يشهد القطاع الإعلامي بالمغرب كل سنة عددا كبيرا من القضايا والنوازل، سواء تعلق الأمر بمحاكمات الصحافيين أوالتضييق على حرية الرأي والتعبير، أوتعرض العديد من المؤسسات الصحافية إلى الرقابة أوالمحاكمة. ومع حلول 15 من شهر نونبر الجاري، حيث سيكون الصحفيون والإعلاميون المغاربة عموما مع موعد اليوم الوطني للإعلام، سترتفع وتيرة العديد من التساؤلات من قبيل؛ ما هي المكتسبات والانتكاسات التي عرفها القطاع الإعلامي عموما؟ وسيكون هذا اليوم مناسبة للتساؤل حول مآل مشروع قانون الصحافة؟ كما سيتساءل الجميع عن مدى قدرة القانون على حماية الصحفيين والمقاولات الصحفية من الأحكام القضائية المبالغ فيها؟ العناوين الإعلامية عرف المغرب خلال العقدين الأخيرين ظهور العديد من العناوين الصحفية الجهوية والوطنية؛ منها اليومية والأسبوعية والشهرية والدورية، سواء باللغة العربية أوالفرنسية. إذ سجلت سنة 2007حوالي47 عنوانا، بينما لم يصل إلا إلى 14 عنوانا خلال سنة.2004 فبخصوص عدد عناوين الجرائد اليومية؛ فقد سجلت سنة 2007 حوالي 15؛ بينما بلغ عدد عناوين الدوريات الشهرية 14 عنوانا، والأسبوعيات 15 عنوانا. وحسب تقرير مكتب التحقق من انتشار الصحف تد في المغرب؛ فإن سنة 2007 سجلت توزيع 104 مليون و266 ألفا و367 نسخة من مطبوعات الصحافة، 4,6 في المائة منها وزعت بالمجان. وعرف ارتفاع نسبة المنشورات 7,23 في المئة مقارنة مع سنة ,2006 كما زادت نسبتها ما بين سنة 2004 و2007 نسبة قدرت بـ 5,133 في المئة. وبخصوص التوزيع؛ فيمثل الفردي منه 7,95 في المائة، إذ لا تمثل نسبة الاشتراكات سوى نسبة 94,3 في المئة؛ في حين لايمثل التوزيع في البيوت سوى 57,0 في المئة. وفي ما يتعلق بالمبيعات فإن 279 ألفا و509 يومية تباع بالمغرب يوميا على طيلة أيام الأسبوع، وعرفت نسبة مبيعاتها زيادة قدرها 4 ,13 في المائة؛مقارنة مع سنة .2006 أما الأسبوعيات فإن 15 عنوانا قدم سنة 2007 ما قدره 9 مليون و158 ألفا ،و155 مطبوعا، أي بمعدل 176 ألفا و118 نسخة أسبوعية. وفي ما يتعلق بالمجلات؛ فسجلت مبيعاتها سنة 2007 مليونا و727 ألفا و962 نسخة؛ بزيادة قدرها 3,32 في المائة؛ مقارنة مع سنة 2006 ، كما وضع رهن التوزيع سنة 2007 حوالي 4 ملايين و 282 ألفا و70 نسخة تتعلق بالمطبوعات المجانية. وتشير شركات التوزيع إلى أن معدل القراءة في المغرب يتراوح للنسخة الواحدة ما بين 5 إلى 10 من القراء، وهذا طبعا يؤثر في سوق القراءة. الغريب أن أكثر من يقوم بقراءة الصحف هم الصحفيون أنفسهم، إذ يقوم هؤلاء بقراءة 5 أو6 صحف للاطلاع على مواضيعها، الشىء الذي يدفع بعض المهنيين لاقتراح أساليب عملية تقلل من الظاهرة، ومنها بيع الصحف داخل أكياس بلاستيكية مغلقة وشفافة، أو وضع مشبك على الصفحات. قانون الصحافة ما زالت العديد من التساؤلات تثار حول مآل مشروع قانون الصحافة، إذ أثير في الآونة الأخيرة سؤال في الموضوع بمجلس النواب، ولم يقدم خالد الناصري، وزير الاتصال جوابا واضحا، إذ اكتفى بالحديث عن المنحى الديمقراطي الذي قال إن وزارة الاتصال تعمل به، وإن الهدف هو الحصول على التوافق الوطني، وإن القانون يتطلب تعميق التفكير. وعرف مشروع القانون جلسات التفاوض، قادته كل من النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، ووزارة الاتصال ، إذ طالبت النقابة بـإلغاء العقوبات السالبة للحرية في كل مقتضيات قانون الصحافة، ورفض أي ربط بين المقدس والسياسي والنص على احترام كرامة الأشخاص، كيفما كان موقعهم، كمبدأ أساسي، إلى جانب حذف كل المصطلحات والتعابير الفضفاضة المتعلقة بالمؤسسة الملكية أوبالدين والأخلاق