إضراب وطني جديد يشل قطاع الصحة بالمغرب    محاكمة زعيم "خلية إرهابية" في مليلية كان يتخذ من بني انصار مقرا له    النفط يواصل تراجعه بسبب ضعف الطلب وارتفاع الدولار    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    حماقات النظام العسكري الجزائري تصل للبطولة الوطنية    كيف يستعد المغرب للعرس الكروي الإفريقي 2025 والعالمي 2030… ساري يجيب "رسالة24"    مستعجلات القصر الكبير تستقبل تلميذات تعاركن بأسلحة حادة    زلزال قوي يضرب دولة جديدة    الدار البيضاء تحتفي باليوم الوطني للمسرح    من يجبر بخاطر المتقاعدين المغاربة؟!    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    تليسكوب "ليزا"...    شطيرة نقانق عملاقة تزين ساحة "تايمز سكوير" بنيويورك    مقتل 3 أشخاص وإصابة 12 آخرين في إطلاق نار خلال حفل بأمريكا    نظرة فلسفية حول مشكلة الدولة    رئيس مجلس النواب في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    بعد الخسارة أمام بركان.. قرار عاجل من مدرب الزمالك المصري    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أحوال طقس اليوم الاثنين في المغرب    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    بنموسى يكشف أسباب تسقيف سن ولوج مباريات التعليم    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية "تاريخية"    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    الاعلان عن اختفاء قاصر من بليونش بعد محاولة هجرة إلى سبتة سباحة    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    دفاتر النقيب المحامي محمد الصديقي تكشف خبايا مغربية عقب تحقيق الاستقلال    مدرب بركان يشيد بالفوز على الزمالك    خلاف مروري بساحل أكادير يتحول إلى جريمة دهس مروعة (فيديو)    لقاء لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس حول الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي    مطلب ربط الحسيمة بشبكة السكة الحديدية على طاولة وزير النقل    "إيقاعات تامزغا" يرفع التحدي ويعرض بالقاعات السينمائية الأسبوع المقبل    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    معرض الكتاب.. لقاء يحتفي بمسار الأديب أحمد المديني    الدرهم يرتفع بنسبة 0,44 في المائة مقابل الأورو    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية تدريس الكتابة الأمازيغية وتحديات الثورة الرقمية
نشر في التجديد يوم 05 - 02 - 2003

لقد أثار موضوع تدريس الأمازيغية وإدماجها ضمن مناهج التعليم المغربي ردود فعل متضاربة من مختلف فعاليات الساحة الثقافية والسياسية الوطنية . هذا الموضوع الذي تناولته العديد من الجرائد الوطنية في الآونة الأخيرة وأبدت وجهة نظرها في قضية اعتماد الأبجدية العربية أو اللاتينية أو تيفيناغ في الكتابة الأمازيغية . والسؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو ما هي الأبجدية المناسبة لكتابة الأمازيغية بالمغرب ؟
وسأحاول في هذا المقال أن أدلي برأيي في هذا الموضوع وهو رأي الكثير من الفعاليات الثقافية والسياسية المغربية وأقول أن الأبجدية الصائبة لكتابة الأمازيغية يجب أن تتوفر فيها الشروط الأساسية والتي ألخصها في ما يلي :
- أن لا تتعارض مع الهوية المغربية الأصيلة للشعب المغربي .
- أن لا تهدد وحدة المغرب الموحد، وتكرس مبدأ التبعية للدول الغربية .
- أن تتوفر فيها قابلية رفع تحديات الثورة الرقمية التي يشهدها العالم المعاصر .
