يُنهي الفلسطينيون في قِطاع غزة عام 2011 بإحياء الذكرى الثالثة للحرب التي دارت رحاها في سماء وبر وبحر قِطاع غزة قبل ثلاثة أعوان من الآن. واندلعت الحرب على غزة صباح السابع والعشرين من دجنبر لعام 2008، واستمرت 22 يوماً إلى تاريخ الثامن عشر من يناير لعام 2009. ووفقاً لما وثقته مراكز حقوقية عاملة في غزة، فإن عدد الشهداء الذي ارتقوا خِلال فترة العدوان قد وصل إلى ما يزيد عن 1450 شهيداً، بينهم قرابة 111 امرأة، و355 طفلاً. إحصائيات الحرب ومن ضِمن الشهداء 17 من المسعفين الذين استشهدوا أثناء تأديتهم مهامهم، في حين ارتقى 13 من عناصر جهاز الدفاع المدني خلال الحرب. وعلى صعيد حالات الإصابات، فقد وثقت الجهات المعنية إصابة أكثر من 5000 فلسطينياً، بينهم 205 حالة بتر، 149 حالة شلل، و447 حالة فقدان البصر والسمع، 134 حالة كسور. وارتقى خلال الحرب عدد من المقاومين، بينهم 47 شهيداً من القسام، ذراع حماس العسكري، و39 من سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، و52 شهيداً من كتائب الأقسى التابعة لحركة فتح، و13 شهيداً من كتائب المقاومة الوطنية، و17 من أولية الناصر صلاح الدين، وشهي واحد من كتائب أبو مصطفى التابعة للجبهة الشعبية. وبلغ عدد الصواريخ التي أطلقت من قِطاع غزة باتجاه (إسرائيل) 818 صاروخاً، بينهما 213 صاروخ جراد الذي يصل مداه إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أكثر من الصواريخ فلسطينية الصنع والتي أطلق منها 605 باتجاه المستوطنات والبلدات الإسرائيلية خلال الحرب. وعلى صعيد تدمير منازل المدنيين، قد وصل تراوح عدد 3.500- 3.600، في حين دمر قرابة 50 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، في وصلت قدرت الخسائر في مختلف القطاعات الفلسطينية بغزة إلى ملياري دولار. وهذه الحرب التي شنتها (إسرائيل) لتحقيق أهدافها المعلنة، كانت من أشرس وأبشع الجرائم الدموية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين منذ أن أُعلن قيام الدولة العبرية عام 1948م. وبشأن الخسائر في القطاع التعليمي، وثقت الجهات الحقوقية تدمير ثمانية مدارس كلياً، و218 تدميراً جزئياً كان من بينها 164 مدرسة تابعة للحكومة الفلسطينية، و44 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إضافة إلى عشرة مدارس خاصة وثلاث جامعات دمرت جزئياً. كما دمرت قُوات الاحتلال خلال حربها الشرسة 178 منشأة صناعية تدميراً كاملاً، و58 منشأة تدميراً جزئياً. أسلحة محرمة وعلى صعيد الأسلحة المستخدمة من قِبل الاحتلال في الحرب، اتهم خبراء أوروبيون وحقوقيون وأطباء وأصحاب منازل مدمرة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي استعملت أسلحة محرمة دولياً في عدوانها على غزة، حيث حملت أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة "اليورانيوم" المخفف بنسب معين. واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات الاحتلال باستخدام الأسلحة الفسفورية والتي تصيب بحروق مؤلمة وقاتلة ومن الصعب الابتعاد عنها. والفسفور الأبيض هو السلاح الجديد الذي بدأت قُوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدمه بكثافة ضِد المدنيين والأحياء السكنية الفلسطينية. وجاءت تِلك الحرب بعد حصار خانق فرضته (إسرائيل) على قِطاع غزة فور نجاح كتلة التغير والإصلاح الممثلة لحركة حماس بأغلبية المقاعد في البرلمان الفلسطيني، في حين أحكمت ذلك الحصار بعد أسر الجندي شاليط منتصف عام 2006، وسيطرة حماس على قِطاع غزة مُنتصف 2007. تعاطف دولي وفور أن انتهت الحرب سارع المتبرعون إلى رصد المليارات لإعادة إعمار غزة، لكن الحصار الإسرائيلي حال دون ذلك، إلى أن تصاعدت وتيرة التضامن مع الشعب الفلسطيني عقب تِلك الحرب. وكان الأسطول البحري الذي سيرته تُركيا ويحمل على متنه مئات المتضامنين من مختلف الدول العربية والأجنبية، لإغاثة الفلسطينيين المحاصرين خير دليل على مدى تعاطف الشعوب مع أهل غزة بعد الحرب. غير أن بحرية الاحتلال التي اعترضت الأسطول البحري فجر الحادي والثلاثين في مايو/ أيار لعام 2010، في عرض الأبيض المُتوسط حالت دون وصول الأسطول إلى شواطئ غزة بعد أن قتلت 9 أتراك أحدهم أمريكي الجنسية على متن سفينة مرمرة كبرى سفن ائتلاف أسطول الحرية. وفور ذلك، تعالت وتيرة التضامن الدولي مع غزة التي شهدت تخفيفاً للحصار عقب خُضوع الدولة العبرية للضغوط الدولية لفك الحصار كاملا. وأمّ غزة عشرات الوفود الدولية للتضامن مع أهلها المحاصرين جالبين معهم أدوية، وأجهزة طبية، وسيارات إسعاف، ومركبات خاصة بالمعاقين، وغير ذلك من المساعدات الإنسانية. وعلى الرغم من ما أسماه الاحتلال تخفيف الحصار، إلا أن عجلة الاعمار في غزة لم تدور كما يريد مشردي الحرب، إذ أن مواد البناء لا زالت تدخل غزة عن طريق الاحتلال سوى للمشاريع الإنشائية التي تشرف عليها المؤسسات الدولية، كالأونروا. ويأمل الفلسطينيون في هذه الذكرى أن يُرفع الحصار كاملاً عن قِطاع غزة، وأن يسمح الاحتلال بدخول كافة احتياجات الفلسطينيين إلى القطاع الذي تغلب أهله على الحصار من خِلال الأنفاق الممتدة أسفل الشريط الحدودي بين مدينة رفح، جنوب القِطاع، وشمال صحراء سيناء المصرية.