أمل كلوني تخرج عن صمتها بخصوص حرب الإبادة بغزة    من تبريز إلى مشهد.. كيف ستكون مراسم تشيع الرئيس الإيراني؟    عملية مرحبا 2024 : اجتماع بطنجة للجنة المغربية – الإسبانية المشتركة    "الكاف" يُدين أحداث نهائي كأس الكونفدرالية بين الزمالك وبركان    رغم خسارة لقب الكونفدرالية.. نهضة بركان يحصل على مكافأة مالية    تفاصيل التصريحات السرية بين عبدالمجيد تبون وعمدة مرسيليا    الصومال تسلم المغرب مواطنين محكومين بالإعدام    لقجع: إخضاع صناديق التقاعد لإصلاحات جذرية يقتضي تفعيل مقاربة تشاركية    اجتماع تنسيقي ينزل "تسعيرة البوطا"    إدانة متهمين ب"الإهمال الطبي" في فاس    الزمالك يرد بقوة على الكاف بعد أزمة النهائي أمام بركان    مرافعة الوكيل العام تثير جدلا قانونيا بين دفاع الأطراف في قضية بودريقة ومن معه    الحكم على أنس اليملاحي مستشار وزير العدل السابق ب10 أشهر حبسا نافذا بتهمة النصب والاحتيال    طقس حار وهبات رياح قوية منتظرة اليوم الثلاثاء بهذه المناطق    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    وزير جزائري يتهم المغرب بالتسبب في الجفاف (فيديو)    استنفار حكومي لتأمين تزويد المواطنين ب"البوطا غاز" مع احترام الأسعار المحددة لبيعها    رئيس البرلمان الفنلندي يصف المغرب بالشريك البالغ الأهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي    بعد خسارة لقب الكونفدرالية.. هل يتخلى نهضة بركان عن مدربه التونسي؟    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لمبتوري الأطراف (مصر 2024).. المغرب يفتتح مشواره بفوز عريض على أوغندا (9-0)    استعدادا لاستقبال الجالية.. اجتماع للجنة المغربية الإسبانية المشتركة    الأمثال العامية بتطوان... (603)    غياب وزراء يوقف جلسة الأسئلة الشفوية    المغرب يتألق في المنتدى العالمي للماء ويكرم بجائزة الملك الحسن الثاني    وزير الفلاحة يطمئن المغاربة بخصوص أضاحي العيد    انخفاض ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي بجهة الشمال    عسكريون يشيدون بحنكة الجنود المغاربة في مناورات "الأسد الإفريقي 2024"    رئيس الحكومة الفرنسية يزور المغرب في يوليوز لتعزيز العلاقات الثنائية    مختلف عقليا يقتل تلميذة أمام مدرسة ضواحي تاونات    المغرب يعبر عن تعازيه الصادقة للشعب الإيراني عقب حادث سقوط مروحية أودى بحياة الرئيس الإيراني    بايدن يصف طلب إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لقادة إسرائيليين بأنه شائن    تنغير.. سعر بيع الخبز لم يعرف أي تغيير    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    اختتام فعاليات الدورة الثانية عشر من المهرجان الدولي لفروسية "ماطا"    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    مبادرة لإعادة تأهيل دور السينما التاريخية المقفلة في بيروت    وزارة الثقافة تضع شكاية لدى اليونسكو ضد سرقة الجزائر ل"القفطان الفاسي"    المغرب يعزي الشعب الإيراني في وفاة إبراهيم رئيسي    جامعات مغربية في وضعية "شبه جمود" بسبب عدم التوصل بميزانية التسيير    السلطات بتنغير تنفي الزيادة في سعر الخبز    اختتام فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الدوري الماسي-لقاء مراكش: البقالي يحسم سباق 3 آلاف موانع    دعم متواصل للمغرب ووحدته الترابية في لجنة ال24    أسعار الذهب والفضة عند أعلى المستويات    صراع الصعود.. صدام مباشر بين "الكوديم" المتصدر والكوكب الوصيف    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المساء» في قلب شبكات التبشير في الريف
رئيس جماعة يعترف: الأمريكيون يدعون النساء إلى لقاءات خاصة
نشر في المساء يوم 02 - 03 - 2014

مضت الآن ساعة..ساعاتان، ولم يأت المصدر الأمني الذي وافق على الحديث في موضوع اعتقال المواطن الأمريكي برفقة 4 قاصرات بتهمة التبشير. مرت ثلاث ساعات، قضمت نصف عدد صفحات كتاب»السنة والإصلاح» للعروي ولم يأت المصدر الأمني. أفهم أن الموضوع حساس جدا، حساس إلى درجة أن السكان الذين حضروا تفاصيل إخراج «داوود» من المنزل لم يصدقوا أبدا ما راج في بعض المواقع الإلكترونية حول عدم اعتقال المواطن الأمريكي. أمر من اثنين، إما أن هؤلاء المواطنين الذين احتشدوا أمام المنزل في ظل طوق أمني شديد كانوا معصوبي الأعين، وإما أن هناك جهة ما تحاول خلط الأوراق وتعكير المياه ونشر الإشاعة وإقبار الآثار والشواهد التي تقود إلى الحقيقة.
