صورة مذهلة.. "ناسا" ترصد أكبر عاصفة شمسية تعرض لها كوكب الأرض    دياز والنصيري يواصلان تألقهما في الدوري الإسباني    الأصالة والمعاصرة يشيد بحصيلة الحكومة وينتقد قساوة الأحكام السطحية الشعبوية    كأس العرش: الرجاء البيضاوي أول المتأهلين إلى نصف النهائي بعد فوزه على حسنية أكادير    الرجاء يهزم الحسنية ويبلغ نصف نهائي كأس العرش    العوني تبلغ نهائي أنطاليا للتنس    حزب الأصالة والمعاصرة يعلن بدء التحضير مبكرا لانتخابات 2026 بهدف "الحصول على المرتبة الأولى"    مشروع خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال    كأس الكونفدرالية الإفريقية.. نهضة بركان سيسعى لتقديم مباراة كبيرة أمام الزمالك تليق بسمعته وطنيا وقاريا    المنصوري: الحكومة تنقصها "لمسة الشعبوية" والتعديل الحكومي مهم لضخ نفس جديد    حماس تعلن وفاة أحد الرهائن الإسرائيليين متأثرا بإصابته في غارة جوية    تحذير وزاري لمستعملي الطرق السيارة    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    انطلاق المهرجان الدولي للفروسية "ماطا" بمنطقة "بن مشيش"    الأزمي ينتقد تضارب المصالح في الصفقات العمومية الكبرى واستخدام قوانين المالية لذلك    القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية تكشف تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي"    شبكات المخدرات تواصل عملياتها بسواحل الجديدة.. الدرك أوقف 6 متهمين والمهربون نجحوا في تمرير 95 رزمة حشيش    مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    العين الإماراتي يسقط ذهابا أمام يوكوهاما الياباني في ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    فاطمة سعدي ضمن لائحة أعضاء المكتب السياسي للبام    نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    دار الشعر بتطوان تفتتح ليالي الشعر في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الكراوي يتناول "معطيات مرجعية" لتجربة تدريس العلوم الاقتصادية في المغرب    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة        الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الكريم غطاس حفيد لالة عائشة البحرية في تجربة جديدة
ملتصق بالبحر وبالواقع اليومي وبثقافة الهامش والمنسي
نشر في المساء يوم 26 - 03 - 2009

يتواصل معرض الفنان عبد الكريم غطاس إلى غاية 19 أبريل برواق فن وتجميل بالسيال، وقد تم افتتاحه في 19 مارس.
ويعد المعرض ثمرة لأربع سنوات من العمل، وهو يعكس تجربة جمالية امتدت على مدار أربعين سنة لهذا الفنان الذي يرفض تصنيفه في إطار مدرسة محددة. فلوحاته ذات طابع تجريدي هندسي وغنائي متوهجة الطاقة اللونية في تدرجها الطيفي والمونوكروني أحيانا.
عبد الكريم حفيد لالة عيشة البحرية لا يشبه أحدا إلا نفسه، كما قال أحد أصدقائه، لذا فهو لا يؤمن بانتمائه لأسلوب معين بقدر انتمائه للحياة.
يقول عبد الكريم: الأسلوب والمدرسة ذهبا في القرن السابع عشر مع الجماعات الفنية، فالتجريد وغيره من قواعد الفنون التشكيلية وأصولها، التي يفترض أن يتقنها الفنان، وعليه فأنا أخضع لزماني، وأبجديات الرسم أعرفها من ألفها إلي يائها، مذكرا بتجربته سنة 1994 حيث كلف بوضع اللوحات الخلفية المركبة بمناسبة عيد الشباب، اعتمادا على 1200 طفل، حينها ظن الناس أن اليابانيين هم من كانوا وراء المشروع.
ويشير عبد الكريم غطاس إلى أن التشكيلي مثل الصحفي أو الكاتب إذا لم يكن متملكا لأدواته ولقواعد الكتابة وملما بموضوعه، فسيجد نفسه بلا هوية تحدد صفته. لذا فهو يجد نفسه قادرا على التعاطي مع البورتريه والطبيعة الحية والميتة.
وبذلك يعلن غطاس ضمنيا أنه مقيم في ملكوت الفن وفي رحابه، يختار موقعا له وزاوية رؤية يطل من خلالها على العالم وعلى الحياة ومنها يتعلم. و في هذا السياق، يرى أن لوحاته تعبر عن القاع.
ويقول:” اخترت القماش الخشن”الخيش” ولم أختر أثواب الحرير، فهو يوحي بالبساطة والتواضع ونتوءاته تجعل الضوء طافحا لأنه يسمح بتسربه فتستلذه عين المشاهد، ويسهم في ضبط الإيقاع والحركة بالنظر إلى توزيع فضاء اللوحة اعتمادا على الكولاج والخيوط والتدرج اللوني، لذلك فهو يعتبر أن هذا العمل، أي المعرض الأخير، له اتصال بالأوضاع الاجتماعية والنظام الاجتماعي وغيرها من العوامل التي تحرك الحياة”.
