أمام لجنة ال24 التابعة للأمم المتحدة : عمر هلال: على الجزائر أن تقر بإخفاق مشروعها الانفصالي في الصحراء    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    توقيع اتفاقية تعاون بين جهة الشرق وجهة اترارزة الموريتانية    كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    ما يقارب 1 في المائة من الأسر المغربية معنية بظاهرة تشغيل الأطفال    توقيف ثلاثة أشخاص بتهمة ترويج الكوكايين والمؤثرات العقلية في العرائش    القضاء يدين شبكة الرضع بفاس    العيون.. تقديم العرض ما قبل الأول لفيلم «صحاري – سلم وسعى» للمخرج مولاي الطيب بوحنانة    حقيقة الانسولين الروسي الذي سيدخل السوق المغربية لعلاج مرض السكري؟    تحقيق أممي: إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ومنظمة تطالب بحظر مشاركتها في أولمبياد باريس    مقتل ما لا يقل عن 35 شخصا في حريق بمبنى جنوب الكويت    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى الرئيس الروسي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بمناسبة عيد الأضحى.. تزايد الإقبال على اقتناء الملابس التقليدية رغم الظروف    "شبح البكالوريا".. متى ينتهي جحيم "امتحان اجتماعي"؟!    أول تعليق لمدرب الكونغو بعد الهزيمة الثقيلة أمام "أسود الأطلس"    المركز السينمائي المغربي يشارك لأول مرة في مهرجان "أنسي" للرسوم المتحركة    بقيادة عموتة.. الأردن يصعق السعودية في عقر دارها    رغم المرض .. المغنية العالمية "سيلين ديون" تعد الجمهور بالعودة    إنتاج النفط الخام يتراجع في السعودية    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار النفط ترتفع وسط تفاؤل حيال الطلب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قدوم أكثر من 1.5 مليون حاج من خارج السعودية عبر المنافذ الدولية    مساءلة وزير التعليم في البرلمان حول انتحار تلميذة بعد ضبطها في حال غش في الباكلوريا    باليريا تسير 15 رحلة يوميا إلى المغرب لخدمة الجالية.. منها رحلات إلى الناظور    مهندسو وزارة العدل يصعدون من أجل إقرار تعويضات تحفيزية لصالحهم    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    إذاعة فرنسا العامة تطرد كوميديا بسبب نكتة عن نتنياهو    الوزارة تكشف عدد السياح الذين زاروا المغرب عند نهاية شهر ماي    القنصلية العامة لإسبانيا بطنجة تعلن عن انتهاء مهام القنصل "غافو أسيفيدو"    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    الداكي رئيس النيابة العامة يستقبل رئيس السلطة القضائية بجمهورية البيرو    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    كيوسك الأربعاء | أزيد من 7 آلاف طفل في خلاف مع القانون    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    تحقيق للأمم المتحدة: النطاق "الهائل" للقتل في غزة يصل إلى جريمة ضد الإنسانية    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    المنتخب المغربي يتألق بتحقيق فوز عريض ضد الكونغو برازافيل    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    إطلاق مشروع "إينوف فير" لتعزيز انخراط الشباب والنساء في الاقتصاد الأخضر    تطورات مهمة في طريق المغرب نحو اكتشاف جديد للغاز    توقيع على اتفاقية شراكة للشغل بالمانيا    القناة الرياضية … تبدع وتتألق …في أمسية فوز الأسود اسود    "الأسود" يزأرون بقوة ويهزون شباك الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    الركراكي: ماتبقاوش ديرو علينا الضغط الخاوي    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    انتخابات 2026: التحدي المزدوج؟    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    الأمثال العامية بتطوان... (622)    وفاة المعلم علال السوداني، أحد أبرز رموز الفن الكناوي    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوف تشوف
المغرب دابا ماشي غدا
نشر في المساء يوم 10 - 03 - 2008


[email protected]
أقترح على أصحاب وثيقة «المغرب غدا» التي قدموها في ندوة صحافية بنادي الرياضات البحرية لشرح حركتهم الديمقراطية للرأي العام، أن يغيروا عنوان الوثيقة من «المغرب غدا» إلى «المغرب دابا». لأن المغرب لديه ملفات مستعجلة في قضايا مصيرية ولا يحتمل الانتظار أكثر. ومنها ملف التعليم الذي يتحمل مسؤوليته اليوم الوزير خشيشن الذي يرأس في الوقت نفسه جمعية فؤاد عالي الهمة وحوارييه.
فمن العار اليوم أن نسمع أن ثانوية اسمها ثانوية دار السلام بالرباط، اجتاز فيها أغلب أعضاء الأسرة الملكية امتحان الباكالوريا، يضطر أساتذتها اليوم إلى التجول في ساحتها حاملين في أيديهم بوديزات مملوءة بالماء كلما أراد أحدهم قضاء حاجته الطبيعية.