والحقيقة أن لا شيء واضح في ملف «التبشير»، وحتى الفقيه-صاحب الشكاية ضد الأمريكي- الذي كنا نعول على « بركته» لفك بعض من ألغاز الموضوع، دخل غمار الحقيقة ب«بلغته» وبعثر الكثير من الخيوط. تفيد الشهادات والمعطيات والتصريحات أن التبشير قائم بالريف، له أتباعه وحواريوه وهناك من يخطط له، لكن من الصعب جدا توجيه الاتهام للأمريكيين وغير الأمريكيين في المنطقة.
في هذا الملف/ التحقيق، تفتح «المساء» ملف «التبشير» في الريف، وتزور قرى ومداشر نائية، وتكشف عن نشاطات غير بريئة لمواطنين أجنبيين. ولأن الإشاعة صارت العنوان الأساس لموضوع أقرب إلى الحكايات الشعبية منه إلى الحقائق والدلائل، ولأن التحقيق الصحافي مهمته الانتقال من مستوى الإشاعة إلى مستوى المعلومة الموثوقة، فإننا اعتمدنا في صياغة فصوله على مبدأ طرح الفرضيات والأسئلة، دون تقديم إجابات قاطعة، ودون توجيه سهام الاتهام إلى أي أحد.
لا ندعي في هذا الملف أننا أحطنا بكل جوانب الموضوع، ولا نزعم كذلك أننا توصلنا إلى حقائق قاطعة وحاسمة، لكن بحثنا عن وقائع وسردنا شهادات رسمية وأخرى غير رسمية، وتوغلنا في قرى بعيدة لتبديد الغموض واللبس المحكم بموضوع التبشير.
ماذا يعني أن يقدم فقيه في حي شعبي بالحسيمة شكاية ضد مواطن أمريكي شك في سلوكاته وتصرفاته؟ ولماذا استكان الفقيه إلى صمته بعد أن حاصرته أسئلة الصحافيين؟ بل أي شيء يمنع هذا الفقيه من قول الحقيقة، وهو الذي لا يخشى أحدا غير الله؟ ثم هل كانت كل الأجهزة الأمنية، ومعها كل الوسائل الحديثة بحاجة إلى شكاية فقيه بسيط لكشف الستار عما أصبح يعرف بقضية المبشر الأمريكي «داوود»؟..لنطرح أسئلة أكثر سذاجة: لماذا سارعت السلطات الأمنية إلى نفي الخبر دون أن تقدر على إصدار أي بيان رسمي في الموضوع، إذ اكتفت بعض المواقع الإلكترونية بعبارة»المصدر الأمني»؟ أين استقر مصير الأمريكي الذي اعتقل برفقة 4 فتيات قاصرات؟ ولماذا ضربت كل المصالح الأمنية في المنطقة طوقا غير مسبوق على المعلومات المتعلقة بقضية ما أصبح يعرف ب»التبشير» في بلاد الريف؟ ثم لماذا لاذت عائلات الفتيات القاصرات بالصمت؟ ولماذا سكتت هواتف الفتيات عن الرنين رغم محاولات «المساء» المتكررة للاتصال بهن؟.
الجواب عن الأسئلة السابقة، يقتضي، أيضا طرح أسئلة أخرى أكثر عمقا: إذا كان «داوود»-وهو الاسم الذي كان يحبذه»دافيد»-، يقيم بالحسيمة مند فاجعة زلزال الحسيمة سنة 2004 برفقة أمريكيين آخرين، أين كانت المصالح الأمنية، ألا تعرفهم وتعرف مكان سكناهم، سكناتهم وحركاتهم؟ ألم تكن قضية التبشير ربما غطاء لقضية أكبر من «التمسيح» أو «التبشير»؟..بالواضح: هل هناك شبكات تبشيرية بمنطقة الريف لديها امتدادات عالمية، لكنها تعمل في صمت دون أن تترك أثرا»ناصعا» لنشاطاتها؟ ولماذا تتهم جهات رسمية بعض الأمريكيين بممارسة التبشير والتأثير على الطبقات المسحوقة لتغيير دينها؟ أليسوا مواطنين أمريكيين عاديين يقدمون خدمات اجتماعية للمواطنين ويساعدون فئات هشة في المجتمع؟..لننطلق من فرضية أن التبشير قائم، له حواريوه وأتباعه: هل وحدهم الأمريكيون من يمارسون التبشير؟ أين هم الإسبان، الذين يشار إليهم بالبنان دائما بكونهم يقومون بأعمال تبشيرية لتسكين عقد «سحيقة» وأخرى «قريبة»؟
تبشير وعمل إنساني وأشياء أخرى
نعلم مسبقا، أن الإجابة عن الأسئلة المطروحة سلفا، لن تكون قاطعة أو حاسمة، ليس لأن المعطيات تعوزنا، بل لأن مهمة الصحافي تكمن بالأساس في الانتقال من مستوى الخبر الإشاعة إلى مستوى آخر أكثر تدقيقا وتمحيصا يسمى في أدبيات الصحافة بالمعلومة الموثوقة. يقينا هناك في الخفاء من يفتعل هذا اللبس، ولا يريد أن تفرز المعلومة الصحيحة من المعلومة المغلوطة، وهناك أيضا، من يريد تأبيد الإشاعات إخفاء لمعالم قضية»التبشير»، وإلى جانب هؤلاء هناك من يحاول بشتى الطرق أن يوهمك أن اعتقال المواطن الأمريكي كان اعتقالا عاديا جدا..
