اجتماع تنسيقي لتأمين احترام الأسعار المحددة لبيع قنينات غاز البوتان    مراسم تشييع رئيسي تنطلق في تبريز    في مسيرة احتجاجية.. مناهضو التطبيع يستنكرون إدانة الناشط مصطفى دكار ويطالبون بسراحه    تصفيات المونديال: المنتخب المغربي النسوي يواجه زامبيا في الدور الأخير المؤهل للنهائيات    الشامي: التأثير السلبي لتزويج القاصرات "قائم".. والظاهرة "ليست موضوعا سجاليا"    تحضيرا لاستقبال الجالية.. انطلاق اجتماع اللجنة المغربية الإسبانية المشتركة    مسرحية "أدجون" تختتم ملتقى أمزيان للمسرح الأمازيغي بالناظور    إميل حبيبي    أزيد من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    الحبس 10 أشهر لمستشار وزير العدل السابق في قضية "التوظيف مقابل المال"    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: أكنسوس المؤرخ والعالم الموسوعي    صدور كتاب "ندوات أسرى يكتبون"    هذه تفاصيل الزيادات والانخفضايات في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات    غير مسبوقة منذ 40 سنة.. 49 هزة أرضية تثير الذعر في إيطاليا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بلاغ صحافي: احتفاء الإيسيسكو برواية "طيف سبيبة" للأديبة المغربية لطيفة لبصير    هاشم بسطاوي: مرضت نفسيا بسبب غيابي عن البوز!!    الاتحاد الأوروبي يعلن عن تقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي    "الفاو"‬ ‬تفوز ‬بجائزة ‬الحسن ‬الثاني ‬العالمية ‬الكبرى ‬للماء ..‬    رئاسة النظام السوري تعلن إصابة زوجة بشار الأسد بمرض خطير    مباحثات بين المغرب وغينيا لتعزيز التعاون في مجال النقل    حوار.. وادي ل"الأيام 24″: التفكير في شراء أضحية العيد يفاقم الضغوط النفسية للمغاربة    المغرب يسرع الخطى لإطلاق خدمة الجيل الخامس من الأنترنت استعدادا للمونديال    نقابتا الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل تراسلان المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات    نقاد وباحثون وإعلاميون يناقشون حصيلة النشر والكتاب بالمغرب    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من تأثير الفائدة الأمريكية على الطلب    فلسطين تحرر العالم!    اجتماع تنسيقي لتأمين تزويد المواطنين بقنينات الغاز بأسعارها المحددة    صلاح يلمّح إلى بقائه مع ليفربول "سنقاتل بكل قوّتنا"    نجم المنتخب الوطني يُتوج بجائزة أحسن لاعب في الدوري البلجيكي    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    الصين : تسجيل مقاييس أمطار غير مسبوقة جنوب البلد    49 هزة أرضية تضرب جنوب إيطاليا    فيديو "تبوحيط محمد زيان".. أو عندما يَنجح محيط النقيب السابق في إذلاله والحط من كرامته    بعد 3 سنوات من إغلاقه.. افتتاح الموقع الأثري لشالة أمام الزوار    نقابة التوجه الديمقراطي تدعم الإضراب الوحدوي للأطر المشتركة بين الوزارات    أزمة دبلوماسية بين إسبانيا والأرجنتين بسبب زوجة سانشيز    أمل كلوني تخرج عن صمتها بخصوص حرب الإبادة بغزة    "الكاف" يُدين أحداث نهائي كأس الكونفدرالية بين الزمالك وبركان    رغم خسارة لقب الكونفدرالية.. نهضة بركان يحصل على مكافأة مالية    الصومال تسلم المغرب مواطنين محكومين بالإعدام    تفاصيل التصريحات السرية بين عبدالمجيد تبون وعمدة مرسيليا    لقجع: إخضاع صناديق التقاعد لإصلاحات جذرية يقتضي تفعيل مقاربة تشاركية    الزمالك يرد بقوة على الكاف بعد أزمة النهائي أمام بركان    مرافعة الوكيل العام تثير جدلا قانونيا بين دفاع الأطراف في قضية بودريقة ومن معه    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    بعد خسارة لقب الكونفدرالية.. هل يتخلى نهضة بركان عن مدربه التونسي؟    الأمثال العامية بتطوان... (603)    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    الدوري الماسي-لقاء مراكش: البقالي يحسم سباق 3 آلاف موانع    اختتام فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور منصف المرزوقي الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ل"التجديد" : السلطة التونسية تحارب الحجاب لتخفي إخفاقها في تجفيف منابع التدين
نشر في التجديد يوم 12 - 01 - 2003

أكد الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والرئيس السابق للجنة العربية لحقوق الإنسان والرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن التدين آخذ في الانتشار بالمجتمع التونسي نظراً لكثرة الفساد والظلم وأن السلطة التونسية تقوم بمحاربة ظاهرة الرجوع إلى الحجاب بالقوة لكي تخفي حجم إخفاقها في عملية تجفيف منابع التدين.
