سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإسماعيلي العلوي: الشلواطي أخبرني أن أوفقير كان يريد الانقلاب بواسطة «القوات المساعدة» قال إن بلعالم كاتب الداخلية كان على علم برغبة أوفقير في الانقلاب على الحسن الثاني
هناك العديد من الشخصيات التي ساهمت في صنع التاريخ المغربي، سلبا أو إيجابا، توارت إلى الخلف ولم تستعذب يوما لعبة الأضواء، ولأن التاريخ لا تصنعه الشخصيات «الشهيرة» فقط، فإن الكثير من المعلومات ضاعت في أتون الصراع السياسي والحسابات الشخصية. عبد الكبير العلوي الإسماعيلي، صاحب دار نشر منشورات «الزمن» الشهيرة، واحد من هاته الشخصيات، التي كان لها دور حاسم في قضية الصحراء في الكثير من المحطات، وإذا كان يرفض صفة «عميل المخابرات المغربية»، فإنه يؤكد أنه تعاون معها في الكثير من اللحظات الحساسة. على كرسي الاعتراف، يحكي العلوي الإسماعيلي أسرارا غاية في الحساسية عن قضية الصحراء ودور إدريس البصري وعلاقاته المتشعبة مع النظام الليبي، كما يتوقف عند لقاءاته بالملك الراحل الحسن الثاني، ويشرح كيف أخبره في إحدى الجلسات الخاصة أنه يتوفر على معلومات تؤكد قرب القيام بمحاولة انقلابية جديدة بالمغرب. – إلى حدود اللحظة لم تحك لي دورك الحقيقي في ملف الصحراء حينما كنت بألمانيا. في كل لقاءاتي بالصحافيين والمسؤولين الألمان، كنت أثير ملف الصحراء، وقد كان يمر وقتئذ بلحظات حساسة جدا تستدعي تآزر جهود الجميع. ولن أنسى أنه في سنة 1975، علمت أن الحكومة الألمانية ستسمح بافتتاح مكتب للبوليساريو، ولاحتواء الموقف، أخذت موعدا من السفير المغربي في بون عبر سكرتيره جواد الحمدي. وبالفعل التقيت بالسفير، وتحدثنا طويلا، ثم أثرت معه موضوع فتح مكتب جديد للبوليساريو بعد أن سمحت الحكومة بذلك. والحق أني لم أتوقع بتاتا رد السفير على ما قلته له، إذ قال لي بالحرف: «أولدي الملك كيعرف أش كيدير»، بينما كنت أنتظر منه التحرك بشكل عاجل كي لا يحدث الأمر لأنه سيشكل ورقة رابحة لخصوم الوحدة الترابية، الذين كانوا يفعلون كل شيء من أجل التغلغل في أوربا. غادرت مكتب السفير حزينا جدا، لكن في اليوم الموالي زارني شخصان، لا أعرف إلى حدود اليوم هويتهما الحقيقية، وقالا لي إن ما قلته للسفير حقيقي وعليك أن تنقله للسلطات بالرباط، وعرضا علي تذكرة للطائرة وحجزا لي كل شيء بالمغرب وقالا لي إنك ستجد من ينتظرك هناك. وقد رفضت ساعتئذ العرض مجيبا: «أنا أعرف الدولة المغربية وليس أحدا آخر». – لا أفهم صراحة كيف تستقبل شخصين مجهولي الهوية في منزلك، ثم تقول لا أعرفهما، يبدو كلامك متناقضا. صدقني، لم أعرف هويتهما، ولم أسع لمعرفة ذلك. بطبيعة الحال خمنت أن يكونا من جهاز الاستخبارات المغربية، لكن المبدأ الذي أتعامل به دائما هو الاشتغال مع الدولة المغربية وليس مع الأشخاص. – لم يعرفا بنفسيهما؟ رفضا ذلك، وقالا لي ستعرف كل شيء بالمغرب. – ماذا حدث بعد ذلك، هل افتتح البوليساريو مكتبه ببون؟ عم، بعد ستة أشهر بالتحديد، استطاع البوليساريو أن يفتتح مكتبا في ألمانيا بعدما كان عاجزا عن ذلك، وقد اتصل بي السفير لحظتئذ من أجل التعاون في إيجاد حل للمشكلة التي اتخذت أبعادا كبرى، وقلت له إن «المريض قد مات». – في بداية السبعينيات من القرن الماضي، تعرض نظام الحسن الثاني لمحاولتين انقلابيتين، هل تتوفر على أي معلومات حول الموضوع؟ ما أعرفه عن الموضوع، لكن متيقن من أنه صحيح، هو أني كنت ألتقي دائما أحمد الشلواطي، أخ العقيد الشلواطي، الذي شارك في المحاولة الانقلابية الأولى، وقد أخبرني أنه في سنة 1968 في مدينة الحسيمة، كان مع الجنرال أوفقير بحضور كاتب الدولة بالداخلية بلعالم وأخيه الشلواطي والحاج الخروف مدير «الديستي» في مكناس آنئذ، ولم يلبث الجنرال أن سأل بلعالم إن كانت هناك إمكانية للقيام بانقلاب على نظام الحسن الثاني بواسطة القوات المساعدة. ثم إن أوفقير كال كل أنواع السباب للأحزاب السياسية المغربية، وكان يقول إنها ليست صالحة لتسيير المغرب، حسب ما نقله إلي أحمد الشلواطي. – كيف كان رد الشلواطي وبلعالم؟ قالوا له إنه يستحيل القيام بذلك. – أفهم من كلامك أن كاتب الدولة في الداخلية بلعالم كان على علم أن أوفقير يريد القيام بمحاول انقلابية. نعم كان يعرف، لكنه لم يكن متواطئا أبدا، وصيغة الجواب تدل على ذلك. – ألم يخبر الحسن الثاني بمضمون الحوار الذي دار مع أوفقير؟ لا أعرف. لكن الذي نقله لي الشلواطي أن الجنرال أوفقير كان دائما متوترا، خاصة حينما تثار مواضيع سياسية ولم يكن يتمالك نفسه، ويبدو عنيفا في أجوبته كلما تعلق الأمر بموضوع سياسي. – أعود بك إلى علاقتك بملف الصحراء، هل تعاونت مع السفارة المغربية بعد افتتاح مكتب البوليساريو؟ لا أبدا، فالسفارة المغربية لم تكن تشتغل بشكل جيد وفعال، وكانت دائما تنتظر الأوامر، ولا أرى أن هذا هو دورها الأساسي. في تلك الفترة بدأت معركة أخرى، تتمثل في محاصرة جبهة البوليساريو في المؤتمرات الدولية وفي المحافل الدولية، وكنا نعبئ آلاف المغاربة من أجل ذلك من كل أنحاء أوربا، ومازلت أتذكر أن المئات من المغاربة لبوا دعوتنا للتظاهر بألمانيا ضد جبهة البوليساريو، وسأحكي لك في حلقة مقبلة عن الدور الليبي في ذلك.