مساحة الغموض تتسع أكثر أكثر، وأنت تتحدث إلى الفقيه، الذي يفترض أنه قدم شكاية ضد المواطن الأمريكي القاطن بالعمارة نفسها التي يسكنها «أبو جابر» صاحب مركز الرقية الشرعية». يقول الفقيه إنه لن يفصح عن كل شيء، ولا يهمه أحد غير قول الحقيقة. والحقيقة عند الفقيه هي كما يلي»القضية أكبر من حالة فردية معزولة، وسأقول الحقيقة في حينها». نصف ساعة من الحديث مع الفقيه، لم نظفر منها إلا بمعلومات تزيد الموضوع غموضا، فهو الذي كان إلى وقت قريب بطلا وصلت شهرته إلى الآفاق، بسبب جرأته في إخبار السلطات الأمنية عندما لاحظ استنادا إلى شهادات السكان أن شقة الأمريكي تتوافد إليها فتيات قاصرات بين الفينة والأخرى، والآن، صار يرتب جمله بعناية فائقة، وفي كل مرة يردد لازمته»لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هادشي كتر».
«مينتكد تاف تاداث إينو» «تازوغ أغروم نتاداث»،(ماذا تفعل قرب منزلي/ أريد الخبز المعجون في المنزل» بمثل هذه العبارات المدموغة بريفية متقطعة كان يخاطب المواطن الأمريكي المعتقل برفقة أربع قاصرات بالحسيمة أخيرا صاحب المحل التجاري الذي يقتني منه لوازمه اليومية». يؤكد السكان أن تعامله معهم كان فظا وسيئا جدا، و«كان يهدد كل من يقترب من منزله أن يهرق عليه «أسطل» المياه، بل وكان شديد الحذر في التعامل مع سكان الحي ولا يسمح لأحد بالاقتراب من منزله». يردف السكان أن سلوكه كان يتسم بالعجرفة وغالبا ما يخاطب المحيطين به بعبارات جارحة».
يقول سفيان بنعلي، عضو جمعية ميرادور السفلي الذي اعتقل فيه الأمريكي إن ما لا يجعل مجالا للشك أن هذا الأمريكي يقوم بأمور مشبوهة، بحيث بمجرد السماع أنه يستقطب قاصرات ويدخلهن إلى منزله ويتلاعب بعقولهن ويغريهن بمبالغ مالية وألبسة ودمى صغيرة حسب ما جاء على لسان الفتيات القاصرات اللواتي يترددن على منزله، فيما يتعلق بقيامه بعملية تبشيرية، فهي واضحة وضوح الشمس أثناء النهار» مردفا « بل أكثر من ذلك فإن الأمر يبدو أكثر وضوحا عندما نتحدث حول ما يجري في مناطق اشتغالهم (ايث قمرة تازاغين و ايت داوود) غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يستقطب القاصرات ولا يتعامل ولو بكلمة مع القاصرين مما يفتح المجال على طرح أسئلة إضافية.
رسم بورتريه للأمريكي المعتقل قد يسعف، على نحو ما في معرفة نوعية نشاطاته وسلوكياته كذلك. هو يشبه، استنادا إلى السكان دائما، ثعلب زفزاف، يظهر برهة ثم يختفي فترة أخرى قد تصل إلى شهور. فضلا عن ذلك»تتردد على منزله سيارات مختلفة وبترقيم دولي في بعض الأحيان، وهو شخص يميل إلى التكتم، وقد لاحظ الكثير من السكان أن بعض الفتيات يترددن على شقته». في البداية ظن السكان أن الأمر يتعلق بمساعدات عادية تقدمها الفتيات في الأشغال المنزلية مقابل الحصول على مبالغ مالية لكن فيما بعد، بدأت الشكوك تساور الكثير من سكان الحي من أن هذه المساعدات ليست عادية».
