رغم صرف ملايير الدولارات.. إخفاق ذريع للمشروع الانفصالي الجزائري بالصحراء    مهندسو وزارة العدل يصعدون من أجل إقرار تعويضات تحفيزية لصالحهم    المغرب لم يستطع بعد إخراج نظامه التعليمي من عنق الزجاجة    بداية تداولات بورصة البيضاء بارتفاع    الركراكي: المكسب لم يكن الفوز بل أيضا الانسجام والتلاحم الذي ساد بين اللاعبين    باليريا تسير 15 رحلة يوميا إلى المغرب لخدمة الجالية.. منها رحلات إلى الناظور    مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال    تحسن في آفاق الطلب يقود أسعار النفط للارتفاع    كيوسك الأربعاء | أزيد من 7 آلاف طفل في خلاف مع القانون    الوزارة تكشف عدد السياح الذين زاروا المغرب عند نهاية شهر ماي    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    تحقيقات أممية تتهم تورط إسرائيل ومجموعات مسلحة في جرائم حرب    تحقيق للأمم المتحدة: النطاق "الهائل" للقتل في غزة يصل إلى جريمة ضد الإنسانية    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    إذاعة فرنسا العامة تطرد كوميديا بسبب نكتة عن نتنياهو    القنصلية العامة لإسبانيا بطنجة تعلن عن انتهاء مهام القنصل "غافو أسيفيدو"    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    فكرة أبصرت النور بعد موت صاحبها، كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    الداكي رئيس النيابة العامة يستقبل رئيس السلطة القضائية بجمهورية البيرو    إعادة انتخاب المغرب في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    بتنسيق مع "ديستي".. تفكيك شبكة لترويج الكوكايين في العرائش وضبط كمية كبيرة من المخدرات    توقيع اتفاقية تعاون بين جهة الشرق وجهة اترارزة الموريتانية    المنتخب المغربي يتألق بتحقيق فوز عريض ضد الكونغو برازافيل    مانشستر يونايتد يبقي المدرب تين هاغ    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    تطورات مهمة في طريق المغرب نحو اكتشاف جديد للغاز    إطلاق مشروع "إينوف فير" لتعزيز انخراط الشباب والنساء في الاقتصاد الأخضر    توقيع على اتفاقية شراكة للشغل بالمانيا    "الأسود" يزأرون بقوة ويهزون شباك الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة    القناة الرياضية … تبدع وتتألق …في أمسية فوز الأسود اسود    انتخابات 2026: التحدي المزدوج؟    الركراكي: ماتبقاوش ديرو علينا الضغط الخاوي    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    محكمة فاس توزع 20 سنة حبسا نافذا على "شبكة الإتجار في الرضع"    ولاية امن تيزنيت… توقيف سيدة وشقيقها بتهمة ترويج مواد طبية مهربة    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    طقس الأربعاء.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق    مديرية آسفي "تتبرأ" من انتحار تلميذة    الأمثال العامية بتطوان... (622)    من المغرب.. وزيرة خارجية سلوفينيا تدين إسرائيل وتدعو لوقف تام لإطلاق النار بغزة    وفاة المعلم علال السوداني، أحد أبرز رموز الفن الكناوي    سفر أخنوش يؤجل الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين    المغرب يرحب بقرار مجلس الأمن الدولي    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    بوطازوت وداداس يجتمعان من جديد في المسلسل المغربي "أنا وياك"    الفنان عادل شهير يطرح كليب «دابزنا» من فرنسا    الفنانة التشكيلية كوثر بوسحابي.. : أميرة تحكي قصة الإبداع من خلال لوحاتها    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس اعتبارا من السبت القادم    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة الأقصى في الشعر الأمازيغي
نشر في التجديد يوم 25 - 10 - 2002