1- قدرة الحرف العربي على تمثيل الكتابة الأمازيغية بامتياز
إن دعاة الأمازيغية يرون أن الأبجدية العربية غير قادرة على مسايرة الركب الحضاري الذي أحدثته التكنولوجيات الرقمية في الاتصال والإعلام والتطبيقات العملية للحاسوب والأنترنت ، بينما يرون في الأبجدية اللاتينية القدرة على تحقيق التقدم المعرفي في مجال المعلوميات بشكل كبير ولهذه الأسباب الواهية يرون اعتماد الحرف اللاتيني للكتابة الأمازيغية . وسأرد على هذه الإدعاءات والأحكام المسبقة - بصفتي أمازيغي أصيل من أبناء الأطلس وغيور على الثقافة الأمازيغية المغربية الأصيلة - وأقول أن اللغة العربية استطاعت في الآونة الأخيرة أن تتحدى كثيرا من المعيقات التقنية وأن تفرض نفسها ضمن لغات العالم وقد قطعت الأبجدية العربية شوطا طويلا في مجال المعلوميات من برمجيات وبحث في الأنترنت حيث كان للمغرب بالخصوص دور أساسي يتمثل في قيام معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط بمبادرات وجهود جبارة منذ 1975 حيث قام باستعمال الوسائل المعلوماتيةلخدمة المعاجم العربية ،وإنشاء قاعدة بيانات كبيرة تحتوي على المعطيات المعجمية غايتها إحداث بنك للمصطلحات العربية الموحدة يكون رهن إشارة كل قطر عربي شقيق رغب في الحصول عليه بحيث يكون
الترميز إليها ترميزا موحدا على صعيد الأمة العربية ويتم التبادل بين الحواسيب الموجودة في أقطارنا العربية الشقيقة ، و بعد سلسلة من اللقاءات والمؤتمرات العربية في مجال المعلوميات تمكن المعهد بتعاون مع الدول العربية سنة 1982 من إحداث شفرة موحدة للخط العربي من أجل توظيفها في الحاسوب . ولا زالت الأبحاث قائمة في المعهد لحل العديد من المشاكل ورفع بعض التحديات المطروحة في وجه مصيرنا اللغوي وتطوره ، ويقوم المعهد حاليا بتجربة رائدة حول الكتابة الصوتية العالمية في إطار مشروع لكتابة كل الأصوات اللغوية بالحرف العربي الشيء الذي سيجعل من اللغة العربية قادرة على تمثيل كل الأصوات اللغوية والحركات الأمازيغية . كما أن الحرف العربي يشهد حاليا تقدما ملموسا في مجال البحث على الشبكة الأنترنت وبدأنا نرى العديد من المواقع التي تدعم اللغة العربية والتي عرفت شهرة عالمية وقريبا سيتحقق حلم تعريب بعض مكونات الأنترنت كأسماء نطاق المواقع .
2- مدى قدرة الأبجدية اللاتينية على تطوير الأمازيغية بالمغرب
أما الزعم الثاني الذي يستند عليه دعاة الأمازيغية الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الأمازيغية رغم وجود شريحة عريضة من الأمازغيين الأحرار بوطننا الحبيب حول إمكانية تحقيق التقدم المعرفي والتكنولوجي باعتمادنا الحرف اللاتيني فأقول أنه لا يكفي لمجتمع يريد التقدم تكنولوجيا أن يقتبس حروفا غير حروفه فهذا الشرط غير لا زم ذلك أن هناك دولا إفريقية تبنت الحرف البربري الطارقي الذي يعتمد الأبجدية اللاتينية منذ أربعة عقود مضت ولكنها لم تلتحق بالركب الحضاري الذي أحدثته تكنولوجيات الإعلام والاتصال ولم تصل بالضرورة إلى ما وصلت إليها الدول الغربية التي استعملت حروفها الأصلية وفي الوقت الذي نجد فيه دولا كاليابان استعملت حروفها التقليدية بالرغم من تعقيدها واستطاعت أن تحقق التقدم المنشود في مجال التكنولوجيات الرقمية. أما قولهم أن العربية ليست لغة عالمية فيعلموا أن اللغة العربية هي لغة قرابة أكثر من مليار مسلم في العالم وأنها لغة معتمدة من بين ست لغات عالمية في منظمة الأمم المتحدة وممثلة في الجمعية العامة ومجلس الأمن حسب المادة 41 من النظام الداخلي لمجلس الأمن بالأمم المتحدة . ويمكن أن أضيف أيضا أن الحرف
اللاتيني لم يستعمل في شمال إفريقيا إلا في القرن الثامن عشر وكان الغرض من استعماله هو تمكين الاستعمار من ترويج أفكاره وتنفيذ مخططاته الاستغلالية ولم يكن هدفه استثماره من الناحية التكنولوجية أو العلمية ولم يستعمل قط لخدمة الأمازيغية في الوقت الذي نجد فيه الحرف العربي قد استعمل عبر عصور طويلة من طرف الأمازيغية وخاصة تاشلحيت .
