لقجع يقدم وصفة الحكومة لتحقيق التوازن بين الأولويات الاجتماعية واستدامة المالية العمومية    "دور المجتمع المدني في التنمية المحلية" موضوع ندوة وطنية بجماعة تيسينت إقليم طاطا    الجيش الجزائري يواصل تصفية الشباب الصحراويين بدم بارد..    "وسيط المملكة" يأسف على عدم توصله بمشاريع القوانين من أجل إبداء الرأي متحدثا في البرلمان عن "انعدام الإرادة"    رغم الجفاف.. المغرب أول مصدر للطماطم إلى أوروبا    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بالأخضر    تراجع أسعار الذهب العالمية مع ارتفاع الدولار    هذا ما قررته المحكمة في قضية "مومو" ومن معه    جوائز مسابقات الدورة 13 لمهرجان الرشيدية السينمائي    تكريم أعتز به من مهرجان الرشيدية السينمائي    العالم الافتراضي يخلق توجسا وسط المغاربة بسبب أثمان أضاحي العيد    أمريكا: هجوم رفح لن يؤثر في سياستنا ودعمنا العسكري لإسرائيل    مباراة كرة قدم في الدوري الجزائري تتحول إلى "مأساة"    اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بدولة فلسطين يدخل حيز التنفيذ    استقالة مسؤولة كبيرة بوزارة الخارجية الأمريكية بسبب الحرب في غزة    غوتيريش يطالب بوقف الحرب على غزة    جود بيلينغهام يحرز جائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني    أول تعليق لمدرب الوداد الرياضي بعد الهزيمة أمام آسفي    ضربة جزاء الرجاء أمام اتحاد طنجة تثير الجدل    الركراكي يعلن عن قائمة "الأسود" في تصفيات مونديال 2026    رئيس جماعة مرتيل يستقبل المقيم الدائم الجديد لمؤسسة كونراد أديناور المغرب    تفاصيل مباحثات بوريطة مع نظيره الصيني ببكين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مغربي ضمن المتوجين بجوائز "ديوان العرب" الثقافية في دورتها العاشرة    شكيب بنموسى يستقبل الرياضيين المنعم عليهم بشرف أداء مناسك الحج    أولمبياكوس يُعول على الكعبي للتتويج بالمؤتمر الأوروبي    نادي إندهوفن يجدد الثقة في الصيباري    طواف المغرب الدولي للدراجات يشهد مشاركة 18 منتخبا وفريقا    المكسيك تطلب الانضمام إلى قضية "الإبادة" ضد إسرائيل أمام محكمة "العدل الدولية"    بصدد موقف وزير العدل من "عقود الزواج" في الفنادق    وزارة الداخلية تستنفر مصالحها الترابية لتيسير العطلة الصيفية بالمغرب    كيوسك الأربعاء | اكتشاف جديد للغاز بمنطقة اللوكوس    المغرب يخلد يوم إفريقيا في نيويورك    النفط يرتفع مع التوقعات بإبقاء كبار المنتجين على تخفيضات الإنتاج    قراءة في تطورات ما بعد حادث وفاة رئيسي و مرافقيه..    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    سلطات سبتة تُعلن قرب استخدام تقنية التعرف على الوجوه بمعبر "تراخال"    29 قتيلا و2760 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    قراءة في ندوة الركراكي : أنا من يتحمل مسؤولية اختياراتي    الإسراع في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد بمناسبة انعقاد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي    ماذا نعرف عن الولاية الهندية التي تحمل مفتاح إعادة انتخاب ناريندرا مودي؟    البِطنة تُذهب الفطنة    صندوق النقد يرفع توقعات النمو في الصين إلى 5 بالمئة    وزيرة الانتقال الطاقي تقول إن تصاميم مشروع خط الغاز المغربي- النيجيري "قد انتهت"    القضاء يدين مختلسي أموال مخالفات السير بالحبس النافذ والغرامة    حكم قضائي غير مسبوق لصالح مغربية أصيبت بمضاعفات بسبب لقاح أسترازينيكا    الأمثال العامية بتطوان... (610)    وسط أجواء روحانية.. حجاج الناظور يغادرون إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج    الرباط.. استقبال الأبطال الرياضيين المنعم عليهم من طرف صاحب الجلالة بأداء مناسك الحج    عمالة تاونات تودع حجاجها المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج هذا العام    ٱيت الطالب: المغرب يضطلع بدور محوري في تعزيز السيادة اللقاحية بإفريقيا    ملابس النجمات تتضامن مع غزة ضد الرقابة    ايت طالب يناشد من الأمم المتحدة إنقاذ المنظومة الصحية في فلسطين    بعد فوضى سوء التنظيم.. سامي يوسف يوجه رسالة خاصة لجمهوره بمهرجان فاس    "مستر كريزي" يعلن اعتزال الراب    خبراء ينصحون بفترات راحة لممارسي رياضة الركض    كيف اكتشف المتحف البريطاني بعد عامين سرقة مجوهرات وبيعها على موقع التسوق "إيباي"؟    الغضب يؤذي القلب وقد يقتلك .. كيف؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (3/3)
نشر في الصحيفة يوم 15 - 06 - 2021


التيارات والانشقاقات .
