحة رابعة العدوية. وإذا ما التجأ الإخوان إلى العنف كما ظهر في دار الحرس الجمهوري سيكون ذلك بمثابة انتحار ثان لتنظيمهم ولتجربتهم السياسية، ولا أعتقد أن المجتمع المصري مهيأ لحرب أهلية، وشتان ما بين التجربة الجزائرية والمصرية، مع العلم أن الإخوان لن يتمكنوا بأي شكل من الأشكال الاحتفاظ بالسلطة عن طريق السلاح، وليس أمامهم إلا الخضوع لسلطة الجيش، وإعادة تشكيل تنظيمهم مجدداً وبرؤية جديدة.