يتخذ الفساد المالي بالمغرب العديد من المظاهر، مثل الرشوة والاختلاس والتهرب الضريبي والجمركي بالإضافة إلى الاختلالات التي تهم الصفقات العمومية وتبييض الأموال، وعدم إشراك باقي الفاعلين في بلورة الإعفاءات الضريبية بالإضافة إلى الاختلالات المالية التي تكشف عنها المفتشيات العامة للوزارات، والمجلس الأعلى للحسابات. مظاهر الفساد المالي بالمغرب دقت هيئات وطنية ودولية ناقوس الخطر بالمغرب جراء الفساد المالي بالمغرب، ابتداء بالمجلس الأعلى للحسابات ومرورا بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وترانسبرانسي المغرب ومفتشيات الوزارات. ويوجد الفساد المالي بالعديد من المجالات، وهو ما تكشف عنه الصحافة أو عبر بعض الأفراد الذين يكشفون عن هذه الظاهرة التي تكلف المغرب ملايير الدراهم. واعتبر عبد اللطيف برحو المتخصص في العلوم الإدارية والمالية العامة أن الفساد المالي نسق يضم منظومة من الآليات ومن الوسائل المعقدة، والتي يتم تركيبها على مدى سنوات، إن لم نقل عشرات السنين حتى تضمن انسجامها مع المؤسسات القائم،ة وحتى يكون وجودها متغلغل في الدولة وأجهزتها بشكل يمنع حصارها أو اقتلاعها بسهولة. وتعتبر مجالات التدبير العمومي بالمغرب أحد أبرز أوجه هذا الفساد المركب والذي يكاد يستحيل نزعه بشكل كلي خلال وقت وجيز، حسب برحو، مضيفا أن الفساد يوجد على مستوى ميزانية الدولة وبالبرامج التنموية التي تقوم بإعدادها وتنفيذها، وبطبيعة تركيبة هذه الإدارة العمومية والشبكات المتحكمة فيها على مدى عشرات السنين. وكل سنة يتطلع الرأي العام على الكثير من الفساد المالي، حيث يكشف المجلس الأعلى للحسابات عن جملة من المشاكل والاختلالات التي تطبع عمل العديد من المؤسسات، في تقاريره السنوية. وأكد المجلس في تقريره لسنة 2010 ضعف إجراءات توظيف المستخدمين الأساسيين، وعدم احترام القوانين المنظمة فيما يتعلق بالمستخدمين المتعاقدين(المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية)؛ ولا يقوم نظام الأجور على دراسة تأخذ بعين الاعتبار معطيات سوق الشغل مع دمج الموظفين المتعاقدين في إطار القانون الأساسي الجديد دون ترخيص المجلس الإداري (مجلس القيم المنقولة)؛ وزيادة مهمة في مبالغ العلاوات في غياب نظام ملائم للتقييم(مجلس القيم المنقولة) ؛ وزيادة مهمة في الرواتب تنتج فوارق مهمة في هيكلة الأجور بالنسبة للمؤسسة وباقي المؤسسات التي تقدم خدمة عمومية (صندوق الضمان الإجتماعي)؛ وإعادة توظيف بعض المستخدمين بعد عملية المغادرة الطوعية وتوزيع العلاوات دون مراعاة عامل فعالية وأداء المؤسسة (مكتب التسويق والتصدير) ؛ والقيام بعمليات توظيف تشوبها بعض المخالفات (المركز المغربي لإنعاش الصادرات). إلا أن الإختلالات التي يكشف عنها المجلس تبقى حبيسة الرفوف، ونادرا ما يتم تفعيل المسطرة القضائية لمحاسبة المتهمين. مالية الدولة قال برحو إن مالية الدولة تعتبر أحد أهم مجالات الفساد المالي، بدء من إعداد الميزانية العامة للدولة، مرورا باللوبيات المؤثرة في تفاصيلها أثناء مناقشتها بالمجلس الحكومي وبالبرلمان، وصولا إلى تنفيذها. فإقرار التغييرات الضريبية في قوانين المالية يخضع لآليات سياسية خاصة، لا يمكن للمواطنين ولا لممثليهم في البرلمان الاطلاع عليها، فيمكن في هذه المحطة أن يتم إقرار إعفاءات ضريبية بملايير الدراهم لفائدة قطاع معين أو فئة محددة بحجة الضرورة الاقتصادية، مقابل إهمال بعض القطاعات المنتجة التي تعاني من الارتفاع المهول للضرائب والجبايات، حسب برحو. شكايات تتعدد مظاهر الفساد المالي، خصوصا لدى الجمعيات العاملة في مجال محاربة الرشوة، إذ تلقت ترانسبرانسي المغرب ( الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة) في موقعا الاكتروني من أجل