ساد نوع من الغموض يوم اعتقال المواطن الأمريكي، بل ولا أحد يعرف مصيره إلى اليوم: ماذا قال في محاضر التحقيق، وما الذي قالته الفتيات، وحتى جمعيات المجتمع المدني وجمعيات حماية الطفولة على المستوى الوطني لم تتحرك للدفاع عن الفتيات القاصرات؟. بصيغة أوضح، كانت هناك رغبة أشبه ما تكون إلى التواطؤ لدى الجميع لطي الملف. مع ذلك، يمكن أن نتلمس بعض خيوط الحقيقة من خلال شهادات قدمتها مصادر قريبة من الفتيات أن»داوود» كان يمنح للفتيات ملابس ومبالغ مالية من أجل»مساعدته» على قضاء أشغاله المنزلية اليومية. المصادر نفسها أكدت لصحافي الجريدة أن عائلات الفتيات القاصرات، يتحدرن من عائلات جد فقيرة.
الحلقة المفقودة في هذا التحقيق هي شهادات الفتيات القاصرات اللواتي كن برفقة»المبشر» الأمريكي، فرغم محاولات الجريدة للاتصال بهن أو بعائلاتهن، باءت كلها بالفشل. بطبيعة الحال، نتفهم أن العائلات مازالت تحت وقع الصدمة النفسية التي خلفها الانتشار الواسع للخبر، لكن الذي لا نفهمه هو كيف ضربت المصالح الأمنية حصارا على المعلومات التي توصلت إليها، وهو الأمر الذي لن يفيد في شيء سوى أنه سيغذي الإشاعة، وسيساهم في نشر أخبار زائفة أقرب إلى الخيال.
شيء واحد يمكن أن يدفع أي معتقل إلى تكسير حاسوبه والتخلص منه بكيفية تبعث على التساؤل هو في المقام الأول الخشية من حدوث شيء خارج عن السيطرة، والتستر على أشياء أخرى تنتمي إلى باب»المحظور» تقول مصادرنا إن المواطن الأمريكي المتهم بممارسة التبشير «قبل أن يخرج من المنزل كسر حاسوبه وتحول إلى قطع غيار. إذا كان المواطن الأمريكي لا يقوم بأعمال تبشيرية فعلا، فلماذا قام بهذه الخطوة؟. ثمة افتراضين اثنين أمام شح المعلومات المتوافرة: الأول يقوم على ترجيح فرضية الاستغلال الجنسي، وهي فرضية تبدو مستبعدة، حسب غالبية الشهادات، وبالتالي وجود أشرطة جنسية في الحاسوب وأما الفرضية الثانية فتقوم على اعتبار أن الفتيات كن ضحية «تبشير» من طرف الأمريكي، بمعنى أن الأشرطة والصور التي كان يتضمنها الحاسوب لديها علاقة بمحتويات دينية. هناك أنصار يرجحون فرضية ثالثة ترتكز على كون الأمريكي كان يقوم بأنشطة «مشبوهة»، وهي الأنشطة ذاتها التي استنفرت قوات الأمن.
من المؤكد أن الأجهزة الأمنية، راقبت «داوود» قبل أن تقدم على اعتقاله، ولن يصدق أحد بعد مرور أيام من الواقعة أن الفقيه هو من قادهم إلى اعتقاله. وحتى تصريحات الفقيه بدت غير واضحة، وتقود إلى خيط واحد مؤداه أن الكثير من الأشياء الغامضة مازالت معلقة، بداية من شكاية الفقيه- افتراضا- مرورا باعتقاله ووصولا إلى مصير الأمريكي.
إلى حدود الآن، أريد لنا أن نبقى حبيسي بركة كبيرة من الغموض، وأريد لنا كذلك أن نبقى حبيسي إشاعات المقاهي، بينما لا يتوانى البعض في بث معلومات أخرى يحاولون بها قياس درجات التصديق من عدمها. قضية الأمريكي، وإن كانت محاطة بغير قليل من اللبس إلا أنها أزاحت الستار عن وجود شبكات تبشيرية بالمنطقة، تنشط بكثير من الصمت وبكثير من التوجس من الانكشاف.
المداشر أكثر أنباء من المدن
في منطقة تيزي عياش البعيدة عن مدينة الحسيمة بحوالي 50 كلمترا، لا حديث يعلو على حديث وجود أمريكيين بالمنطقة يساعدهم مغاربة يتحدرون من المنطقة الشرقية، ومن مدينة بركان بالتحديد، بالنسبة للسكان فإن هؤلاء الأمريكيين استقروا بالبلدة التي تحاصرها الجبال من كل اتجاه، ابتداء من الزلزال الذي ضرب الإقليم سنة 2004، إذ حاولوا تقديم مساعدات فيما يرتبط ببرنامج إعادة الإعمار. عبد الناصر الصالحي، العضو بمجلس الجماعة، يؤكد في تصريح ل»المساء» أن الأمريكيين اقترحوا في البداية المساعدة في إعادة بناء المنازل التي دمرها الزلزال لكنه بدوره اقترح عليهم أن تمر تلك المساعدات عبر الدولة ووفق مساطر معلومة. الصالحي، الذي أشرف على تصاميم إعادة الإعمار بالمنطقة، لا يني عن التأكيد أن الأمريكيين حينما رأوا»تمسكي بمطلب التنسيق مع الدولة عبر الفريق المدني، عادوا إلى الوراء واكتفوا بحفر أساسات بعض المنازل» مؤكدا في السياق نفسه أن الأمريكيين كانوا يأتون مجموعات إلى البلدة، إذ في كل مرة تجيء مجموعة جديدة تعوض الأخرى، وقد اشتروا قطعة أرضية بتيزي عياش عن طريق بعض المغاربة وبنوا منزلا بالبلدة». لا يخفي الصالحي، كذلك، أن الأمريكيين اقترحوا في بداية الأمر تدريس الأطفال الصغار بالمنطقة «وقد كنت ضد هذه الفكرة من أساسها قبل أن ترفضها العائلات المتواجدة بالمنطقة».
