حذر تقرير، صدر في أعقاب أشغال المنتدى الاجتماعي المغاربي الذي انعقد مؤخرا ببوزنيقة، من مغبة الاستمرار في هدر الموارد المائية بفعل التلوث المتزايد الذي يطال المياه السطحية والجوفية بالمنطقة المغاربية وكذا انعكاس اختيارات السياسات الرسمية على المياه بالمنطقة سواء على مستوى السياسة السياحية خصوصا بالنسبة إلى المغرب وتونس، من خلال «تشييد ملاعب الكولف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، والمركبات السياحية الضخمة كحالة فديسا والشاطئ الأحمر بمراكش. وتطرق التقرير بالتحليل إلى إشكالية الماء في الدول المغاربية، خاصة المغرب، الجزائر وتونس، حيث تعرف هذه الدول قواسم مشتركة على مستوى المعطيات المناخية والبيئية وعلى مستوى الموارد المائية وأنماط استهلاكها. وتطرق المشاركون في هذا المحور إلى الضغط المتزايد على الموارد المائية بفضل ارتفاع الاستهلاك الناتج عن النمو الديمغرافي، وبالتالي تزايد استعمالات الماء في المجالات المنزلية والصناعية والزراعية والسياحية. كما تطرق التقرير لآثار الانحباس الحراري في ارتفاع حدة الجفاف بالمنطقة وما يترتب عليه من حدة في ندرة المياه. إلى ذلك، كشف خبير مغربي في مجال التغييرات المناخية عن إجماع الدراسات المتعلقة بمجال التغييرات المناخية، على ارتفاع وتيرة الظواهر القصوى المتمثلة في تسجيل تساقطات مطرية غزيرة في ظرف زمني وجيز، مع تسجيل انخفاض طفيف في مستوى التساقطات. وأوضح عبد الله مقصد، رئيس المركز الوطني للأبحاث الرصدية، في تصريح ل«المساء» أنه صار من اللازم إزاء هذه التغيرات المناخية تبني تدابير جديدة يكون لها طابع الموازنة لهذه التساقطات للحد من التأثيرات السلبية لهذه الظواهر الجديدة، مشيرا إلى أن جميع المعطيات الموجودة حاليا على الصعيد العالمي تسجل ارتفاعا طفيفا في درجة الحرارة وارتفاع وتيرة الظواهر القصوى، مضيفا أن هذه العوامل سيكون لها انعكاس مباشر على الموارد المائية، وأنه لولا سياسة السدود التي نهجها المغرب في عهد الراحل الحسن الثاني لواجه المغرب خطرا حقيقيا متعلقا بندرة المياه، مبرزا أن تشييد السدود كان له أثران إيجابيان من خلال الحد من خطورة الفيضانات وتخزين المياه وإعادة توزيعها. وأبرز مقصد، الذي يمثل المغرب في المؤتمرات العالمية التي تتعلق بالتغييرات المناخية، أن هناك اتفاقا على كون الانحباس الحراري، المتسبب الرئيسي في هذه التغيرات، ناجم عن الأنشطة البشرية، وأنه صار من اللازم على المغرب، إزاء هذا الوضع، تبني سياسات بديلة في مجال الطاقة النظيفة واتخاذ إجراءات للحد من انعكاسات هذه الظواهر، عبر الاستمرار في بناء السدود بهدف تخزين المياه، والتفكير في اعتماد وسائل النقل التي تعتمد على الطاقة النظيفة للتخفيف من انبعاث الغازات. وينصح الخبير في مجال التغييرات المناخية بضرورة التفكير في إيجاد وسائل للتأقلم مع هذا الوضع المناخي الجديد، والتفكير في خلق تجانس بين الموارد المائية والأنشطة السوسيواقتصادية لكل منطقة من مناطق المغرب على حدة، والاعتماد على أنشطة فلاحية تكون أقل تأثرا بالعوامل المناخية، والتوجه إلى وسائل الطاقة البديلة. وأكد مقصد أن المشكل الذي سيواجه المغرب بسبب هذه الظواهر، هو توزيع مياه التساقطات وليس ندرتها، مشيرا إلى أنه في السابق كانت الاضطرابات الجوية تدوم من 3 إلى 4 أيام وتشمل مختلف مناطق المغرب، لكن اليوم صار ملاحظا أن هذه الاضطرابات تدوم لفترة زمنية قصيرة، وتنجم عنها تساقطات غزيرة دون التمكن من تخزينها، وأن المفروض إزاء هذا الوضع الجديد -يضيف المصدر ذاته- التفكير في نظام تخزين فائض مياه هذه التساقطات قصد إعادة توزيعها واستعمالها خلال فترات النقص والندرة.