لا ينكر أي أحد أن حركة 20 فبراير هي حركة انبثقت من شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك ،سلمية انطلقت بعفوية ولهدف تحقيق مطالب محددة تروم بالاساس الى الاصلاح. ولا يجادل أي شخص عاقل في كون حركة 20 فبراير تستمد امتدادها الجماهيري والتنظيمي من جماعة العدل والاحسان ،وتتبنى نظريتها الفوقية وخطابها التواصلي من التيار اليساري الرادكالي . ولا يزايد أي أحد في كون حركة 20 فبراير تمثل الشعب المغربي ،بل تمثل فقط نسبة من الشعب ،انطلقت بتمثيل شباب مستقل متعطش للتغيير والاصلاح ثم انضاف له اليسار الراديكالي وفي نفس الوقت انخرطت في الحركة بشكل رسمي وواضح جماعة العدل والاحسان . وفي مرحلة متأخرة وخاصة عند امتداد الاشعاع الاحتجاجي للحركة واستقطابها لفئات واسعة من المجتمع المغربي ،وعند البدء في تصنيفها كحركة مطالب متحدثة باسم الشعب ،انخرطت في مسيراتها شبيبات حزبية وأحزاب من مختلف التيارات ومنها من هي ممثلة في الحكومة الحالية ،باعتبار 20 فبراير فرصة لا يمكن تضييعها ،و ركوب على أمواج الحركة خلال مرحلة ازدهارها خير لهذه الاحزاب أن تجد نفسها في قعر مزبلة التاريخ .ولا سيما بعد أن رفعت الدولة الجزرة في قصبتها في المسيرات الاحتجاجية وأبدت نوع من الانفتاح وعدم تدخل رجال الامن أو حتى ضبظ هذه المسيرات الشيء الذي نتج عنه انتهاج سياسة السيبة والفوضى في كثير من المناطق .. وفي مرحلة اخفاء الجزرة و رفع العصا ،توارت الشبيبات الحزبية والاحزاب التي كانت تشارك في المظاهرات والمسيرات ،وفي نفس الوقت تراجعت فئات واسعة من الشباب المستقل الى الوراء ،وظهور حركات وتنسيقيات وهيئات ضد حركة 20 فبراير نفسها . لكن ما يهمنا هنا ليس هو سرد المسار التدريجي للحركة بعد 100 يوم على تأسيسها بقدر ما نريد أن نسلط الضوء على النفاق السياسي التي تنهجه بعض الاحزاب وشبيباتها : كيف يمكن أن يكون حزب ما أوشبيبته مع حركة 20 فبراير التي تدعو في مسيراتها الاحتجاجية باسقاط لجنة المنوني و بالللجنة الاستشارية لتعديل الدستور وبالتالي عدم الاعتراف بالدستور الممنوح وفي نفس الوقت تقدم هذه الاحزاب مذكرتها حول تعديل الدستور وتجتمع بشكل دوري مع رئيس اللجنة السيد المنوني وتلبي نداءات السيد المعتصم مستشار صاحب الجلالة ،وفي نفس الوقت أغلب مذكرات هذه الاحزاب تسير في منحى امارة المؤمنين و اعطاء سلطات واسعة لجلالة الملك .بغض النظر عن لقب الملكية هل برلمانية أو اجتماعية أو ديمقراطية ...فالموضة هي ملكية برلمانية ولكن حين تتفحص في جل مضامين مذكرات الاحزاب وخاصة التي تنادي بالملكية البرلمانية ،تجد أن اسم البرلمانية ما هو الا مقبلات سياسوية لتمكينها من ايجاد محل لها في الحركة وفي الخطابات الغوغائية الانتخاباتية الشعباوية التي أصبحت فاقدة الصلاحية في هذه الضرفية الحساسة بالذات . ثم كيف يمكن أن تكون هناك أحزاب تساند وتدعم حركة 20 فبراير وفي نفس الوقت هي ممثلة في الحكومة والبرلمان ،والحركة تدعو الى حل البرلمان واسقاط الحكومة ؟؟ ألم يكن من الاجدر أن تنسحب هذه الاحزاب من الحكومة والبرلمان ان كانت فعلا صادقة مع اللحظة التاريخية للتوجه العام للمغرب والمغاربة ؟؟ ثم كيف يمكن لحزب يساند ويدعم الحركة والقضية الامازيغية وعندما لجأت الاجهزة الامنية الى استعمال العنف في وجه الحركة لتفريق وقفتها ،صرح وزيرها الناطق باسم الحكومة أن المتظاهرين استفزوا الدولة وكان هناك تدخل سلمي راقي لتفريق المتظاهرين ؟؟ ماذا نسمي هذا الفعل ؟؟ هل هو نضال في جسم حرباء أم تدافع همجي حول كسب منبر في الساحة باي ثمن وباي طريقة ؟؟ باختصار انه النفاق السياسي : فهذا العمل يعبر بالدرجة الاولى عن تخلف سياسي عميق لمتخذي قرار هذه الاحزاب وشبيبتها لمساندة ودعم الحركة وفي نفس الوقت المشاركة في الحكومة واصلاحاتها . فهذا الفعل المنافق سياسيا ناجم عن عدم قدرة هذه الاحزاب من خلق موقف والالتزام بمبدأ وأداء دور مشرف يكون فيه الحزب متحكم في قراراته وممنهج تصرفات أعضائه ومبدع في تصوراته . و هذه الممارسة تكشف عن خلل تركيبي في تفكير الحزب ،فهو بدل أن يكون مصدرا للفكر والزعامة والشهامة يصبح مصدرا للتبعية والغموض والتخلف . فماذا لو أن هذه الاحزاب التزمت فقط مواقعها ولا نقول مواقفها لكونها تتبث يوما بعد يوم عن افتقارها لاي موقف أو مبدأ . فدخول الحزب أو أعضائه لحركة 20 فبراير ومساندتها ودعمها فقط ليقول أنا موجود..وهو في واقع الامر فاقد لمعايير الوجودية الشخصية العلمية والفعلية وبهذا الغوص في المتناقضات يعبر فعليا لمناضليه أولا وللمواطن المغربي أنه فاقد التفكير ،فلو كان فقط يفكر لكان موجود ،ولكن في موقع واحد اما مع حركة 20 فبراير بمطالبها العشرين أو اما مع الحكومة أو البرلمان بوزرائه أو أعضائه النفعيين . فالسياسة الحزبية تبنى بالمواقف الوطنية الصادقة وبالاقتراحات العملية الملتزمة وبطرح بدائل لحل المشاكل ووضع استراتيجيات مستقبلية . وفعلا نقول هنيئا لتلك الاحزاب السياسية التي تمسكت بمواقفها وظلت متشبتة بمبادئها والتزاماتها، اما مع الحكومة أو مع الحركة أو مع الملكية أو محايدة خارج الصراع . والشرف للاحزاب التي جعلت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار . واتخذت شعارها (( ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله ))