مخاوف من إعادة طرح آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان في اجتماع مجلس الأمن الخميس المقبل مباشرة بعد الكشف عن التقرير الأولي للأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، حول الصحراء، الخميس الماضي، والذي سلمت نسخ منه إلى أعضاء مجلس الأمن، والأطراف المعنية، سارع المغرب إلى إبداء تحفظاته على توجهات هذا التقرير. بلاغ للديوان الملكي كشف أن الملك محمد السادس أجرى السبت الماضي، اتصالا هاتفيا مع الأمين العام للأمم المتحدة، أبدى خلاله الملك ملاحظتين، أولاها، ضرورة الاحتفاظ بمعايير التفاوض كما تم تحديدها من طرف مجلس الأمن، ثانيها، الحفاظ على الإطار والآليات الحالية لانخراط منظمة الأممالمتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة، والخيارات المحفوفة بالمخاطر. واعتبر البيان أن أي ابتعاد عن هذا النهج سيجهز على المسلسل الجاري، كما سيتضمن مخاطر بالنسبة إلى مجمل انخراط الأممالمتحدة في هذا الملف. فما الذي أغضب المغرب في تقرير الأمين العام؟ حسب عبد المجيد بلغزال، المهتم بمتابعة قضية الصحراء، فإن جرس الإنذار بالنسبة إلى المغرب، هو إشارة الأمين العام في تقريره إلى أن الهدف النهائي يجب أن يكون هو إرساء "مراقبة دائمة محايدة ومستقلة لحقوق الإنسان في الصحراء وتندوف"، في المقابل أكد بلاغ الديوان الملكي إلى ضرورة "الحفاظ على الإطار والآليات الحالية لانخراط منظمة الأممالمتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة، أي أن المغرب يرفض أي تغيير في أدوار بعثة الأممالمتحدة. حسب بلغزال، فرغم أن التقرير لا يشير إلى عبارة "آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان"، إلا أن الحديث عن "مراقبة مستقلة ومحايدة"، يعني عدم ثقة الأمم في الآليات التي يعتمدها المغرب لمراقبة حقوق الإنسان، سواء عبر المقررين الأمميين أو عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ويرى بلغزال، أنه بعد المعركة التي خاضها المغرب السنة الماضية بشأن توصية ممثلة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن حول خلق آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، قبل سحب هذه التوصية، يتبين أن إعادة طرح قضية المراقبة المستقلة، في التقرير قد يجعل هذه النقطة محور نقاش في اجتماع مجلس الأمن، وقد يتم عرضها للتصويت. ولاحظ بلغزال، أن تقارير الأمين العام حول الصحراء عرفت تركيزا على قضية حقوق الإنسان منذ 2009، أي مباشرة بعد تعيين كريستوفر روس، مبعوثا للأمين العام، وقال "منذ 2009 لاحظنا تكرار فقرات في التقارير حول حقوق الإنسان والحاجة إلى مراقبة مستقلة، وهذا يعني أن الأممالمتحدة لا تثق في جهود المغرب لمراقبة حقوق الإنسان وتريد أن تتجه تدريجيا إلى وضع آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان". وبالعودة إلى تقرير الأمين العام يظهر أن هناك فقرات أخرى فيه تثير قلق المغرب، ما يفسر عبارة "المقاربات المنحازة" الواردة في بلاغ الديوان الملكي، منها ذكر الأمين العام للأمم المتحدة بأن ملف الصحراء هو "مشكل تصفية استعمار" وأن الجهود الأممية "تبقى تكتسي أهمية بالغة إلى غاية تحديد الوضع النهائي للصحراء". ويعكس هذا الموقف انحيازا للبوليساريو التي ترى في سلطة المغرب على الصحراء بأنها "استعمار". وبخصوص رفض المغرب لأي تغيير في معايير التفاوض التي وضعها مجلس الأمن، فيظهر أن له علاقة بما ورد في التقرير من إعلان الأمين العام عزمه عرض تقييم مسار المفاوضات بين المغرب والبوليساريو قبل أبريل 2015 في حالة عدم تحقيق أي تقدم. وجاء في التقرير "سيحين الوقت لدفع أعضاء مجلس الأمن للشروع في مراجعة عامة لإطار مسار المفاوضات الذي تم عرضه في أبريل 2007" على جبهة البوليزاريو والمغرب. أيضا قد تكون من الفقرات التي أثارت حفيظة المغرب إشارة بان كيمون في تقريره إلى رغبة "الاتحاد الإفريقي" في المساهمة في مسار التسوية في حين أبدى المغرب دوما "معارضة شديدة" لمشاركة هذا الاتحاد في التسوية، علما أن المغرب انسحب منه بسبب اعترافه بالبوليساريو. ويذكر أن مجلس الأمن سيعقد الخميس المقبل اجتماعه التشاوري غير الرسمي حول الصحراء.