رئيس الحكومة: التوجيهات الملكية تشكل عمق العمل الحكومي لدعم بيئة الأعمال الوطنية وتشجيع دينامية الاستثمار    السجن المحلي عين السبع 1 : 129 مترشحة ومترشحا من النزلاء يجتازون امتحانات البكالوريا    تلميذة تنهي حياتها بعد ضبطها متلبسة بالغش    عناد نتنياهو.. هل هو ضعف أم استبعاد لنهاية المشوار السياسي؟    بعثة الكونغو برازافيل تحط الرحال بأكادير استعدادا لمواجهة المنتخب المغربي    رسميا.. ريال مدريد يعلن المشاركة في كأس العالم للأندية    بعد إغلاق باب الترشيحات.. 3 أسماء تتنافس على رئاسة نادي الوداد الرياضي    الركراكي يعلن عن تغييرات مُهمة في مباراة الكونغو برزافيل    الركراكي: ما يهمني هو الفوز وليس الأداء    بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى ويستلم منها رسالة خطية موجهة للملك محمد السادس    الحكومة تدرس حل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب    ولي العهد يعطي انطلاقة أشغال أكبر محطة لتحلية مياه البحر في إفريقيا    إعداد وترويج "ماحيا" يطيحان بعشريني بفاس    الداكي : السياسة الجنائية للمغرب تضع قضايا الطفولة ضمن أبرز أولوياتها الاستراتيجية    الأمثال العامية بتطوان... (621)    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    أخنوش: الحكومة نجحت في وضع اللبنات الأساسية لتحقيق العدالة الجبائية    ريما حسن "صوت فلسطين" داخل البرلمان الأوروبي.. من مخيمات اللجوء إلى أعلى هيئة سياسية أوروبية    بوابة رقمية لتعزيز الخدمات الاجتماعية للأمن    بوانو: أخنوش قام بتخفيض رسوم الاستيراد لشركات أقربائه ورفع من نسبة تضريب المقاولات الصغرى    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    شركة "كازا تيكنيك" تستهل عملها الرسمي بالحسيمة بمشاكل مع العمال    "البيجيدي": لا ثقة في إسرائيل وندين مجزرة النصيرات    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    وزير الخارجية اللبناني يشدد على موقف بلاده الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    تهرب ضريبي واستغلال مفرط وغير قانوني.. تقرير يرسم صورة قاتمة عن "التسيب" في مقالع الرمال    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار بشأن غزة    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    الحكم على ثلاثة مشجعين لفالنسيا بالسجن ثمانية أشهر بسبب إساءات عنصرية ضد فينيسيوس    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الصغيري يكتب: مأزق الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية    بلينكن يطالب ب "الضغط على حماس"    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    المحامون يدعون لوقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    ديشامب يكشف عن حالة مبابي قبل اليورو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    موريتانيا تكشف اقتناء أسلحة متطورة    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    من سيحسم لقب البطولة الجيش أم الرجاء؟    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    المغرب يتجه لتحقيق اكتفائه الذاتي من البترول بحلول منتصف 2025    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريسوني يغرد خارج السرب فمن ينصت إليه؟
نشر في اليوم 24 يوم 22 - 06 - 2016

انضم الفقيه المقاصدي، أحمد الريسوني، إلى حملة إسقاط الفصل 222 من القانون الجنائي، الذي يجرم الإفطار العلني في رمضان، وقال الريسوني، في ندوة علمية في الدوحة: «أجد نفسي مع هؤلاء المطالبين بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي، ولو أن نيتهم غير نيتي، وقصدهم غير قصدي. إن القانون الجنائي لا ينبغي أن يتدخل في الصوم… لماذا نأخذ المفطر العلني في رمضان إلى مركز الشرطة ونحقق معه ونرسله إلى النيابة العامة؟ لماذا هذا العناء غير المجدي؟ الناس يحالون على بواطنهم، ثم يأتي بعد ذلك المجتمع».
كيف التقى فقيه مقاصدي ينتمي إلى حركة إسلامية «أصولية» تحمل على عاتقها نشر التدين في المجتمع، مع حركات حقوقية ومدنية علمانية تحمل على كتفها إبعاد الدين عن المجال العام، وإخراج الدولة من مهمة تطبيق أحكام الشريعة؟ الذي جعل الاثنين يلتقيان، على ما بينهما من تباعد وتناقض، هو الحرية التي أصبحت قيمة كونية مقدسة.