الإبلاغ عن حالات الرشوة، العديد من الشكايات في مجال الفساد المالي، تتوزع بين الاختلاس، و الاحتيال والرشوة. والتي تنضاف شكايات أخرى مرتبطة ب بالتعسف في استعمال السلطة، والوصول إلى المعلومات، و تضارب المصالح. من جهتها، تلقت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة العديد من الشكايات، تهم كلا من الرشوة والابتزاز واختلاس الأموال واستغلال النفوذ، ومنح امتيازات غير شرعية، وأنها تطال قطاعات واسعة منها العدل والدرك والجماعات المحلية والمالية (الضرائب والتسجيل) والفلاحة والصيد البحري (المكتب الوطني للصيد)، والنقل (تسجيل السيارات) والجمعيات (جمعية مستخدمي الماء). الصفقات العمومية كشفت ترانسبرانسي الدولية أن الكلفة السنوية للفساد في الصفقات العمومية بالمغرب وصلت إلى أزيد من 27 مليار درهم ( 3,6 مليار دولار) على اعتبار أن كلفة الفساد في تمرير هذه الصفقات بالشمال إفريقيا والشرق الأوسط تمثل 0,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وقال برحو إن تنفيذ قوانين المالية يعرف في العادة أعلى معدلات الفساد المالي الذي لا يمكن حصره في قطاع وزاري محدد، فمجموع الصفقات المنجزة سنويا يفوق مبلغها الإجمالي 180 مليار درهم سنويا، ومجموع التوظيفات يفوق معدله السنوي يتجاوز 15 ألف منصب شغل. فإذا اعتبرنا أن معدل الفساد المالي المرتبط بالصفقات العمومية لا يقل عن 10 %، وهو حد أدنى يتجاوزه المغرب بدون شك، فإن مبلغ الفساد المالي المرتبط فقط بالصفقات العمومية سيتجاوز 18 مليار درهم. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تنفيذ بعض البرامج الاستراتيجية الكبرى، وبمالية الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والصناديق الخصوصية، فإن المبالغ الإجمالية للفساد المرتبط بهذه المجالات قد يتعدى 35 مليار درهم سنويا، خاصة وأن عددا كبيرا من هذه المخططات الاستراتيجية لا يظهر لها الأثر الفعلي على أرض الواقع وعلى تنمية البلد. وتساءل برحو عن نتائج تنفيذ المخططات الكبرى التي صرفت عليها الدولة ملايير الدراهم منذ عدة سنوات، من عشرية التربية والتكوين، إلى البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين، مرورا بالمخطط الأخضر والمغرب الرقمي وهاليوتيس وبرنامج إبحار والمغرب الأزرق.... تبييض الأموال من بين الوسائل الهادفة إلى إخفاء الفساد المالي، والأموال المنهوبة، تبييض الأموال. وفي هذا الإطار أفادت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة «ترانسبارانسي المغرب» أن تداعيات تبييض الأموال سلبية وضارة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، مضيفة أن تمظهرات تبييض الأموال واضحة خصوصا في السكن أو العقار. وأكدت الجمعية حسب ما جاء بنشرة مرصد الرشوة أن المغرب يعتبر من أهم المواقع التي تشهد تبييضا للأموال نتيجة تجارة المخدرات بالشمال، مضيفة أن هناك طرق أخرى لتبيض الأموال (أو غسل الأموال) ويتعلق الأمر بتجارة الذهب ، وأن ضخ الأموال القذرة بالاقتصاد له تداعيات، حيث إنه يخلق عدم التوازن ويلوث الرأسمال مستثمر. وعلى المستوى المؤسساتي، أشارت الجمعية إلى أن المال الناتج عن ممارسات الرشوة وعن مختلف الممارسات غير المشروعة تستخدم في المجال السياسي من طرف المتاجرين الذين يستهدفون الانتخابات من أجل الظفر بمواقع تحميهم من متابعات محتملة، وأيضا من أجل إنشاء لوبيات والتأثير على القرار السياسي. وطبقا للمصدر ذاته، فإن غسل الأموال هو تمديد وتطوير الاتجار بالمخدرات في الظل، بالإضافة إلى التهريب وغيرها من الأنشطة غير المشروعة. وتسعى هذه الظاهرة إلى إخفاء أصل الرأس المال الذي يأتي من الأنشطة الإجرامية عن طريق إعادة توظيفه في الاقتصاد الحقيقي. للإطلاع على الملف اضغط هنا