وقال إن المعارضة في تونس تتشكل مما يسمى المعارضة الاسمية وهي الأحزاب التي خلقها النظام ليظهر تعددية كاذبة، وتتشكل أيضا من المعارضة الوطنية الحقيقية التي تنقسم إلى قسمين هما معارضة الضغط التي تتعامل مع النظام التونسي وتضغط على بن علي لتوسيع الحريات ولإطلاق سراح المساجين السياسيين، وهناك معارضة البديل التي ترفض التعامل مع الرئيس بن علي.
وأضاف الدكتور المرزوقي أن خروجه من تونس مكنه من التحرك بحرية والتواصل مع الناس لإيصال أفكاره، معتبرا أن عودته مرهونة بمدى خدمتها للديمقراطية بتونس وأنه لا يريد أن يكون قضية لحقوق الإنسان مرة أخرى، وشدد على أن مطمحه هو استبدال النظام الحاكم بنظام ديمقراطي حسب رأيه.
وأكد أن الدولة التونسية لن يعاد تأسيسها إلا بانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف مغاربي أو أفريقي أو دولي إشرافا موضوعيا، وقال إن حزبه يرفض المشاركة في انتخابات 2004 الرئاسية التي يعتبرها محطة لسبر نوايا أميركا في دعواها لدمقرطة الأنظمة. وأبان أن قضية المساجين السياسيين وتعذيبهم تعتبر جريمة يجب أن يحاكم عليها الرئيس بن علي الذي يستعملهم كورقة ضغط وابتزاز ضد حركة النهضة الإسلامية لنيل تنازلات سياسية.
وقد أشار الدكتور المرزوقي عندما التقته "التجديد" بفندق شيرتون في الدوحة بعيد لقاء له بقناة الجزيرة، إلى أن والده عاش في المغرب ودفن بمراكش وأن إخوته مقيمون بالمغرب. فإلى نص الحوار...
· نبدأ أولا بالواقع التونسي، كيف تنظرون الى واقع تونس السياسي والحقوقي الحالي؟ .
هو وضع انهيار تام وشامل لمؤسسات الدولة، لقد كانت عندنا دولة لها الحد الأدنى من المصداقية والهيبة اليوم انهارت هيبة مصداقية الدولة، والمجتمع التونسي اليوم أصبح يتميز بميزتين: الأولى هو أن النظام فيه غير شرعي مبني على التزييف والقوة ومبني على العنف والتعذيب وليس مبنيا على احترام إرادة الشعب والدليل على ذلك أن التغيير الدستوري أو ما يسمى الاستفتاء حول الدستور 80% من التونسيين رفضوا المشاركة فيه إذن تونس ليس لها دستور والنظام أصبح غير شرعي .
ومن جهة أخرى المجتمع المدني التونسي غير قانوني، وهذه هي المفارقة اليوم التي تعيشها تونس النظام السياسي غير شرعي لأنه يحكم بالقوة والعنف وبالكذب وبالتزييف ولا يحكم بشرعية انتخابات حقيقية أو بشرعية تاريخية أو بشرعية ناتجة عن النجاح الاقتصادي أو غيره. زد على ذلك هذا الدستور الفاسد الذي يعطي الرئيس بن علي صلاحية أن يكون معصوما وفوق القانون ويعطيه حق الترشح إلى ما لانهاية. في المقابل هناك مجتمع مدني حي وغير معترف به من طرف الدولة، فأغلبية الأحزاب المعارضة الحقيقية مثل حزب النهضة الإسلامي وحزب المؤتمر والحزب من أجل الجمهورية -الذي أرأسه- وحزب العمال الشيوعي، هذه هي الأحزاب الفاعلة والقوية لكنها غير معترف بها، وأيضا هناك منظمات حقوق الإنسان مثل المجلس الوطني للحريات غير معترف به وحتى الجمعيات غير معترف بها -إذا صح التعبير- مثل الرابطة التونسية التي تعيش تحت الحصار وتحت المراقبة.