ككل التيارات الإيديولوجية ، سيعرف التيار المدخلي بروز خلافات داخلية انتهت إلى تشكيل تيارات يدين كل واحد منها لشيخ بعينه . الأمر الذي جعل هذا التيار يعرف زعامات كثيرة متنوعة ومتنافرة حد القطيعة .
وبسبب الخلافات الحادة التي نشبت بين مكونات التيار السلفي المدخلي سيتوزع أتباعه إلى ولاءات متعددة لرموزه .فتعدد الولاءات أجج مهاجمة بعضهم لبعض كما فعل الشيخ محمد بن هادي المدخلي الذي هاجم العديد من دعاة وشيوخ التيار المدخلي بشكل عام ،حيث وصفهم بالصعافقة، وتعني "العبيد السود"، بسبب ميلهم لمبدأ "الجرح والترجيح" الذي يؤمن به دعاة التيار المدخلي.
وبدوره هاجم محمد بن هادي المدخلي، في أحد محاضراته غالبية أتباع تيار السلفية المدخلية، ووصفهم بالمبتدعة والمغالين في تقديس شيوخهم مع إخفاء البدعة مثل الحزبية؛ كما انتقد غيرَه من مشايخ التيار المدخلي أمثال عرفات المحمدي، ونزار بن هاشم السوداني، وعباس الجوني، وعبد الإله الرفاعي، وأبو أيوب المغربي، وهانئ بن بريك، وعبدالله بن صلفيق. ولم تقتصر الخلافات والانتقادات بين شيوخ المدخلية على العالم العربي ، بل امتدت لتشمل فروع ومراكز التيار في بقية دول العالم ، مثل المسجد السلفي ببرنغهام، ودار الحديث بمكناس، ومسجد "تقي الدين الهلالي" بمدينة كولونيا الألمانية، ومسجد "ذي النورين"، في مدينة مونتريال بكندا، والجامع الكبير في كارننجار جاوى الوسطى بأندونسيا.
وشهد اليمن مبكرا اختلافات حادة بين رموز التيار المدخلي حيث تم تبْديع أبي الحسن المأربي بتهمة التطاول على الصحابة ، بينما السبب الحقيقي يكمن في نفيه العودة إلى ربيع المدخلي (مؤسس التيار) في مسألة التبديع ؛ مما أثار حفيظة هذا الأخير فأمر بتبديعه . وبسبب حدة الاختلافات ، انقسم التيار إلى جناحين: جناح الولاء لعبيد الجابري بقيادة أبي عمار الحذيفي ، وجناح يوالي ربيع المدخلي ومحمد المدخلي .
الموقف من المشاركة السياسية.
التيار السلفي الوهابي عموما يرفض تشكيل الأحزاب وخوض الانتخابات ودخول البرلمانات . ولم يقبل الانخراط في العمل السياسي إلا اضطرارا في مصر بعد سقوط نظام مبارك فأسس حزب النور.ومادام التيار المدخلي ينطلق من نفس الخلفية العقدية والإيديولوجية ، فإن الشيخ ربيع المدخلي لم يتردد في اتهام العلماء الذين يجيزون الدخول في البرلمانات بالمكابرة ؛ إذ يقول في كتابه (جماعة واحد لا جماعات وصراط واحد لا عشرات)( ص28) تعليقا على كلام للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق حول مشروعية المشاركة في المجالس التشريعية (البرلمانات): (أقول: لا يعرف ضلال أو باطل يحمل مثل هذه المفاسد، ومنها فساد المشاركين فيه من السياسيين الذين يحسبون أنفسهم على الإسلام، فنحن نربأ بالإسلام أن يبيح عملا ينطوي على مائة وخمسين مفسدة، ولا أظن باطلا على الأرض ينطوي على هذا الكم الهائل من المفاسد، ولا نعرف مكابرا مثل مكابرة من يجيز هذا العمل بعد علمه بهذه المفاسد). ويقول في الكتاب نفسه (ص84-85): (إن السياسيين الجاهليين بتحزبهم مزقوا شباب الأمة، وفرقوهم أحزابا وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون، وتابعوا الأحزاب الكافرة الظاهرة والخفية في التنظيمات السرية والمشاركة في المجالس والبرلمانات والديمقراطية الكافرة في البلدان التي استعمرت ورضعت لبان الاستعمار بكل ما فيه من تقاليد وقوانين وأنظمة كافرة).
