حياة عشرات الأطفال المرضى، ومنهم معاقون ومصابون بأورام سرطانية ينتمون إلى أسر فقيرة، أصبحت مهددة في أية لحظة نتيجة قرارات إدارية تعترف فقط بلغة الحسابات المالية بعد أن تم رفض استقبالهم من طرف مستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي ابن سينا لعدم قدرتهم على الأداء. أطفال يعانون من أمراض مستعصية وخطيرة وآخرون عجزت المستوصفات والمستشفيات الإقليمية ببعض المدن عن علاجهم ليتم إرسالهم إلى المستشفى الجامعي بالرباط، كخطوة أخيرة تنقذ حياتهم، لتصدم عائلاتهم بعد رحلة طويلة ومتعبة بأن العلاج في المستشفيات العمومية أصبح شبيها بنظيره في المصحات الخاصة، وأنه يتعين دفع مبالغ لا طاقة لهم بها، قبل مباشرة الإجراءات الإدارية لقبول أطفالهم كنزلاء في المستشفى. مصادر مطلعة أكدت أن الأداء أصبح إلزاميا، مقابل جميع الخدمات التي يقدمها المستشفى، بموجب قرار اتخذ من طرف الإدارة الجديدة للمستشفى التي أعطت أوامر واضحة وصارمة من أجل تحصيل مبالغ مالية محددة مقابل الفحوص والتحاليل التي كانت في السابق مجانية بالنسبة إلى بعض الحالات، كما هو الشأن بالنسبة إلى الأطفال المصابين بالسرطان، وهو القرار الذي ربطته ذات المصادر بمحاولة الإدارة الجديدة إظهار «حنة اليد» في سبيل سد العجز المالي الذي يعاني منه المستشفى والبالغ مليار سنتيم من جيوب أسر فقيرة جاءت من مناطق نائية تحمل ملفات طبية ثقيلة وشهادات ضعف لم يعد المستشفى يعترف بها. أمّ تنتمي إلى مدينة بني ملال لم تجد من عزاء غير الدموع بعد أن اعتذر إليها أحد الممرضين بلطف عن استقبال ابنها الذي يوجد في وضع صحي حرج لترابط أمام المستشفى لساعات، في انتظار سيارة بيكوب ستحملها إلى قريتها البعيدة وهي تحتضن طفلها الذي سيتعين عليه أن يدفع ثمن فقر أسرته وثمن سياسة صحية تبنت شعار «إدفع أو غادر». نفس المصير تلقاه يوميا مجموعة من الأسر التي تقصد المستشفى من مختلف أنحاء المغرب، مما دفع إحدى العاملات بالمستشفى إلى الدخول في مشادات كلامية حامية مع المديرة الجديدة للتنديد بهذا الوضع الذي وصفته مصادر من داخل المستشفى ب«اللاإنساني»، وأشارت إلى أنه يقع تحت طائلة المساءلة الجنائية في إطار عدم تقديم المساعدة إلى أشخاص في وضع خطير. إلى ذلك، بدأت تداعيات التسيير الارتجالي الذي عاني منه المستشفى لمدة طويلة تظهر بوضوح بعد أن توقفت بعض المركبات الجراحية عن العمل نتيجة عطب أصاب آلة التعقيم، مما أدى إلى تأجيل عدد من العمليات الجراحية وتمديد فترة إقامة الأطفال بالمستشفى رفقة أمهاتهن اللواتي ينمن على الأرض في ظروف تحمل كل معاني الإهانة. «المساء» اتصلت بإدارة المستشفى من أجل توضيح موقفها مما يحدث، إلا أن الهاتف ظل يرن لمرات دون أن يجد مجيبا.