ومن هنا نرى أن اعتماد الأمازيغية للحرف اللاتيني لن يضيف شيئا إلى الحصيلة المعرفية المنشودة بقدر ما سيوسع الهوة بين الثقافة العربية والثقافة الأمازيغية مما يفقد الشعب المغربي وحدته وهويته ويصيب النسيج الاجتماعي والسياسي المغربي المتكامل بتصدع خطير ويمهد للنوايا الغير السليمة للتمكن من وحدة المغرب .
3-مدى تأثير أبجدية تيفيناغ على تدريس الأمازيغية .
أما بالنسبة لأبجدية تيفيناغ فإنها غير مؤهلة علميا ولا تستطيع تمثيل الأمازيغية في مجال تكنولوجيا المعلوميات لأنها أبجدية غير موحدة والحركات الأمازيغية بنفسها تستبعد اعتمادها في الكتابة الأمازيغية وأحيل القارئ الكريم على الموقع www.amazighonline.com للمزيد من المعلومات.
وتوجد أبجديات متعددة لتيفيناغ مختلفة فيما بينها من حيث الأصوات التي تثبتها ونجد أن الحرف V مثلا غير موجود في بعض اللوائح الأبجدية وكما أن هناك اختلافا قائما حول كون P حرف أصلي أم مقترض . وهناك أبجديات أخرى لتيفيناغ تثبت أربعة أنواع من الجيمات وأربعة من الكافات من الانسدادي وغير الانسدادي ومنها الحلقي وغير الحلقي وللمزيد من المعلومات في هذا الموضوع قم بزيارة الموقع http://membres.lycos.fr/bizari/lirra.htm . بينما أبجديات أخرى لا تثبت إلا نوعين من كل حرف مثل أبجدية INALCO.
ويبدو أن اعتماد أبجدية تيفيناغ في الكتابة الأمازيغية سوف يطرح تحديات تقنية وتكنولوجية كبيرة وسوف نضطر أن نرجع خطوات إلى الوراء في عصر يتسم بسيطرة التقنية الرقمية على جميع نواحي الحياة وبسرعة فائقة .
خاتمة : إن الدعوة اليوم إلى الاعتناء بالتراث الامازيغي الأصيل هي دعوة نابعة عن قناعة أكيدة للتشبث بالهوية المغربية والثقافة الأمازيغية للشعب المغربي . وإن قضية إدماج الامازيغية في التعليم المغربي يهم كل مغربي وليست حكرا على الحركات السياسية والثقافية لوحدها إنها قضية مصيرية يجب أن تخضع للنقاش والحوار الجاد من طرف جميع فعاليات المجتمع المدني والسياسية بالمغرب .
ولا بد من رسم سياسات تعليمية وتربوية هادفة لتدريس الأمازيغية لتلامذتنا بطرق سليمة وخالية من التعقيد ومن رواسب المذاهب الهدامة التي تحاول النيل من وحدة المغرب الحبيب .
وإني أدعو من خلال هذا المنبر الإعلامي الهام كل الفعاليات الثقافية بالمغرب أن تتدارس موضوع الأمازيغية بحذر شديد وأن تولي المنابر الإعلامية الجادة لهذا الموضوع اهتماما خاصا وتدلي بآرائها النيرة في هذه القضية المصيرية . والله ولي التوفيق والسلام
سليم قاسم
مريرت
http://salim.kacem.free.fr


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.