يقول السكان، الذين التقتهم»المساء» إنه لا يمكن، بأي حال من الأحوال إثبات أن الأمريكيين يقومون بأعمال تبشيرية»فمند حلولهم بالمنطقة لا يتوانون عن القيام بخدمات إنسانية ومساعدة الفقراء والاهتمام بالمرضى خاصة النساء. بيد أن الشكوك باتت تراود السكان من تحركات الأمريكيين، سيما أن واحدا من هؤلاء المتواجدين بالمنطقة سبق أن تم ترحيله بسبب أنشطة تبشيرية ب»عين اللوح». يقول أحد سكان المنطقة الذي سبق وأن تعامل مع الأمريكيين إنه لم يشك يوما أنهم يزاولون أنشطة تبشيرية، لكن في اللقاءات التي كانت تنعقد بأحد المنازل ببلدة إزمورن» كان واضحا أن ثمة شيئا غريبا عن ثقافتنا وعن طقوسنا، كنت أعتبر في البداية ما يحدث حرية دينية، لكن فهمت في الأخير أن الأمر ليس إلا عمليات تمويهية، إنهم يعملون على المدى الطويل ولا تهمهم النتائج اللحظية» وفق الشهادة نفسها.
غير أن شهادة»ر» تذهب عكس الشهادة السابقة:» أعتقد أن الأمر لا يعدو كونه إشاعات يصدقها الناس بسهولة بسبب ضعف الوعي المعرفي لدى السكان، في اعتقادي أنها منظمة أمريكية تقدم مساعدات إنسانية للسكان الذين نهشهم الفقر». المتحدث نفسه ينفي وجود أي نشاط تبشيري بالمنطقة»يكفي فقط أن تدخل منازل العائلات المتواجدة بالمنطقة بل وتسأل كل المتعاملين معهم لتفنيد كل الأقاويل والإشاعات التي تنسج بخصوص الموضوع».
غياب الوعي الذي ساقه «ر» للتدليل على عدم وجود أي نشاط تبشيري بالمنطقة يجد له صدى لدى المدافعين بشراسة على وجود شبكات لديها أجندة مدروسة للتبشير والتنصير بالمنطقة: «مينتازوذ أيثينيذ، زاعما إينين تكن رخير كي عباد الله أميا واها برا مدراجن شينحاجث، شك واقيلا يفغاك رعقر أخاري إينو»-ماذا تريد أن تقول لي، تريد أن تقول لي إن هؤلاء يخسرون أموالهم هكذا عبثا ومن دون مقابل، أخال أنك فقدت عقلك صديقي»، بهذه الجملة الساهمة يبدأ أحد سكان المنطقة في مهاجمة الأمريكيين المتواجدين بالمنطقة. يواصل المتحدث تقديم شهادته بغضب شديد»نريد من الدولة أن تتدخل فورا لترحيلهم من المنطقة، وإلا فإنه ستأتي أيام سوداء، وستجد عائلات بكاملها تحولت إلى دين «الكفار»، أنا أرتاب دائما من وجودهم، يشوشون علي وعلى عائلتي، وأرجو من الدولة أن تتعامل بحزم معهم».
في أيت زكري، البلدة التي لا تبتعد كثيرا عن منطقة «تيزي عياش»، تتكرر الشهادات نفسها ويتواصل الغموض نفسه». لا أحد ينفي ولا أحد يؤكد. لا أحد يتوفر على دليل ولا أحد يحاول أن يقنع نفسه أن ما يقوم به المواطنون الأمريكيون أنشطة لا تتعدى البعد الإنساني.
يحتفظون بعلاقات جيدة مع السكان، ويتدخلون حينما يتعلق الأمر بحالات إنسانية عاجلة، بل ويتوفرون على شبكة علاقات مع بعض المصحات المتواجدة بمدينة الحسيمة. يقول أحد الأطباء إنه يستقبل بشكل سنوي العديد من الحالات يأتي بها مواطنون أمريكيون إلى المصحة» وقد لاحظت في العديد من المرات أنهم يتلون صلواتهم ويمارسون طقوسهم داخل المصحة طلبا للشفاء والرحمة الإلهية، بطبيعة الحال، ليس بإمكاني أن أقوم بأي شيء، لأن معالجة المرضى شأن إنساني لا عقائدي، لكن مستعدون للتعاون في حال ثبت أنهم يقومون بأنشطة غير قانونية».
