عندما تنجح الديبلوماسية الموازية انتصرت الديبلوماسية المغربية على خصوم المغرب. انتصرت في قلب الاتحاد الأوروبي. انتصرت في قلب واحدة من أهم التكتلات العالمية اقتصاديا وجيوسياسيا. لكن هذا الانتصار لا ينبغي أن ينسينا أن هناك ضعفا واضحا في عمل الحكومة في هذا المجال، إن لم نقل إنها غير موجودة أو تساهم بشكل سلبي في تخريب ما حققته الديبلوماسية الموازية التي يقوم بها البرلمانيون والجمعيات المدنية وبعض الأحزاب السياسية وذلك بتأخيرها للإصلاحات والبطء الشديد في تنزيل الدستور. اليوم انتصر المغرب في ضمان التصويت الإيجابي على بروتوكول الصيد البحري، وهو انتصار بحجم الهزيمة لأعداء المغرب، ومع ذلك لا يطالب أقطاب الديبلوماسية الموازية بأي جهد حكومي في هذا المجال بقدر ما يطالبون بتعزيز ثقة الآخر في المغرب عبر تنزيل الدستور، حيث نال المغرب ثقة الشركاء الأوروبيين بفضل التطورات التي عرفها على مستوى الحقوق والحريات والديمقراطية وهي عناصر أساسية في مجال التنمية. بنكيران يصم أذنيه عن سماع كلمة ديبلوماسية موازية. ولا يعير اهتماما للمجهودات التي تقوم بها بعض الجمعيات الجادة ولا يعير اهتماما لعمل اللجن البرلمانية المشتركية وجمعيات الصداقة البرلمانية. فهي تلعب أدوارا طلائعية في هذا المجال. غير أن حزب العدالة والتنمية قصر علاقاته البرلمانية مع العدالة والتنمية التركي وبرلمانيين كلهم من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أو المقربين منه. وقد قال سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق غير المأسوف على رحيله من النسخة الثانية لحكومة بنكيران، إن لقاءه بالإخوان المسلمين بالكويت أثناء أدائه لمهامه عادي جدا لأنهم برلمانيون مشاركون في اللعبة السياسية. لنفترض فرض محال أن ما قاله العثماني هو الصح ولم يكن الموضوع يتعلق بتنسيقات يجريها الحزب الإسلامي مع نظرائه في العالم لأغراض أخرى، فإننا نسأل العثماني عن النتيجة التي حققها من وراء ذلك. ألم يجلب علينا "صداع الرأس" وكاد يتسبب في أزمة ديبلوماسية مع واحدة حلفاء المغرب الخليجيين؟ إن مفهوم الدبلوماسية الموازية أصبح اليوم عنصرا مهما في السياسة الخارجية، وهو مرتبط بالعمل الذي تقوم به جهات غير حكومية سواء كان برلمانيون أو احزاب أو جمعيات أو لجان صداقة أو حتى شركات وأشخاص. وأضيفت الموازية للفظ الديبلوماسية لتمييزها عن العمل الذي تقوم بها وزارة الخارجية والسلك الديبلوماسي. ويمكن اختزالها في التعريف التالي أي انها المجهودات التي تقوم بها الجهات غير الحكومية قصد الدفع قدما بالمصالح الوطنية. فالديبلوماسية الموازية سياسة خارجية ذات آخر ومفتوح وأغلب التحولات الجيوسياسية تنجزها الديبلوماسية الموازية، التي لا يمكن حدها بحد معين، فهي منفتحة على كل الأعمال التي تقوم بها الجهات غير مرتبطة بالشؤون الخارجية والسلك الديبلوماسي وتتعدد صفاتها وأدواتها. الطريقة التي تصرف بها بنكيران وزعماء العدالة والتنمية في الخارج تنم عن توجه جديد في الديبلوماسية الموازية معاد لمصالح المغرب.