والسبب ببساطة هو أن الماء مقطوع عن هذه الثانوية منذ شهرين، لأن الإدارة لم تسدد الفاتورة.
وغير بعيد عن الرباط هناك ثانوية أخرى في القرية بسلا مقطوعة من الماء منذ أشهر. وليس أمام التلاميذ من مكان يقضون فيه حوائجهم سوى الساحة وخلف الأسوار. إلى درجة أن الأساتذة أصبحوا غير قادرين على العمل في تلك «الأجواء» المعطرة بكل أصناف الروائح.
بعد كل هذا نسمع في وزارة الصحة من يستغرب العثور قبل ثلاثة أسابيع، بعد فحص طبي، على أكثر من عشر حالات للإصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي من نوع أ في صفوف تلميذات بإحدى الثانويات بالدار البيضاء. في الدول التي تحترم الصحة العامة لمواطنيها كان يجب أن يطالب البرلمان بفتح تحقيق طبي للوقوف على أسباب وجود كل هذه النسبة المزعجة من الإصابة بهذا المرض الخطير بين صفوف التلاميذ. لكن الجميع تصرف كما لو أن الأمر يتعلق بمجرد إصابة خفيفة بنزلة برد.
عندما تصل الأمور إلى فقدان الماء في المدارس والثانويات فإن الوضع يكون قد وصل إلى مستويات خطيرة جدا، وينذر بتفشي الأمراض والأوبئة التي تجد في انعدام شروط النظافة المجال الطبيعي للتكاثر والانتشار.
وبالنسبة للماء في المدارس والثانويات يا سيد خشيشن فإن الأمر لا يتحمل انتظار «المغرب غدا»، بل يجب أن يتحمل مسؤوليته كوزير للتعليم دابا. وإذا كان هذا هو حال الثانويات العريقة بعاصمة المملكة فلنا أن نتخيل حال هذه الثانويات والمدارس في أقاليم المغرب النائية. حيث يضطر بعض رجال التعليم إلى النوم في الأقسام ليلا وفتحها نهارا في وجه التلاميذ. والغريب في الأمر أن وزير التعليم لديه ميزانية لاقتناء كاميرات للمراقبة يضعها في كل مكان من باب الوزارة لتسجيل الوقفات الاحتجاجية لرجال التعليم وليس لديه ميزانية لإمداد المدارس والثانويات بالماء الصالح للشرب.
ولعل ما يجعل الإنسان يشعر بالحزن هو اكتشافه بأن هناك في الخارج من يحمل هموم هذا التعليم أكثر مما يحملها بعضهم في الداخل. وبما أن وزير التعليم يحب الرياضة ونواديها فسيكون ربما سعيدا وهو يسمع أنه من مدينة غرونوبل الفرنسية يستعد ثلاثة طلبة للقيام بمغامرة رياضية الهدف منها قطع حوالي 4000 كلم بالدراجات الهوائية، مرورا بفرنسا وإسبانيا والبرتغال ووصولا إلى المغرب، من أجلجمع المال لشراء دراجات هوائية ومنحها للفتيات القرويات اللواتي يسكن بعيدا عن المدرسة حتى يتمكن من متابعة دراستهن.
وإلى حدود الآن فقد تبنت مؤسسة «أوروكوم» المشروع ووافقت على تحمل مصاريف الرحلة، بشراكة مع جمعية فرنسية مغربية تسمى «ماروك أزكا». وتعني بالنسبة للذين لا يفهمون الأمازيغية «المغرب غدا». وهو نفس اسم الوثيقة التي قدمتها جمعية «حركة من أجل كل الديمقراطيين» بنادي الجيتسكي.
وهنا ندرك الفرق الواضح بين «المغرب غدا» كما يفهمه أحفاد المخزن الجديد في الداخل، و«المغرب غدا» كما يفهمه أحفاد كانط وهيغل ومونتسكيو.
في الوقت الذي يحلو فيه للبعض الإطناب في الحديث وإلقاء الخطب الرنانة حول مغرب الغد في نوادي الرياضات البورجوازية، هناك طلبة أجانب لا تجمعنا بهم لا رابطة الدم ولا رابطة العقيدة، يحاولون إقناع الشركات والبنوك والمؤسسات العمومية الفرنسية، اليوم وليس غدا، بتبني مشروعهم الإنساني. حتى يجمعوا المبالغ الكافية لاقتناء الدراجات الهوائية للفتيات القرويات المغربيات.
هنا في المغرب هناك أيضا فنانون لديهم هذه الروح المرهفة والإنسانية. فقد بادرت جمعية «أناييس» للمرضى عقليا إلى جمع ثلاثين فنانا مغربيا في ألبوم واحد يحتوي على أغنية تخلد يوم المعاق الذي يوافق 31 مارس. وتنتظر الجمعية أن تكون عائدات الألبوم كافية لجمع مبلغ 17 مليون درهم المنتظر لبناء مركز للأشخاص المعاقين. ولذلك سيتم تقديم العمل في فضاء مكتب الصرف لجمع التبرعات. جميل جدا هذا الحس التطوعي الذي أبان عنه فنانونا المغاربة. الذي ليس جميلا إطلاقا هو هذا الجشع الذي أبانت عنه 500 شركة التي تم الاتصال بها لدعم هذه المبادرة الإنسانية. فحسب رئيس الجمعية لا أحد من الشركات التي تم الاتصال بها عبر عن دعمه للمشروع.