المعرض أو اللوحات وكعادة عبد الكريم لا تحمل عناوين، ويرجع ذلك إلى رغبته في أن يترك للمتلقي مساحة حرة في تمثل وإدراك اللوحة بحسب أحاسيسه وتربيته، من العامل بالميناء إلى المثقف الأستاذ الجامعي والصحفي...، ولا يهم غطاس في أن يقال عنه تشخيصي أو تجريدي، فالتجريدية عنده موجودة في الحياة قبل النظرية، وفي عمق هويتنا الثقافية قبل ان نتعرف عليها عند الغرب، مستدلا على ذلك بالأشكال الهندسية والتجريدية التي تعج بها العديد من المناطق المغربية مثل زاوية قرية تكنادفت المميزة بزواق العود، و الزربية برسوماتها التعبيرية. و يقول غطاس : “ما قلناه عن الأشكال يمكن قوله عن المواد والألوان المستمدة من طبيعة البيئة، فقد تكون صلبة أو رخوة، حارة أو باردة” عاقدا المقارنة في هذا السياق بين الزربية و”الهردال” والطبق والميدوزا، فالأول مادته من الدوم صلبة ولونه أصفر حار لارتباطه بمناخ ساخن، فيما الثاني لونه أخضر ورخو لعدم تعرضه للشمس اللافحة، في إشارة منه إلى انتماء كل منهما لمنطقة مختلفة عن الأخرى: مراكش و إيفران.
وعلى هذا الأ ساس، يوجه الدعوة للفنانين لكي ينهلوا من الطبيعة، ومن ثراء الموروث الثقافي مثل النحت على الخشب، المجوهرات وما خلفه اليهود المغاربة من صياغات للذهب والفضة....
واستحضر غطاس الألوان القديمة كاللون«الحمصي»نسبة إلى الحمص، والحمامي الموجود بطوق الحمامة «البنفسجي».
غير أن هذه الدعوة لا تلغي أهمية الدراسة في نظره حتى لا يتحول التعامل مع الطبيعة إلى تعامل ساذج كلجوء بعض الفنانين إلى توظيف الحناء في الصباغة بحثا عن تميز، لكنها لا تعمر طويلا، متسائلا:« كيف يعقل في زمن العولمة أن يقفز الواحد منا على صباغة أعدتها أطر شركة ومهندسون استغرقوا في الدراسة ثماني سنوات ويعرفون كيف صنعت هذه المادة والمراحل التي مرت بها في المختبر؟». ويفتح عبد الكريم قوسا من باب التندر ليشبه هؤلاء العباقرة الذين يحاولون القفز على معطيات الواقع بشخص فطن إلى تبييض أسنانه بالفحم، لأنه لم يكن يِومن بفعالية معجون الأسنان.
وعلى هذا الأساس، يعتبر عبد الكريم الفنان التشكيلي بمثابة مخرج أو مسير اوركسترا، وإن كان الأشخاص الذين يتعامل معهم لا يظهرون في الواجهة، فاللوحة في حاجة إلى إطار، وتلك مهمة النجار الذي لا يمكن للفنان أن يفهم أحسن منه والقماش يأتي مصنوعا، والصباغة كذلك.
ويستطرد قائلا: «ما يجب أن يكون الفنان ملما به هو تهيئة القماش، السند، الفضاء، اللوحة، إضافة إلى قواعد الفن، لا شيء يأتي بالفطرة» فهو لا يؤمن بالمدرسة الفطرية، فهذا جانب متعلق بالطفل وهي تعبر عن إحساسه والمكان الذي عاش فيه. وقد وجد غطاس أن الطفل الذي يرسم بالأحمر والأسود يكون والداه مطلقين، والذي يشتغل بالأخضر والأزرق يعيش استقرارا ماديا ومعنويا، مؤكدا احترامه لكل الفنانين الذين يندرجون تحت هذه التسمية، والذين تركوا بصماتهم على الفن التشكيلي المغربي.
وأبرز غطاس أن هذه التسمية صنيعة الاستعمار من خلال ما كان يروج له من «كارتبوسطالات» : مروض الأفاعي، سيدي رحال، قالع الأضراس، مروض القرود...
وعرج غطاس على بعض المحطات في تاريخ الحركة التشكيلية المغربية، التي يمثل واحدا من رعيلها الثاني، حيث التحق بمدرسة الفنون الجميلة سنة 1964، ثم بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس، ليعود سنة 1974 مدرسا بالمدرسة التي أنجبته، وكان أول معرض له سنة 1970، كما شارك في معارض وطنية ودولية أهمها «النحت على الجليد» بكندا والولايات المتحدة.
يقول عنه الأستاذ عثمان بن عليلا «غطاس فنان عميق في إنسانيته وأصيل في فنه، يتميز بعمق الإنصات، ولوحاته تحتفي باللون والتناسق والتناغم، وتنطوي على صمت إنساني جميل» .
ويقول عنه الناقد إبراهيم الحيسن: دأب الفنان عبد الكريم غطاس منذ بواكيره الفنية الأولى على الاهتمام بتكوينات هندسية متناسقة تعكس حسه الرياضي (من الرياضيات). ولعل ما يميز هذا الفنان في تجربته الصباغية القديمة والجديدة هو حرصه الإبداعي الشديد على منح اللوحة طاقة لونية اصطلاحية موسومة بالتدرج الطيفي والمونوكروني أحيانا..إنها حركة دائمة تتفجر في عمق اللوحة، خالقة بذلك تراكيب وتوليفات لونية متحوّلة على إيقاعات بنائية متجددة..صافية ودينامية تعكس المرونة والحيوية وروح الدعابة التي يتميّز بها الصديق عبد الكريم غطاس إنسانا ومبدعا.
وفي مرحلة إبداعية موالية، أصبح الفنان غطاس يميل- في سياق التجريب وتعميق البحث الجمالي- إلى إنتاج لوحات أخرى ممتدة لتجاربه الصباغية السابقة و أكثر التصاقا بالواقع الاجتماعي، ويفسر ذلك لجوؤه إلى الاشتغال على وسائط وسنائد بسيطة مستعارة من اليومي ومن ثقافة الهامش والمحيط المنسي..،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.