وفي إطار انتشار الفساد بكيفية لم يسبق لها مثيل في تونس، نحن كنا نقول من قبل إن المغرب يعرف فسادا ، اليوم الفساد في تونس أصبح ظاهراً من السقف إلى القاعدة وهذا خرب الدولة نهائياً. ولهذا الوضع في تونس وضع مأساوي فعلاً ومؤهل إلى الانفجار.
· لكننا نسمع من خلال وسائل الإعلام أن تونس من الناحية الاقتصادية تعرف ازدهارا وتطورا وتناميا عن سابق السنوات الماضية.
وأحسن دليل يكذب هذا القول هو قوارب الموت، فالمفروض أنه إذا كانت عندنا معجزة اقتصادية أن يتسابق الناس للبقاء في بلدهم لا أن يتسابقوا للهروب منها . نحن اليوم عندنا نفس الظاهرة التي عندكم في المغرب زوارق الموت التي يحاول الشباب من خلالها اختراق الحدود والآن أصبح المضيق بيننا وبين إيطاليا مقبرة للشباب التونسي فلا يمر أسبوع إلا وتسمع عن حوادث يموت فيها العديد من الشباب ، هذا دليل على أكبر كذبة يروج لها النظام . لكن فعلا في بداية التسعينيات كانت تونس تتمتع بنوع من الازدهار الاقتصادي إذا قورنت بالجزائر والمغرب. غير أن لهذا الوضع أسبابا موضوعية كانت متواجدة قبل بن علي منها ارتفاع نسبة التعليم إذ كنا نتمتع بتعليم راق إذ قارناه ببقية دول المغرب العربي، وكانت هناك سياسة تحديد النسل التي عالجت الضغط على العمل وسوق الشغل وعلى السكن حتى أن الشعب التونسي كان يعيش تقريباً في نوع من رفاهة في حد أدنى، كما كانت هناك عقلية العمل لدى التونسيين فهم رغم تواضعهم إلا أنهم يشتغلون ويحاولون بذل ما في وسعهم للعطاء والإنتاج، هذا وغيره أعطى لتونس نوعا من الحصانة الاقتصادية في التسعينيات. عندما جاء بن علي أدخل
عنصرا رئيسيا وهو عنصر الفساد إذ لم يكن معروفاً بالحجم الذي عرف به في عهده، لقد أدخل الفساد في كل المستويات وانتشرت الرشوة في أجهزة الدولة كلها هذا وغيره أدى إلى جملة من المضاعفات منها أولاً الأموال الداخلية بدأت تهرب ورجال الأعمال اليوم يقابلونني في باريس هاربا بأموالهم والاستثمار الداخلي بدأ ينقص وكذا الاستثمار الخارجي الجمارك لم تعد تدخل أموالا ضرائبية للدولة لأنها أصبحت عبارة عن واجهة للعصابات واللصوص الذين خربوا الاقتصاد حتى أن الأزمة الاقتصادية بدأت تظهر خاصة في قضية العاطلين عن العمل من أصحاب الدبلومات والشهادات الجامعية إذ لا يجدون أي عمل بكيفية تجاوزت حتى ما هو معروف في المغرب، واليوم الشباب في مأزق سواء كان متعلما أو غير متعلم لا يرغب إلا في الفرار من البلد، فالمؤشرات الاقتصادية كلها بالأحمر والدولة تعيش بالديون الخارجية وهذا بطبيعة الحال سيكون له تأثير في المستقبل لأننا سنكون من أكبر الدول التي تعاني من المديونية.
