في خطوة تعكس حالة الاستنفار بعد قرار المحكمة الإدارية بمراكش إلغاء نتائج انتخابات دائرة المنارة التي حملت فاطمة الزهراء المنصوري، وكيلة اللائحة الإضافية لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى منصب عمدة المدينة، عقد المكتب الوطني لهذا الأخير، الذي انتقل بكامله إلى المدينة الحمراء، اجتماعين طارئين بشكل منفصل أول أمس بمراكش، بحضور مؤسس الحزب فؤاد عالي الهمة والأمين العام محمد الشيخ بيد الله، لتدارس الخطوات التي يزمع الحزب اتخاذها تجاه القرار الذي فوجئ به، بعد عدة معارك خاضها للظفر بمنصب العمودية. وعلمت «المساء» بأن الاجتماع الأول كان مع العمدة، فاطمة الزهراء المنصوري، ورؤساء المقاطعات المحسوبين على الحزب، بينما جمع الثاني كلَّ مستشاري المدينة بأعضاء المكتب الوطني. وخلال الاجتماع الأول، قدمت المنصوري تقريرا مفصلا عما اعتبرته ضغوطات تعرضت لها منذ توليها مسؤولية تسيير مجلس المدينة من قبل والي ولاية مراكش منير الشرايبي، كشفت فيها -حسب مصادر من داخل الحزب- أن الوالي طلب منها تفويض رئاسة لجنة التعمير إلى مستشار من حزب التجمع الوطني للأحرار. وأن ترفع يدها عن جميع المشاريع المهيكلة بالمدينة وتسمح له بالانفراد بالإشراف عليها، وألا تخوض نهائيا في التجربة السابقة التي قاد خلالها عمر الجزولي مجلس المدينة، وأن تدعم عبد العالي دومو، من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي قرر الترشح لرئاسة الجهة، وأن تساعده في تمرير مشروعين اثنين بالمدينة دون أن تتدخل في شأنهما. وختمت المنصوري تقريرها، الذي أثار استياء أعضاء المكتب الوطني للحزب، حسب مصادرنا، بالقول إن ممثل السلطة المحلية تعامل معها، منذ البداية، بمنطق التعليمات. وقال عضو من المكتب الوطني، رفض الكشف عن اسمه، في تصريح ل«المساء» عقب اختتام الاجتماع الأول، إن الحزب قرر «نهج كل الخطوات التي من حقها أن تعيد حقنا»، مضيفا أن عمودية مجلس مدينة مراكش «حق مكتسب لا غنى عنه». وشكل حزب الأصالة والمعاصرة لجنة أسماها «لجنة تدبير أزمة مراكش»، تعكف حاليا على وضع الصيغ المناسبة للطعن في حكم المحكمة الإدارية بالمدينة، وتتدارس الجانب القانوني للقرار لمعرفة آليات الطعن، والجانب السياسي لمعرفة ما إن كان القرار يدخل في إطار خطة تستهدف الحزب، والجانب الإعلامي لمعرفة أثره على صورة الحزب أمام الرأي العام. واستنتجت اللجنة -حسب مصدر مطلع من الحزب- أن حكم المحكمة «ليس حكما قضائيا» لأنه لم يتم إخبار الأطراف المعنية به ولم تعط فرصة للدفاع، وأن المحكمة عندما أرادت تبليغ قرارها للمنصوري راسلتها على عنوان مقر حزب العدالة والتنمية بمراكش وليس على عنوانها الشخصي، وأعرب الحزب، في هذا الخصوص، عن استغرابه كون المحكمة لا تعرف عنوان عمدة المدينة المنتخبة. وأكدت اللجنة أنه لم يسبق في تاريخ القضاء المغربي أن تم إلغاء نتائج اقتراع داخل دائرة انتخابية بسبب تسرب الورقة الفريدة، التي استندت إليها المحكمة. وقرر الحزب، بناء على تلك الملابسات، استئناف الحكم ورفع دعوى قضائية ضد والي مراكش، ممثل السلطة المحلية، لكونه لم يفتح أي تحقيق في الموضوع، بعد توصله إلى خلاصة تقول إن الملف ليس ملفا قانونيا بل ملفا سياسيا تعتبر السلطة المحلية طرفا فيه. وعلمت «المساء» من قيادي في الأصالة والمعاصرة أن المكتب الوطني للحزب وجه رسالة إلى منتخبيه ورؤساء الجماعات المنتمين إليه يدعوهم فيها إلى مقاطعة اللقاء الذي سيعقده وزير الداخلية مع رؤساء الجماعات المحلية الأسبوع الحالي، وأشار المصدر إلى أن القرار هو تعبير عن احتجاج للحزب على وزارة الداخلية بخصوص تسرب أوراق انتخابية استند إليها مرشح الجبهة بمراكش للإطاحة بعمدة المدينة. هذا، وقررت مجموعة من المكاتب الإقليمية للأحزاب «المتضررة» من قرار المحكمة، خلال اجتماعاتها مساء أول أمس الثلاثاء، الطعن في الحكم، إلى جانب السلطة التي كانت طرفا مباشرا في الطعن المقدم. وعبر بعض المنتخبين، في اتصالات مع «المساء»، عن استغرابهم عدم إخبار الأحزاب بالحكم الصادر، كما أن معلومات تشير إلى أن ولاية مراكش لم يتم إخبارها بالطعن، على اعتبار أن الطعن، الذي تقدم به ربيع الكوتري، مرشح حزب جبهة القوى الديمقراطية، والحسنية الرويسي، وكيلة اللائحة الإضافية للحزب نفسه، يشير إلى السلطات المحلية. وفي موضوع ذي صلة، علمت «المساء» من مصدر مقرب من فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مراكش، بأن الأخيرة ألغت مواعيدها التي كانت مقررة يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين بمقر القصر البلدي بالمدينة الحمراء. وأوضح المصدر ذاته أن العمدة لم تعد تقوى على العمل بعد صدور قرار المحكمة الإدارية. كما ساد اضطراب في سير العمل بالقصر البلدي بعد شيوع خبر حرمان العمدة الجديدة من منصبها. من جهته، رفض عدنان بنعبد الله، رئيس مقاطعة المنارة، الاشتغال في مقر المقاطعة بسبب «افتقار البناية إلى المعايير اللازمة»، حسب قوله؛ وأوضحت مصادر «المساء» أن الشقوق عمت البناية، وأن وضعية المقاطعة تزداد سوءا خلال فصل الشتاء. وانتقل بنعبد الله إلى مقر جديد إلى حين إصلاح بناية مقاطعة المنارة. هذا، ومن المقرر أن يجتمع مجلس المقاطعات، الذي يضم رؤساء هذه المقاطعات، اليوم الخميس من أجل مناقشة عمل المقاطعات وبرنامج كل واحدة خلال المرحلة الحالية.