تصوير للوحشية الصهيونية، ودعوة لإنقاذ مهد الديانات

من الخصائص التي تسم الشعر الأمازيغي، أنه شعر إسلامي بامتياز، ففيه تنعكس شخصية الإنسان الأمازيغي المتشبع بقيم المحجة البيضاء، وفيه تتلألأ صورة المؤمن الأمازيغي الذي يعلم أنه لن يحشر في زمرة المسلمين إلا إذا اهتم بشؤونهم وعانق قضاياهم، وفرح لأفراحهم وحزن لأحزانهم، وتقطع قلبه إذا ساءت أحوالهم وكثرت نكباتهم. والشعر الأمازيغي بهذا شعر القضايا الإسلامية بامتياز، فقد تناغمت ألحانه وأوزانه مع آلام الثكالى وعبرات الأيتام أيام إبادة الصرب المتوحشين لمسلمي البوسنة والهرسك، وصبت قصائده والآلات الموسيقية لمغنيه جام غضبها على العدوان الأمريكي ضد العراق في حرب الخليج الثانية، وبكت ورثت قوافيه ومقاطعه شهداء الانتفاضةالأولى منذ انطلاقتها في دجنبر سنة 1987، وذرفت أعين الشعراء الأمازيغ ومحبيهم وجمهورهم، وما تزال، دموع الحزن والكمد على مهزلة العجز العربي في صد العدوان الصهيوني. ونحن مازلنا نعيش أنسام الذكرى الثانية لانتفاضة الأقصى، أحببنا أن نقدم للقارئ الكريم قراءة في قصائد شعرية أمازيغية تناولت أحداث هذه الانتفاضة المباركة، وبكت شهداءها، وتألمت لآلام ثكالاها وأيتامها، ونعت النخوة والشجاعة العربية
والإسلامية. هذا مع العلم أن ترجمة معاني هذه القصائد لاشك ستضيع معها الكثير من معانيها ومؤثراتها، كما ضاع الكثير من هذه المعاني والمؤثرات مع طريقة أدائها وألحانها بعد إنزالها جافة على الأوراق.

وحشية الصهاينة على مرآة القصيدة الأمازيغية
برع الشعراء الأمازيغ في تصوير وحشية اليهود وحيوانيتهم، وأبان العديد منهم في قصائدهم عن متابعة دقيقة لتفاصيل القضية الفلسطينية ومستجداتها، وعن تجاوب كبير مع أحداثها ومجرياتها. فقد جاء في إحدى القصائد التي أبدعتها مجموعة "إنشادن" (الشيخ البوغلي ومجموعته)(الشيخ: كلمة أمازيغية تعني الشاعر المنشد)

تْنّا يْسَارْنْ كْ فَلسطين أّورْ داتٌّوداوا مْشْ أٌورْ إيعْفي رْبّي
وَامِيمْشْ إيتّْكََّا بٌويْسْلٍّيوْنْ إِلْعْدُو سْ سّْناحْ إِضْغاسْ الحال
إِسْ أُورْ تانِّيم أودايْنْ نْغانْ مِيدّْنْ داتانْخْ نْغانْ تِيوْتْمِينْ
وْنَّا يْمي حْرَّانْ إدْمارْنْ آدْغِيفْسْدْ آلي إمْتْمانْ سْ مْشْرْضولْ

ترجمة:
مصيبة فلسطين لا عزاء لها إلا بنصر من الله
كيف يواجه ذو الحجارة الأسلحة المتطورة
ألم تروا اليهود قتلوا الرجال وقتلوا النساء
من كان في صدره حرقة فلا شك أنه سيصاب بالاكتئاب

ونجد في مقطع آخر من نفس القصيدة تصويرا بليغا ومؤثرا لجرائم حفدة القردة والخنازير في حق الشعب الفلسطيني:

أنَّايْخْ كَْ التّْلْفَزَاتْ ماداسْنْ إتُّوكََانْ إيْفَلسْطييْن كولّْ
أَمُّوتْنْ إخاتارْنْسْ أيايْدْ الصّْبْيانْ إخْلا دَّانْ سْ إسْمْضالْ
وَايَايْدا يالاَّنْ كَْ توتْمينْ داتّْكَّا تاحْيوطّْ أورْتا تْسْخا
وَاخّا تْغُوسْ كَْ تاسانْسْ آها تْعايْدْ دِّيخْ آمْرْ تْسامْحْ إِمْمِّيسْ

ترجمة:
تابعنا على القنوات كلها المجازر في فلسطين
قتلوا الشيوخ وكم من الصبيان رحلوا إلى القبور
وكم من الثكالى جنن من شدة البكاء
رب أم مكلومة لم تلق ولو نظرة أخيرة على ابنها

وفي قصيدة أخرى لشاعر آخر، وهو "الشيخ الزهراوي"، جادت قريحته بنقل بارع لمشاهد الرعب والخوف في فلسطين، ممزوجة بحنق بالغ على المسلمين وموقفهم المتفرج:

أيِنْسْلْمْنْ داتّْصّْنْ وٌودايْنْ أفْلاَّنٌّونْ
شوفْ إلْغٌومّْت شوفْ إلْغْرٌوبِيتْ نايْتْ ماتونْ
أوِي كْْشْمْنْتْنِيدْ إنْخْماجْ آرْتْنْ سْمْغاوالْنْ
شَا يولِي ?ْ عاري يوفْسْ شا ?ْ إفرانْ قِّيمانْ
أشا سْغوسْنْتْ آمّاسْ نْتادّارْتْنْسْ سْ الْعافٍِيتْ
آشا مُّوتْنْ يُودْجادْ إكَُوجيلْنْ كولْ غْرْ آشالْ
واكانْ تِقْدِّيدينْ مْيودورْنْ كَْ الْكْساوي
ماني كَْ يادْ تَّانايْنْ بابانْسْنْ خْفْْ الْحياةْ
دا تّاوينْ تامْطّوتْ إوْرْكَازْ آدْجْنْ آسْ إشِيرّانْ
آيادْرْ إيخْفْ أوراسْ إسُّوكَِيرْ غاسْ آراعا
أيِنْسْلْمْنْ داتّْصّْنْ وُودايْنْ آفْلاَّنّونْ
وْنّا مِي وْرْ إحْرّي الدّمّنْسْ آدّاكْتْ إنْقّا شَا
إّقورْ وُولْنْسْ إكَا لْحْديدْ أورْ ديكْسْ تاسا

ترجمة:
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
انظروا إلى غمة ومحنة إخوانكم
غزاهم الأنذال وشردوهم
منهم من آوى إلى الجبال واختبأ في الكهوف
ومنهم من أحرقوا عليه منزله
ومنهم من مات وخلف الأيتام
صيروهم أشلاء ودفنوهم بملابسهم
لم يعد الأطفال يرون آباءهم على قيد الحياة
كم زوجة خطفوها تاركة أبناءها
وزوجها لا يملك إلا النظرات والحسرات
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
من لا تهزه الغيرة عندما يقتل إخوانه
فذاك قلبه أصم من الحديد

ولأن المجال لا يتسع، فلن نستطيع استعراض مشاهد وصور أخرى لها دلالات عميقة ومؤثرة، وحسبنا من هذه الأمثلة أن الشاعر الأمازيغي برع في تصوير وحشية الصهاينة، ونقل مأساة إخوانه الفلسطينيين.

قتل جمال الذرة: من أبشع صور الوحشية
أجمع كل المتتبعين لجرائم الصهاينة في فلسطين أن منظر الطفل الشهيد محمد جمال الذرة وهو يستعطف الجنود الصهاينة الذين اخترقت رصاصاتهم جسده البريء، هو من أبشع ما وصم تاريخ الصهيونية، وكما تناقلت وسائل الإعلام الدولية صور هذه الجريمة، تناقلتها ألسن الشعراء الأمازيغ. ولنتأمل الأبيات التالية "للشيخ البوغلي" ومجموعة، وهي تستعيد شريط الجريمة البشعة:

أداسْ عاقّْلْخْ إتينْ جمالْ مٌحْمْدْ أونَّاتّْ يانّايْنْ إضْنَّا
أوي الْمٌوتْنْسْ أري تْ?َا آشْعالْ ?ّ وولِينْوْ نَّا وْرْ إخْسِّيْن
واتيقّْتّْ نْ لّْغْروبيتْنْسْ أرْ?ازْ إ?انْ أنْسْلْمْ أورتْ إتّْتٌّو
أداسْ عاقّْلْخْ إتينْ جمالْ مٌحْمْدْ أونَّاتّْ يانّايْنْ إضْنَّا
واتينْسْ آدْ سِّيلْنْتْ عاري وْروأُزْ?ُّونْ إيْمْطّاوْنْ آلّْ فْسينْ
وَلاَّ يْمُونْ دْ بابانْسْ إِ?ابْلْ إتْسْ?ا غورْسْ إلاَّ وْرْ إعْوِّيلْ
َولاَّنْ مونْنْدْ آلِّي?ْ تْنْ تُومْزْ لْقُّدْرَة سْ الرّْصاصْ آرْ تّْمْسْنْتالْنْ
والّي?ْ غيفْسْنْ شاطَّانْ مْسْكينْ دايْبْدو إيْمْطَّاوْن ْإحْرَّانْ
وامْغارْ دا يْسْغويّو خْفْ بَّانْسْ إعْبْرْ إتُّوتّْيْ إتّْشاتْنْ أوتْنْسي
أوي بْضانْتْ دْ تَّاسانْسْ نْغانْتْ إغْدَّارْنْ أورْتْلِّي الْمَحْنّة
آتا وّرامْنّْ إعايْدْ سْعاوْنْ إالصّْبْرْ أمَّانْسْ إدّا غْرْ إسْمْضالْ

ترجمة:
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
أقسم إن موته أشعل في قلبي نارا لن تخمد أبدا
وحرقة، مصيبته لن ينساها من كان مسلما حقا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
هذه الجريمة تبكي حتى الجبال لتذوب دموعا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
كان يسير إلى جنب أبيه ولم يتوقع شيئا
كانا يسيران معا، فإذا بالرصاص ينهمر عليهما
ولما هاجمهما اليهود صار يصرخ ويبكي
لم ينفع المسكين احتماؤه بأبيه ونال منه الرصاص
اغتصبوا منه فلذة كبده بلا رحمة ولا شفقة
صبرا أم جمال فقد غادر نحو القبور

ولاحظ أيها القارئ الكريم أن تكرار المشهد ووصفه الدقيق ينم عن صدق في التعبيروتأثر حقيقي غير مصطنع ولا مزيف، وإنما هو ترجمة لحزن شديد وتفاعل إلى حد التماهي، تفاعل وتعاطف يصوره مقطع من قصيدة أخرى لنفس المجموعة، بعبارات لا تقل شاعرية وبراعة في التجسيد:

مَاخْ إنْغانْ ألّي?ْ أرالّْخْ الْمْرْتا
إوا الْعيلْ نَّادْ إدّانْ حاضّْرْناسْ
إلاَّ يْمونْ دْبابانْسْ أَرْتْنْ إِتّْفُّورُ
إِنّاسْ فُوكّي آبّا وِ وْراخْ قِّيلْنْ
أَراسْنْ إِضّْرّا?ْ نْغانْتْ أورْ كُّولْنْ
هاتينْ الْعيلْ نّا دايي يِْسْغُوسْ غْرْ أولْ
أولِينْد ْ إوْبْريدْ لاَّ وْرْ إِعْوِّيلْ
أدَّانْدْ إِضْمعْ أديروحْ سْ أيْتْ ماسْ
أوريدْمِي إدّْ آديدُّو غْرْ إسْمضالْ

ترجمة:
فما بي اليوم إذ أبكي
طفل جاء في الطريق فاعترضوه
كان يمشي مع أبيه جنبا إلى جنب
فصاح أنقذني يا أبي هؤلاء لن يتركوني
واحتمى به لكنهم قتلوه غير مكترثين
هذا الطفل أحرق قلبي
كان مارا في الطريق لا يدري شيئا
عائدا إلى بيته كي يعانق إخوانه
ولم يكن يتوقع أن يعانق القبور

أحفاد القردة: من الذلة إلى الاستئساد
بنو إسرائيل قوم خبثاء وجبناء، ملعونون، وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، هكذا وصفهم القرآن، وعلى هذا المنوال سار الشعراء الأمازيغ، فاليهودي في الثقافة الأمازيغية التي تمتح من الإسلام، يتصف بالمكر والخداع والجبن والضعف والذلة والصغار. غير أن يهود عصرنا استأسدوا واستولوا على مقدسات الأمة الإسلامية وقتلوا أبناء المسلمين وسبوا نساءهم واغتصبوا أراضيهم، وها هو الشاعر "الزهراوي" يترجم هذه المعاني في أبيات بديعة حزينة:

ألُوقْتا أوفْلا تْسالْدْ دِّي?ي وْري تْعْني شا
أوي يْعْمّْرْ وولينو شي?انْ لاوْقَّتا
أوري يْمارْغْ ووتّْشي وْرْيادي تْمارْغ تاطْصا
أدّاشْمع نْسْكْسيوْ أالتّْلْفزة تْسْموغِّتي يُولْ
أَنَّايْخْ أودايْ إلاَّ سوفودْ إسْغا الطّْيارات
غْلينْ تيميزارْ نْ لْعارابْ أرْتْنْتْ تَّاوينْ
شوفْ إيْضانْ لِّيغْ إنْخْماجْ إتّامْزْنْ إيمورّْ
?ينْ إخْرَّازْنْ ?ينْ إِحدَّادْنْ ?ْتاسّْلُْومينْ
أغولْنْ دايْكَّاتْ سْ الدّْبّابات يامّْرْ وافا

ترجمة:
أرجوكم لا تسألوا عن حالي فلست على ما يرام
قلبي يكاد ينفجر من الهم والغم
لم يعد يحلو لي أكل ولا لهو ولا ضحك
عندما أشاهد التلفاز أموت من الكمد
أأصبح لليهود شأن وأصبحت لهم طائرات؟
ها هم غزوا أرض العرب واغتصبوها!!!
أنظر إلى أولئك الكلاب الأنذال الذين عاشوا على الفتات
أنظر إلى أولئك الذين كانوا مجرد إسكافيين
كيف أصبحت لهم دبابات تطلق النيران؟

وفي مقابل هذا "العلو" الصهيوني اليهودي، يبسط "الشيخ الزهراوي" مذلة العرب والمسلمين وهوانهم وخورهم، ويستغرب كيف انقلبت الآية واختلطت الأوراق وظهرت المفارقة:

شوفْ أسْتْنْضْرتْ أالدّونىتْ أبْرّْمْ نْتْنْباضينْ
ياغولْ موشّْ إ?اتْ أوغْرْدا ?ُوتْمارْ أخاتارْ
ياغولْ الْبازْ لاَّتْ إسْرْ?ي?ي الْخوفْ أوفولّوسْ
إدّايِيزْمْ إوْحْلْ إسَّافْغْتيدْ أوغْيولْ ?ْ عاري
وْنَّا يْخْمّْمْنْ أدِيحقَّا ?ْ إتّْسْنْتْ تْنْلاضينْ
مْشْ ديكْسْ أولْ قَّا ديهْبْلْ أديكَّاتْ الْغاشي

ترجمة:
سبحان الله كيف انقلبت الموازين؟!!
أصبح الفأر مستأسدا على القط!!
وأصبح النسر يرتعد خوفا من الديك!!
والأسد طرده الحمار من غابته ومملكته!!
من يتأمل هذا الوضع المريب
فلا شك سينتهي به الأمر إلى الحمق

أما "الشيخ البوغلي" ومجموعته، فقد ارتأى في إحدى قصائده حول نفس الموضوع أن يترك جانبا لغة الإيحاء والتشبيه، ليهاجم العرب والمسلمين، ويغضب من ضعفهم وسكوتهم بأسلوب مباشر وصريح:

واريخْ كولْ لْعارابْ وينَّاسْ نْمزْدايْ آتّْ لامَّاخْ يونْ سيونْ
إدّيسْ تودْرمْ إالدّْصارْتْ إساوْنْ إعْجْبْ أويا تْفْستامْ كولّْنّونْ
والِّي?ْ تّْ?ّْنْ وُودايْنْ الظُّلْمْ أوْدْيونْ أونْسْلْمْ أورْتْ إغْييرْ
أوتاتْ سوشْطّابْ أشعالادْ ماحْدّْ أورْ إينضيوْ آلّْ شايْضْنينْ

