بنموسى: الحكومة تراهن على 3 محاور رئيسية لتنزيل الإصلاح الشامل لقطاع التعليم    مداخيل السياحة تبلغ 31.9 مليار درهم    السيسي يقبل استقالة الحكومة ويكلف مدبولي بتشكيل حكومة جديدة    عملاق إسبانيا يقترب من ضم نايف أكرد    ندوة صحفية للناخب الوطني في هذا الموعد    الوداد الرياضي يكشف مستجدات الحالة الصحية للحارس يوسف مطيع    أمن البيضاء يحبط عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدرات بمنطقة سيدي رحال الشاطئية    "شروط على المقاس" تضع بنموسى في عين العاصفة    الرباط .. افتتاح منتدى رفيع المستوى حول الذكاء الاصطناعي كرافعة للتنمية بإفريقيا    دليل جديد يقارن أسعار الخدمات البنكية    وفد من الشركات الإسبانية يستكشف فرص الاستثمار في المغرب    المكسيك تشهد تولي أول امرأة رئاسة البلاد    الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يمنى بهزيمة في الانتخابات    حقيقة إجراء أحد المتهمين في قضية "إسكوبار الصحراء" اتصالات هاتفية من داخل السجن    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    تفاصيل اجتماع مطول بين الحكومة وطلبة الطب لإنهاء أزمة دامت شهورا    المغرب يسعى لتحقيق اكتفائه الذاتي من الأسلحة بإحداث منطقتين للصناعات الدفاعية    قيادة الأصالة والمعاصرة تستجوب الوزيرة بنعلي حول حيثيات وملابسات "القبلة الحميمية"    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    محامو المغرب ينددون بعقوبات الاتحاد المصري ضد الشيبي ويعلنون تدويل الملف    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    مجلس الحكومة يصادق على فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة    استقرار أسعار النفط مع تقييم المستثمرين لقرار "أوبك+" خفض الإنتاج    مسيرة حاشدة بمكناس تدعو لوقف حرب "الإبادة" الإسرائيلية على قطاع غزة    توقيف فرنسي مطلوب دوليا في باب المدينة المحتلة بتهمة ترويج المخدرات    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بالأخضر    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية ليوم الإثنين    الفنيدق: استعدادات مكثفة لإنجاح الموسم الصيفي    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب اليابان    صحيفة إسبانية تهتم بتعزيز المغرب دفاعه بإنشاء منطقتين للصناعة العسكرية    ارتفاع أسعار النفط بعد قرار "أوبك بلس"    رغم الجفاف.. المنتجات الفلاحية تغزو الاتحاد الأوربي    120 شاحنة للنقل الدولي تنتصر عبر دول العالم لقضية الصحراء المغربية    إسرائيل توصي مواطنيها بعدم السفر لجزر المالديف    بدعم من اليونسكو ومن أجل نشر المواد الصحفية المتنوعة : المعهد العالي للإعلام والاتصال يطلق منصة بيداغوجية ومهنية لفائدة الطلبة    من هم مساعدو مدرب برشلونة الجديد؟    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    تعرض صحراويين للقتل من طرف الجيش الجزائري.. إعدام خارج القانون    الرجاء البيضاوي يعتلي الصدارة في انتظار خطوة واحدة بوجدة    الجامعة الملكية المغربية للملاكمة بطولة المغرب التأهيلية للملاكمة كبار للموسم الرياضي 2024/2023    الدراج العثماني يحل ثانيا في "غاروا"    مداهمة مقاهي للشيشة وسط طنجة وتوقيف أشخاص مبحوث عنهم    موسيقى جهجوكة.. نغمات صوفية من جبال المغرب إلى أبرز مسارح العالم    المؤتمر الوطني الإفريقي يخسر غالبيته المطلقة في برلمان جنوب إفريقيا ويبحث عن ائتلاف    تتويج الفنان والعازف السعودي عبادي الجوهر بجائزة زرياب للمهارات بمهرجان تطوان الدولي للعود    بعد منع أسماء لزرق من الغناء بتونس.. فنانون مغاربة يطالبون ب"تطبيق المعاملة بالمثل"    انطلاق أعمال القمة الدولية لريادة الأعمال ونهائي برنامج الإيسيسكو لتدريب الشباب بمجال التكنولوجيا    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تحولت هرمومو بعد الانقلاب على الحسن الثاني.. إلى مدينة أصابتها لعنة النسيان والتهميش
نشر في اليوم 24 يوم 12 - 08 - 2019

في سنة 1953، سيقع اختيار الحماية الفرنسية على قرية هرمومو موقعا استراتيجيا سيخصص لثكنة عسكرية تقع في مكان مرتفع، ليشيد بها مخزن للأسلحة، وذلك لمعرفتها بطبيعة المنطقة وساكنتها الأمازيغية البسيطة، التي ظلت تدين بالولاء للمستعمر خوفا من بطشه. كان المستعمر قد اختار هذه القرية، التي تعد موقعا استراتيجيا يقع في مكان مرتفع قبالة سهول زلول وجبال الأطلس المتوسط، لتشييد مخزن للأسلحة (magasin d'armement)، ومنه اشتق السكان اسم هرمومو.
بالنسبة إلى متقي الله، الضابط التلميذ سابقا، فمدرسة هرمومو طالها الإهمال والتهميش، وتحولت إلى مكان مهجور، بعدما كانت من أحسن المدارس لتكوين العسكريين وضباط الصف في القوات المسلحة الملكية، لكنها، بعد محاولة الانقلاب، حكم عليها هي الأخرى بالإعدام، رغم أنها من أفضل المدارس، وطال التهميش والإهمال معداتها، وتلاشت أغلب مرافقها، كما أنها تحولت إلى غابة موحشة، ومكان يخشى أي شخص الاقتراب منه. بعد الاستقلال، ستحوَّل هذه الثكنة إلى مدرسة عسكرية لتخريج ضباط الجيش. وستفقد المدرسة الكثير من ملامحها مباشرة بعد انقلاب سنة 1971. ويطلق عليها السكان اليوم اسم «القشلة»، بعدما تحولت إلى مكان مهجور يحيط به سياج حديدي، وتنتصب فيه أشجار البلوط، ويحرسه جنود يعدون على رؤوس الأصابع.
تمتد المدرسة العسكرية لهرمومو، التي تحولت إلى أطلال بعد انقلاب الصخيرات، على مساحة 32 هكتارا، ومازالت تخضع لرقابة شديدة من لدن بعض الجنود المعززين بكاميرات لرصد كل التحركات المحيطة بها. بعد تعيين امحمد اعبابو على رأس هذه المدرسة، قادما إليها من مركز لتدريب الجنود بمدينة الحاجب، لم تكن مدرسة هرمومو تحظى بالاهتمام والعناية اللذين ستكتسبهما تحت قيادته العسكرية. تميزت الدراسة بالانضباط الكبير الذي فرضه اعبابو، حتى أصبح يلقب وسط التلاميذ، بسبب صرامته، بلقب «نابليون الصغير»، فقد جرى تجهيز المدرسة بتجهيزات عصرية ولوجيستيك عسكري متطور مقارنة بما كان عليه الأمر في غيرها من مدارس الجيش المغربي.
تقع هرمومو بالقرب من جبل «بويبلان» بأعلى قمة بالأطلس المتوسط على علو 3190 مترا، وهو الجبل الذي تكسوه الثلوج مدة طويلة، وتضم المنطقة العديد من عيون الماء، كعين الروح، وعين الجوع، ومياه عين تيبخباخين، وهي مصدر منابع نهر سبو. لكن العقاب الجماعي الذي تعرضت له المدينة، حولها إلى منطقة مهمشة.
