أسبوعا فقط بعد نشر فيديو لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وهو يرقص مع حفيده على نغمات حضرة صوفية، وهو الفيديو الذي حضي بمئات الآلاف من المشاهدات وأسال كثيرا من المداد، ها هو زعيم المعارضة والأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط ينشر صورا له وهو يرضع حفيده، ليدخل الصراع السياسي بين حزب العدالة والتنمية الإسلامي وخصومه مرحلة متقدمة أصبحت فيها الصور والرموز والسميائية سلاحا مهما لاستقطاب المتعاطفين. ففي شريط الفيديو الذي نشره أحد أصهاره على اليوتوب، بدى رئيس الحكومة الذي كان يرتدي "قندورة" بيضاء و"صندالة" جلدية سوداء في غاية التواضع والعفوية وهو يصفق بانسجام مع أنشودة "الله الله يا مولانا" الصوفية ويشجع ولد ابنته الذي لا يتجاوز عمر الثلاث سنوات للرقص على نغمات الأنشودة وهو يقول "يا الله يا رئيس". استطاع بنكيران أن يحطم كل الصور النمطية التي كانت تعشش في المخيلة الشعبية عن حياة كبار المسؤولين المغاربة وغرقهم في البدخ والترف وهي الصورة التي كرسها هؤلاء بابتعادهم عن الأوساط الشعبية ونشرهم متاريس وحواجز نفسية بينهم وبين البسطاء من أبناء الشعب الشيء الذي خلق قطيعة بين الطبقة السياسية عموما، مع استثناءات بسيطة، وبين عموم المواطنين. اعتبر الخصوم السياسيون لرئيس الحكومة أن هذا الأخير وظف شريط "الرقصة الرئاسية" لاستقطاب مزيد من المتعاطفين "بعد تدني شعبيته" ولتلميع صورة بين قواعد حزب العدالة والتنمية، لكن التعاليق وردود الأفعال على شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام أظهرت أنه نجح إلى حد بعيد في تحقيق مزيد من الشعبية بفضل عفويته وبساطة طريقته في التواصل والتي يصفها خصومه ب"الشعبوية". هذا الإنجاز الكبير لعبد الإله بنكيران دفع بزعيم المعارضة والأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، إلى نشر صور له مع عائلته الصغيرة وهو يحمل بين ذراعيه حفيده، كما نشره صورة أخرى له تظهره وهو يقدم رضاعة حليب لحفيده، مما أثار إعجاب العديد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، لكن عدد كبيرا منهم رأى في خطوة شباط مجرد تقليد لزعيم حزب العدالة والتنمية. حالة الاحتقان السياسي وصل حد استعمال بعض الجهات لصور مفبركة من شأنها تأجيج الصراع بين حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة مثل الصورة التي يظهر فيها رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، حكيم بنشماش، وهو يحمل سروالا عروس ملطخا بدماء افتضاض بكارتها ليلة الدخلة على شكل خارطة المغرب. هذه الصورة التي يجهل مصدرها والتي أثارت كثيرا من اللغط على شبكات التواصل الاجتماعي، نسبها بعض الموالين لحزب الأصالة والمعاصرة إلى ما أسموه ب"الجيش الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية" الذي عمد حسب ادعائهم إلى تغيير صور لاحتجاج فريق "البام" بمجلس المستشارين على منع البث المباشر لجلسات المجلس المخصصة للأسئلة الشفهية ووضع عبارات استهجنها كثير من القراء واعتبرها البعض الآخر رمزا لتدني الممارسة السياسية بالمغرب.