"جلسة نيابية" تناقش الحصيلة الحكومية    حزب الاستقلال يراهن على "الكوطا الشبابية" للخروج من أزمة اللجنة التنفيذية    فاتح ماي في آسفي .. ملال: نرفض منطق المقايضة الحكومية السعيدي: نريد سلما اجتماعيا حقيقيا    المخزون المائي بسدود جهة الشمال يناهز ما يفوق مليار متر مكعب    فرنسا تدعو الجامعات إلى "حفظ النظام"    رسميا .. "الكاف" تؤكد لعب النهضة البركانية نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    حصيلة نصف الولاية الحكومية: تناقضات وأسئلة عالقة    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    توقيف الدعم المباشر عن بعض الأسر يستدعي لقجع لاجتماع عاجل بالبرلمان    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    عاجل: إحالة مسؤول بالاتحاد الاشتراكي على "جرائم الأموال" بالرباط في فضيحة "الوظيفة مقابل المال" بوزارة العدل    إطلاق طلب عروض لمشروع جديد للمكتب الوطني للمطارات    مشاركة مجلس النواب في اجتماع مجموعة العمل البرلمانية رفيعة المستوى للتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي التابعة للبرلمان العربي    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    اللجنة العلمية لكورونا تخرج عن صمتها بشأن أضرار أسترزينيكا وترمي الكرة بملعب الحكومة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    الداخلية تكشف موعد إجراء انتخابات جزئية ببنسليمان وسيدي سليمان        مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بإعادة ملء الاحتياطي الأمريكي    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    تراجع التضخم في كوريا إلى أقل من 3 في المائة    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عمى الأعمار» السياسي تونسيا وفرنسيا
نشر في التجديد يوم 12 - 01 - 2015

في تعليق على مقال الأسبوع الماضي نبهني صديق من الصحافيين الأكفاء إلى أنه ينبغي التفريق بين أمرين يعتبرها «هامين للغاية: هناك التجريح على أساس العمر وهناك ملف صحة الرئيس». وقال إنه يوافق على أن من «البذاءة والرداءة» معارضة السيد الباجي قائد السبسي عن طريق التجريح الشخصي واتخاذ مسألة التقدم في العمر مادة للسخرية. ولكنه يرى في المقابل «أن من الحيوي أن نتحدث عن صحة الرئيس». وأورد صديقي عددا من الأمثلة على مدى حساسية ملف صحة الرئيس، من الاشتباه في إصابة جورج بومبيدو بالسرطان، إلى نفي فرانسوا ميتران لإصابته بسرطان البروستاتا طيلة سنين ثم اضطراره للاعتراف بإصابته به منذ عام 1974 ووفاته بعد أشهر من مغادرة الاليزي عام 1995، إلى تستر جاك شيراك على إصابته بصمم جزئي. كما استشهد صديقي بإعلان الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو اعتزامه تقديم استقالته التي من المرجح أن تدخل حيّز التنفيذ في غضون هذا الشهر لأنه لم يعد قادرا على العمل. وأشار إلى «الجدل الحاد» الذي اندلع الصيف الماضي في فرنسا بعد شيوع أنباء عن احتمال ترشح آلان جوبيه (الذي سبق أن تولى رئاسة الوزراء في عهد الرئيس شيراك، وهو الآن عمدة مدينة بوردو) عن اليمين في الانتخابات الرئاسية عام 2017. و»مردّ الجدل أن الرجل سيكون آنذاك» في الحادية والسبعين من العمر.
كل ما سبق صحيح. ومن البديهيات أن حالة الرئيس الصحية هامة بمكان لأنها تحدد مدى قدرته البدنية والذهنية على أداء مهامه الدستورية. بل إن سلامته الصحية هي من أول شروط اضطلاعه بمهامه. ولكن هذا لم يكن موضوعنا. لماذا؟ لأن من يتخذون السيد قائد السبسي هزؤوا (كما اتخذوا السيد أحمد المستيري قبل ذلك هزؤوا عندما راجت أنباء حول احتمال تكليفه برئاسة الحكومة) لا يتحدثون عن الملف الصحي وعلاقته بالمهام الدستورية، بل إنهم كانوا يعيبون على الرجلين مجرد أنهما متقدمان في السن. وقد أسرفوا في ذلك وأبانوا، خصوصا في حالة السيد أحمد المستيري، عن عقوق وانعدام مروءة. ذلك أن السيد المستيري من بناة الدولة التونسية العصرية ورجالاتها الأفاضل. وقد كان هو وزير العدل عند صدور مجلة (قانون) الأحوال الشخصية التي أحقت للمرأة حقوقا عز نظيرها في العالم العربي. ولو رجعوا لأول نسخة من المجلة لوجدوا تصديرا بتوقيع السيد المستيري.
بناء على كل ما سبق، وجب الآن التساؤل عن أسباب تجاوز أغلبية الشعب التونسي عن مسألة عمر الرئيس ومسألة حالته الصحية. أي أنه لا بد من التساؤل عن أسباب عدم التخوف الشعبي من كلتا المسألتين، رغم علم عامة المواطنين أن التقدم في السن عادة ما تصحبه مشكلات أو تعقيدات صحية. لا بد من طرح السؤال، خصوصا أن الأمر لا يتوقف على الشعب التونسي (الذي ذهبت كثير من التحليلات إلى أنه إنما صدر في مساندته للسيد قائد السبسي عن حنين لأبوة مفتقدة منذ غياب الزعيم الحبيب بورقيبة). بل إن ذلك بالضبط هو الملاحظ في فرنسا أيضا. فقد ذكرت مجلة «باري ماتش» هذا الأسبوع أن أحد المقربين من الرئيس فرانسوا أولاند قال «إن عمر آلان جوبيه في أيار/ مايو 2017 (71 عاما) سوف يكون ورقة رابحة في يده». وشرحت المجلة أن «المستشارين الرئاسيين في الاليزيه يأخذون مأخذ الجد البالغ ترشح عمدة مدينة بوردو لانتخابات الرئاسة. إذ إنهم فكروا وقدّروا فوجدوا أن الفرنسيين يميلون في أوقات الأزمات إلى منح ثقتهم لرجال دولة متقدمين في السن». ودليل ذلك أنهم اختاروا عام 1871 تسليم زمام السلطة للسياسي أدولف تيار بعد انتفاضة كومونة باريس، التي أعقبت سقوط الامبراطورية الثانية، بحيث صار أول رئيس للجمهورية الثالثة وهو في الرابعة والسبعين من العمر. واختاروا جورج كليمنصو لرئاسة الحكومة عام 1917، في خضم الحرب العالمية الأولى، وقد كان آنذاك في السادسة والسبعين من العمر. كما منحوا ثقتهم للماريشال بيتان عام 1940، وقد كان آنذاك في الرابعة والثمانين. أما الجنرال ديغول، فكان قد ناهز الثامنة والستين عندما منحه الفرنسيون ثقتهم عام 1958.
كما يجدر التذكر أن الزعيم الحبيب بورقيبة كان في منتصف الخمسين عندما تسلم الحكم في تونس إبان الاستقلال. ولهذا وجب التساؤل عن العوامل العميقة — عوامل الثقافة السياسية — التي تفرز في كلتا الحالتين، تونسيّا وفرنسيّا، اختيارات شعبية لا تحسب لجاذبية الشباب والفتوة حسابا، حتى يبدو كأنها مصابة ب»عمى الأعمار» (مثلما يقال «عمى الألوان»).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.