اختتم مهرجان موازين فعالياته غير مبال بأصوات المعترضين أو المحتجين او المنددين ،بل راح المنظمون يعدون أرقام المترددين على المنصات دون حذف المكرر كما يفعل علماء الحديث مع الفرق الشاسع بين العدين. فالرغبة كبيرة عند المنظمين لرفع العدد إلى أقصى درجة ممكنة، ففي ذلك الرد الساطع على جودة المنتوج؟! لكنه تدليس لا يصدقه إلا المغفلون، والكل يعلم ان أقدر المحاضرين لا يستطيع ان يجمع حوله العدد الذي يجتمع لمتابعة سهرة من السهرات لسبب بسيط هو ان الأولى لها جمهورها والثانية لها جمهورها ؟؟ لكن بالمقابل لنوفر لهذا الجمهور فرصة متابعة فرقة الاعتصام أو سامي يوسف أو أبو راتب ثم نقارن!! إلا أن الذي لم يكن في الحسبان هو عد الوفيات في مهرجان موازين!! الأموات الذين نسأل الله أن يرحمهم برحمته الواسعة فهم عباده وإماؤه أبناء عباده وإمائه كانوا يشهدون ألا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فإن كانوا محسنين نسأل الله أن يزيد في إحسانهم وإن كانوا مسيئين نسأل الله ان يتجاوز عن سيئاتهم... والمؤسف أكثر في النهاية الأليمة لمهرجان موازين أن المنظمين ألقوا بالمسؤولية الكاملة على المتفرجين،ووسائل إعلامنا العمومية اكتفت بنقل وجهة نظر واحدة في الموضوع في انحياز واضح كما جرت العادة في أكثر من مناسبة. بل لم يتردد بعضهم في المقارنة مع ما يقع أحيانا في منى بفعل التدافع، ولا أدري ما الذي يجعل المرء يقارن بين ما لا يقارن؟؟ مع العلم ان الذي يقع في منى يجتهد القائمون على المشاعر في التخفيف منه ومعالجته، وأظن أن التصميم الجديد للجمرات قد منع تكرارالمأساة، بمعنى هناك نوع من الإقرار بالمسؤولية ترتب عليه الاجتهاد في البحث عن أفضل السبل لمنع وقوع ذلك ونظائره!! ثم ما وجه الشبه بين الحج ومهرجان موازين ؟! أليس في الأمر جرأة زائدة ؟ ألا يملك المنظمون الشجاعة الكافية للإقرار بالأخطاء ؟ الذي يظهر انه حين تختل الموازين فإن اختلالها يحجب كل شيء، ولذلك لم يتردد المنظمون في الإعلان عن تنظيم مهرجان موازين في السنة المقبلة في نفس الموعد غير مستحضرين أنه في نفس الوقت الذي ستكون الساحات العمومية غاصة بأشياء كثيرة يصعب تحديد خاناتها ستكون اسر تحيي الذكرى السنوية الأولى لرحيل أهليهم وأقربائهم فيتحول موازين عندهم إلى مواجيع !!ألم يكن من الممكن إلغاء المهرجان ولو لسنة واحدة وفاء لأراوح الضحايا ؟! لكن الذي أثارني ودعاني للكتابة هو مهرجان موازين آخر لا يحظى بالتغطية الإعلامية الكافية ،يستمر لسنوات في الرباط بإيقاعات مختلفة. فرقه هي الأخرى تستطيع التمييز بينها بالألوان المختلفة للوزرات المميزة في انتظار أن تفتح أمامهم أبواب الوزارات !! وباللافتات في انتظار التعيينات والترقيات والتعويضات!! والقوم لا يشغلون ساحات كثيرة في المدينة ويكتفون بساحة وحيدة ظنا منهم ان أصواتهم ستكون بذلك أقرب إلى آذان من يعنيهم الأمر من المسؤولين ونواب الأمة، إنهم الأطر المعطلون !! ومن بين شعارتهم التي التقطتها في غياب مكبرات الصوت : التشغيل لنا لا لبعضنا وبإمكان كل واحد أن يتابع فعاليات هذا المهرجان، لكن عليه أن يحذر أن يصيبه مكروه فالمرء لا يأمن على نفسه في المهرجانات!! إنه بصدق مهرجان موازين مؤلم بإيقاعات الوطن، لأطر تتلقى رسائل متعددة مفادها العيش الرغيد والمستقبل المجيد للرباب والقدم لا للعلم والقلم؟! ألا يقال لهؤلاء جميعا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة: ومن الذي أجبركم على البحث والتحصيل والكد ونيل الشهادات العليا؟ ألا تتأملون الطاقات التي ينفق عليها المغرب من حر ماله بسخاء وفي دقائق معدودة ؟ أما كان يمكن ان تقوموا بنفس الشيء؟ لماذا لم تشاركوا في مسابقات ستار أكاديمي وشغلتم أنفسكم بالبحث الأكاديمي؟وغير ذلك من الرسائل السلبية، وإلا كيف نفسر أن تأتي من تسمي نفسها ويسميها المتاجرون بجسدها بالفنانة وتستحوذ على مليار سنتيم ينقص قليلا أو يزيد في ليلة واحدة وهو نفس المبلغ الذي يكفي لتحرير أسر من الفقر والتهميش والبطالة؟! بقي أن أشير أن مهرجان موازين بإيقاعات الوطن الذي ينظمه المعطلون في ساحتهم المفضلة أمام البرلمان يخلف هو الآخر ضحايا تصل أحيانا إلى الوفاة بفعل بعض التدخلات الأمنية العنيفة وبفعل حالة اليأس والإحباط التي تحيط بالمعتصمين حين لا يجدون الآذان التي تستمع لإيقاعاتهم ولآهاتهم وآهات من وراءهم من أهليهم وإخوانهم !! والمسؤول في جميع الحالات هنا هم المعطلون أنفسهم لا غيرهم، لأن الموازين هنا تختلف!!لكن مادام ليس من الموت بد فمن العار أن يموت المرء سكرانا!!