والآداب العامة، وبالوحدة الترابية. كما طالبت النقابة بـاعتماد مبدأ حسن النية في كل مقتضيات قانون الصحافة، وضرورة تناسب التعويض عن الضرر في قضايا القذف مع حجم الأضرار التي لحقت بالشخص أو الأشخاص المعنيين، واعتماد قانون الصحافة في كل القضايا المتعلقة بجنح النشر، واستبعاد كلي لعقوبة المنع من ممارسة المهنة. ومن بين المطالب النقابية؛ تعديل مسطرة التصريح بإصدار جريدة، وذلك بتسليم وصل مؤقت فور تسلم الإيداع، وإعادة النظر في كيفية تنظيم مقاولة الصحافة لتأكيد مسؤولية الصحفيين ورئيس التحرير؛ بدل المدير المالك للجريدة أو الممثل للمجلس الإداري. ومن بين ملاحظات مركز حرية الإعلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعض النقاط التي تتعلق أساسا في الحق في الوصول إلى المعلومات، فقد طالب المركز بتوضيح الجهة التي يمكن للصحفي أن يرفع إليها تظلمه ضد الإدارات التي ترفض بطريقة تعسفية مده بالمعلومات. كما استغرب المركز إصرار الحكومة على إبقاء الفصول السالبة للحرية في قضايا القذف والسب، على الرغم من المطالب الملحة للهيئات التي تحاور الحكومة والمنظمات الحقوقية بخصوص إلغاء العقوبات الحبسية من قانون الصحافة. وكثر الحديث مؤخرا عن مدى قدرة القانون على حماية الصحفيين، خاصة مع الحكم القضائي الذي صدر في حق يومية المساء، والقاضي بأدائها تعويضا قدره 600 مليون سنتيم لفائدة أربعة نواب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، والذي يهدف، حسب المتتبعين، إلى إعدام جريدة المساء. حرية التعبير مازالت السلطة تتعامل مع مجال الصحافة والإعلام كأداة أساسية في تمرير مخططاتها السياسية، واستراتيجيتها في المجتمع، تارة عن طريق التحكم في عدد من الصحف وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وتارة أخرى في التضييق على حرية التعبير وفي العديد من الأحيان، تلجأ إلى افتعال مشاكل ونزاعات، بل وتحدث توترات في المجال السياسي، عبر قمعها لحرية الصحافة وتعريض بعض المؤسسات الصحفية إلى المحاكمة أوالرقابة أوالحجز والمنع، حسب النقابة الوطنية للصحافة المغربية. ولبلوغ هذه المرامي، استعملت السلطة عدة أدوات، إذ كانت تتخذ قرارات سياسية لقمع حرية الصحافة، أولافتعال توترات، كما جاء في التقرير السنوي لسنة 2008 للنقابة. وعليه؛ فإن كل تقييد يطال حرية الصحافة بواسطة القوانين يعتبر تقييدا لحرية المواطن في التعبير والرأي. وإذا أرادت الحكومة، كما أعلنت عن ذلك مرارا، مشاركة المواطنين في السياسات والبرامج التي تهدف إلى التنمية والديمقراطية، فلابد من تحرير الإعلام من القيود المتناقضة مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛ التي تعرقل دور الصحفي في إخبارالمواطنين لكي يتسنى لهم المشارآة في تحقيق هذه الأهداف السامية. كما يرى مركز حرية الإعلام بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسب تقرير له صدر سنة .2007 وبالرغم من الحديث عن القوانين التي يناضل من أجلها الصحفيون من أجل فسح المجال أكثر لحرية الرأي والتعبير؛ فإن هناك إكراهات يعيشها الصحفي فيما يخص طريقة عمله، تتصل بعلاقته بالمؤسسة التي يعمل بها، فقد أظهرت دراسة أنجزها مكتب الدراسات والاستشارة والتكوين وتدبير العلاقات مع الزبائن حول علاقة الصحفي بالمقاولة، أن 50 % من الصحفيين المغاربة يتعرضون لضغوطات من رؤسائهم لتحرير مقالات لفائدة أوضد بعض المؤسسات. وخلصت الدراسة ذاتها التي استجوب فيها 116 صحفيا يعملون بقسم الاقتصاد بالصحف الفرنكفونية المغربية، إلى أن 74 % من المستجوبين ليست لديهم معلومات عن المؤسسات المغربية.