في غابات الجهة الشرقية يزداد عدد المواليد في صفوف المهاجرين غير الشرعيين المنحدرين من جنوب الصحراء، في ظروف صحية ومعيشية مزرية. ويتخذ بعض المهاجرين الأطفال كوسيلة للتسول ولتجنب الترحيل. لايزال عددهم الحقيقي غير معروف إلى اليوم، حركتهم الدؤوبة بين المواقع يعقد أكثر عملية إحصائهم، غير أن الباحثين في شؤون الهجرة يصرحون ببعض الأرقام التقريبية وسط غياب الأرقام الرسمية التي تحدد أعدادهم بدقة. في الجهة الشرقية يستقر العشرات من أطفال المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء في غابات الجهة، سواء بغابتي «سيدي أمعافة» (المساكين)، أو «كالا» بالقرب من الشريط الحدودي، وبغابة «كوروكو» بالناظور، هذا بالإضافة إلى آخرين يقطنون في منازل في الأحياء المحيطة بجامعة محمد الأول بوجدة (القدس، بوعرفة، الأندلس والسلام). مصادر مطلعة كشفت أن أعدادهم في ازدياد مطرد، بالمقارنة مع السنتين الماضيتين، وقالت المصادر نفسها إن التكاثر لدى فئة المهاجرين أصبح يأخذ أبعادا تتجاوز التكاثر في حد ذاته، إلى استغلال المواليد لوضعهم كجدار صد أمام المداهمات الأمنية لتجنب الترحيل، وأيضا كوسيلة للتّسول وتوفير قوت العيش. وعن أعدادهم المحتملة بالجهة الشرقية، كشف حسن عماري، الباحث في شؤون الهجرة والناشط الحقوقي، أنه وفق إحصاء أولي قام به بشكل شخصي استعدادا لالتحاق عدد منهم بمقاعد الدراسة، اكتشف أن عددهم الإجمالي بمختلف مدن الجهة يتجاوز 100 طفل مهاجر، غالبيتهم بغابة مدينة وجدة، وينحدر 30 في المائة منهم من الجنسية النيجيرية، على اعتبار أن المهاجرين القادمين من نيجيريا هم من يكونون في الغالب مصحوبين بإناث. وأكد عماري، في تصريح ل«اليوم24»، أن عدد الولادات ازداد مؤخرا لسبب رئيس، يتعلق بمغادرة منظمة «أطباء بلا حدود» المغرب، بعد انتهاء مشروعها، حيث إن هذه المنظمة التي تقدم خدمات في مجال الصحة «ساهمت بشكل كبير في تنظيم التوالد بالنسبة للمهاجرين بتوزيعها مجموعة من العوازل وموانع الحمل، والحملات التوجيهية والتوعوية التي كانت المنظمة تقدمها للمهاجرين في مخيماتهم». وكشف عماري أنه خلال الشهر المنصرم وحده كان شاهدا على 3 مواليد جدد أحدهم ولد في الغابة، فيما الآخران ازدادا بالمستشفى الجهوي الفارابي. وقسم عماري الأطفال الموجودين بالمنطقة الشرقية إلى 3 فئات، فإذا كان عدد منهم ولد فوق الأراضي المغربية، فهناك حالات ولدت على الحدود بين مالي والجزائر أثناء الرحلة، وغالبا ما يكون الحمل في البلد الأصلي، وآخرون ولدوا في البلد الأصلي واصطحبتهم أمهاتهم معهن للبحث عن الفردوس في الضفة الأخرى. وإذا كانت هناك حالات من الأطفال الذين ولدوا في المغرب عن طريق زواج شرعي بين المهاجرين، فإن هناك من المهاجرات من يضطررن أو يتعمدن اللجوء إلى الحمل ومن بعده الإنجاب، حتى يصبح المولود صمام الأمان الذي يضمن لها عدم الترحيل في حالة ضبطها من قبل السلطات المغربية، وأيضا لاستعماله كوسيلة لاستجداء الناس في سبيل توفير قوت اليوم. الأطفال ينمون في الغابات وسط أكوام من الأزبال، في مجال تنعدم فيه أدنى الشروط الصحية، والتغذية المتوازنة. ويترقب المهاجرون قدوم ممثلي منظمة «أطباء العالم» خلفا ل«أطباء بلا حدود»، لكي يستفيدوا من الخدمات الصحية. وتواجه المذكرة الوزارية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية في الأسبوع الأول من أكتوبر المنصرم، الخاصة بإدماج أبناء المهاجرين الأفارقة في المدارس العمومية والخاصة، عراقيل كبيرة نظرا لصعوبة الوصول إليهم وإحصائهم ووجودهم في حركة دائمة، ما يعرض مستقبلهم للضياع، خاصة أن بينهم عددا كبيرا وصل إلى سن التمدرس.