بالأمس شاهدت تحقيقا من القدس بثته كنال بلوس الفرنسية حول الصراع العربي الإسرائيلي من وجهة نظر صحافي انطباعي يرافق وفدا سياحيا. ما علاقة هذا بمحنة التعليم في المغرب. لا تستعجلوا، ستعرفون العلاقة فيما بعد.
المهم أن التحقيق وصل إلى آخر فقرة من فقراته، وتوقف عند سيدة محترمة تملك عيادة لعلاج ضحايا غير عاديين للصراع الإسرائيلي العربي. هؤلاء الضحايا هم الحمير، أعزكم الله. والسيدة المحترمة تعالج فيالق كاملة من حمير تعرضت لفقدان إحدى أرجلها بسبب لغم طائش، وحمير أخرى تعاني من حروق بسبب شظايا القذائف. فالحمير في فلسطين وجدت نفسها محشورة بالقوة في صراع سياسي لا ناقة لها فيه ولا جمل (حتى نبقى في عالم الحيوان). وأحيانا يلتجئ الفلسطينيون إلى إغاظة الجنود الإسرائيليين عبر صبغ حمار بألوان العلم الإسرائيلي ودفعه إلى ساحة الوغى. فيتعرض الحمار لوابل من الرصاص.
وهدف السيدة التي تعالج الحمير ضحايا الهمجية الإسرائيلية هو تشغيل هذه الحمير في وكالة النقل التي تريد إنشاءها لاكتراء الحمير لمن يطلبها في المعابر لنقل المواطنين وحمل السلع.
ولو كانت لدينا مثل هذه السيدة في مقاطعة الفدا مرس السلطان بالدار البيضاء، لما تركت السلطات في هذه الدائرة تعتقل وتقتل حوالي 42 حمارا وبغلا في شهر واحد. فقد تفتقت عبقرية رئيس هذه المقاطعة عن فكرة جهنمية لتخليص المنطقة من شرور الباعة المتجولين بالكراول التي تجرها البغال والحمير في الشوارع، وهي القضاء على وسيلة النقل الحيوانية كطريقة فعالة للقضاء على هذه التجارة البشرية العشوائية.
ولعل العلاقة بين الحمير التي تحاول هذه السيدة في القدس إنقاذها لاستعمالها فيما ينفع الناس والحمير المغربية التي تغتالها مقاطعة مرس السلطان، هو أن المشكل ليس في الحمير وإنما في بعض العقليات تحديدا.
خصوصا وأننا رأينا كيف أن مدرسة خاصة في الدار البيضاء تستعمل عربات تجرها البغال لنقل التلاميذ إلى أقسام الدرس، نظرا لغياب النقل المدرسي في تلك المنطقة.
ألم يكن الأجدر بمقاطعة مرس السلطان أن تتبرع بهذه الحمير والبغال التي اغتالتها على هذه المدرسة لكي تستعملها في نقل التلاميذ والقضاء على الهدر المدرسي.
وبما أننا من مساندي أية مبادرة يكون عنوانها «المغرب دابا ماشي غدا» فلا يسعنا سوى أن ننوه بالمجهود الذي تبذله الجمعية المغربية لمساندة الأطفال في وضعية صعبة، والتي تنظم هذه الأيام «عملية شمس» التاسعة لجمع القطع النقدية الصفراء، أو ما يسميه المغاربة الصرف الرقيق، لصالح الأطفال الفقراء.
ويمكن للراغبين في التبرع بالصرف أن يجدوا علبا كرتونية تحمل شارة الجمعية في كل مكاتب البريد.
وبعد تسع سنوات استطاعت الجمعية أن تجمع بفضل الصرف حوالي مائة وخمسين مليون درهم. ولعل التبرع بريال أو جوج لصالح هذا المشروع الخيري خير من التبرع بها لصالح بعض الأسواق الممتازة التي نادرا ما ترجع «الصرف الرقيق» للزبناء. بحيث غالبا ما يتخلى الزبناء عن ريال أو جوج أو حتى ربعة دريال لمولات لاكيس، والتي تذهب في نهاية المطاف لحساب الشركة.
وعندما نحسب كم ريالا يتركه آلاف الزبائن الذين يزورون هذه الأسواق يوميا نستنتج أن المجموع في نهاية الشهر يصبح مبلغا بإمكانه حل مشكلة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. يكفي فقط أن تتوفر العزيمة، شرط أن تكون دابا ماشي غدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.