· ظهرت مؤخرا قضية جديدة في المجتمع التونسي وهي قضية نزع الحجاب عن المحجبات وإجبارهن بالقوة على نزعه بالإضافة إلى التهديد بطردهن من وظائفهن، فهل هناك من تحرك من طرف الأحزاب والجمعيات الحقوقية الموجودة في تونس؟ وكيف تنظر إلى هذه المسألة من الناحية الدستورية ومن الناحية القانونية ؟
هذه الظاهرة ليست جديدة فعندما كنت بالرابطة التونسية لحقوق الإنسان في التسعينيات أصدرنا بلاغاً ضد منشور تعيس اسمه منشور 108 الذي كان يطالب بنزع الحجاب باعتباره زيا طائفيا وقلنا لا ، وقلنا أيضا نحن نرى في تونس سائحات يتجولن تقريباً في ملابس مثيرة ولا نتعرض لهن فهذا يدخل في إطار حريتهن وقلنا أن المرأة التونسية تلبس لباسا محتشما وهذا حق من حقوقها ولا يمكن بأي صفقة من الصفات أن نمنعها، نحن وقتها قمنا وأعلنا موقفنا ولكن الدولة بطبيعة الحال دولة استبدادية وبوليسية فواصلت العمل بمنشور 108. الآن القضية عادت ورجعت من جديد لأن هناك ظاهرة جديدة في تونس وهي ظاهرة العودة إلى التدين وهذا يعني أن النظام التونسي الذي ظن أنه اقتلع جذور الإسلاميين في الواقع لم يقتلع شيئا بالعكس اليوم هناك ردة فعل دينية، التدين ينتشر مرة أخرى في المجتمع التونسي نظراً لكثرة الفساد والظلم وكان طبيعيا أن نلمح رجوع ظاهرة التحجب. ولهذا لكي يخفوا حجم إخفاقهم في عملية تجفيف منابع التدين يقاومون الآن بمحاربة ظاهرة الرجوع إلى الحجاب بالقوة باعتبار أنه مظهر من مظاهر التدين، لكنني اعتبرها معركة فاشلة لأن العصابات التي تحكم تونس
اليوم هي عصابات فشلت تقريباً في كل شيء .
· بخصوص قضية الحجاب ظهر تعارض بين الأحزاب التونسية فهناك من ندد بالممارسات التي قامت بها السلطات وهناك من أيدها وغض الطرف عنها، إلى إي حد هذا التشتت بين الأحزاب السياسية يعوق أو يقود إلى الإصلاح الدستوري والقانوني والحقوقي الذي تنادون به؟.
المعارضة في تونس تتشكل مما يسمى المعارضة الاسمية وهي الأحزاب التي خلقها النظام ليظهر تعددية كاذبة والناس كلها تعرف أنها أحزاب ليس لها أدنى قيمة، وتتشكل أيضا من المعارضة الوطنية الحقيقية التي تنقسم إلى قسمين، ثم معارضة ما تسمى معارضة الضغط هذه معارضة مؤدبة مهذبة تتعامل مع العصابات باعتبار أنها شر لا بد منه ونحن سنحاول أن نضغط على بن علي ليعطينا بعض الحريات أو ليطلق سراح المساجين السياسيين أولا، وهذه المعارضة محتشمة -إذا صح التعبير- وهناك معارضة أخرى والتي يمكن أن أقول أن رأس الحربة فيها حاليا هو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كونته منذ سنتين. هذه معارضة البديل التي تقول أن هذا النظام غير شرعي وأنه أضر بتونس وبمصالحها ويشكل خطرا وتطالب برحيل بن علي. نحن الآن في إطار إطلاق شعار بن علي يجب أن يرحل في عام 2004م وليس له الحق في الترشح في الانتخابات وليس له الحق حتى في تنظيمها ، ونحاول أن نجعل الشعب التونسي يلتف حول هذا الشعار لرحيل بن علي. هذه هي خريطة المعارضة. القضية اليوم هي موقف الشعب التونسي من هذه المعارضات، هو أولاً يحتقر المعارضة الاسمية احتقرا كبيرا هو أيضاًً حسب رأيي بدأ
يفهم أن الضغط على بن علي والعصابات لن يؤدي إلى شيء لأنها فعلاً عصابات نهب وسلب ومهمتها وهدفها الأساسي هو سرقة ما يمكن من أموال الشعب والبقاء مدة أطول في السلطة ولا تهمهم أبداً مصلحة الشعب ، والآن بدأ ينظر باهتمام إلى معارضة البديل وهي المؤتمر من أجل الجمهورية وبطبيعة الحال موقف حزب النهضة الإسلامي، وهو حزب محظور مثل المؤتمر من أجل الجمهورية وهو الأقدم في الساحة الآن ، أيضاً أعتبر أنه جزء من معارضة البديل لأنه واضح أن بن علي لن يتراجع أبداً لا في إطلاق المساجين السياسيين ولا في التصالح مع المجتمع ولا في أي شيء آخر.