لو كان الريسوني قد أفتى بعدم جواز إسقاط الفصل 222 من القانون الجنائي، وتعزيز رقابة النيابة العامة على مظاهر التدين في الشارع العام، لنزلت فوق رأسه العصي والمعاول، باعتباره ينظر للدولة الدينية التي تعادي الحريات الفردية، وتجر البلاد إلى القرون الوسطى، أما وأنه قد انحاز إلى الرأي الداعي إلى إخراج القانون الجنائي من شعائر الدين التي محلها القلب والقناعة، فإن رأيه لم يلفت انتباه بعض أدعياء الحداثة الذين اعتادوا الصيد في البرك الآسنة.
الناشط الحقوقي فواد عبد المومني انتبه إلى رأي الريسوني المتقدم في المعسكر الإسلامي، الذي يتصور أغلب جنوده أن الدين يحتاج إلى السلطة، وأن الإيمان يحتاج إلى قانون التجريم والعقاب، فقال عبد المومني: «أحيي هذا الموقف وأرحب به، وأنا أظن أن رأي الريسوني جزء من تطور المجتمع المغربي نحو مزيد من الانفتاح على الآخر، وقبول الاختلاف، والاعتراف بالحريات الفردية. ليس مطلوبا منا الاتفاق حول المرجعيات، ولكن المطلوب هو الاتفاق حول الآليات التي تضمن الحريات».
يعتقد الكثيرون أن تجريم الإفطار العلني في رمضان، والحكم على من يشرب أو يأكل في السوق أو المطعم أو الشارع بستة أشهر حبسا وغرامة مالية، أن هذه العقوبات من مقتضيات الدين والشريعة الإسلامية، وهذا خطأ شائع، فليس في الشريعة ولا في كتب الفقه والنوازل عقوبة سجنية للمفطر في السر أو العلن، إذ المتعارف عليه بين الفقهاء، مع وجود اختلافات كثيرة بين المذاهب، أن النصوص الدينية توجب كفارة على المفطر عمدا في رمضان عبارة عن صوم ستين يوما، أو إطعام ستين مسكينا، أو عتق رقبة، ولا دخل للدولة في تطبيق هذه الكفارة التي تبقى بين العبد وربه.
الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي قانون وضعي خالص لا علاقة له بالإسلام، كما يعتقد الكثير من الناس، بل إن الاستعمار الفرنسي هو الذي أدخله مع القانون الجنائي أيام الحماية حرصا على الشعور الديني للأهالي، وهو قانون كان موجها إلى الفرنسيين أساسا الذين كانوا يختلطون بالمغاربة المسلمين، الذين لم يكن جلهم قد رأى مسيحيا في حياته، وهذا لا يعني أن المقيم العام الفرنسي كان رجلا متدينا أو حريصا على إسلام المغاربة، بل كان ثعلبا ماكرا يحرص على عدم استفزاز ضحاياه حتى يسرقهم «بالفن»، وينهب خيراتهم بأشكال ناعمة، فمادامت مظاهر التدين لا تناقض أهداف الاستعمار فإنه يصونها ويوقرها، بل ويعاقب من يمسها. المشكل أنه لما جاء المشرع المغربي زمن الاستقلال أبقى على هذه العقوبة الحبسية بطريقة يقول عنها البعض إنها بليدة، لأنها استنسخت قوانين الاستعمار بدون إعمال للفكر والعقل، ويقول البعض عنها إنها متعمدة من أجل فرض سطوة الدولة على الفرد، وجعل القانون الجنائي أداة من أدوات مراقبة المجتمع وتطويقه بالسلطوية.
رأي الريسوني المتقدم إزاء الحريات الفردية مؤشر على أن الإسلاميين يجرون مراجعات فكرية وإيديولوجية هادئة تقربهم من قيم حقوق الإنسان العالمية وروح مواثيقها، وهذا الأمر ما كان ليتم لو ظل الإسلاميون في السجون أو المنافي، أو مقصيين في قاع المجتمع ينتجون ثقافة الاحتجاج وفقه التشدد. إحدى فضائل المشاركة السياسية واللعبة الديمقراطية أنها تدفع المشاركين إلى الاعتدال والانفتاح والقبول بالآخر، ومغادرة فقه إرهاق الناس، والتخلص من الخوف المرضي على الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.