وقعت أطراف سياسية ليبية يوم الخميس 17 دجنبر 2015 اتفاق سلام برعاية الأممالمتحدة في الصخيرات. ويرمي إلى إنهاء الأزمة الليبية الممتدة منذ أربع سنوات، وينص الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني، وهو الاتفاق الذي يرفضه رئيسا مجلس النواب المنحل بطبرق عقيلة صالح، والمؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين. وجاء الإعلان في احتفال حضره مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، ووزراء خارجية عرب وأوروبيون، وممثلون عن هيئات دبلوماسية ودولية، إضافة إلى أعضاء في مجلس النواب والمؤتمر الوطني وشخصيات حزبية ومنتخبون وناشطون في المجتمع المدني. واتفقت الأطراف الحاضرة على تعيين علي القطراني وعبد السلام قاجمان نائبين لرئيس الوزراء فايز السراج. وأوضح المبعوث الأممي أن أربعة تحديات ستضع قدرة حكومة التوافق الوطني على المحك، وهي تلبية الحاجات الإنسانية الضرورية في البلاد بشكل ملح، وإقامة حوار شامل بشأن الأمن القومي، ومواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وباقي "الجماعات الإرهابية"، وإيلاء اهتمام خاص ببنغازي ومناطق جنوب ليبيا. من جهة أخرى، قال وزير الخارجية صلاح الدين مزوار إن بلوغ الاتفاق السياسي بشأن ليبيا لم يكن ليتم دون تضحيات وتنازلات متبادلة من جميع الأطراف، وأضاف أن تنفيذ بنود الاتفاق ستتم مباشرة بعد تشكيل الحكومة، وبأسرع وقت ممكن. وقال عبد الرحمن خليفة الشاطر، عضو المؤتمر الوطني العام بطرابلس، في تصريح لوسائل الإعلام، إن أهم بنود الاتفاق تتمثل في تشكيل حكومة وحدة ومنع الازدواجية. مضيفا أن كافة المؤسسات ستكون موحدة لمنع التشرذم والانقسام في البلاد. وتابع الشاطر أن هذا الاتفاق يحظى بدعم المجتمع الليبي، مبرزا أن معظم الأطياف الليبية والمجتمع الدولي يريدون حل المشكلة الليبية. وأبرز أن هذا الاتفاق وعلى الرغم من أنه "ليس مثاليا ولا يلبي رغبات الجميع، لكنه يشكل مرحلة أولى لتحقيق الأمن والوحدة والاستقرار في ليبيا لتعود الحياة لطبيعتها". من جهته، أعرب محمد موسى الصايم، وهو عضو سابق في المؤتمر الوطني، عن تفاؤله بالاتفاق، الذي مكن من لم الفرقاء السياسيين في ليبيا، معربا عن أمله في أن يكونوا على قدر المسؤولية ويقدموا تنازلات لمصلحة الوطن. من جانبه، ثمن جمال مفتاح بوفرنة فاخري من بنغازي، وهو رئيس المنظمة الوطنية الليبية للمصالحة والسلم الاجتماعي، اجتماع الليبيين بالصخيرات كفرقاء بدون تعنت، وفي جو أخوي سيسفر حتما بنتائج إيجابية. وأضاف "رغم أن جميع الأطراف لن تكون راضية عن الاتفاق، لكن بالحوار والمناقشة سيتم التوافق بشأنه". ويأتي التوقيع في ظل اعتراض رئيسي المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين ومجلس النواب المنحل عقيلة صالح على الاتفاق السياسي الذي ترعاه الأممالمتحدة، وقال الرجلان إن الذين سيوقعون على اتفاق الصخيرات لا يمثلون المؤتمر العام ولا برلمان طبرق، وإنهم يوقعون عليه بصفتهم الشخصية. وقال المتحدث باسم المؤتمر العام عمر حميدان إن المؤتمر لم يفوض أحدا من أعضائه لا بالمشاركة ولا بالتوقيع في لقاء الصخيرات، ورأى أن فرض "مخرجات غير متفق عليها" سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد السياسي الليبي. وقال محمد شعيب النائب الأول لرئيس مجلس النواب المنحل في مؤتمر صحفي عقب التوقيع إن المرحلة القادمة بعد توقيع الاتفاق هي مرحلة التوافق وثقافة الاختلاف وإنهاء التهميش والإقصاء، مضيفا أن التوقيع أنقذ ليبيا من التمزق والإرهاب، وتعهد شعيب بمقاومة كل محاولات التراجع عن اتفاق الصخيرات. ونبه النائب الثاني السابق لرئيس المؤتمر الوطني صالح المخزوم لأن الحكومة الجديدة تواجه مصاعب جسيمة، ولكن المهم هو أن اتفاق اليوم يوحد ليبيا بعد حالة من التفكك والفوضى، مؤكدا أن في ذلك انتصارا لثورة 25 فبراير. ووصف رئيس الوزراء المكلف فايز السراج اتفاق الصخيرات بأنه اتفاق لا غالب ولا مغلوب، مضيفا أنه ينهي فترة عانى فيها الليبيون كثيرا، وشدد على أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى تكاتف كافة الليبيين لإنهاء أضغان الماضي. من جانبه، قال كوبلر إن هناك حاجة ماسة إلى عقد مصالحة وطنية في ليبيا، وأضاف خلال مراسم توقيع الاتفاق أن هذا التوقيع ليس سوى خطوة أولى لوضع ليبيا على مسار بناء دولة ديمقراطية، قائمة على مبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون.