احدثا التقريرين في القناتين الاولى والثانية عن الاحداث الدائرة بمصر مفاجأة من العيار الثقيل و ذالك بوصفمها مرسي بالرئيس الشرعي و ان السيسي وصل للسلطة عن طريق الانقلاب على الشرعية. الامر الذي احدث ضجة على الساحة السياسية الوطنية و العربية و طرح مجموعة من الاسئلة من قبيل هل الاعلام المغربي بعد كل هذه المدة اكتشف مؤخرا ان ما يجري في بلد الكنانة هو انقلاب عسكري ام ان هذا فقط رد اعلامي على الاساءات المتكررة من طرف القنوات المصرية ام ان السلطات المغربية ترسل اشارات قوية من خلال القنوات العمومية لكل من يسول له نفسه المساس بالثوابت المغربية على غرار الخرجة الاعلامية لمصطفى العلوي في برنامج حوار ضد قطر ردا على التقارير المدسوسة للجزيرة. في قراءة في الموضوع نحاول سرد مجموعة من التحاليل التي تستبعد كل هذه السيناريوهات و نسرد مجموعة من المؤشرات التي من خلالها نضع فرضية ان يكون المغرب بدأ بلعب دور مهم لاخراج العالم العربى من الفوضى العارمة عن طريق المصالحة مع التيارات الاسلامية المعتدلة و اشراكها في السلطة. نضن اولا انه لا يختلف اثنان على ان انقلاب الا علام العمومي على السيسي لم يكن مجرد اجتهاد ذاتي من القناوات و انما هو ناتج عن اوامر من السلطات العليا للبلاد. و المغرب معروف دائما بسياسية ضبط النفس في تسوية خلافاته مع الدول الاخرى حتى لو تعلق الامر بوحدته الترابية و خير دليل على ذلك الجارة الجزائر التي ما فتئت دائما ان تكيد للمغرب الا انه يواجهها بالتبصر و ضبط النفس، اظف الى هذا ان من ادبيات العلاقات الدبلماسية الدولية قبل التصعيد ضد اي دولة يتم استدعاء السفراء و التداول في الامر. هناك من يقول ان هذا فقط رد على تهجمات القنوات المصري من جنس النوع، و قد سبق للمغرب ان استعمل نفس الطريقة ضد دولة قطر لردع الخرجات الاعلامية لقنات الجزيرة. الحالتان مختلفتان تمامت، فبالنسبة لدولة قطر فان جل الدول كانت منزعجة من خط تحرير القنات كما ان الجزيرة لها تاثير على الراي العام بخلاف القنوات المصرية التي مجرد الرد عليها هو يعتبرانتقاص بحد ذاته. و اذا استحضرنا عمق العلاقة التي تربط المغرب بدول الخليج و خاصة السعودية و الامارات التي اعطت دعم غير محدود للسيسي منذ الاطاحة بمحمد مرسي فيبدو انه من المستحيل ان يقوم المغرب بمثل هاته المناورات دون التشاور مع هذه الدول. اذا افترضنا جدلا ان ما سردناه صحيحا او بالا حرى ان هذا ليس فقط رد على الاستفزازات المصرية للمغرب. فما هي الصبناريوهات الاخرة المحتملة؟ ربما نجاح الترجربة المغربية في تجواز ما يسمى بالربيع العربي عن طريق اعطاء فرصة لحزب اسلامي معتدل لتسيير الشأن العام، كان نموذجا يمكن ان يحتدى به للخروج بالمنطقة من مستنقع الفوضى الذي تدور فيه، ولعل ملك المغرب قد استطاع ان يسوق النموضج المغربي بشكل جيد خاصة في الزيارة الاخيرة للشرق الاوسط. وقد يكون هذا التحول في الخطاب اتجاه الازمة المصرية هو بداية للمصالحة مع التيارات الاسلامية المعتدلة. قد بات من مطالبا اعطاءالتيارات الاسلامية المعتدلة فرصة واشراكها في العملية السياسية لعدة اعتبارات، نذكر