* الملاحظ أن المعارضة التونسية الحقيقية يقولون إنها معارضة تعيش في الخارج ، فكيف يمكن أن تنجح في تحقيق إصلاح داخلي في تونس وهي في الخارج ؟
هذه هي الأكاذيب التي تروج عن المعارضة التونسية، أولاً أنا إذا كنت تقصدني أنا عارضت 20 سنة في تونس وسأرجع إليها فخروجي من البلد كان بقرار من الحزب لأني كنت مقبوضا علي ومحاصرا ولا بد أن أخرج حتى أستطيع التواصل مع الناس واليوم أتواصل مع التونسيين عبر قناة الجزيرة، والجزيرة لا يمكن أن أذهب إليها إلا إذا كنت خارج تونس، والغريب في الأمر أني لم أكن موجوداً في تونس بقدر ما أنا موجود الآن حالياً لأني لا أستطيع أن أتحرك وأخطط للأسف إلا وأنا خارج تونس، والدولة التونسية دولة بوليسية فسيارة بوليس 24 ساعة أمام بيتك ولا أحد يزورك وهاتفك مقطوع وتعيش في حاصر بمعنى أنه لا يمكنك أن تقوم بأي عمل سياسي لكن الخروج مكني من ذلك. لكنني أنوي الرجوع إلى الوطن والمقاومة من الداخل، ثم المعارضة الحقيقية موجودة في تونس من قيادات وسطى غيرها، وبالنسبة للانتخابات سأكون حاضراً في وسط الوطن. رجوعي متعلق بالظرف السياسي متى يكون في خدمة الديمقراطية حتى لا تكون عودتي موضوعة تحت الحراسة المشددة وأصبح من جديد قضية حقوقية من قضايا حقوق الإنسان فأنا لا أريد أن أكون قضية لحقوق الإنسان بل أريد أن أكون رئيس حزب ومطمحي هو
استبدال هذا النظام بنظام ديمقراطي وبنظام دولة القانون والمؤسسات، وهذا مشروع سياسي لا بد أن يكون لي فيه من الحرية الحد الأدنى من للتحرك.
* ناديتم بما يسمى جبهة وطنية تجمع الأحزاب الوطنية التونسية، ما هي الخطوط العريضة لهذه الفكرة ؟ وماذا حققتم منها؟
أولاً المعارضات التونسية من معارضة الضغط ومعارضة البديل كانت متفقة دائما في كل القضايا الإنسانية، كنا نخرج في نفس المظاهرات ونكتب نفس البلاغات ونوقع على نفس العرائض ..الخ. الآن المحور الأساسي هو موقف المعارضة من بن علي ، هناك من يقول هذا شر لا بد منه وسيبقى في السلطة ونحن نسمح له بالبقاء وكذا كذا . أنا أرفض هذا المنطق واعتبر أن هذا الرجل يشكل خطرا على تونس وكذا بقاؤه. سنكتشف كارثته السياسية عندما يرحل، الآن الخراب مغطى لكن سنكتشف حقيقة الأرقام الاقتصادية وحقيقة المؤشرات الاجتماعية عند رحيل بن علي. قضية رحيل بن علي قضية مصيرية بالنسبة للشعب التونسي ولهذا أنا أطالب بجبهة وطنية وأسميتها جبهة وطنية لأنها تتجاوز الحساسيات العقائدية لأننا الآن كأننا في معركة الاستقلال الأول وهي رحيل المستعمر وهذا كل الناس كانوا متفقين عليه فأي غيور على وطنه لا يمكن أن يقبل ببقاء الاستعمار سواء كان شيوعيا أو غيره. اليوم نحن الآن أما نفس الوضع، نحن أمام دكتاتورية نخرت جسم هذا الوطن تشكل احتلالا داخليا وعصابات قضت على مقومات الدولة، الآن ليس عندنا دولة فالدولة كما هو معلوم بها قانون ودستور وغيرهما ولكن الآن
يعتدون على القضاة وعلى المحامين ضرباً في الشارع تنكيلاً بهم ولا يحاكموهم لأنهم عرفوا أن المحاكمات سيخسرونها، الدولة أصبحت تتصرف بمنطقة البلطجة وبمنطق العصابات. إذن إصلاح الدولة وإنقاذ المجتمع من الفساد يتطلب رحيل بن علي، ورحيل بن علي يتطلب أن كل الناس الذين تهمهم الوطنية في تونس يجتمعوا ضد هذا الشخص ، سواء كانوا ماركسيين أو إسلاميين أو ديمقراطيين .. المهم جبهة وطنية لتخليص تونس من الدكتاتورية ومن الفساد ومن حكم العصابات. هذه الفكرة طرحتها للنقاش على العديد من الأطراف ونحن لسنا مستعدين في الوقت الحاضر أن نتخاصم على كيف ستكون تونس وعلاقاتها بالخارج أو موقفها من قضية العراق هذه ليست المشكلة، المشكلة هي تحرير الوطن من حكم العصابات التي تنخر وتفسد ودمرت الدولة ودمرت الشعب .
