أجودان في الدرك الملكي ينهي حياته بسلاحه الوظيفي    تنسيقيات التعليم تتمسك بتمكين الأساتذة الموقوفين من إلغاء عقوبات التأديب    السعودية تخلي مكة المكرمة من الزوار    هل استقر حمدالله على وجهته المقبلة بعيدا عن السعودية؟    مستجدات انتقال المغربي عطية الله إلى الأهلي المصري    الصحابي يعود إلى التدريب    كيف أحدثت الصحراء المغربية انقساما داخل الحكومة البريطانية؟    طقس الخميس..تساقطات مطرية وبروز رعد وهبات رياح قوية بهذه المناطق    قضية الصحراء المغربية.. سويسرا تدعم حلا سياسيا "عادلا ودائما ومقبولا" من لدن الأطراف    الملك يبعث برقية إلى خادم الحرمين الشريفين إثر تعرضه لوعكة صحية    المغرب يستكمل ملاءمة منظومته لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية    بعد ساعات من البحث.. انتشال جثة حارس من تحت أنقاض عمارة منهارة بطنجة (فيديو)    بعد اعتقال نائبين للرئيس.. محامي يطالب الداخلية بإجراء افتحاص دقيق لجماعة تطوان    نادي أتالانتا يتوج بالدوري الأوروبي    الاتحاد الأوروبي يقرر الزيادة في رسوم "تأشيرات شنغن"    حكاية طبيب "الدراوش" بتطوان في الزمن الجميل (الحلقة الثالثة)    ب250 درهما فقط.. جماعة البيضاء تؤجر 19 فيلا فخمة للخواص وأغلبهم لا يؤدي ثمن الكراء    إصدار سندات للخزينة بمبلغ ملياري درهم    المنتدى العالمي للماء: تسليط الضوء ببالي على انجازات المغرب في مجال تدبير الموارد المائية    "معا لنحمي غابتنا" شعار يوم تحسيسي بجماعة باب برد    "حماس" تعلق على الاعتراف الثلاثي بفلسطين    حصيلة القتلى في غزة تصل إلى 35.709    إعادة انتخاب المغرب نائبا لرئيس اللجنة التنفيذية لمركز شمال-جنوب التابع لمجلس أوروبا    بورصة الدار البيضاء تُسجل انخفاضًا طفيفًا في ختام تعاملات الأربعاء    الجواهري: بنوك المغرب حاضرة في 30 بلداً إفريقياً وتحقق 23% من نشاطها في القارة    في اليوم العالمي للشاي.. المغاربة يشربون 4 كؤوس يوميًا لكل فرد    رغم تطمينات الحكومة.. ارتفاع أسعار هذه المنتجات بعد رفع الدعم عن غاز البوتان    باريس سان جيرمان يمنح أشرف حكيمي الضوء الأخضر للمشاركة في أولمبياد باريس 2024    المدير العام للإيسيسكو: المنظمة تسعى إلى النهوض بمعجم اللغة العربية    مزور: الاقتصادات الغربية استغلت أسواقنا لبيع منتوجاتها وأغلقت الأبواب في وجه منتوجاتنا لحماية نفسها    وهبي يدافع عن إعفاء الطعون الانتخابية    تجار بالحسيمة ينضمون إلى حملة مقاطعة بطاقات التعبئة    مطالب للحكومة بالإعلان عن أسماء المستفيدين من دعم استيراد الأضاحي    حموشي يوقع مذكرة تفاهم مع نظيره البرازيلي بشأن تعزيز التعاون الثنائي في المجال الأمني    إضراب كتاب الضبط يؤجل محاكمة "مومو"    منظمة الصحة العالمية: آخر مستشفيين في شمال غزة بالكاد يعملان    غوارديولا يفوز بجائزة أفضل مدرب في البطولة الإتقليزية الممتازة لهذا العام    تشييع حاشد للرئيس الإيراني في تبريز ووصول الجثامين إلى طهران    شادي رياض يتوافق مع كريستال بالاس على شروط الانضمام    الزليج المغربي.. تاريخ وتراث من الموحدين إلى اليوم    "بين مرافئ العمر" مجموعة قصصية جديدة للروائي والقاص المغربي أحمد العكيدي    "القرية المجاورة للجنة" أول فيلم صومالي بمهرجان كان السينمائي الدولي    الزمالك المصري يوجه الشكر لياسين البحيري على تصرفه تجاه "دونغا"    الذهب يتراجع وسط ترقب لمحضر اجتماع المركزي الأمريكي    رواية "كايروس" للألمانية