معتقل تمارة السري يطلق عليه البعض إسم غوانتانامو المغرب، فيما آخرون يسمونه ب«السجن الأخضر» لوجوده وسط غابة بالقرب من حديقة الحيوانات، لكن يجمع كل من مر في دهاليزه أنه معتقل للتعذيب يقع خارج خارطة السجون القانونية. وعاد هذا المعتقل إلى الواجهة، الخميس الماضي، عندما طالب فريق العدالة والتنمية بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في أسرار هذا المعتقل الذي أصبحت له شهرة دولية بفضل الضيوف الذين حلوا به على عهد الجنيرال حميدو لعميكري.وفاجأ مصطفى الرميد، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، أثناء لقاء للجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، وزير العدل عبد الواحد الراضي عندما طالب ب«إحداث لجنة لتقصي الحقائق حول ما يجري في معتقل تمارة».وقال الرميد، في تصريح ل«المساء»، إنه دعا إلى إحداث هذه اللجنة اقتناعا منه بأن ظاهرة اختطاف وتعذيب المعتقلين مازالت قائمة في المغرب من طرف بعض الأجهزة الأمنية بمختلف مستوياتها، سواء «الديستي» أو الشرطة القضائية، مشددا على أن إحداث هذه اللجنة يتماشى أيضا مع كون المغرب صادق على الاتفاقية المتعلقة بتجريم التعذيب وأحدث هيئة الإنصاف والمصالحة وقدم تعويضات مالية عن انتهاكات الماضي للعديد من الضحايا.وقال الرميد إنه من المهم جدا أن تكون للمغرب أجهزته الاستعلاماتية لحماية أمن الوطن والمواطنين لأنه ليست هناك دولة واحدة، بما فيها الدول المتقدمة، لا تتوفر على مثل هذه الأجهزة، «لكن، يستدرك الرميد، المفروض ألا تتجاوز الأجهزة الاستعلاماتية إلى مستوى إلقاء القبض والبحث مع المتهمين لأن هذا من اختصاص الشرطة القضائية». وحسب الرميد، فإن وكلاء الملك غير مسموح لهم بزيارة معتقل إدارة الديستي باعتبار أن هذا الجهاز لا يقع تحت مراقبة الشرطة القضائية، مشيرا إلى أن المشكل الذي يعوق حاليا إحداث هذه اللجنة لتقصي الحقائق هو أن الدستور المغربي يفرض أن يتم التصويت عليها بأغلبية مطلقة داخل مجلس النواب.واعتبر عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن مطلب إحداث لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول أشكال التعذيب، التي مورست ضد معتقلي تمارة، مطلب ديمقراطي وموضوعي، مشددا، في تصريح ل«المساء»، على أن جمعيته كانت سباقة إلى طرحه منذ عدة سنوات على خلفية فرضيات التعذيب الذي راح ضحيته معتقلو الخلية النائمة سنة 2002. وقال أمين إن معتقل تمارة رمز من رموز الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل ما يسمى بالعهد الجديد. وأضاف أن جمعيته تلقت العديد من الشهادات لمعتقلين مروا من هذا المعتقل، حكوا فيها عن ألوان التعذيب التي مورست ضدهم، «بل إن هذا المعتقل، يقول أمين، احتجز فيه طفل، هو إلياس كريم المجاطي، وهو الآن في حالة صحية خطيرة».وحول «السرية» المنسوبة إلى معتقل تمارة، قال أمين إن هذا المعتقل سري وغير سري في الآن نفسه، سري لأنه تابع لمؤسسة استخباراتية من مؤسسات الدولة، وهي إدارة مراقبة التراب الوطني، وهو غير سري بحكم الاعتقالات التي تتم فيه خارج القانون، مؤكدا، في الوقت نفسه، أن معتقل تمارة يشبه معتقل درب مولاي الشريف الذي كان مركزا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لكنه كان أيضا مركزا لكل أنواع التعذيب والانتهاكات الحاطة بكرامة الإنسان.وكان قرابة ألف معتقل، ينتمون إلى ما يسمى ب«السلفية الجهادية»، موزعين على عدد من السجون المغربية بعد مرور عامين على أحداث ال16 من ماي، طالبوا في بيانات متعددة بفتح تحقيق بشأن التعذيب الذي تعرضوا له داخل معتقل تمارة أثناء التحقيق معهم، وحرروا رسائل في كتاب من 300 صفحة بعنوان «هكذا عذبونا وانتهكوا حقوقنا...». إلى ذلك، قال وزير العدل عبد الواحد الراضي، في معرض حديثه بلجنة العدل والتشريع حول استمرار ظاهرة التعذيب والاختطاف، إن «الاختيار الديمقراطي بالنسبة إلى المغرب خيار استراتيجي وليس ظرفيا لأنه ليس أمامنا إلا هذا الخيار»، مؤكدا أن المغرب سيمضي في هذا الاختيار رغم وجود جيوب مقاومة.وارتباطا بالموضوع، قال عبد النبوي، مدير الشؤون الجنائية والعفو، الذي كان يرافق وزير العدل في لجنة العدل والتشريع، إن مركز تمارة لا وجود فيه لمكان للاحتجاز، مؤكدا أن هذه البناية مجرد مقر يحتوي على مصالح إدارية. ونفى عبد النبوي أن تكون عناصر مديرية مراقبة التراب الوطني تتوفر على صفة الشرطة القضائية,