* هل وجدتم هناك قبولا لفكرتكم من طرف الأحزاب التونسية ؟
الفكرة الآن مازالت في طور النقاش وأتمنى أن تكون هذه الجبهة الوطنية جاهزة خاصة في انتخابات عام 2004م لأنها ستكون اللهم إذا صارت أشياء جديدة انتخابات 2004م الامتحان الكبير بالنسبة لكل.
* لكن لماذا لا تدخلون في حوار مع السلطة فلا بد أن توجد هناك قواسم مشتركة يمكن أن يتم من خلالها إصلاح يبدأ تدريجيا، فهل دخلتم في حوار مع السلطة ؟
في التسعينيات بدأنا الحوار مع السلطة، فلما جاء بن علي أقنعنا بأنه بصدد وضع ما سماها المسار الديمقراطي وصدقناه وقلنا طيب المسار الديمقراطي لابد أن يتحقق تدريجيا ولن نصبح دولة ديمقراطية في ظرف وجيز، لكن الرجل وضع مسارا دكتاتوريا بدلا من ذلك، إذا قرأت تاريخه ستجد أنه بدأ بالحريات ثم هاجم الأحزاب ثم هاجم كل الشخصيات وقلص شيئاً فشيئاً الحريات إلى أن أصبح من المستحيل النقاش مع هذا الشخص، وكل في مرة يعد فيها بتحوير أو بإصلاح إلا وكان وعده كاذباً. نحن نرى أنه أحكم الطوق على تونس منذ 15 سنة انطلقنا بمساحة معينة من الحرية ثم ضاقت هذه المساحة تدريجياً الى أن انعدمت ولازلنا نمضي قدما إلى الأمام بحيث لا يستطيع أحد أن يتنفس في تونس ونحن كنا نود توقيف هذا التراجع لأنه ليس في مصلحة السلطة و لا الشعب وكلما التجأنا إلى الحوار تزيد السلطة من قمعها حتى تعذر الحوار مع هؤلاء الناس، الآن الشيء الوحيد الذي نطالب به هو أن يرحل لأنه لم يعد لديه الحق في أن يحكم تونس ، من يحكم تونس يجب أن يتم اختياره في انتخابات حرة .
* عفواً سيتم تجديد ولاية حكمه في عام 2004.
هو فصل لنفسه دستورا لكن نحن لا نعترف بهذا الدستور وهذا سيطرح إشكالية كبيرة وهي غياب الشرعية عن بن علي فهذا النظام غير شرعي معنى هذا أنه ليس له الحق في أن يحكم تونس أو أن يتكلم بها، نحن الآن لا نناقش في سياسة النظام بل نناقش شرعيته من عدمها لأن الشرعية تكتسب إما بالانتخابات أو بنجاحات في مشروع اقتصادي اجتماعي الخ وإما إنك عندك شرعية تاريخية، الملك في المغرب لديه شرعية تاريخية وأضاف إليها شرعية ديمقراطية لأنه يحب الديمقراطية. لكن بن علي ليس له شرعية تاريخية هو لم يحرر تونس ولم يقم بأي شيء .. وليس له شرعية النجاح في أي مشروع اقتصادي واجتماعي فتونس الآن تعيش أزمة اقتصادية خانقة وتتعمق يوماً بعد يوم وليس له شرعية ديمقراطية لأن كل انتخاباته مزيفة 99.00% هي التعبير الصحيح الوحيد على تزييف الانتخابات.
* إذن لماذا تفكرون في المشاركة في الانتخابات ؟
نحن لن نشارك في الانتخابات. موقف الحزب من أجل الجمهورية ليس المشاركة في الانتخابات خلافاً لموقف أحزاب أخرى. نحن نقول إننا لن نشارك إلا في انتخابات حرة ونزيهة وفي غياب بن علي، وهذا موقف مختلف تماماً عن موقف الأحزاب السياسية الأخرى المستعدة للمشاركة. نحن ضد هذا التوجه لأنه لا يعني إلا أننا قبلنا بالأمر الواقع وزكيناه وأننا نريد بعض المناصب الوزارية. نحن نرفض تماماً أن يرشح بن علي نفسه في الانتخابات وليس له الحق في تنظيمها. لن يخلص تونس ولن يعاد تأسيس الدولة إلا بانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف مغاربي أو أفريقي أو دولي إشرافا موضوعيا تشارك فيه كل الأحزاب وكل الشخصيات.
