اختار مجلس النواب عبد الله بوانو من فريق العدالة والتنمية، وبولون سالك من الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، محاسبين للمجلس، وهما معا من الأغلبية الحكومية، واعتبرت المعارضة أن الأغلبية خضعت حرفيا لمنطق النسبية العددية مما أسقطها في فخ كبير، ولقد جرى العرف أن يتم اختيار محاسب من الأغلبية رفقته محاسب من المعارضة ضمانا لحياد حسابات مجلس النواب، وقد فوجئت المعارضة بهذا القرار والذي عبر عنه رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار في الجلسة العامة المنعقدة مساء أول أمس الأربعاء لانتخاب نواب الرئيس والأمناء والمحاسبين. وقد عرفت الجمعية الوطنية الفرنسية سابقة من هذا النوع مرة واحدة في تاريخها مما أدخلها في ورطة دستورية، حيث رفضت لجنة الحسابات التصديق على حسابات المجلس باعتبار أن المحاسبين الاثنين من الأغلبية، وطالبت بعرضه على المجلس الأعلى للحسابات، الشيء الذي رفضته الأغلبية باعتبار أن البرلمان مؤسسة سيادية، لكن فقهاء الدستور اعتبروا الجمعية الوطنية الفرنسية قد فقدت سياديتها المالية عندما انتخبت محاسبين من الأغلبية لأن محاسب المعارضة يعتبر بمثابة الرقابة التي يفرضها المجلس الأعلى للحسابات. وقد يسقط مجلس النواب المغربي، حسب مصدر من المعارضة، في هذا المطب أثناء تقديم الحسابات السنوية، الشيء الذي قد يخلق جدلا دستوريا ويُدخل المجلس الأعلى للحسابات لأول مرة البرلمان. ويذكر أن مجلس النواب انتخب ثلاثة عشر نائبا لعضوية مكتب المجلس، منهم ثمانية نواب للرئيس ومحاسبان وثلاثة أمناء، حيث حاز عبد القادر عمارة من فريق العدالة والتنمية على النيابة الأولى للرئيس وانتخب عبد الواحد الأنصاري من الفريق الاستقلالي نائبا ثانيا ومحمد عبو من التجمع الوطني للأحرار نائبا ثالثا وخديجة الرويسي من الأصالة والمعاصرة نائبا رابعا وعبد العالي دومو من الفريق الاشتراكي نائبا خامسا وعبد القادر تاتو من الحركة الشعبية ومحمد جودار من الاتحاد الدستوري نائبا سابعا وشرفات أفيلال من التقدم الديمقراطي نائبا ثامنا، فيما تم انتخاب وديع بنعبد الله من التجمع وجميلة مصلي وعبد اللطيف بروحو من العدالة والتنمية أمناء للمجلس. وكان كريم غلاب، رئيس المجلس، قد أعلن في بداية الجلسة عن الفرق المشكلة داخل المجلس، ويتعلق الأمر بفريق العدالة والتنمية برئاسة عبد العزيز عماري والفريق الاستقلالي برئاسة نورالدين مضيان، وترأس فريق التجمع شفيق رشادي وفريق الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، والفريق الاشتراكي أحمد الزيدي، والفريق الحركي محمد مبديع، والفريق الدستوري الشاوي بلعسال، وفريق التقدم الديمقراطي رشيد روكبان. وأثار الإعلان عن فريق التقدم الديمقراطي، المشكل من التقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية والوحدة والديمقراطية، جدلا داخل مجلس النواب حيث اعترضت فرق المعارضة على تشكيله واعتبره الفريق الدستوري نوعا من الترحال السياسي، واعتبره وهبي عن الأصالة والمعاصرة خرقا للدستور وللمادة 24 من القانون الداخلي الذي يتم بعد نسخه بقانون جديد، وقالت الأغلبية، إن الأمر يتعلق بفريق نيابي احتفظ به كل نائب بانتمائه الحزبي وبالتالي ليس هناك أي خرق للدستور وللقانون التنظيمي فيما يتعلق بفقدان النائب لمقعده إذا ما غير حزبه أو فريقه. وينص الفصل 61 من الدستور، على أنه "يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي، الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. وتصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام القانون التنظيمي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضا آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية". وتشدد الفقرة الأولى من الفصل 69 من الدستور، على أنه "يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، إلا أنه لا يجوز العمل به إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقته لأحكام هذا الدستور".