جيني إربنبك تفوز بجائزة "بوكر" الدولية    فقرات فنية متنوعة بمهرجان القفطان المغربي الثالث بكندا    "بشوفك".. سعد لمجرد يستعد لطرح عمل مصري جديد    بملابس عملهم.. أطباء مغاربة يتضامنون مع نظرائهم بفلسطين    إسرائيل تستدعي سفيرَيها في إيرلندا والنروج    تقنيات الإنجاب لزيادة المواليد تثير جدلا سياسيا في فرنسا وأمريكا    دراسة: المبالغة في تناول الملح تزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 41%    انتشار متحور "بيرولا" يقلق سكان مليلية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (13)    الأمثال العامية بتطوان... (604)    أكثر من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    الأمثال العامية بتطوان... (603)    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصطفى صوليح : حل حزب البديل الحضاري رسالة إلى العدالة و التنمية .. و اليسار الموحد و العدل و الإحسان.

حاوره إدريس ولد القابلة رئيس تحرير المشعل * ○ كيف تقرأون ، أستاذ المصطفى صوليح ، قدوم السلطة التنفيذية على حل حزب البديل الحضاري؟ ● أولا الواقع أن يوم الأربعاء 20 فبراير 2008 سيظل ماثلا في ذاكرة الحياة السياسية في بلادنا ، ليس فقط لأنه في هذا اليوم أصدر السيد الوزير الأول ، دفعة واحدة و دون أي تنبيه أو تحذير سابقين ، مرسوما تم بمقتضاه حل حزب فتي هو حزب البديل الحضاري ، و إنما أيضا لأن هذا القرار قد تم إعماله في سياق تضمن تهديدا بحل أحزاب و بعدم السماح بتأسيس أحزاب أخرى و بمعاقبة باقي الجمعيات أو المنظمات أو الأحزاب القائمة كلما أتاحت فضاءاتها لهياكل أخرى بغرض عقد اجتماعات تنظيمية أو تأسيسية أو إعلامية لا تنال الرضا من قبل وزارة الداخلية ، و ذلك كما هو الحال بالنسبة للحزب الاشتراكي الموحد في تسامحه مع فعاليات كل من حزب البديل الحضاري و حزب الأمة غير المرخص له . و بالإضافة إلى ذلك ، فإن السرعة التي بواسطتها أخرجت وزارة الداخلية المادة 57 من رف قانون الأحزاب مصحوبة بتعليل تهويلي جدا و سلمته للسيد الوزير الأول ليتلوه في صيغة المرسوم إياه ، و ما تلاه من اتخاذ قرارات أخرى تمثلت في التعجيل بتشميع جميع مقرات الحزب و حجز ممتلكاته و تجميد أرصدته البنكية ربما بناء على المادة السادسة من قانون مكافحة الإرهاب ،، قد تغيت شل حركة أغلب أعضائه ، غير المتابعين ، و منعهم من الاتصال ببعضهم و التنسيق بينهم في سبيل اتخاذ ما يجدونه مجديا من الناحية القانونية في سبيل الطعن القضائي ضد القرار إياه و من الناحية الإعلامية في اتجاه إخبار الرأي العام الوطني و الدولي بوجهة نظرهم فيه . ثانيا لا أعتقد أن حزب البديل كان هو في حد ذاته المقصود من قرار تفكيكه ، فهو على كل حال حزب فتي حيث لم يحصل على الترخيص له إلا في سنة 2005 و صغير جدا ، إذ لا يتوفر إلا على حوالي 28 فرعا و لم يستقطب سوى 0.3% من مجموع المصوتين في الانتخابات التشريعية ليوم 07 شتنبر 2007 ، و بالتالي فإن حله مثل الإبقاء عليه لا تأثير له مباشر لا على الحياة البرلمانية و لا على الحياة الجماعية المحلية أو الجهوية و لا حتى على الحياة الإعلامية ، بل إن المقصود هو تهديد أحزاب أخرى بالخضوع لنفس الإجراء ، كما هو جاري الآن بشكل رسمي بخصوص الحزب الاشتراكي الموحد وبشكل غير رسمي في شأن حزب العدالة و التنمية ،،، و كما هو جاري أيضا بالنسبة لحزبي الأمة و العدل و الإحسان ، غير المرخص لهما ، في سبيل أن يبادرا اختياريا إلى حل أجهزة هيكليهما . ثالثا إن الحياة السياسية في بلدنا العزيز لن تستوي أبدا إلا إذا استوت فيه الديمقراطية بما تقتضيه من دستور تعاقدي و غير مطعون فيه من قبل أي من مكونات الإطار الحضاري للمجتمع المغربي ، و من فصل حقيقي و فعلي بين السلط و من إقرار عملي بسلطة القضاء و استقلالها و عدم التدخل في أحكامها النهائية إلا بما يتوافق مع إعمال صكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان ، و من مشاركة متساوية بين جميع المواطنين في تدبير و تسيير الحياة العامة ، و من مساءلة و محاسبة لا يفلت منهما أي كان من الناس المنتمين للبلد أو المقيمين فوق ترابه الوطني ... إنه ليس إلا في البلدان الديمقراطية وحدها حيث يتم سن القوانين و غيرها من التشريعات لكي تحمي المواطنين و تكفل حقوقهم و حرياتهم و ليس لكي تحمي مصالح الحكام و هواجسهم ضد المواطنين ، و في هذا السياق لا داعي لمقارنة قانون الأحزاب المغربي بقوانينها في شتى البلدان الديمقراطية و من بينها كمثال ألمانيا و فرنسا حيث يكون حل حزب ما أصعب بكثير جدا من تأسيسه ، و حيث الحرية هي الأصل و القيود استثناء و التعدد يعني الإقرار بالاختلاف و ليس بالإجماع و القضاء هو الجهة ذات الاختصاص في الفصل في المنازعات الناجمة عن ممارسة الأحزاب السياسية لنشاطها و منها منازعات حلها ،،،إذ يكفي، مثلا أيضا ، العودة إلى اليمن حيث تنص المادتان 34 و 35 من قانون الأحزاب على أنه : » .... لا يجوز حل حزب أو تنظيم سياسي أو وقف نشاطه أو تعطيل قرار من قراراته إلا بموجب حكم قضائي تصدره المحكمة بناء على طلب مسبب من رئيس لجنة الأحزاب يوافق عليه أعضاء اللجنة بحل الحزب أو التنظيم، وذلك إذا فقد الحزب أو التنظيم شرطاً من شروط التأسيس المحددة بالقانون، أو إذا ارتكب الحزب أو التنظيم محظورات محددة في القانون «، و إلى موريتانيا حيث الديمقراطية فيها ما تزال فتية لنكتشف أن المادة 26 من الباب الخامس من قانون الأحزاب السياسية المفرد لحل الأحزاب السياسية تنص على أنه يمكن أن يكون مرسوم الحل : » محل طعن أمام المحكمة العليا التي يجب أن تبث في ظرف الشهر التالي لتسلمها لعريضة الطعن « . ثم إنه ، و باعتبار أن التهديد هو جريمة مهما كانت الجهة التي يصدر عنها ، لا توجد أية جهة في البلدان الديمقراطية ، إدارية أو قضائية ، يمكن أن يخولها القانون حق تهديد أحزاب بالحل ، فما بالك إذا كان هذا الفعل سمة غالبة على مسار تاريخ الحياة السياسية في المغرب ، فالمرء يمكن أن يؤرخ لأحزابنا ، و خاصة منها المنتمية إلى الحركة الوطنية ، من خلال التغيير الذي لحق بأسمائها و أسماء جرائدها ....
رابعا قياسا على اجتهاداتها الأخيرة في ما يتعلق بحماية البلاد و العباد من تهديدات إرهابية كانت وشك الوقوع و ذلك باتخاذها ، خارج نطاق القضاء ، لإجراء حل حزب البديل الحضاري الفتي و الصغير بناء على مزاعمها بتوفر قرائن تثبت ضلوعه ، عبر قيادييه المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية المعنية ، في هذه التهديدات المدججة بأسلحة لم تظهر أية علامة صدإ على وحداتها رغم أن عملية تسليلها إلى داخل البلاد تبتدئ من سنة 1991 ،،، ألم يكن جديرا بالسيد وزير الداخلية أن يطبق نفس اجتهاده على الإدارة العامة للأمن الوطني باعتبار ضلوع ضابطين أحدهما من درجة عميد ، أي من كبار أطرها الحاملين يوميا للسلاح ، في نفس الشبكة و باعتبار تغطية هذه الإدارة لكافة التراب الوطني و باعتبار التسهيلات التي قد يتيحها غير هذين الضابطين لمثل هذه الشبكات في مجال الوصول إلى المعلومات الأمنية و في مجال السيطرة على مختلف الأسلحة المتوفرة في المخافر و المخازن ذات الصلة دون الحاجة إلى المخاطرة بجلبها من خارج الحدود الوطنية كما في مجال تدريب الأفراد ذوي الاتجاهات الإرهابية ؟ ○ هل الأمر متعلق بحسابات أم أن تداعيات خطورة الوضع هي التي أملت ذلك القرار؟ ● أما عن خطورة الوضع فلا أحد يقول عكس ذلك . و على كل حال فليس بلدنا هو الوحيد الذي تتهدده مخاطر إرهابية ، غير أنه و على عكس البلدان الديمقراطية التي لا تتخذ من هذه التهديدات ذريعة لإرهاب المواطنين أفرادا و مجموعات و للانقضاض على حقوقهم و حرياتهم المتأصلة فيهم أو للانتقاص منها ، بل تراقب عن كثب بواسطة قضائها المستقل و لجان مؤسساتها المنتخبة كفاءة أداء أجهزتها الأمنية لمهامها التي تتقاضى عنها رواتب و تعويضات مستخلصة من ميزانية الدولة و ذلك دون تعدي مفرط أو ممنهج على كرامة الناس، إن 95% من مخاطرنا ، دون التذكير بخلاصات التقارير الوطنية الرسمية أو الدولية ذات الصلة ، تأتي من استشراء طاعون الفساد بكل أنواعه و أشكاله و مظاهره و إلا كيف أمكن ، مثلا ، لترسانة من الأسلحة المختلفة الأحجام أن تدخل البلاد و خلال فترات متباعدة من بواباته الحدودية رغم أنها توصف بالمحروسة ؟ كما تأتي من عدم الوفاء بالالتزامات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الإنمائية و البيئية تجاه مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع المغربي ، و غياب التفكير الإستراتيجي في تخطيط و برمجة الأولويات و جدولتها ، و تجميد الإصلاحات المؤسساتية و اعتبار المطالبة بها مس بالمقدسات ، و الفشل الذريع و المتواتر في شتى التدخلات و في مقدمتها التعليم و الصحة و التشغيل و الإسكان و الوساطة بين الدولة و ضحاياها و الحوار بين ذوي الحاجات عموما و ذوي الحاجات الخاصة و بين الهياكل الرسمية أو الشبه رسمية الموضوعة لهذا الغرض... أكيد أننا نحتاج إلى أمن ، لكن إلى أمن كفء يقوم بمهامه الموكولة إليه دون تهويل سياسي أو إعلامي و باحترام تام للكرامة البشرية ... خاصة و هاهي المخابرات البلجيكية لا تؤكد الرواية المغربية حول الاغتيالات و محاولات الاغتيال التي قد يكون بلعيرج ارتكبها داخل التراب البلجيكي ، و هاهي معلومات أخرى تشير إلى أن الأسلحة التي زعم السيد وزير الداخلية بأن تاريخ إدخالها إلى المغرب في سنة 1992 لتزويد الشبكة الإرهابية المكتشفة في 2008 بها إنما كانت موجهة عبر التراب الوطني المغربي إلى المتطرفين الإسلاميين الجزائريين لتعزيز عتادهم في عمليات القتل آنذاك داخل الجزائر ... و أما عن الحسابات ، فأكيد أن للدولة المغربية مثلها مثل باقي دول العالم حساباتها الداخلية و الخارجية أثناء معالجتها لملف من الملفات بما فيها ملفات الإرهاب ،و إلا ما الذي يكون مثلا وراء تصريح مسؤول ليبي ، يوم الأحد 24 فبراير 2008 ، بأن بلده بصدد تفعيل مسطرة لتسريح عشرات ( أكثر من 90 ) من المعتقلين لديها ينتمون إلى الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا ؟ و في ذات السياق، يجدر الانتباه إلى إدعاءات صادرة عن عديد من المراقبين مفادها أنه في غضون الفترة المتزامنة مع اعتقال بلعيرج ، بشكل متساوق مع حملة غير مسبوقة ضد حزب الله من أجل تحويل صورته من حزب سياسي و حركة للمقاومة المسلحة الميدانية ضد إسرائيل ، باعتبارها محتلة لأشرطة ترابية من لبنان ، إلى حزب إرهابي و ذلك بموازاة مع التحضير لشن العدوان الأمريكي المرتقب على إيران، كانت كل من المخابرات الأمريكية و الإسرائيلية والفرنسية تتحدث ضمن تقارير أمنية عن المغرب باعتباره حلقة أضعف في المغرب الكبير أمام الخطر الشيعي . و غير خاف أن هكذا ادعاءات إذا ما صدقت ستقدم خدمة كبيرة للرئيس بوش في حروبه الاستباقية العالمية و ستظهر المغرب ، بتفكيكه لشبكة كانت إيران طرفا في تموينها بالأسلحة و المال و كانت هي و حزب الله من بين جهات أخرى تمد قيادييها بالاستشارات و تمكن أعضاءها من التداريب على استعمال السلاح ،،، بمثابة البلد الأول الذي أثبت للعالم و بالملموس بأن حزب الله حركة إرهابية و أن إيران دولة إرهابية و أنهما معا يصدران الإرهاب إلى باقي أنحاء العالم . ○ ألا تعتبرون ، أنه بمجرد تفعيل " قانون الإرهاب" تلغي جميع الحقوق، وهل تستقيم مثل هذه القوانين مع قواعد وآليات الدولة الديمقراطية، أم أنه باب من أبواب تكريس الاستبداد بدعوى التصدي لخطر الإرهاب؟ ● لنتذكر في البداية أن السلطة التنفيذية في المغرب قد استعملت مسطرتين مختلفتين تجاه حزبين متقاربين ، مسطرة مقاضاة حزب الأمة غير المرخص له في أفق حظره و الانتهاء من أمره بشكل نهائي و مسطرة الحل الفوري لحزب البديل الحضاري بواسطة مرسوم موقع من قبل الوزير الأول . بمعنى أن هذه السلطة يمكنها في كل حين أن تجد ضمن الترسانة القانونية العادية ( القانون الجنائي و مسطرته ، قانون الأحزاب ، قانون الصحافة ،قانون باقي الحريات العامة ، نصوص أخرى خاصة .. ) الموضوعة رهن إشارتها ما تستخرجه من فصول و مواد تخدم تأويلاتها و تعليلاتها للوقائع و الأحداث الجارية و طرقها في التصدي إليها ، و هي حين تلتجئ إلى قانون مكافحة الإرهاب المجاز من قبل البرلمان فإنما لتعمل بشكل أريح يعفيها من الانضباط حتى لالتزاماتها الوطنية و الدولية تجاه القواعد الأساسية المنصوص عليها ضمن وثائق القانون الدولي لحقوق الإنسان . فكيف ذلك ؟ إن هذا القانون يخل بجميع مقتضيات و أحكام الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي سبق للدولة المغربية أن صادقت عليها ،و ذلك لأنه تراجعي ، و يفسخ قاعدة أن تكون قرينة البراءة هي الأصل ،و يشرع جريمة التجسس بالمطلق على الأفراد و المجموعات من خلال التقاط اتصالاتهم خارج مراقبة القضاء أو البرلمان ، و يحفز على التعذيب في مخافر الشرطة ، و يجرد المشتبه فيه من حقه في الحماية أثناء وجوده داخلها و من حقه في الاتصال المبكر بأفراد أسرته و بمحاميه ، و يجيز الضغط عليه من أجل الاعتراف ضد ذاته و يطيل فترات الحراسة النظرية و يجيز إخضاع المقبوض عليهم للاعتقال الاحتياطي و يمس الحق في الحياة ، و يجرم الأفراد و المجموعات إلى أن يثبتوا براءتهم ، و يعتدي على حرية التفكير و التعبير ،و يحرم المقبوض عليهم عموما ، و خاصة منهم المقبوض عليهم عن طريق الخطأ ، من حقهم في العلاج و في التعويض و المساءلة . و بالإضافة إلى ذلك يعزز دور النيابة العامة و يضعف مكانة قضاء الحكم ، و بالتالي يزيد من هدر معايير المحاكمة العادلة . و هذا كله ، ليس من أجل تكريس الاستبداد ، كما قد يتبدى الأمر ، إذ لا مجال بعد الآن إلا للبناء الديمقراطي ، و لكنه اختيار قد تتداخل فيه عدة عوامل منها : العمل بأقل تكلفة عكس ما تتطلبه الكفاءة الأمنية المهنية و بالتالي دون جهد غير عضلي و دون ذكاء؛ إثبات أهمية المخططين و المسؤولين الأمنيين الحاليين و إشاعة مزاعمهم بخصوص حماية السلطات العليا و إبراز ادعاءاتهم في شأن قدرتهم على التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ البلاد و مؤسساتها ؛ تهويل نتائج الخرجات الأمنية المضبوطة زمنيا لرهن الانتظارات التنموية الكبرى للبلاد في مختلف المجالات إلى آجال غير مسماة .. ○ ألا تدعو نازلة "حل حزب البديل الحضاري"، بهذه السهولة و الطريقة المتسرعة، إلى المطالبة بإعادة النظر في قانون الإرهاب في اتجاه الإلغاء؟ ● لنستحضر نوازل أخرى متعددة و كثيرا ما تتكرر ، مثل التنصت و الاختطاف و التعذيب و غيرها ،،، و هي نوازل منظور إليها مفردة أو جمعا ، تستدعي بلا شك القيام بحملات مكثفة من أجل الإلغاء التام لقانون الإرهاب و أنسنة القانون الجنائي و مسطرته ، و ذلك خاصة و أن عملية إجازة قانون الإرهاب من قبل البرلمان قد تمت في أجواء ترهيبية . لكن لنستحضر أيضا ، من جهة ، أن إلغاء قانون الإرهاب هو مطلب تستحيل تلبيته سواء على المدى القريب أو البعيد ما دام كل شيء يؤكد على أن الفعاليات السياسية و في مقدمتها الأحزاب بشقيها الحكومي و المعارض بالإضافة إلى البرلمان و المؤسسات المسماة بالوطنية ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان في البلاد لن تنخرط في هكذا مطلب. و من جهة ثانية، أن منهجية سن القانون النابليونية في بلادنا ، إحداثا أو تعديلا ، هي جد معقدة ، بحيث يستدعي الأمر سنوات طويلة ، و ذلك خاصة و أن هذا القانون لم يوضع أصلا ليكون مؤقتا بل أدمج بالتمام و الكمال ضمن مدونة القانون الجنائي ليصبح مصيره مرهونا بمصير كل هذه المدونة . و من جهة ثالثة ، أن انخراط المغرب في عولمة ما يسمى بمكافحة الإرهاب يلزمه بجملة من المسؤوليات الداخلية و الجهوية و الدولية تزيد من لا جدوى المطالبة بالإلغاء . غير أنه ، و في مقابل ذلك ، تبقى ، مثلا ، عملية المطالبة بإخضاع التنصت للإشراف و المراقبة من قبل القضاء أو لجنة برلمانية ممكنة ، بالنظر إلى أنها لن تحرج الأحزاب السياسية خاصة و أن مرشحي كل هذه الأحزاب للانتخابات التشريعية الأخيرة قد ذاقوا مرارة نتائج التسيب في هذا التنصت ، بحيث أن نسخا من تسجيلات لمكالمات كانت قد أصبحت محط التداول بين الناس حتى في الشارع العام . و أن المطالبة بإلغاء و تجريم كل من الاختطاف و التعذيب و بمعاقبة ممارسي أحدهما أو هما معا و تعويض ضحاياهما لن تحرج هي بدورها أي أحد و ذلك خاصة و أن الدولة المغربية هي طرف في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب و وقعت قبل سنة على الاتفاقية الدولية لمنع الاختفاء القسري و حماية الناس منه .. كما أن المطالبة بألا تبقى وزارة الداخلية أو غيرها من الأجهزة الإدارية أو ذات الاختصاص الأمني تجمع بين صفة طرف في القضايا الجارية و صفة حكم فيها ، لن تحرج لا الأحزاب السياسية و لا البرلمان و لا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان . ختاما ، و إلى أن تشرع هذه الجهات في القيام بهذه المهمات غير القابلة للتملص منها مدعومة بخبرات الهياكل الحقوقية الوطنية المستقلة و غيرها ، جدير بالذكر أن المطالبة في شكلها الاحتجاجي وحده كثيرا ما تسيء للقضايا النبيلة المطروحة، لذلك يكون من الأنجع بذل جهد فكري ، تأملي ، مقارن ، اقتراحي ، قابل للتوافق و الإنجاز قبل برمجة خطوات و أشكال أية فعالية من فعاليات تلك المطالبة . ☺ المصطفى صوليح El Mostafa Soulaih كاتب ، باحث ، و مؤطر في مجال التربية على حقوق الإنسان و المواطنة من أطر اللجنة العربية لحقوق الإنسان ( باريس فرنسا ) .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.