* حالياً في إطار الحملة العالمية الأمريكية ضد ما تسميه الإرهاب وفي إطار كذلك إقدامها على مشروع إصلاح الأنظمة العربية ودمقراطتها، إلى أي حد يتصادم هذا أو يسار توجهاتكم وأمانيكم في تحقيق أهدافكم؟
أولاً نحن نعتبر أن المسؤول عن الإرهاب بالأساس هي الأنظمة الفاسدة ونظام بن علي نظام فاسد، لأن الفساد والظلم هو الذي يجمع الناس ويدفعهم إلى العنف وبالتالي فإن القضاء على الإرهاب يبدأ بالقضاء على أسبابه التي هي الأنظمة الفاسدة، والديمقراطية هي الحل الوحيد لحل مشاكل الإرهاب. الشيء الثاني هو أن مبادرة الأمريكيين لفرض ديمقراطية نحن مبدئياً عندنا شك كبير وحذر كبير منها لكن انتخابات 2004 بتونس ستكون امتحانا حقيقيا للنوايا الأمريكية، فهذا الدكتاتور يعرفون فساده ويعرفون ما فعل حتى الآن وقد نصب نفسه وسينصب نفسه وسيكتفي بتعيين بعض الدمى ليلعبوا دور تعددية مزيفة وسيتكرم عليهم ب1 أو 2% وسينجح هو ب 89% فما رأيكم سنرى موقفكم. نحن نقول إذا كانت الولايات الأمريكية صادقة أو الأوروبيون صادقين يجب ألا يقبلوا بهذه اللعبة تماماً، انتخابات 2004م ستكون امتحانا لصدق النوايا الأمريكية مع العلم مجدداً أنني عندي شك كبير في هذه النوايا.
* في إطار قضية المساجين السياسيين ما هي آخر مستجداتها ؟ وهل هناك انفراج مستقبلي خصوصاً أن من بين المعتقلين حقوقيين وسياسيين؟.
طبعاً لا، أولاً المساجين السياسيين في تونس يجب أن فرق بين أنواعهم هناك قيادات الحركة الإسلامية مثل علي العريض وحمادي شبالي وغيرهما، هؤلاء الناس موضعون في السجن الانفرادي منذ 11 سنة تقريبا، ولا يمكن أن تتصور ما هو السجن الانفرادي إلا إذا عشته وأنا عشت في السجن الانفرادي 4 أشهر، إنه جحيم، تصور عزلة أناس لهم 10 سنوات في السجن الانفرادي . أنا دائماً أقول إن القاضي لم يحكم على هؤلاء الناس إلا ب10 سنوات سجنا لكن في الواقع نفذ عليهم 10 سنوات سجنا و10 سنوات تعذيبا . وهذه القضية الإنسانية لا يمكن التسامح فيها لا يمكن أن نغفر لبن علي ولعصابته لأنهم وضعوا ناسا 10 سنوات في سجن انفرادي ،هذه جريمة يعاقب عليها القانون لأنها تقع تحت طائلة التعذيب وأنصح هؤلاء الناس بالمسارعة لإخراج هؤلاء الإخوة من السجن الانفرادي ثم إخراج بقية المساجين السياسيين الذين هم في الأساس الإسلاميون غير المحدد عددهم وهم تقريباً ألف رجل والسلطة التونسية تستعملهم كورقة ابتزاز وضغط ضد حركة النهضةالإسلامية، تريد أن تبتز من حركة النهضة تنازلات سياسية خاصة في قضية السكوت على ترشح بن علي عام 2004م، وأنا أعتقد أن النهضة لن تقبل
بهذا الابتزاز لسبب واحد هو أنها جربت هذا الشخص وتعرف أنه لا يعطي شيئاً.
