في ما يتعلق بحركات الدفاع عن الإجهاض والشذوذ، هناك عدة عوامل تشجع هذه الحركات الثقافية والاجتماعية التي حازت على اعتراف مجتمعي في أوربا، لتوسع من مدى تأثيرها بهدف إشاعة القيم التي تؤمن بها خارج الفضاء الأوربي، أولا، نجد الموقع المغربي الجغرافي باعتباره بوابة أوربا لإفريقيا والعالم العربي، ثانيا، هذه الحركات ترى في المغرب الحلقة الأضعف والأصعب في نفس الآن في مشروعها، نظرا لكون المغرب من البلدان العربية الأكثر انفتاحا اجتماعيا وثقافيا، بمعنى أن أي تطبيع للمجتمع المغربي مع مطالب هذه الحركات معناه بداية اختراق هذه الفضاء الإفريقي والعربي الكبير، كما أن فشلها في هذا المسعى يعني وأد مشروعها في المهد. ثالثا، وجود حركات وشخصيات نافذة في المغرب مدافعة أو متعاطفة مع دعوات هذه الحركات، أما العامل الرابع، فأعتقد أن الربيع العربي وما أحدثه من تغيرات سياسية، ترى فيها هذه الحركات فرصة للتبشير بقيمها ولإحراج الحكومات الجديدة في المنطقة. وبخصوص رد الفعل الرسمي إزاء ما يستهدف الوحدة الترابية للمغرب، فرغم أن المغرب يحاول أن يتعامل بتأني مع هذه الحركات ومحاولة دحض مضامين تقاريرها التي تمس الوحدة الترابية، إلا أن ما ينقص المغرب حتى الآن هو القدرة على التعريف بالموقف المغربي من هذه القضايا سواء تعلق بالصحراء أو سبتة ومليلية وباقي الجزر. يبدو أن الدبلوماسية المغربية تشتغل بأكثر من رأس، مما يعطل روح المبادرة ويعيق اتخاذ الموقف الصائب في الوقت المناسب. فالدبلوماسية المغربية تحتاج في هذه المرحلة إلى شيء من الاندفاع واستغلال الفرص التي تتيحها الاستحقاقات السياسية في الدول الكبرى، حتى وإن أدى هذا أحيانا إلى الوقوع في هفوات معينة يمكن احتواء تداعياتها بسرعة. وأخيرا، لا بد للمغرب أن يتخذ مواقف قوية وواضحة عند تمس الخطوط الحمراء لسيادته وقيمه، بغض النظر عن الضرر الذي قد تتسبب فيه هذه المواقف من توتر عابر في علاقاته الثنائية بدول معينة. المغرب في حاجة اليوم ليؤكد حقا أنه يعيش مرحلة سياسية جديدة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. كما أن قيادة الدبلوماسية المغربية من قبل وزير ينتمي إلى حزب سياسي ينبغي أن تكون لها آثارها، ولا ينبغي أن لا تدار بنفس المنهجية القديمة.