أعلن وزير الصحة، خالد أيت الطالب، صبيحة أول أمس الاثنين، انضمام المغرب للمشاركة في التجارب السريرية المتعلقة ب"كوفيد 19′′ للحصول على الكمية الكافية من اللقاح المضاد للفيروس في آجال مناسبة، وهي العملية التي يعتبرها الخبراء "طبيعية وجاري بها العمل منذ سنوات"، في بلدنا وفقا للترسانة القانونية التي تؤطرها. وجاء ذلك في تصريح صحافي للوزير أيت الطالب قال فيه إن المغرب وعلى غرار عدد من الدول، سينخرط في تجارب سريرية لهذا اللقاح، نظرا لتوفره على الترسانة القانونية الكافية لتأطير العملية، "وذلك من أجل تمكين المغرب من تحقيق الاكتفاء الذاتي أولا، والتموقع للحصول على الكمية الكافية من اللقاح في الوقت المناسب ثانيا، وأيضا لتحويل الخبرة حتى يتمكن مستقبلا في العاجل القريب من تصنيع اللقاح"، على حد تعبير الوزير. ونبه المسؤول الحكومي إلى أن المغرب يضع صحة المواطنين والمواطنات في "صلب الاهتمام، ويعمل منذ البداية مع شركائه، في إطار اتفاقيات شراكة مع عدد من الدول، وذلك من أجل إيجاد اللقاح"، مذكرا بأن "الإجراءات الاستباقية أعطت نتائج مهمة". وزاد أيت الطالب قائلا: "وفي إطار التسابق على اللقاح الذي سيشكل مصدر ندرة، والذي أعطت مراحله التجريبية الأولى والثانية نتائج واعدة، فإن المغرب يحاول، في إطار اتفاقيات الشراكة هذه، التموقع لإيجاد اللقاح للمواطنين". وبعدما أشار إلى أن التحول الوبائي الذي يشهده العالم اليوم خلف آثارا كثيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، كما أن جميع المنظومات الصحية تأثرت جراء الجائحة، أكد أن جميع البلدان بذلت مجهودات جد جبارة لاحتواء الوباء. ولفت المتحدث إلى أن المنظمة العالمية للصحة تطالب البلدان ببذل مزيد من الجهود لاحتوائه، غير أن الفيروس مازال منتشرا، نظرا لعدم وجود وصفة لكبح الجائحة، متابعا بالقول إن بصمة الأمل اليوم تتمثل في إيجاد لقاح مضاد للفيروس، حتى تعود الحياة لطبيعتها. القانون المؤطر للعملية والمقصود بالترسانة القانونية التي تؤطر العملية، على حد تعبير وزير الصحة، هو القانون رقم 28-13 المتعلق حماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، الذي نشر في الجريدة الرسمية في 4 غشت 2015، بعدما وافق عليه مجلس النواب ومجلس المستشارين خلال حكومة عبدالإله بنكيران. ويعد هذا القانون أول قانون مغربي في هذا المجال منذ الاستقلال "إذ يستلهم من الخبرات الأجنبية ولا يتعارض مع قيمنا الدينية والأخلاقية". وتتمثل إيجابيات هذا القانون في حماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، وتطوير وتعزيز المجال العلمي والطبي، وتكوين باحثين مغاربة، إلى جانب استفادة المرضى المشاركين في الأبحاث من أدوية أو مستلزمات طبية جديدة لن تتوفر إلا في غضون خمس سنوات بعد انتهاء الأبحاث، بالإضافة إلى مواكبة قطاع الصيدلة والمستلزمات الطبية في مجالات الابتكار والخبرة والصناعة، وفتح باب الاستثمار في مجالات البحث العلمي والطبي وابتكار الأدوية. وينص هذا القانون على الموافقة الطوعية والحرة والمستنيرة للأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، كما يشترط هذا القانون أن يستند البحث البيوطبي على تجارب ما قبل السريرية على الحيوان، للتأكد من سلامة البحث عند المرضى المشاركين في الأبحاث، وكذا توفير وضمان أقصى درجات السلامة للمحافظة على صحة المشاركين، وهو بذلك يضع عددا من المسؤوليات على المتعهد والباحث. كما يشترط توقيف البحث إذا كانت هناك مضاعفات