أما وضعية المساجين السياسيين ستبقى على ما هي عليه إلا إذا تكثفت الضغوطات على بن علي، على كل حال مطلب العفو والتشريع العام كنت أول من رفعه إلى السلطات سواء داخل الرابطة أو في المجلس الوطني للحريات وغيرهما، أطلقنا شعار العفو العام في سنة 1985في حملة ما زالت مستمرة حتى الآن، وأصبح كل الشعب التونسي تقريباً موافقا على العفو التشريعي العام. حاليا أقول هذه السلطة ليست مؤهلة لإصدار العفو التشريعي العام لأن السلطة الحالية لم تعد لديها شرعية في تونس وليس لها الحق في إصداره. العفو التشريعي العام مطلب تجاوزه الزمن.
* هل وجدتم أي سند من المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية العربية والدولية؟ هل تجدون سندا منها لحل قضيتكم ولإجراء إصلاحاتكم في البلاد التونسية ؟
أولاً أحب أن أشير إلى أن والدي عاش بالمغرب وهو حاليا مدفون بمراكش ولي إخوة يقيمون بالمغرب كذلك ، فأنا لي امتداد عائلي هناك، وتضامن الأحزاب وحركة حقوق الإنسان المغربيين يثلج صدري، فلما سجنت تجند المغاربة للدفاع عني أكثر من أي بلد آخر. كما لدينا علاقات متميزة أيضاً مع الحركة الحقوقية والأحزاب الديمقراطية في الجزائر، وعندنا شبكة علاقات الآن مع الجمعيات والأحزاب الديمقراطية العربية وخاصة مع المجتمع المدني الغربي وهنا لابد ان أشير إلى أنه يلزمنا أن نفرق في الغرب بين الحكومات التي تدعم أنظمتنا الدكتاتورية وبين الجمعيات المدنية الغربية التي تدافع عن قضايانا بصدق وإخلاص دون إضمار مصلحة. وأنا أستطيع أن أقول إن الجزء الداخلي جزء من قوتنا فالشعب التونسي يحترمنا ويقدر جهودنا ويحبنا فإذا تكلمت في الجزيرة أو في أي تليفزيون تفرغ الشوارع ويمضي التونسيون ساعات برنامج يتابعون ويستمعون، هذه قوتنا الداخلية . كما أننا نمتلك أيضاً قوة خارجية من خلال شبكة رهيبة من الجمعيات المدنية ومن الأحزاب الديمقراطية في الوطن العربي وفي العالم أجمع، وهذه خاصية جديدة للحركة الديمقراطية العالمية إنها أصبحت شبكة متكاتفة
إذا حدثت مشكلة في المغرب أو في تونس أو الجزائر تتجند كل الحركات الحقوقية والديمقراطية للدفاع في المحافل الخاصة والحكومية والدولية وهذا الشيء يثلج الصدر .
* ما هي أهم أولويات مؤتمر من أجل الجمهورية ؟
المؤتمر من أجل الجمهورية أولويته هي تنظيم الحملة الوطنية لرحيل بن علي عبر الجبهة الوطنية التي نريد أن تضم كل التونسيين الذين يحبون دولة القانون والمؤسسات بغض النظر عن انتماءاتهم الايديولوجية، ثم إعداد برنامجه البديل الاجتماعي والاقتصادي لأنه مؤهل لأن يحكم تونس بعد رحيل بن علي في إطار جبهة وطنية تعيد بناء الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وتعيد تونس إلى مسارها الطبيعي لأن تونس كانت بطبيعة شعبها وبإمكانياتها الاجتماعية والاقتصادية مؤهلة لتكون أول دولة عربية ديمقراطية في المنطقة لكن بن علي ضيع لنا 15 أو 20 سنة. ولكن في آخر المطاف تونس عبرها آلاف السنين وال 15 أو ال 20 عاما التي ضاعت من عمرها ستتغلب على هذا الوضع وربما ستتعلم أكثر والآن أصبح عندنا نوع من المناعة ضد الدكتاتورية ولا أحد مستعد لأن يتعامل مع نظام مثل نظام بن علي الذي أصاب الناس بالقرف والغثيان بسبب التعذيب والكذب والمؤسسات المزيفة، وأقول رب ضارة نافعة فالجسم إذا هاجمه مرض ولم يقتله فإنه يكتسب منه مناعة وصحة فيما بعد.
* كلمة أخيرة.
أتمنى لإخوتنا في المغرب أن ينجحوا في ديمقراطيتهم لأن نجاحهم في التمثل الديمقراطية نجاح لنا، وبطبيعة الحال أنا أنتظر اليوم الذي نستطيع أن نبني فيه المغرب العربي الواحد على قواعد ديمقراطية وإنسانية.
الدوحة – عبد الحكيم أحمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.