مازالت الإجراءات الحكومية المزمع اتخاذها لإصلاح صناديق التقاعد تثير المزيد من ردود الفعل الغاضبة، بعد أن أعلنت ثلاث مركزيات نقابية رفضها المطلق لما وصفته بالإجراءات الانفرادية الخاصة بأنظمة التقاعد. وأكد بلاغ مشترك صادر عن الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل رفضها المساس بمكتسبات التقاعد وبكافة الحريات والحقوق، ومواصلة التنسيق لمواجهة «السياسات اللاديمقراطية واللاشعبية للحكومة الحالية»، و«لتعاملها اللامسؤول مع قضايا العاملات والعمال». وأضاف البلاغ ذاته أن ملف التقاعد كان ضمن مقدمة القضايا التي تمت مناقشتها، بعد أن سبق للحركة النقابية المغربية أن طالبت بإصلاحه إصلاحا شاملا منذ أواخر الثمانينيات، و«ذلك للحفاظ على التماسك الاجتماعي، ولصون التوازنات المجتمعية، ولضمان تقاعد لائق يضمن العيش الكريم لكافة الموظفين والمستخدمين والأجراء». ودعا البلاغ الطبقة العاملة المغربية إلى المزيد من التعبئة، والاستعداد لخوض كل الأشكال النضالية المشروعة، بعد أن حمل الحكومة مسؤولية ارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي، والمس بالاستقرار المجتمعي، مؤكدا عزم المركزيات الثلاثة على خوض مبادرات «سيتم الإعلان عنها في وقتها». وفي هذا السياق كشف عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن الأجهزة التنفيذية للنقابات الثلاث ستعقد اجتماعا لاحقا من أجل التشاور في الخلاصات التي خرج بها اجتماع لجنة التنسيق، وقا: «لابد أن يخرج الاجتماع بموقف يترجم سخط الشغيلة، بعد أن تشبثت الحكومة بتجاهلها، واستمرت في اتخاذ المزيد من القرارات الانفرادية». وقال العزوزي إن الحكومة لم تلتزم بما تم في الجلسة الأخيرة للجنة الوطنية المسؤولة عن دراسة وضعية صناديق التقاعد، بعد أن تعهد رئيس الحكومة باعتماد مقاربة تشاركية على أساس أن يتم النقاش داخل هذه اللجنة، وأن تخرج القرارات من داخلها، غير أن الحكومة يضيف العزوزي «تنكرت لذلك، واتخذت قرارات انفرادية في تجاهل للجميع»، وهو «أمر غير مقبول وهناك عدة صيغ نتشاور بشأنها للرد عليه». وذكر البلاغ بأن الاختلالات البنيوية العميقة لأنظمة التقاعد، تعود في جزء كبير منها إلى «التدبير السيئ وغير الشفاف للدولة»، قبل أن يجدد رفض المركزيات النقابية الثلاث لخطة الحكومة التي تحاول أن تفرض على الأجراء «أن يشتغلوا أكثر ويساهموا أكثر من أجل معاش أقل». كما عبر البلاغ عن رفض القرارات الحكومية «المعادية للطبقة العاملة»، ومنها ضرب الحريات والحقوق النقابية، والإجهاز على المكتسبات الاجتماعية، وضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وكذا الإجهاز على نظام المقاصة، والزيادات المتتالية في أثمنة المحروقات، إضافة للارتفاعات المهولة في مواد الاستهلاك الأساسية والخدمات، وكذا العزم على ضرب الحق الدستوري في الإضراب، والتنكر الحكومي للالتزامات والاتفاقات السابقة، والتغييب المتعمد للحوار الاجتماعي والتفاوض الجماعي. ويأتي بلاغ المركزيات الثلاث ساعات قليلة بعد تلويح الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بخوض إضراب عام، وعزمه تنظيم مسيرة وطنية، وهو ما ينبئ بأن حكومة بنكيران ستجد نفسها أمام موجة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة، علما أن الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات المحلية التابعة للاتحاد الوطني للشغل، كانت قد دعت بدوره إلى إضراب إنذاري يوم الخميس 30يناير.