في آيت زكري، كانت كل الأسباب متوافرة ليس فقط لتغيير الديانة أو العوائد، بل حتى التفكير في الانتحار. الشهادات تفيد أن السكان عانوا من أزمة طاحنة للمياه كانت تدفع سكان المنطقة إلى قطع مسافات طويلة»إننا لم نغير ديانتنا في الزلزال وتريدنا أن نغيرها الآن، دعهم يفعلون أي شيء لكن لن يصلوا إلى أي نتيجة». «سيصلون إلى نتيجة يصيح أحد سكان الدوار»إذا استمروا في المنطقة، لا يمكن أبدا أن أصدقهم». نقاش صغير بين سكان الدوار يثبت أنه ليس بمستطاع أحد أن يحسم في نوعية النشاطات التي يقوم بها الأمريكيون في المنطقة». مصادر رسمية ل»المساء» أكدت أن»الأمريكيين لديهم أهداف تنصيرية وتحظى بدعم قوي من جهات خارجية، لكن لا يمكن توقيف أحد دون الاستناد إلى دلائل ملموسة كافية لرفع اللبس عن الموضوع.
في آيت قمرة يبدو الأمر مختلفا جدا، وتشير أصابع الاتهام إلى الأمريكيين بقوة بكونهم يقومون بأنشطة تبشيرية حقيقية عبر بناء المنازل للفقراء والاعتناء بذوي الاحتياجات الخاصة. الاتهامات هذه المرة لا تصدر عن السكان وعن أحاديث المقاهي، وإنما من رئيس الجماعة. يقول رئيس الجماعة فيما يشبه اليقين»الدولة كانت على صواب حينما رفضت إبان الزلزال أن تسمح بدعم مباشر من طرف الأمريكيين للسكان، كانت على صواب لأنهم ليسوا واضحين، ولو سمحت بذلك لكان الأمر ضربا في مصداقية الدولة وهيبتها» مضيفا بنبرة يعلوها الاستنكار»لنفترض أنهم بريئون ولا يقومون بأي نشاط تبشيري فلماذا يبنون بدون رخص ولماذا يصرون على عدم تقديم ملفاتهم إلى الجماعة».
وانتفض رئيس الجماعة قائلا»إنهم يصرون على البقاء بالمنطقة، وهذا أمر يزعجني، أتساءل في هذا الصدد: لماذا يدعون الناس إلى لقاءات خاصة تقام بمنطقة إزمورن، ولماذا يمارسون طقوسهم التعبدية بحضور السكان الذين يتوفرون على مستوى وعي ضعيف، أعتقد أن الأخطر من كل ما ذكرت هو دعوة النساء أيضا إلى لقاءاتهم الخاصة». لا يتوقف الفقيري عند هذا الحد، بل يؤكد أنه أخبر السلطات بطريقة غير مباشرة أن هؤلاء الأمريكيين يحاولون البناء بدون رخص في العديد من المناطق في آيت قمرة.
البناء للفئات المعوزة يظل الهدف الرئيس للأمريكيين المتواجدين بالمنطقة، إذ بنوا منازل عديدة لفائدة بعض العائلات، لكن شراء الأراضي لا يتم عن طريقهم، بل عن طريق مغاربة. هذا ما حدث بالضبط، حين عزم أحد العدول بالحسيمة على تحرير عقد بيع لقطعة أرضية، سأل العدول بدهشة الأمريكيين عن السر الكامن وراء استقدام المغربي لوضع الأرض تحت ملكيته، في غمرة السؤال لاحظ العدول أن وجوه الأمريكيين امتقعت، فرفض أن يحرر عقد البيع بعدما شك في سلوكاتهم.
لأن المهنية تقتضي أن تسمع للطرف الآخر، حاولت «المساء» على امتداد فصول التحقيق أن تقنع الأمريكيين بالحديث للجريدة وشرح وجهة نظرهم في الموضوع، غير أنها لم تفلح، وحتى يوسف وجورج اللذين وعدا بالاتصال ووعدا بالحديث لم نجد لهما أثرا فيما بعد. جوزيف أتقن لعبة الصمت وجورج أغلق هاتفه. مع ذلك تنضح هذه الجمل التي تلفظ بها أحد أعضاء الجمعية الخيرية التي بناها الأمريكيون يآيت زكري بكل ما يمكن أن نعرفه عن وجهة نظرهم»لا نمارس أي نشاط تبشيري وجمعيتنا تساعد الناس والدولة تعلم بوجودنا، ولا نشتغل في الظلام بل في واضحة النهار، ويمكن لك أن تسأل كل الناس الذين ساعدناهم إن كنا يوما قد دعوناهم لاعتناق أي ديانة مهما كانت «.
