غضب في صفوف الممرضات العاملات في مصالح الولادة، بعد صدور حكم ابتدائي بورزازات يقضي بإدانة ممرضة بالسجن النافذ لمدة ثلاثة أشهر، وغرامة مالية محددة في 40 مليون سنتيم، في قضية خطأ طبي، دون أن تحظى الممرضة، حسب مصادر نقابية، بأي دعم أو مساندة من قبل وزارة الصحة. القضية تعود إلى 2008، حين استقبلت القابلة «ف.د» على وجه الاستعجال سيدة حاملا بمصلحة الولادة بالمستشفى الإقليمي سيدي احساين بورزازات، وقامت بتأمين عملية الولادة. لكن بعد مرور 20 يوما رفع أب المولود دعوى قضائية ضد القابلة يتهمه فيها بالتسبب لابنه في التواء على مستوى الكتف، حيث أمرت السلطات المختصة حينها بفتح تحقيق في الموضوع واستعانت بخبرة طبية أنجزها طبيب في المسالك البولية قيم نسبة العجز، وربط بين التواء كتف المولود وعملية الولادة، والذي تم اعتباره خطأ مهنيا. وحملت القضية عنوان إيذاء غير عمدي. وخلال كل الجلسات لم يؤازر القابلة أي محام عن وزارة الصحة ولا أي ممثل عن الإدارة المعنية، وتم الحكم عليها ابتدائيا 2012 بالسجن ثلاثة أشهر نافذة وتعويض 40 مليون سنتيم. وفي 15 مارس 2012 صدر حكم مماثل من المحكمة الابتدائية بورزازات على القابلة «ف.أ» التي تزاول بالمستشفى نفسه بالسجن النافذ لمدة خمسة أشهر و50 مليون سنتيم كتعويض، حيث تشابهت الدعوتان في الوقائع والمكان وطبيعة الأحكام، واختلفتا فقط في الأشخاص والتواريخ. ودفعت هذه الأحكام الممرضات إلى إعلان إضراب إقليمي، قبل أن تدخل النقابات في إضراب وطني لمدة 24 ساعة، يوم 15 مارس 2012، للمطالبة بالوقوف على الاختلالات التي تعاني منها المنظومة الصحية وظروف العمل المزرية والخصاص في الموارد البشرية ووسائل العمل عوض التعامل مع حالات معزولة، وضرورة تكييف الدعاوى القضائية ضد وزارة الصحة بصفتها المعنوية عوض متابعة المهنيين بصفاتهم الشخصية. ودعت النقابات المركزية إلى ضرورة مراجعة القوانين التي يزاول في ظلها مهنيو الصحة مهامهم. واضطرت وزارة الصحة، بعد صمت طويل، إلى إصدار مذكرة في 26 مارس 2012 تؤكد فيها عدم تخليها على أطرها أثناء تأدية واجبهم، وقالت إن الوزارة قد نصبت محاميا لمؤازرة القابلتين. ونصت المذكرة على خلق وحدات قانونية في كل جهة لتبسيط تتبع ملفات المتابعين ومؤازرتهم ومواكبتهم خلال مختلف مراحل التقاضي. لكن في تطورات القضية، يقول نقابيون، إن وزارة الصحة لم تواكب الحكم أثناء طلب الدفاع استئنافه، مضيفة بأن محام الوزارة تغيب عن أغلب الجلسات، أما الوحدات القانونية التي نصت المذكرة على إحداثها، فقد بقيت حبرا على ورق. ودعت المصادر وزارة الصحة إلى إخراج الإطار المرجعي لمهن الصحة، طبقا لما نصت عليه مذكرة للوزير الأول يعود تاريخها إلى 21 يونيو 2004. وأشارت إلى أن هذا الإطار المرجعي يحدد لائحة المهام التي يجب على كل موظف القيام بها، إذ يوضح لكل موظف اختصاصاته وحدود مسؤولياته. «وهو أمر جد مهم في وزارة حساسة تتعلق بصحة المواطن».