لمن لم يتفهم حضور بنكيران للقمة العربية ولقاءه بالسيسي، عليه أن يتمتع بقليل من القدرة على التحليل السياسي ويسترجع الأحداث التي سبقت ذلك، حين أبدى بنكيران عدم رغبته في لقاء السيسي في المغرب فاضطر هذا الانقلابي لإلغاء زيارته والتوجه إلى الجزائر، حيث اتفق مع النظام الجزائري على دعم إنفصاليي البوليزاريو انتقاما من المغرب ونكاية في بنكيران الذي رفض استقباله، وبدأت المناوشات بتوقيع اتفاقية مع الجزائر وتنظيم تظاهرات مؤيدة للجبهة برعاية مصرية، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المغربية المصرية كان أبرز تجلياته نشرة القنوات المغربية التي نددت بالانقلاب ووصفت السيسي بالانقلابي. هذه التطورات بينت بالملموس أن تصاعد الخلاف بين المغرب ومصر ليس في صالح أحد، بل إنه يشكل تهديدا استراتيجيا للوحدة الترابية للمغرب، بحيث سيضيف عدوا قويا آخر لأعداء البلاد سيساهم بقوة في ترجيح كفة جبهة البوليزاريو سياسيا وإعلاميا وعسكريا، لذلك فالخاسر الأكبر في النهاية هو المغرب. من هنا اقتضت مصلحة البلاد أن يتجاوز بنكيران خلافه الإيديولوجي ومواقف حزبه المناهضة للانقلاب وحتى كرهه الدفين للسيسي، من أجل الحفاظ على مصلحة الوطن والحفاظ على وحدته الترابية، خصوصا أن استمرار القطيعة بين الدولتين لن يعيد الرئيس الشرعي للحكم، فالشعب المصري هو المسؤول الأول والأخير عن وضعيته وهو وحده القادر بوعيه وإرادته على تصفية الانقلاب واستعادة الشرعية، وحتى ذلك الحين لا مصلحة ولا فائدة من استمرار قطيعة طويلة الأمد قد تضر بلداننا وشعوبنا وتزيد من تشردم الأمة وتوتراتها وحروبها بلا فائدة ولا طائل.