ترجمة:
أود أن ألوم كل العرب واحدا وحدا
ما هذا السكوت؟ هل أقبرتم شجاعتكم وجرأتكم؟
من منكم يغير منكر اليهود يا مسلمين!
ألا أطفئوا هذا اللهيب قبل أن ينتقل إليكم

وفي موضع آخر من نفس القصيدة نجد الشاعر يدعو العرب والمسلمين إلى الوحدة والتكتل من أجل مواجهة العدو:

أمورْ دات?ّام ألْعارابْ يونْ دّيما وْساراخْ ياغْ الْعار
أمورْ داتّْمْتافاقْمْ أليسلامْ ت?امْ إيمنْعالْ تاعْقّيدْتْ
أمورْ داتّْمْعاوانْمْ أدالينْتْ تْنْباضينْ تاليمْ سافْلاَّ
والّي?ْ داتّْمْراعامْ هانْ إعْداوْنْ داتاوْنْ أوفانْ مايْكّانْ

ترجمة:
لو توحدتم أيها العرب لمحونا عنا هذا العار
ولو اتفقتم أيها المسلمون لانتهى أمر الملاعين
لو تعاونتم لكنتم أنتم الأعلون
أما وأنتم تتفرجون فها هم الأعداء يرتعون

واإسلاماه..!! واعلياه!!

وبقدر ما وعى الشاعر الأمازيغي خطورة الوضع في فلسطين، وبقدر ما وعى وحشية الصهاينة واستئسادهم واستعلاءهم، وبقدر ما وعى خور المسلمين وجبنهم، بقدر ما وعى أيضا أن هذا الجبن والضعف مرده إلى البعد عن دين الإسلام والتفريط في جنب الله، والتفريط أيضا في إرث الأجداد والصحابة وجيل الجهاد. يقول "الشيخ الزهراوي":

دْغي ?ْ إضْعْفْ ليمانْ نْ لعارابْ آمْ تينْ أوموضينْ
ياشْ إسْمارْ لقّورانْ إدّا الدّين ياغْنّْ آشالْ
نْ?ْ إنْسْلْمْنْ سيماونْ جاجْ إيفّغاغت ليمانْ
أوابْنوتْ لْحوجّات أيودايْ مَايْدْ تُوفِيدْ
أوافْرو لْحْسيفاتْ ?ّْويدّاكن إينْ إوالانْ
لامايْدْنْ إدّان آشْ إضاضّا وْلا يْناغيكّْ
أواسمارنْ إرْ?ْزْنْ نْ الجهادْ لاوْقّاتا
ويلّي كن إ?بّونْ سْلْحْديدْ إتّْشاتْنْ واشالْ

ترجمة:
أما وقد ضعف إيمان العرب مثل المريض
أما وقد أقصي القرآن وأسقط الدين
حتى أصبح إسلامنا قشورا جوفاء
فاستأسد أيها اليهودي علينا
وانتقم ممن هم بجوارك
ولا تخف، فليس هناك من يستطيع أن يواجهك أو يقاتلك
فقد انقرض رجال الجهاد في هذا الزمان
أما أولئك الذين كانوا يقطعونكم أشلاءا فقد واراهم التراب

ولا يملك "الزهراوي" في خضم هذا الجبن والهوان والوهن إلا أن يستنجد بأمجاد الإسلام، ويذكر اليهود بمعارك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:

ما شا تْعاقّْلْمْ أيينْخْماجْ إيلْحْرّْ نْ عَلي
وْنّاكْنْ إوْتْنْ ألّي?ْ كْنْ إ?ا دْتيشْرْعومينْ
لّي?ْ إبّْيْ أسْكْلونّون زْ?ّْ وابوضْ ياغْنّْ آشالْ
آسيدْنا عَلي آمر شيدع إحْيي مولانا
أوايْشيدْ إرورانْ كْتودْرْتع ييتْسْنْ ووسّانْ
آياتّْكّْسْدْ أبو وْحدادي الْغُمّة غيفي

ترجمة:
لا شك أنكم تذكرون عليا أيها الأنذال
ذلك الذي جاهد فيكم وكسر شوكتكم
ذلك الذي اجتث شجرتكم
يا ليت الله أحياك يا سيدي علي
يا ليتك تعود إلى الحياة ولو لأيام
أريد أن تزيل عني هذه الغمة يا فارس الأدهم

وبدورها تذكر "مجموعة إنشادن" (الشيخ البوغلي ومجموعته)، بني قينقاع بجهاد علي وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وتتحسر على الأيام التي دانت فيها رقاب اليهود للمسلمين:


وآسيدْنا عَلي إيسْتْ إسّيشْلْ اللّْحْدْ أمورْ تْكّيرتْ آتّنْزومْ
إساوْنْ أودْرْنْ آبْْلْخْطّابْ ?ْ اللّْحْدْ أمورْ تكّيرْتْ آتّنْزومْ
وْنّاخْفْ آرْ تْسُوروتْمْ إعايْدْ إهْزّا يِيخْفْ غْرْ إيفْسانْنّونْ
وآنّاتْ?امْ ?ّودايْنْ لاّنْخْ إتّو?ْ آسْيْ الظلم آربي

ترجمة:
يا سيدي عليا لو تركت لحدك كي ترى
يا ابن الخطاب اخرج من قبرك كي ترى
أهل الذمة أصبحوا أسيادا على ذريتكم
إنقلبت الآي ونسأل الله أن يرفع عنا هذا الظلم

ونختم للقارئ الكريم هذه الوقفات الشعرية الأمازيغية بنداء يوجهه "الشيخ الزهراوي" على لسان فلسطين إلى كل من له غيرة على الإسلام ومقدسات المسلمين، من أجل مساندة شعب مسلم يشرد ويباد، ومن أجل إنقاذ مقدسات إسلامية تدنس، إن كان في العرب والمسلمين بقية نخوة وعز:

فلسطين لاّ تالاّ إدامّنْ آرْتّيني
مانيكْنْ آلدّول نْ لعارابْ إيسْكْنْ تْرّا تا
ماخْ آتّادْرْمْ إوالّْنْ دي?ي تْرولْمع غيفي
إساوْنْ إعْجْبْ أدي?ْنْ وودايْنْ آيْنّا رانْ
دايْكّاتْ سلْقْرْطاسْ آسيغْ آدوتغْ نكّ سْواشال
أوي تْدومْ الموتى ?ْتْمازيرْتينو كوياسّْ
آوي حْضيخْ خْسْ إدير دْتْغوزي وري تْعْني شا
أورْ ليخْ السّْناحْ أولا ليخْ آفودينْو آنْمْساسا
?يخْ آمّْ أوسْكْلو دّاخْ نْتازارْتْ إوضخْ آشالْ
نسالْوْ إوْزرورْ آفْنْ وودايْنْ آينّا رانْ
رْبّي وْراشْ خْفيخْ خْسْ الْعيبْ إسْ غوري تانّيتْ
إليسْلامْ غْريخاوْنْ سْ إيدامّْنْ لْحْرمانّونْ
هاتينْ يونْ إشّاراخْ النّبي شّارنْ إيزورانْ
آدّاوْراخْ تفوكّام كْتاد أورْغورونْ آمورْْ


ترجمة:
فلسطين تبكي وتناديكم بالدماء
أينكم أيها العرب، أم قد غلبتم؟!!
لماذا انفضضتم عني وتركتموني؟
أيروقكم أن يعيث اليهود فسادا على أرضي؟
يضربون بالرصاص وأضرب أنا بالتراب
أنى للجحارة أن تواجه الطائرات
الموتى على أرضي كل يوم
وشغلي الشاغل دفن الموتى وحفر القبور
لا سلاح ولاقوة أجاهد بها العدو
كأني شجرة تين وارفة مثمرة
واليهود يقطفون ثماري بسهولة
إلاهي أنت أعلم بحالي!!
أيها المسلمون إني ألوذ بحماكم!!
أليس نبينا واحدا وأعراقنا واحدة ؟
من لم ينجدني في هذه المصيبة فليس من الإسلام في شيء.

محمد أعماري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.