أولا، يلح الأمريكي على أن الدولة المغربية تعلم بوجودهم في المنطقة ولديها كل المعلومات المتعلقة بهم، بمعنى أن السلطة لو شكت فقط، فإن مصيرهم سيكون المصير نفسه الذي لقيه المبشرون في عين اللوح. ثانيا، يؤكد الأمريكي أن كل الأنشطة التي يقومون بها لا تخرج عن الإطار الإنساني، ويذهب بتصريحاته إلى أبعد مدى، حينما يتحدى الجميع بأن يثبت أنهم «نصروا» أو «مسحوا» أحدا.
شبكات ذات امتداد دولي
سؤال واحد يمكن أن يقود إلى كل شيء: العمل الإنساني الذي يقوم به الأمريكيون والإسبان في مناطق متفرقة من الريف من أين يستمد دعمه، ومن يسنده، كم من الأموال خسر الأمريكيون فيما يسمى بالعمل التطوعي؟ كم من الدعم قدمه الإسبان للجمعيات وبعض التعاونيات؟..إنها أسئلة تأشيرة الجواب بالطريقة التالية. لا يمكن أن يصدق أحد أن الشبكات التبشيرية تشتغل بشكل فردي وبدون تنسيق مع شبكات دولية هدفها الوحيد والأوحد، الترويج لدين دون غيره باستعمال وسائل مشروعة وأخرى غير مشروعة. المعطيات تقول إن هؤلاء يتلقون دعما غير منقطع من شبكات لها امتدادات دولية وتشتغل في أكثر من موضع في المغرب وفي البلدان المجاورة.
كل المعلومات وكل المصادر وكل الشهادات تتفق على حقيقة واحدة مؤداها أنه لا أحد الآن غير التقارير الأمنية بإمكانه أن يحسم في قضية التبشير من عدمها، لكنهم يجمعون أن العمل التبشيري قائم بالريف، سيما مند لحظة زلزال الحسيمة سنة 2004.
محمد الفقيري: الأمريكيون يدعون النساء إلى لقاءات خاصة ويمارسون طقوسهم التعبدية
قال إنهم جاؤوا إلى الجماعة بعد زلزال الحسيمة في 2004
- ما قصة الأمريكيين المتواجدين بالمنطقة بكثرة؟
الأمريكيون المتواجدون بجماعة آيت قمرة، جاؤوا إليها بعد فاجعة الزلزال الذي هز إقليم الحسيمة سنة 2004، ولأن جماعتنا كانت أكثر الجماعات تضررا ونالت عطفا من طرف منظمات رسمية وأخرى غير رسمية. وعليه فقد اقترح الأمريكيون أن يساهموا في تقديم الدعم المباشر للسكان من أجل إعادة إعمار المنازل المنهارة، بيد أن الدولة كانت على صواب حينما رفضت إبان الزلزال أن تسمح بدعم مباشر من طرف الأمريكيين للسكان، لأنهم ليسوا واضحين، ولو سمحت بذلك لكان الأمر ضربا في مصداقية الدولة وهيبتها. بعد أن تبين لهم أنهم ليسوا قادرين على تقديم الدعم المباشر، شرعوا في تقديم مساعدات بسيطة في شكل قضبان الحديد الصغيرة. استمر الأمر على هذا النحو وقدموا مرة أخرى مشروعا لإصلاح المدارس، وبالفعل بدؤوا الأشغال في مدرسة كنت مديرا لها قبل أن تتوقف الأشغال لأسباب غير معروفة. بدوري أتساءل، لقد انتهت عملية إعادة الإعمار، ما السبب إذن في طرح السؤال عن سبب وجودهم في آيت قمرة؟. أرى أن أنشطتهم غير بريئة؟
- تقصد أنهم يقومون بأنشطة تبشيرية؟
أعتقد أن الجواب هو نعم، وثمة العديد من المؤشرات تدل على ما أقول: أول هذه المؤشرات هو المباني التي يشيدونها بدون الحصول على الترخيص، رغم أنني قدمت شكوى ضدهم إلى السلطات المعنية، تفيد أن هؤلاء الأمريكيين يبنون خارج القوانين ولا يقدمون ملفاتهم إلى الجماعة للتأشير عليها. وما لا يعرفه الناس أنهم يحتفظون بمفاتيح المنازل التي يشيدونها. أضيف أن إصرارهم على البقاء هو في حد ذاته يبعث على الشك والارتياب. من جهة أخرى كيف نفهم أن الأمريكيين يدعون بعض السكان إلى لقاءات خاصة يمارسون فيها طقوسهم التعبدية، ويمارسون أيضا شعائرهم بحضور بعض النساء اللواتي استفدن من خدماتهم. في تقديرك، الأمر عاد؟ لا أبدا
- لم تخبروا السلطات، وأنت الذي عهد إليك الدفاع عن مصالح السكان؟
ليس مخولا لي أن أفعل أي شيء، فهناك السلطات الأخرى التي تقوم بهذا العمل، لكن سبق لي أن أخبرت السلطات نفسها أن الأمريكيين يشيدون المنازل خارج المساطر القانونية، مستغلين فقر السكان ومعاناتهم الإنسانية، لكن لم يحدث أي شيء. في السياق نفسه، كنت قد اقترحت أن ندرج القضية في دورة للمجلس الجماعي، لكن لم يكن الأمر متاحا قانونيا. وسبق لي أن قدمت شكاية لدى وكيل الملك لإيقاف أشغال البناء أيضا. وما زاد شكي هو أنهم حينما جاؤوا عندي أول مرة قدموا لي وثائق تظهر فيها نجمة سداسية، وخمنت أن الأمر يتعلق بنشاط ماسوني، لا أريد من وراء تصريحاتي بطولة مجانية، بقدر ما أريد أن ينتبه الجميع إلى الملف باهتمام أكبر.
* رئيس جماعة آيت قمرة بالحسيمة
سفيان بنعلي *: الأمريكي خاطب رجل أمن: لا تنس أنا أمريكي والأخير رد: كن من شئت
أكد أن «داوود» كان يمارس أنشطة تبشيرية في منزله بحي ميرادور
سفيان بنعلي كان حاضرا يوم اعتقال الأمريكي المتهم بممارسة أنشطة تبشيرية برفقة أربع فتيات قاصرات، يحكي ل«المساء» تفاصيل الاعتقال، وعن ردود الأفعال التي قام بها «داوود» وعن علاقاته بالأنشطة التبشيرية
- كيف تنظر إلى اعتقال المواطن الأمريكي برفقة أربع فتيات، في تقديركم، هل يتعلق الأمر بنشاط تبشيري؟
ليس هناك شك في أن هذا الأمريكي يقوم بأمور مشبوهة، بحيث بمجرد السماع أنه يستقطب قاصرات ويدخلهن إلى منزله ويتلاعب بعقولهن ويغريهن بمبالغ مالية وألبسة ودمى صغيرة حسب ما جاء على لسان الفتيات القاصرات اللواتي يترددن على منزله، فيما يتعلق بقيامه بعملية تبشيرية فهي واضحة وضوح الشمس أثناء النهار، بل أكثر من ذلك فإن الأمر يبدو أكثر وضوحا عندما نتحدث عن ما يجري في مناطق اشتغالهم (أيت قمرة تازاغين و ايت داوود) غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو أنه لماذا يستقطب القاصرات ولا يتعامل ولو بكلمة مع القاصرين، مما يفتح المجال على طرح أسئلة إضافية.
بالفعل منذ سنوات تترد على شقة الأمريكي بين الفينة والأخرى سيارات ذات الترقيم الذي يعود إلى مدينة مليلية، وأغلب هذه السيارات من نوع «كاتكات» رباعية الدفع التي تسهل عملية التنقل بين قرى الريف.
- كنت حاضرا أثناء اعتقال المواطن الأمريكي، ما الذي حدث بالضبط؟
أثناء اعتقال المواطن الأمريكي كنت حاضرا، حيث حج إلى أمام المنزل الذي يكتريه جمهور غفير من سكان حي ميرادور الأسفل، الذين يعرفون أن الأمريكي يقوم بأشياء غير عادية في منزله، خصوصا وأنهم يعلمون أنه يستدرج إلى منزله قاصرات يتحدرن من عائلات تعيش في وضعية شديدة الهشاشة، أما عائلات الفتيات القاصرات، لم تكن تعلم أن الأمر يتعلق بأنشطة تبشيرية، بل كن يعتقدن أنهن يشتغلن عند الأمريكي كعاملات بيت. وهنا يمكن أن نتحدث عن مشكل آخر، وهو تشغيل القاصرات والتجاوزات التي تلحق بهن، هذا إذا افترضنا أنهن يشتغلن عند ذاك المواطن الأمريكي. فعلا عاينته لحظة اعتقاله وهو يردد مقولة أثناء مخاطبة أحد رجال الأمن، لا تنس فأنا مواطن أمريكي ليرد عليه الشرطي» أدخل إلى السيارة فكن ابن من شئت». وقد اقتادت الشرطة محجوزات من كتيبات وأقراص إلكترونية وجهاز كومبيوتر تم تكسيره من لدن الأمريكي قبل عملية الاقتحام، حيث إنه علم بوجود رجال الشرطة خارج منزله بعدما رآهم من النافذة .
- هل يدل ذلك على وجود شبكات تبشيرية بالريف؟
شبكات التبشير موجودة بالحسيمة منذ الاستعمار الإسباني للمنطقة، ومازالت موجودة إلى يومنا هذا، لكن أنشطة المبشرين تنتعش بالمناطق القروية الفقيرة، والتي تعرف نسبة كبيرة من الأمية تتجاوز الثمانين في المائة.
* عضو جمعية ميرادور السفلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.