أصبحت هرمومو اليوم تدعى «رباط الخير»، وقد تحولت إلى فضاء تنعدم فيه جل المرافق العمومية، وتعيش على دخل المتقاعدين من صفوف القوات المسلحة الملكية من أبناء المنطقة، الذين يتجاوز عددهم 2000 متقاعد، ويبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة، ومعظم شبابها بعد الدراسات العليا في فاس لا يجدون عملا، فيضطرون إلى مغادرتها للبحث عن فرصة عمل.
يقول العديد من أبناء المنطقة إن اللعنة لم تصب فقط الجنود والضباط الذين درسوا بالمدرسة قبل انقلاب الصخيرات، بل أصابت مدينتهم أيضا، بعد العقاب الجماعي الذي تعرضت له المدينة التي حرمت من كل تنمية اجتماعية واقتصادية، حتى أصبحت تحسب على المغرب غير النافع.
لقد عين اعبابو سنة 1968 مديرا لهذه المدرسة. وفي 1971، أي ثلاث سنوات بعد التعيين، سيقود انقلابا ضد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي لم يعد يطيق سماع اسم هرمومو، لذلك، سيقرر إغلاق هذه المدرسة، وتوزيع كل طلبتها على بعض القطاعات، خصوصا ذات الطابع الاجتماعي، بعيدا عن سلك الجندية، بعدما أصبحوا مشاريع انقلابيين. أما المدينة، فقد تقرر أن يتغير اسمها لتصبح، بعد العملية الانقلابية، مدينة «رباط الخير». ورغم أنها حملت اسما رسمياً هو رباط الخير، لكن كل زوارها وساكنتها يصرون على الاحتفاظ باسمها الأول هرمومو. وسبق لفعاليات مدنية محلية أن قادت مبادرة، قبل سنوات، تطالب السلطات بتسمية المدينة باسمها الأصلي، هرمومو، واعتبرت آنذاك جمعية «تنكري ن آيت وراين»، صاحبة المبادرة، أن «هذا التغيير غير مبرر لاسم مدينة بريئة، أرضاً وإنساناً وهويةً، مما نُسب إليها بعد أحداث 1971، الشيء الذي جعلها تشهد عزلة تامة وتباطؤا في الأوراش التنموية لأسباب غامضة». ورغم مرور ما يقارب خمسة عقود، مازالت لعنة انقلاب الصخيرات جاثمة بكل قوة على مدرسة هرمومو وعلى بلدة هرمومو، بضواحي مدينة صفرو. إنه الانطباع الأول الذي يخرج به زائر هذه المنطقة.. منازل مشتتة هنا وهناك، وأزقة متشعبة تنعرج كيفما اتفق. هنا توجد المدرسة العسكرية هرمومو، التي كان لها صيت كبير، والتي كان يقودها الكولونيل اعبابو، أحد الرؤوس المخططة لانقلاب الصخيرات، ومنها تخرج الجنود المتورطون في هذا الانقلاب.
كل هذه المعطيات تختزل اليوم في هذا المكان لتعطي واقعا بئيسا يعيشه أهل قرية هرمومو، لا لشيء سوى أنهم اقترفوا جريمة العيش فوق أرض احتضنت مدرسة خرج منها انقلاب الصخيرات. كان المستعمر الفرنسي موفقا حينما اختار منطقة هرمومو ليشيد عليها ثكنة عسكرية، خصوصا أن المنطقة ذات تضاريس وعرة. وبعد استقلال المغرب، سيتقرر تحويل الثكنة إلى مدرسة عسكرية لتخريج ضباط الجيش. لكن مدرسة هرمومو سوف تتحول إلى مكان مهجور محاط بسياج حديدي، تنتصب فيها أشجار البلوط، ويحرسها بعض الجنود، بعد انقلاب فاشل حول حياة سكان المدينة الهادئة إلى جحيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.