أو أعراض جانبية. وجاء في الفصل الأول من هذا القانون أنه يمكن إجراء تجارب سريرية تتعلق بأدوية تجريبية، وفي هذه الخانة يمكن إدراج التجارب الخاصة باللقاح المقبل ضد "كوفيد-19". ويؤكد هذا القانون ضرورة تأمين المسؤولية عن الأضرار التي تنجم أثناء الإنجاز أو بعد توقيفه أو بعد انتهائه، كما يشترط، كذلك، اعتماد الرأي الإيجابي للجنة الأخلاقيات وحماية الأشخاص فيما يخص بروتوكول البحث. ويفرض القانون احترام الحياة الخاصة وسرية المعلومات والبيانات المتعلقة بالمشاركين، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا القانون يشترط اعتماد مواقع البحث في المؤسسات الصحية بالقطاعين العام والخاص، ويحدد بعض الفئات المحمية ومنها: القاصر، والمرضى المصابين بالأمراض النفسية والعقلية، والمرأة الحامل، بالإضافة إلى المهاجرين غير الشرعيين والسجناء. والقانون المؤطر للبحث البيوطبي ببلادنا جاء ليحد من انتشار ممارسة الأبحاث البيوطبية بطريقة عشوائية، وسد النقص الحاصل في الترسانة القانونية ببلادنا، منسجما مع مقتضيات الدستور، لاسيما الفصل 20 منه (الحق في الحياة) والفصل 21 (سلامة الأشخاص) والفصل 22 (السلامة الجسدية)، ومنسجما كذلك مع قيم ومبادئ حقوق الإنسان وكرامته وسلامته الجسدية، ومستجيبا للمعايير الدولية ومتطلبات كليات الطب والصيدلة وكليات العلوم والمراكز الاستشفائية وقطاع الصيدلة. إلى جانب النص القانوني الذي يؤطر العملية، يبقى السؤال الحالي هو ما هي الضمانات الصحية التي يستند عليها المغرب في انخراطه بخصوص التجارب السريرية المتعلقة ب"كوفيد – 19′′، للحصول على الكمية الكافية من اللقاح المضاد للفيروس في آجال مناسبة، وكيف تتم هذه العملية من الناحية العلمية والصحية؟ وردا على هذه الأسئلة، تواصلت "أخبار اليوم" مع البروفيسور الأخصائي في علم الفيروسات المصطفى الناجي الذي ثمن من جانبه انضمام المغرب للمشاركة في التجارب السريرية المتعلقة ب"كوفيد 19′′، مشيرا إلى أنها "ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي ينخرط فيها المغرب في هذه العملية". وأوضح الناجي في تصريحه ل"أخبار اليوم" أن "الشركات المصنعة وقبل مباشرتها عملية الإنتاج الوفير والبيع أو إجراء صفقات مع دول أخرى، تقوم بإعلان اختيار عدد كبير من الأشخاص وفق شروط معينة مرتبطة بالعمر والحالة الصحية وغيرها من أجل الخضوع للتجارب السريرية، وفي مقابل ذلك الدول المشاركة في هذه التجارب تحظى بالأولوية في عملية إبرام صفقات بيع المنتج الطبي سواء كان لقاح أو دواء وجميع اللقاحات السابقة مرت من نفس العملية". وأشار مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أيضا إلى أن "الإعلان عن التجارب السريرية الخاصة بالشركات المصنعة للأدوية والصيدلانية يتطلب ما يناهز 50 ألف شخص أو 60 ألفا وربما أكثر، ومن ضمنهم تختار الشركات عددا محددا وفقا للشروط الصحية للعينات أي الأشخاص، مثلا أن يكون شاب أو امرأة أو مراهق، أن لا يكون مصابا بمرض مزمن يتنافى مع الدواء أو اللقاح قيد التجريب، أن تكون صحته سليمة وغيرها، كما أن هؤلاء الأشخاص يتم احتجازهم في حجر خاص لأيام محددة باعتبارهم قيد التجربة الإكلينيكية". وتكمن الغاية من إجراء هذه التجارب على مختلف فئات العينات من الأشخاص المتطوعين "في معرفة تأثيرات هذا اللقاح وكيفية اشتغاله، لذلك تعطي الأولوية في ترويجه فيما بعد للدول التي شاركت في تجاربه السريرية، أي أن العملية برمتها هي صفقة أخذ ورد winwin أو رابح رابح".