خطورة إيديولوجية تيار المداخلية :
إباحة دم المسلمين ، حيث وُجهت للمداخلية تهم القتل الجماعي والاغتيالات في كل من ليبيا واليمن ( النائب العام الليبي أصدر في حق 14 من جماعة الكاني أوامر ضبط داخلية، في 13 نوفمبر 2017، لكنها لم تنفذ لتحالفهم في ترهونة مع قوات حفتر. كما اختطف المداخلة في بنغازي (الكتيبة 106)النائبة سهام سرقيوة في يوليوز 2020. ومن أبرز المليشيات المسلحة التابعة لتيار المدخلية : كتيبة مجموعة الخمسين، بقيادة المطلوب دوليا محمود الورفلي ، وكتيبتا التوحيد وطارق بن زياد، وكتيبة العاديات من مدينة الزنتان، وسبل السلام من مدينة الكفرة، وقوة الردع في أجدابيا، فضلا عن مباحث صرمان وكتيبة الوادي في صبراتة. وفي اليمن ستظهر السلفية المداخلية المسلحة بقوة مع كتيبة أبي العباس، التي أسسها الشيخ عادل عبده فارع أبو العباس، والتي تعرف كذلك ب"حماة العقيدة" في (تَعْز).
تقسيم الشعوب وتفتيتها : ففتاوى وعقائد التيار تعتبر أتباعهم وحدهم "الفرقة الناجية" وغيرهم في النار ، أي ضالون وكفار.
مناهضة الديمقراطية والقوانين المدنية ، ففي الوقت الذي تتطلع فيه الشعوب العربية إلى إرساء دعائم الدولة الديمقراطية وإشاعة قيم المواطنة والمساواة ، يبرز إلى الوجود تيار المداخلية المناهض لتطلعات الشعوب في الحرية والديمقراطية ، ولم تكفه تنظيمات الإسلام السياسي وما جرّت من فتن على الشعوب العربية والإسلامية .
يوفر حاضنة إضافية للتطرف والتكفير اللذين يتغذيان على عقائد التكفير والكراهية والعداء للآخر.
يربي أتباعه على الولاء للمذهب وزعيمه وليس للوطن. إن مثل هذه التنظيمات التي يتجاوز ولاؤها حدود الوطن ، ومهما أظهرت "سلميتها" ودعمها للأنظمة الحاكمة ، لا يمكن أبدا الوثوق فيها أو الاطمئنان إليها . فمواقفها تدور مع فتاوى زعمائها تأييدا للحكام أو مناهضة لهم.
خلاصة .
إن الرهان على السلفية المدخلية لمواجهة تنظيمات الإسلام السياسي وتيار السلفية التكفيرية/الجهادية ، يظل رهانا خاسرا ؛ بل سيزيد الأوضاع السياسية والأمنية تعقيدا من حيث كونه يوفر حاضنة جديدة للتطرف ، كما يوسع من قاعدة مناهضي الدولة الديمقراطية والقوانين المدنية وإستراتيجية تحديث بنيات الدولة والمجتمع. فكل التيارات الدينية التي احتضنتها الأنظمة العربية ووظفتها ضد بعضها البعض انتهت إلى الالتقاء على قاعدة تكفير الدولة وقوانينها . فتيار السلفية الوهابية لم يقض على تيار الإخوان المسلمين كما كان مخططا له، بل تحالف معه في عقر الوهابية .والأخطر أن من صُلب السلفية الوهابية خرجت السلفية التكفيرية والجهادية (تنظيم القاعدة ثم داعش ).
ونفس المآل سينتهي إليه تيار السلفية المدخلية الذي تم دعمه لمواجهة تنظيم الإخوان والسلفية الجهادية . وبدل أن يتضاءل نفوذ هذه التنظيمات ويتوارى خطرها ، نجد أعداد الخلايا والتنظيمات الإرهابية في تناسل متواصل ؛ بل تعاظم خطرها داخل الدول الداعمة للتيار المدخلي. فلا حدود بين عقائد الفصائل السلفية ، فهي تقوم على تكفير الحكام وتكفير من لم يكفّر الحكام. ومن لم يجهر بكفر الحاكم لأنه لا يحكم بما أنزل الله ، فإنما يفعل تقية إذ يظهر ما لا يبطن.وما تلقنه دور القرآن التابعة للسلفية الوهابية على اختلاف تياراتها لا يختلف مطلقا على عقائد التنظيمات الجهادية، فهي تُدرّس نفس الكتب التكفيرية التي تتداولها تنظيمات السلفية الجهادية(أبو النعيم الذي يظهر الطاعة لولي الأمر سرعان ما كفّره عند منع الصلاة الجماعية في المساجد بسبب وباء كورونا). إن السبيل الأمثل لمواجهة خطر التطرف والإرهاب وتنظيمات الإسلام السياسي يتمثل في تجفيف منابع هذه التنظيمات ، سواء المادية أو الفكرية ، والعمل على بناء مواطنين أسوياء وتربيتهم على قيم المواطنة واحترام الحق في الاختلاف.لقد ازدادت حدة الانتقادات للأحزاب في المغرب بسبب ضعف الأداء وتأطير المواطنين ،ولن يكون في صالح الدولة السماح لمزيد من تفريخ تنظيمات الإسلام السياسي التي تستهدف أسس الدولة الوطنية والمشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي بمعاداة الأحزاب ومناهضة قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وإقامة محاكم التفتيش .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.