منها: -نجاح التيارات الدينية المعتدلة في اثبات سلمية توجهها : رغم كل الانتقادات التي يمكن ان توجه لحزب العدالة و التنمية بالمغرب فهناك اجماع على ان هذا الحزب له نية صادقة للاصلاح سواء فشل او نجح في مهمته و اثبت خلال السنوات التي قضاها في السلطة بما لا يدع مجالا للشك انه بعيد كل البعد عن اي عنف او تطرف مفندا بذلك كل التخوفات التي كانت تسوق لها التيارات العلمانية. كما ان حزب النهظة التونسي اثبت ليونة فاقت التوقعات خلال تسارعه على السلطة بعد ثورة البوعزيزي مكونا بذلك صورة حظارية على الجماعات الاسلامية المعتدلة وعلى قدرتها على تسوي خلافاتها بشكل راقى و مسؤول مع الاطراف الاخرى كيفما كانت اديولوجيتها. اظف الى هذا ان جماعة الاخوان المسلمين بمصر رغم كل القتل و الارهاب الذي تعرضت اليه ومحاكمات الاعدام بالميئات على قاداتها و اطرها فانها لم تنساق الى العنعف واقصى ما يمكن ان تلجأ اليه خلال محنتها هو الخروج الى الشارع. كل هذه الامور احدثت نوع من الاطمئنان اتجاه الحركات الاسلامية المعتدلة في كل الضمائر الحية و الايادي النقية مهما كانت مساحة الاختلاف معها. -السيسي…قنبلة في الشرق الاوسط: تبين خلال المدة التي قضاها عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة انه غير قادر بتاتا على تسيير دولة بحجم مصر. و فشل في تحويل المساعدات المادية الهائلة التي اعطيت له من طرف دول الخليج الى مشاريع لاخراج البلاد من عنق الزجاجة، بل تبين بشكل ملحوظ توغل الفساد اكثر في كل جوانب الادارة المصرية. اظف الى هذا ان السيسي بتقتيله الشعب المصري و بتدخله في احكام القضاء عمق الجرح اكثر مع الشعب المصري حيث اصبح من الصعب ترميمه. و ربما ما زاد الطين بلة هو زعمه القيام بثورة دينية الشيئ الذي قد يجلب الويلات ليس عليه فقط بل على كل الانظمة التي تسانده. و الشيء الخطير الذي زرع الرعب في المنطقة هو التزايد المستمر للجماعات المتشددة في عهد السيسي عكس فترة حكم الاخوان الامر الذي ينذر بدخول مصر في دوامة على غرار ما يحدث بليببا. -الجماعات الاسلامية المعتدلة الوحيدة القادرة على مواجهة التطرف الديني: كل الوسائل التي استعملت لحد الان لاستئصال التطرف الديني في كل مناطق العالم ابانت عن فشلها الرديع بل كانت مادة دسمة لتكاثر الجماعات المتشددة. كما ان الاستنجاد بحلف الناتو لتدمير دول اسلامية باسم الارهاب ساهم بشكل كبير في استقطاب الشباب من طرف الجماعات المتشددة تحت راية الجهاد. اظف الى هذا ان التيارات الثورية التي استطاعت خلال القرن الماضي ان تؤطر الشباب و تستقطبه باسم القومية او تحت راية الشيوعية اصبحت الان عاجزة حتى عن اقناع نفسها بسبب تورطها في الفساد بشتى انواعه. و تبقى التيارات الاسلامية المعتدلة هي الوحيدة التي باستطاعتها تأطير الشباب سواء من خلال مرجعيتها الاسلامية، و التي تستطيع من خلالها اعتراض تدفق الشباب نحو التطرف انطلاقا من جماعاتها الدعوية كحركة التوحيد و الاصلاح بالمغرب او جماعة الاخوان بمصر، او من خلال نظافة ايديها و عدم تورطها في الفساد الشئ الذي يضفي عليها نوع من المصداقية و التعاطف.